5/5/2009
أصدرت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء الموافق 05 مايو 2009، تقريراً خاصاً ضمن سلسلة التقارير الخاصة التي تصدر عنها، وقد تتبع التقرير يوم بيوم على مدار الفترة الزمنية للعدوان كافة الانتهاكات والجرائم التي نفذتها سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي خلال عدوانها بحق الأعيان المدنية والممتلكات الثقافية بقطاع غزة، وقد قسم التقرير إلى جزئيين رئيسين، تسبقهما مقدمة وينتهي بخاتمة وملحقين.

وقد تناول الجزء الأول الوضع القانوني الدولي للأعيان المدنية والثقافية في الأقاليم المحتلة حربياً، وذلك بشكل وجيز وتعريفي بقصد تبيان أوجه الحماية الممنوحة للأعيان المدنية والثقافية في القانون الدولي الإنساني، وعلى وجه الخصوص اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 المعنية بحماية المدنيين زمن النزاعات المسلحة، والبرتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف الأربعة، واتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية لعام 1954 ، وذلك من خلال التطرق لتعريف الأعيان المدنية والممتلكات الثقافية والمعايير التي احتكمت لها الاتفاقيات الدولية في تميزها عن الأهداف العسكرية، وقد توصل الجزء الأول إلي نتيجة عامة مفادها بأنه مع وجود نظام قانوني دولي لحماية الأعيان المدنية والممتلكات الثقافية زمن النزاعات المسلحة الدولية، هذا النظام الذي اتسمت اغلب قواعده بالوضوح والموضوعية، غير أنه مهما كان النجاح الذي حققت الاتفاقيات الدولية في هذا المجال فإن تنفيذ الأطراف المتعاقدة السامية وكل الجماعة الدولية لالتزاماتها في القانون الدولي الإنساني يتوقف على الآليات والضمانات المعنية بتطبيق هذه الحقوق، وتنفيذ دولة الاحتلال لقواعد هذه الحماية يتطلب منها الالتزام بكافة القواعد، ليس كما حدث أبان العدوان الأخير على قطاع غزة الذي اظهر للعالم كله مدى تحلل دولة الاحتلال الإسرائيلي من التزاماتها في هذا الشأن.

أما الجزء الثاني من التقرير تناول توثيق ورصد الجرائم الإسرائيلية التي استهداف الأعيان المدينة والممتلكات الثقافية خلال فترة العدوان علي قطاع غزة يوم بيوم، لما لهذه الجرائم من خطورة ذات طابع مزدوج، فمن ناحية شكلت انتهاك واضحاً للحق في الحياة، ومن ناحية أخرى فإنها تشكل انتهاك واضحاً لأوجه الحماية العامة والخاصة الممنوحة للأعيان المدنية، حيث سجلت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان وقوع العديد من الضحايا بعد استهداف منازلهم ومبانيهم ومنشأتهم.

وتجدر الإشارة بان الجزء الثاني قد توصل إلى العديد من النتائج المؤكدة والناتجة عن عملية الرصد الشاملة لأغلب الانتهاكات الإسرائيلية الموجه ضد الأعيان المدنية والممتلكات الثقافية، وان هذه النتائج بصورة نسبية تعبر عن حقيقة ما حدث من جرائم استهدفت الأعيان المدنية والممتلكات الثقافية بقطاع غزة خلال فترة العدوان، بالرغم من قناعتنا في مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان بأنها ليست كل ما جرى من جرائم وانتهاكات بحق هذه الأعيان والممتلكات، كما أن الأرقام الواردة في الجزء الثاني فيما يخص الأعيان المدنية وبشكل خاص المنازل السكنية، يجب الإشارة بأنه لم يتم التعامل مع الوحدات السكنية داخل كل منزل أو منشأة، بل سجل المنزل أو المنشأة مهما تعددت الوحدات والشقق السكنية فيها باعتباره مباني واحد.

حيث أظهرت نتائج عملية الرصد والتوثيق المعتمدة على تصريحات المواطنين المتضررين جراء تعرض منشاتهم وممتلكاتهم المدنية للضرر الكلي أو الجزئي الذي يحول دون إمكانية استخدام العين المدنية، النتائج التالية :-

1- تدمير (2011) عين مدنية وثقافية في كافة محافظات قطاع غزة خلال فترة العدوان الإسرائيلي الأخير، من بينها (1404) منزل دمر كلياً، و (453) منزل دمر بشكل جزئي جعله غير صالح للسكن، و(11) مدرسة متضررة، و(37) مسجد دمر بشكل كلي، و(25) مؤسسة ومنشاة عامة دمرت بشكل كلي، و(21) مؤسسة ومنشاة خاصة وأهلية دمرت كلياً، و(55) مقر امني وشرطي دمر بشكل تام، وأخيرا (05) صالة أفراح دمرت كلياً.

2- عطفاً على النتيجة السابقة وبناء على المصادر الاحصائية التي تحدد المتوسط الحسابي لكل مباني في قطاع غزة باعتباره يتكون من 4 وحدات سكنية، فيكون الناتج الإجمالي لكافة الوحدات السكنية المدمرة بشكل كلي أو بشكل جزئي جعلها غير صالحة للسكن (8044) وحدة سكنية.

3- محافظة غزة كانت صاحبة النصيب الأكبر في عدد الانتهاكات والاستهداف للأعيان المدنية والثقافية، حيث سجل فيها (781) حالة تدمير للأعيان المدنية والثقافية، وتأتي في المرتبة الثانية محافظة شمال القطاع التي سجل فيها (707) حالة تدمير للأعيان المدنية والثقافية، ومن ثمة في المرتبة الثالثة محفظتي خان يونس ورفح التي وقع فيها (404) حالة تدمير طالت الأعيان المدنية والثقافية، وفى المرتبة الأخير محافظة الوسطي التي سجلت وقوع (119) حالة تدمير طالت الأعيان المدنية والثقافية، خلال فترة العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.

4- بينما النتائج على مستوي محافظة شمال قطاع غزة فقد سجلت كما ذكرنا وقوع ( 707) حالة تدمير بين كلي وجزئي غير صالح للسكن لمنازل ومساجد ومدراس ومقار أمنية وصالات أفراح، حيث من بينهما (466) منزل دمر كلياً، و (203) منزل دمر بشكل جزئي جعله غير صالح للسكن، و(06) مدرسة متضررة، و(09) مسجد دمر بشكل كلي، و(03) مؤسسة ومنشاة عامة دمرت بشكل كلي، و(08) مؤسسة ومنشاة خاصة وأهلية دمرت كلياً، و(10) مقر امني وشرطي دمر بشكل تام،و (02) صالة أفراح دمرت كلياً.

5- أما على مستوي محافظة غزة التي سجلت كما ذكرنا وقوع ( 781) حالة تدمير بين كلي وجزئي غير صالح للسكن لمنازل ومساجد ومدراس ومقار أمنية وصالات أفراح، حيث من بينهما (553) منزل دمر كلياً، و (172) منزل دمر بشكل جزئي جعله غير صالح للسكن، و(02) مدرسة متضررة، و(17) مسجد دمر بشكل كلي، و(09) مؤسسة ومنشاة عامة دمرت بشكل كلي، و(11) مؤسسة ومنشاة خاصة وأهلية دمرت كلياً، و(15) مقر امني وشرطي دمر بشكل تام،و (02) صالة أفراح دمرت كلياً.

6- كما أظهرت نتائج التحقيقات في هذا التقرير على مستوي محافظة الوسطي (دير البلح) التي سجلت كما ذكرنا سابقاً وقوع ( 119) حالة تدمير بين كلي وجزئي غير صالح للسكن لمنازل ومساجد ومدراس ومقار أمنية وصالات أفراح، حيث من بينهما (90) منزل دمر كلياً، و (13) منزل دمر بشكل جزئي جعله غير صالح للسكن، و(02) مسجد دمر بشكل كلي، و(03) مؤسسة ومنشاة عامة دمرت بشكل كلي، و(01) مؤسسة ومنشاة خاصة وأهلية دمرت كلياً، و(10) مقر امني وشرطي دمر بشكل تام،بينما لم يسجل تدمير طال كلا من المدارس أو صالات الأفراح.

7- بينما تظهر النتائج على مستوي محافظتي خان يونس ورفح، حيث سجلت كما ذكرنا سابقاً وقوع ( 404) حالة تدمير بين كلي وجزئي غير صالح للسكن لمنازل ومساجد ومدراس ومقار أمنية وصالات أفراح، حيث من بينهما (295) منزل دمر كلياً، و (65) منزل دمر بشكل جزئي جعله غير صالح للسكن،و(03) مدرسة متضررة، و(09) مسجد دمر بشكل كلي، و(10) مؤسسة ومنشاة عامة دمرت بشكل كلي، و(02) مؤسسة ومنشاة خاصة وأهلية دمرت كلياً، و(20) مقر امني وشرطي دمر بشكل تام، وصالة أفراح واحدة دمرت كلياً.

8- من بين النتائج التي توصل إليها التقرير رصد درجة التفاوت في استهداف الأعيان المدنية والممتلكات الثقافية خلال فترة العدوان الإسرائيلي، حيث سجل اليوم الاثنين الموافق 05 يناير2009 ” اليوم العاشر للعدوان” ، أعلى تصعيد في عدد الانتهاكات بمقدار (244) حالة تدمير طالت الأعيان المدنية والثقافية، بينما سجل اليوم الأربعاء الموافق 30 ديسمبر2008 “اليوم الخامس للعدوان” اقل عدد في الانتهاكات بمقدار(10) حالات تدمير طالت الأعيان المدنية والممتلكات الثقافية.

9- عطفاً علي النتيجة أعلاه فإن اليوم العاشر للعدوان ” يوم الاثنين الموافق 05 يناير2009 “احتل أعلى نسبة مئوية في عدد الانتهاكات، بنسبة 12.13 % ، بينما احتل اليوم الخامس للعدوان ” يوم الأربعاء الموافق 31 ديسمبر2008 أقل نسبة مئوية في عدد الانتهاكات بنسبة 0.49%.

مع النتائج المبينة أعلاه أصبح من الواضح بأن الهجمات الحربية والعسكرية الإسرائيلية لم تكن تفرق بين أهداف عسكرية وأهداف مدنية، وبذلك تشكّل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني، وتعتبر بموجب القانون الدولي الجنائي جرائم حرب، وعليه فإن الاستهداف الإسرائيلي للأعيان المدنية والممتلكات الثقافية بما فيها المباني والمنشات الحكومية والمنازل والمنشات الخاص،والمساجد، كانت نتيجة لتخطيط مسبق، وتمت بشكل منهجي وواسع النطاق، لهذا فان هذه الانتهاكات يمكن اعتبارها جريمة حرب بموجب قواعد نظام روما المنشأ للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة بلاهاي.

في ضوء ما يورد التقرير من حقائق ونتائج، وأمام حالة الصمت والعجز الدولي التي شكلت عاملاً مشجعاً ساعد سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي المضي في ارتكاب المزيد من الانتهاكات الجسيمة بحق الأعيان المدنية والممتلكات الثقافية في قطاع غزة، فان مؤسسة الضمير تدعو وتوصي بما يلي :-

– المجتمع الدولي ولاسيما الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعةلعام 1949، ضمان توفير الحماية القانونية الممنوحة للأعيان المدنية والممتلكات الثقافية في مواجهة ممارسات سلطات دولة الاحتلال الحربي بحق الأعيان المدنية والممتلكات الثقافية المجتمع الدولي بالانتصار لمفاهيم حقوق الإنسان من خلال تحملهم لمسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية تجاه المدنيين وممتلكاتهم فيقطاع غزة.

– الأمم المتحدة وبشكل خاص مجلس الأمن الدولي للإسراع في استصدار قرار يقضي بإنشاء محكمة جنائية دولية خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب الاسرائيلين الذين ساهموا أو شاركوا أو أعطوا الأوامر بتوجيه الهجمات العسكرية للأعيان المدنية والممتلكات الثقافية.

– تطالب الضمير كافة دعاة الإنسانية وبشكل خاص رجالات القانون من المحامين في شتي إنحاء العالم لتقديم المساعدة القانونية والقضائية الدولية لضحايا الانتهاكات الإسرائيلية، وذلك في سبيل مقاضاة القادة العسكريين والمدنيين الاسرائيلين أمام المحاكم الوطنية ذات الاختصاص الجنائي، تفعيلاً لمبدأ الولاية الجنائية الدولية للمحاكم الوطنية.

– الضمير تدعو السلطة الوطنية الفلسطينية وكافة المنظمات الأقلمة وبشكل خاص جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لضرورة التحرك الجاد من أجل محاسبة مجرمي الحرب الاسرائيلين قضائياًً، وذلك بالطلب من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة للبدء بإجراءات التحقيق في انتهاكات الإسرائيلية للنظام القانوني الدولي الحامي للأعيان المدنية والثقافية، وفي الوقت نفسه تطالبهم الضمير بضرورة الإسراع في إدارة عملية شاملة لإعادة إعمار كافة المنشات والأعيان والممتلكات التي دمرت بقطاع غزة.

– الضمير تدعو كافة المنظمات الإنسانية للإسراع من أجل التدخل المباشر لتقديم العون والمساعدة المطلوبة لكافة المدنيين الفلسطينيين الذين تدمرت ممتلكاتهم خلال العدوان على قطاع غزة.

انتهى،،،
مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان- غزة