20/9/2005

بقلم / عبد الناصر فروانة

لقد دحر الإحتلال ورحل آخر جندي عن قطاع غزة … وانتهى الحكم العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة بعد أكثر من 38 عاماً من القهر والقتل والدمار .. لم يسلم خلالها البشر ولا الحجر ولا الشجر … فالجميع كان أمام شواخص استهدافه .

ومن الطبيعي أن نفرح ونخرج للشوارع ابتهاجاً برحيلهم … الذي جاء ثمرة لنضال شعبنا عبر العقود الأربعة الماضية ، و ثمرة لدماء قافلة الشهداء أمثال أبى عمار وأبى جهاد وأبى علي مصطفى و جيفارا غزة وعبد القادر أبو الفحم ودلال المغربي وفتحي الشقاقي والشيخ أحمد ياسين والآلاف من أمثالهم ، كما أنه ثمرة لدماء عشرات الآلاف من الجرحى ، ومعاناة مئات الآلاف من الأسرى والمعتقلين .

فمن حق سعيد العتبة المعتقل منذ أكثر من 28 عاماً ، والأسير العربي سمير القنطار المعتقل منذ أكثر من 26 عاماً ، و8600 أسير وأسيرة وغيرهم مئات الآلاف من الأسرى المحررين ، من حق هؤلاء جميعاً أن يفخروا بهذا الإنجاز العظيم الذي تحقق بفعل نضالاتهم المتراكمة الممزوجة بنضالات كافة أبناء شعبنا في الوطن والشتات .

هذا الإنتصار الذي لم يكن بالإمكان تحقيقه لولا صمود أبناء شعبنا كافة ، ولكن هذا الإنتصار وتلك الإحتفالات يجب أن لا تنسينا أسرانا القابعين خلف القضبان .. هؤلاء الذين لعبوا دوراً أساسياً في الثورة والمقاومة ضد الإحتلال ومؤسساته العسكرية وقطعان مستوطنيه ، وإن كان لأحد الحق في الإعتزاز بهذا الإنتصار فهم الشهداء أولاً والأسرى الشهداء مع وقف التنفيذ ثانياً .

فأسرانا ، تاريخ وتجارب ، أمهات ولدت و أطفال كبرت وشيوخ توفيت خلف القضبان ، وهم جيش مفعم بالشوق والحنين للأهل والوطن وأزقة المخيم .

أسرانا يموتون في اليوم مرات ومرات ، لكنهم يحييون صباح كل يوم مع أشعة الشمس المتسربة إليهم عبر الثقوب والفتحات الصغيرة ، ليغذي حلماً نشأ ولم يمت ، ويترعرع هذا الحلم ويكبر بفعل نضالاتكم معهم ومساندتكم لقضاياهم العادلة.

ومن هنا أطلقت وزارة شؤون الأسرى والمحررين حملتها الدولية للتضامن مع هؤلاء الأسرى جميعاً وبدون استثناء من حيث السكن أو الجنس أو الحكم أو الجنسية ، هذ الحملة التي انطلقت فعلياً وتهدف إلى تسليط الضوء على ما يتعرض له أسرانا من ممارسات وانتهاكات فاضحة لحقوق الإنسانية ، ولحشد التأييد والتعاطف الدولي مع قضاياهم العادلة لإنقاذ حياتهم أولاً ، ولتحريرهم ثانياً ، لما يخدم ذلك عملية السلام في المنطقة ، وليدرك العالم أجمع بأن لا أمن ولا إستقرار في المنطقة دون تحرير الأسرى ، وأن لا معنى للحرية بدون إطلاق سراح الأسرى ، وأي اتفاق سياسي لا يتضمن جدولاً زمنياً بالإفراج عن الأسرى لن يكتب له النجاح .

ومن هنا أوجه دعوتي بل وأناشد كافة جماهير شعبنا في الوطن والشتات ، وكافة الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية بالإنضمام للحملة والمشاركة الفاعلة في أنشطتها ، كما أناشد الأمتين العربية والإسلامية في كافة أنحاء العالم بالتحرك الجاد والفوري لنصرة قضية الأسرى وتحريرهم ، وهذا واجب قومي وإسلامي لأنهم ناضلوا وضحوا بحريتهم وبزهرات شبابهم من أجل قضية عربية وإسلامية … كما وأناشد كل محبي السلام في العالم وكل المعنيين بقضايا حقوق الإنسان وكافة المؤسسات الدولية والإنسانية إلى التحرك الفوري وتوجيه مندوبيها لزيارة السجون الإسرائيلية للإطلاع على حقيقة الأوضاع المأساوية هناك ، والضغط على حكوماتهم لتمارس ضغطها على حكومة الإحتلال لإجبارها على إطلاق سراح الأسرى الفسطينيين والعرب من سجونها … فلا يمكن الحديث عن السلام .. لا يمكن أن يتحقق الأمن والإستقرار في المنطقة دون إطلاق سراح الأسرى الذين هم بوصلة الأمن والإستقرار .

فشعبنا الفلسطيني لن يترك أسراه الأبطال فريسة للإجرام الإسرائيلي … لن يتركهم لوحدهم في مقابر الأحياء يعانون من قساوة الجلاد وآلام القيد وقذارة الزنازين ، ونحن ننعم بالحرية ( المنقوصة ، المبتورة ) … فشعبنا كما أجبر حكومة الإحتلال على تدمير المستعمرات وعودة جنوده ومستوطنيه مهزومين إلى بيوتهم ، لهو قادر على إجبارها على تدمير المعتقلات وعودة أسرانا منتصرين إلى ذويهم .