14/9/2009

أعربت 10 من منظمات حقوق الإنسان المصرية اليوم عن رفضها القاطع لتصريحات مساعد وزير الداخلية لشئون الإعلام، والتي زعم فيها أن قيام الشرطة بالقبض على “المجاهرين بالإفطار” في شهر رمضان يستند إلى أساس قانوني. ودعت المنظمات الحقوقية مكتب النائب العام إلى إصدار بيان فوري لتأكيد عدم مشروعية قيام الشرطة بمثل هذه الحملات غير القانونية، والتي تمثل انتهاكاً واضحاً للدستور والقانون وتعدياً غير مقبول على الحقوق الشخصية.

كما طالبت المنظمات وزارة الداخلية بالكشف الكامل عن حقيقة قيام الشرطة بمثل هذه الحملات ونطاقها الجغرافي وأعداد المقبوض عليهم فيها والتهم التي وجهت إليهم، وأكدت على ضرورة الإفراج الفوري عن أي شخص قد يكون محتجزاً في سياق هذه الحملات غير القانونية ومساءلة القائمين على هذه الإجراءات غير المشروعة.

وكانت تقارير صحفية نشرها عدد من وسائل الإعلام المصرية قد كشفت على مدى الأسبوع الماضي عن قيام الشرطة في بعض المحافظات ـ وعلى رأسها محافظة أسوان ـ بإلقاء القبض على عدد من المواطنين أثناء تناولهم أو شرائهم للطعام أو الشراب أو تدخين السجائر خلال ساعات النهار. وقد نفى مساعد وزير الداخلية لأمن أسوان اللواء ناجى الحصى حقيقة هذه التقارير في تصريح نشره موقع (اليوم السابع) الإخباري في يوم 5 سبتمبر الجاري. كما نشر الموقع إنكاراً لوقوع أي عمليات قبض مشابهة على لسان كل من العميد عاطف شلبى رئيس المباحث الجنائية بأسوان، والرائد شريف عفيفى رئيس مباحث كوم أمبو والتي كانت التقارير الصحفية قد أشارت إلى وقوع بعض عمليات القبض فيها.

غير أن مساعد وزير الداخلية لشئون الإعلام اللواء حمدي عبد الكريم أدلى بتصريح لجريدة (الشروق) اليومية في عددها الصادر يوم 10 سبتمبر، قدم فيه تبريراً لعمليات القبض على المفطرين وادعى أن هذه العمليات تستند إلى القانون.

كما هاجم مساعد الوزير المنظمات الحقوقية التي كانت قد عبرت عن انزعاجها من التقارير المنشورة حول هذه الحملات، مطالباً إياها بالعودة إلى “الحياء” ومضيفاً: “أطالبهم بقراءة القانون جيداً قبل أن يهاجموا وزارة الداخلية”.

وطالبت المنظمات الحقوقية المصرية اليوم وزارة الداخلية وعلى رأسها مساعد الوزير بتقديم النص القانوني الذي ادعى وجوده والذي يبرر ـ حسب زعمه ـ قيام الشرطة بهذه العمليات غير المسبوقة. وأكدت المنظمات أن قانون العقوبات يخلو من أي نص يبيح مثل هذا التدخل التعسفي وغير المشروع في حياة المواطنين، وهو ما يعني أحد أمرين: أن مساعد الوزير يدعي وجود نص قانوني لا وجود له، أو أن هناك قراراًَ وزارياً سرياً يجيز مثل هذه الانتهاكات وهو ما يعد في حد ذاته مخالفة دستورية وقانونية.

كما شددت منظمات حقوق الإنسان على أن هذا التصريح غير المسئول لمساعد وزير الداخلية يشكل تشجيعاً لأجهزة الأمن على انتهاك الحقوق الشخصية للمواطنين وحقهم في الخصوصية، وتعريضهم للتوقيف العشوائي والاحتجاز التعسفي ليس على أساس من القانون وإنما على أساس ما قد يعتبره السادة الضباط “إيذاءاً للشعور العام” للمسلمين المتدينين. كما أن من شأن هذه الحملات غير القانونية أن تجعل كافة المصريين من غير المسلمين عرضة لخطر الاستيقاف على يد الشرطة في الطريق العام، وهو ما يعد في حد ذاته انتهاكاً لحقوقهم حتى ولو لم يترتب عليه القبض عليهم أو احتجازهم.

وأضافت المنظمات الحقوقية أن تصريحات مساعد الوزير والقبض على أشخاص على خلفية عدم التزامهم بصوم رمضان يعدان انتهاكاً للدستور الذي نص في المادة 41 على أن “الحرية الشخصية حق طبيعي، وهى مصونة لا تمس”. وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا أن “الحرية الشخصية لا يقتصر ضمانها على تأمينها ضد صور العدوان على البدن، بل تمتد حمايتها إلى أشكال متعددة منها إرادة الاختيار وسلطة التقرير التي يملكها كل شخص.” (الطعن رقم 16 لسنة 17- 1997).

كما شدد الدستور في المادة 45 على أن “لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون”، وهو ما لا يقتصر على منازل المواطنين أو حماية أسرارهم وإنما يمتد إلى كفالة حقهم في الخصوصية حتى في النطاق العام، حيث أكدت المحكمة الدستورية العليا أن حرمة الحياة الخاصة “تصون مصلحتين تتكاملان فيما بينهما وإن بدتا منفصلتين، ذلك أنهما تتعلقان بوجه عام بنطاق المسائل الشخصية التي ينبغي كتمانها وحجبها عن الآخرين، وكذلك بما ينبغي أن يستقل به كل فرد من سلطة التقرير فيما يؤثر في مصيره.” (الطعن رقم 56 لسنة 18- 1997)

وأكدت منظمات حقوق الإنسان أن الاستيقاف أو القبض على خلفية الالتزام بالصيام من عدمه يمثل انتهاكاً للحق في المساواة أمام القانون، كما ينتهك حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية، التي تتضمن حرية عدم الالتزام بأداء الشعائر. فقد أكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان والتابعة للأمم المتحدة أن الحق في عدم التعرض للإكراه الديني يتضمن “منع الإكراه في كل ما يمس الدين أو الاعتقاد، بما في ذلك التهديد باستعمال القوة أو المعاقبة سواء أكان القصد حمل الإنسان على مراعاة أحكام الدين الذي هو عليه، أم حمله على اعتناق دين آخر، أو حتى إجباره على إنكار دينه أو اعتقاده.”1

ووجهت المنظمات الحقوقية المصرية الدعوة إلى جميع المواطنين للاتصال بإحدى منظمات حقوق الإنسان في حال تعرضهم لمثل هذه الإجراءات غير المشروعة أو للإدلاء بشهادتهم بشأنها.

  1. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
  2. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
  3. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
  4. مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف
  5. مركز هشام مبارك للقانون
  6. مركز أندلس لدراسات التسامح
  7. الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية
  8. المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
  9. مؤسسة حرية الفكر والتعبير
  10. البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان

[an error occurred while processing this directive]