4/5/2005
بقلم / عبد الناصر عوني فروانة
نيسان مضى وذكرياته لن تمضي ، فهو شهر ليس ككل الشهور بالنسبة للأسرى ، ففيه ذكريات مشرقة وأحداث مريرة تستحق الوقوف أمامها ، ففيه استشهد عظماء من الأسرى والأسرى المحررين ، وفيه يسطع يومهم الوطني ، ويلمع يوم أشقائهم الاسرى العرب ، وما بين الأول والثلاثون منه أحداث عديدة .
ففيه قدم جيش الأسرى العديد منهم شهداءاً أمثال ابراهيم الراعي وخليل أبو خديجة وعبد الصمد حريزات وأبطال اختطاف الباص الإسرائيلي ( رقم 300 ) ومعزوز دلال ومحمد الدهامين وآخرين ، وفيه استشهد الأسرى المحررون القادة عبد العزيز الرنتيسي ، ربحي حداد ، رائد نزال ، زكريا الشوربجي ، رمضان عزام ، وكثيرون سيظلون تيجاناً على رؤوسنا ولسلوكنا نماذجاً .
وفي السابع عشر من نيسان ذكرى اليوم الوطني للأسرى وفيه يتجدد الوفاء للأسرى وذويهم ، وللأسرى المحررين ، الوفاء لتاريخ سجل بالدماء ، ولقضية شعب عمرها عقود من الزمن ، وقدر لها أن لا تموت ولن تموت و ستبقى حية . لكنها تكبر ويكبر الجرح فيها ويستفحل ، وتزداد أرقاماً جديدة مع بزوغ شمس كل صباح ، ولازال الآلاف من الأسرى والمعتقلين بانتظار ملامسة أشعة الشمس لأجسامهم ، يعانون صدأ القيد ورطوبة الجدران وعتمة الزنازين وقذارة خيم المعتقلات وقساوة معاملة السجان المدجج بالسلاح .
وفي الثاني والعشرين من نيسان ذكرى يوم الأسير العربي في السجون الإسرائيلية ، وهو تاريخ اعتقال عميد الأسرى العرب الأسير القائد سمير القنطار اللبناني الجنسية ، العربي الإنتماء قبل ستة وعشرين عاماً ، ذكرى اعتقال مناضل قومي ذاب في هم القضية الفلسطينية ذكرى اعتقال رجل اعتقل في عمر الزهور ، وكبر خلف القضبان وهو يتنقل من سجن لآخر، ومن زنزانة إنفرادية إلى أخرى جماعية ، لكنه ظل وسيظل رغم سني الأسر الطويلة صلباً ، قوياً وصامداً ، فاحتل مكاناً هاماً ليس في قلب وعقل والدته وعائلته التي لم تره منذ إعتقاله قبل ستة وعشرين عاماً فحسب ، بل في قلب كل فلسطيني وعربي أصيل .
و في نيسان تأتي ذكرى اعتقال العشرات من الأسرى الذين مضى على اعتقالهم أكثر من عشر سنوات وفي المقدمة منهم تأتي الذكرى السابعة والعشرون لإعتقال الأسير نائل صالح عبد الله البرغوثي من رام الله والمعتقل منذ 4/4/1978 ، والذكرى التاسعة عشر لإعتقال الأسير ابراهيم مصطفى بارود من غزة والمعتقل منذ 9/4/1986 ، وأيضاً الذكرى التاسعة عشر لإعتقال الأسرى علي بدر المسلماني وفواز كاظم بختان و عصام صالح جندل و خالد احمد محيسن وجميعهم من القدس . وفي أواخر نيسان حلت الذكرى الثانية لإعتقال المقاتلين أمير ذوقان قائد كتائب شهداء الأقصى و علام كعبي قائد كتائب أبو علي مصطفى وهما من نابلس …
وبالرغم من أن كل يوم يشهد حالات اعتقال كثيرة إلا أن حادثة اعتقال هذين المقاتلين تستحق الوقفة ، فهما رفضا الإستسلام وخاضا معركة شرسة وغير متكافئة واستطاعا أن يلحقا خسائر بشرية بقوات الإحتلال وأصابا عدد من جنوده ، وبعد أن نفذت ذخيرتهما وأصيبا بجروح بالغة ، وقبل أن يعتقلا جريحين ، خطّا وصيتهما بدمائهما النازفة على الجدار الذي كانا يتحصنا خلفه فكتبوا ( إبقوا على العهد … علام كعبي – أمير ذوقان ) صورة نشرت في الصحف ولا زالت ماثلة أمامي ، وستبقى ماثلة أمام كل من رآها وسيبقى الأسيران مفخرة لكل من عرف وسمع عنهما .
وقبل عام أصدرت المحكمة العسكرية الإسرائيلية في سالم حكماً بالسجن المؤبد ست مرات وعشرين سنة أخرى على الأسير أمير ذوقان لمسؤوليته عن مقتل خمسة جنود إسرائيليين وجرح ثمانية آخرين في سلسلة عمليات ، بينما أصدرت حكماً بالسجن المؤبد تسع مرات وخمسة عشر عاماً بحق علام كعبي حيث اتهمته بالمسؤولية عن مقتل ثمانية إسرائيليين والتسبب في جرح سبعين آخرين بالإضافة إلى مسؤولية ذوقان وكعبي عن جرح ثلاثة جنود إسرائيليين أثناء الاشتباك المسلح الذي دار بينهما وبين الجنود عندما رفضا الإستسلام واشتبكا مع قوات الإحتلال .
حقاً إنهما يستحقان كل الإحترام والتقدير ، والسؤال الكبير هل سنبقى على العهد ؟؟ عهد الشهداء والأسرى والجرحى ….
فنيسان مضى والذكريات لن تمضي …
فللأسرى حق علينا ، وواجبنا الوطني والعربي والإسلامي أن نوافيهم حقهم ، وأن نساندهم ونعزز صمودهم ، ونفضح الممارسات اللاإنسانية التي تمارس ضدهم ، ونسعى لتحريرهم و أن نعطيهم كل ما لدينا ،
لأنهم أبطال ضحوا من أجلنا وأعطوا الوطن بلا حدود .