18/5/2009

أصدرت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان صباح اليوم الاثنين الموافق 18/5/2009 ورقة موقف حول ” الاستخدام المفرط وغير المراقب للمبيدات الحشرية و الزراعية في قطاع غزة “، عرضت الورقة ما آل إليه وضع الصحة العامة و البيئة في قطاع غزة ،و ذلك جراء استخدام مختلف أنواع المبيدات شديدة السمية أو المحرم استخدامها دولياً أو الخطيرة بشكل مفرط وغير مراقب في القطاع من قبل المزارعين داخل أراضيهم أو تجار المبيدات في الأسواق المحلية، الأمر الذي ساهم في تدمير البيئة الفلسطينية المتدهورة أصلا في قطاع غزة والتسبب بمكاره بيئية و صحية خطيرة.

لقد أثارت المخاطر الصحية والبيئية الناجمة عن مواصلة انتهاك الحق في البيئة السليمة والصحية وتدمير مكوناتها الأساسية ،وانتهاك الحق في الحياة والصحة والغذاء الصحي للمواطنين جراء استخدام المبيدات الزراعية والحشرية بشكل مفرط وغير مراقب في قطاع غزة مؤسسة الضمير التي تعنى بتعزيز مفاهيم حقوق الإنسان، وحيث أن ظاهرة استخدام المبيدات الزراعية والحشرية تزايدت خلال السنوات الماضية من قبل المزارعين والمواطنين دون اكتراثهم لآثارها الصحية والبيئية الخطيرة.

وقد سجلت الورقة تعمد دولة الاحتلال الحربي الإسرائيلي تسهيل دخول أنواع مبيدات زراعية وحشرية خطيرة ومنتهية الصلاحية و محرم استخدامها دولياً إلى قطاع غزة سواء عن طريق تهريبها أو إدخالها مع المواد الغذائية التي تورد إلى القطاع أو عن طريق تهريبها من الأنفاق الأرضية،وذلك بهدف زيادة نسب تلوث البيئة ومكوناتها والتسبب بمكاره صحية وبيئية لمواطني قطاع غزة ،وبما أن ممارسات سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي وممارسات بعض المزارعين والتجار الفلسطينيين تنتهك حقوق المواطنين في قطاع غزة ،أهمها حق العيش في بيئة صحية ونظيفة والحق في الصحة والحق في الحياة و الحق في الغذاء السليم، فان مؤسسة الضمير اهتمت بمتابعة و رصد التداعيات والآثار السلبية البيئية والصحية لآثار استمرار استخدام المبيدات الحشرية و الزراعية بشكل مفرط وغير مراقب في قطاع غزة في ورقة موقف صدرت صباح هذا اليوم عنها بهدف الوقوف على حقيقة و تداعيات و نتائج هذه القضية الصحية والبيئية الخطيرة.

رصدت ورقة الموقف الصادرة عن الضمير التداعيات الصحية الخطيرة الناجمة عن الاستخدام المفرط للمبيدات المتمثل في كونها مسرطنة و تزيد من نسب الإصابة بالسرطانات،كما أنها سامة و تؤثر مباشرة على الجهاز العصبي ، والأمر الخطير الآخر أنها تتسبب في إصابة الأجنة بتشوهات خلقية، وتعمل على تقليل الخصوبة لدى السيدات و الرجال على حد سواء، و إحداث تغير في الجينات في الخلايا التناسلية لديهم ،كما أن استخدام ما يسمى بمجموعة المبيدات القذرة (12 مبيد ) إضافة إلى مادية الديكسين التي تنبعث عند حرق النفايات أو حرق البلاستيك الخاص بالحمامات الزراعية تساهم في التسبب بإنجاب الإناث دون الذكور، فضلاً عن الإصابة بأعراض تضخم في الكبد واضطرابات وظائفه ،وظهور أعراض تصلب الشرايين واضطرابات الأعصاب الطرفية المتعددة ،وحدوث اضطراب في كهرباء الدماغ، إضافة إلى ازدياد حالات سرطان القولون والكبد في الأعمار الصغيرة تحت سن 30 كما تسبب سرطانات الجلد والرئة.

من ابرز النتائج التي ظهرت في الورقة زيادة عدد حالات الإصابة بأمراض السرطان بين الأطفال في قطاع غزة خاصة في المناطق الزراعية بشكل ملاحظ خلال العامين الأخيرين، حيث رصدت الضمير في الورقة إصابة عدد (21 )طفل بمرض السرطان في جميع مناطق قطاع غزة منذ بداية العام الحالي و حتى تاريخ إصدار هذه الورقة أغلبهم يسكنون في محيط الأراضي الزراعية ، الأمر الذي يؤكد خطورة هذه المبيدات على الصحة العامة، علما أن قطاع غزة يعتبر من أكثر المناطق العربية اصابة بأمرض السرطانات المختلفة.

فضلاً عن ذلك فقد تطرقت الورقة إلى الآثار التي تخلفها المبيدات المستخدمة بشكل مفرط على البيئة و مكوناتها الأساسية ، حيث أنها تزيد من نسب تلوث التربة ، و زيادة تسرب السموم و المبيدات إلى خزان المياه الجوفي مع هطول المطر و تسربها إلى مسامات التربة ،و من ثم إلى الخزان الجوفي و التسبب بزيادة نسب التلوث في المياه التي تعاني من نسب تلوث مرتفعة أصلا في القطاع ، أضف لذلك فإن جميع هذه المبيدات تتجه إلى مياه البحر ما يعني إحداث تلوث خطير للبيئة و الحياة البحرية ،و إصابة الإنسان بكميات مركزة وخطيرة من السموم لدى تناوله الأسماك التي تخزن كميات كبيرة من السموم داخل جسمها الأمر الذي يؤدي لوفاة أو الإصابة بالسرطان ، فضلاً عن هجرة أو موت عدد كبير من الأسماك من بحر القطاع بسبب تلوث مياه البحر بهذه المبيدات ، ومن ناحية أخرى فإن المبيدات المستخدمة بشكل مفرط تساهم في القضاء على الحشرات بشكل كامل سواءاً الضارة أو النافعة منها، و إلغاء جميع مصادر التغذية للطيور التي تتغذى على بعض هذه الحشرات، ما يعني إحداث إخلال في التوازن البيولوجي واختفاء هذه الطيور، ما يؤدي إلى قطع السلسلة الغذائية وحدوث عدم توازن فيها.

بينت الورقة أن عدد كبير من تجار المبيدات في القطاع يقومون ببيع و تهريب أنواع خطيرة من المبيدات يحرم استخدامها دولياً ، و منتهية الصلاحية ، و مخزنة بطرق غير سليمة، الأمر الذي يعني مضاعفة الأثر الخطير الناجم عن استخدام هذه الأنواع من المبيدات على كل من الصحة و البيئة ، كما أوضحت الورقة الأساليب الخاطئة التي ينتهجها بعض المزارعون داخل أراضيهم و القاضية باستخدام الأدوية و المبيدات بجرعات كبيرة و بطرق خاطئة دون مراقبة أو إرشاد من قبل جهات الاختصاص، و استخدامهم لجرعات زائدة من المبيدات في الزراعة و عدم انتظار فترات الأمان للمبيدات المتعارف عليها و قطف المحاصيل الزراعية و بيعها على الرغم من وجود بقايا مبيدات داخلها لغرض الحصول على عائد مادي كبير و سريع دون إيلاء أي أهمية للخطر الواقع على الصحة العامة أو على البيئة جراء انتهاج هذه الأساليب الخاطئة.

مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان وبناء على ما تم عرضه في ورقة الموقف الصادرة عنها فإنها إذ تؤكد على موقفها القاضي بضرورة حماية كل من البيئة والصحة العامة، فإنها تطالب كل من وزارتي الزراعة والصحة الفلسطينية وسلطة جودة البيئة في كل من قطاع غزة والضفة الغربية والمؤسسات الصحية والطبية المعنية بضرورة أخذ تلك التداعيات الناجمة عن الاستخدام المفرط للمبيدات الزراعية والحشرية، وارتفاع عدد الإصابات بأمراض السرطان في قطاع غزة بشكل عام و في المناطق الزراعية بشكل خاص على محمل الجد وعدم التهاون في هذه القضية الصحية و البيئية الخطيرة ، وضرورة إجراء الفحوصات والمسوحات الشاملة لكل من الماء والتربة والمزروعات وللمواطنين في المناطق الزراعية والتي يتم استخدام المبيدات فيها بشكل مفرط ، و ذلك باستخدام أجهزة ومعدات فنية متطورة تظهر حقيقة خطر تلك المبيدات أو أي تلوث ممكن أن ينجم عنها و تحديد الأضرار البيئية والصحية الناتجة عن الاستخدام المفرط للمبيدات.

كما تطالب الضمير الجهات المختصة في وزارة الزراعة في حكومة غزة و حكومة الضفة الغربية بضرورة تفعيل و دعم و تقوية لجان وقايةالنبات وتفعيل الرقابة على عمليات بيع وتداول المبيدات الحشرية والزراعية للتجار في الأسواق المحلية، إلى جانب تفعيل و دعم و مراقبة لجان التسويق والمعابر للتأكد من سلامة الجوانب الفنية لعمليةالتصدير والاستيراد من وإلى الخارج لغرض فحصها وضمان جودتها والحذر من فترات الأمان للمبيدات وتاريخ صلاحيتها للاستخدام ومدى مطابقتها للموصفات العالمية و ذلك عملاً بالمواد 47 و 48 و 49 و50 و 51 من قانون الزراعة رقم (2)لعام 2003،حيث أن أية زيادة في نسب هذه الأسمدة لها تأثير سلبي على المحاصيل و المزروعات، والمياه الجوفية، والهواء، و صحة الإنسان ، و تطالب الضمير الحكومتين بغزة و الضفة الغربية بضرورة المصادقة و تفعيل قانون المبيدات المعدل لعام 1996 محافظة على الصحة العامة و البيئة في الأراضي الفلسطينية.

كما تحث الضمير المزارعين والتجار الذين يتعاملون مع المبيدات المختلفة على تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة والارتقاء لمستوى الإحساس بالمسؤولية والمشاركة في حماية الصحة العامة والبيئة، و ضرورة إتباع الشروط والإجراءات اللازمة للحيلولة دون إصابة المزارعين أو التجار أنفسهم بالأمراض من خلال التعامل مع المبيدات والأسمدة بشكل مفرط وغير مراقب، وضرورة الانتباه للأسباب والأضرار الناجمة عن الاستخدام الخاطئ والمفرط للمبيدات والأسمدة ،وعليهم ألا يهملواالطرق الأخرى للمكافحة و الاعتماد بشكل أساسي على الإجراءاتالوقائية وعدم استعمال المبيد إلا عند الضرورة و أن يتماستعماله بشكل علاجي للمزروعات علاجياً وفي الحدود الدنيا لمعدل الاستعمال كي لا يؤثر على التوازن البيئي و للحفاظ على سلامة البيئةو صحة الإنسان.

تحث الضمير جميع المختصين والباحثين والمهندسين المزارعين داخل قطاع غزة بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية بتغليب الصالح العام والابتعاد عن أية مناكفات سياسية لخدمة الوطن ، و ذلك بالمبادرة و المشاركة بحل هذه القضية الخطيرة على الصحة العامة و صحة البيئة وفق الإمكانيات العلمية لديهم ،و تدعوهم إلى تفعيل دورهم فيما يتعلق بالمراقبة و الإشراف الفوري على تداول هذه المبيدات في المحلات و بين المزارعين .

ان الضمير تعتبر من يقف خلف هذه الممارسة ومن يمارسها مجرم ينبغي تقديمه للقضاء على اعتبار أن النتيجة قاتلة بحق مليون ونصف المليون مواطن في قطاع غزة ، وأن الحكومة في غزة يقع على عاتقها المتابعة الفورية لهذه القضية في اطار تحملها المسؤولية عن أمن وسلامة المواطنين.

انتهى،،،

مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان- غزة