7/7/2009

غزة – 7-7-2009 – أكد الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر عوني فروانة ، على ضرورة فتح ملف آلاف الأسرى المتزوجين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي وزوجاتهم ومعاناتهم الصامتة وغير المعلنة ، وحقهم الطبيعي في الإنجاب من خلال عمليات ” التلقيح الصناعي ” مع توفير حماية اجتماعية ودينية وسياسية لهم ، وأن هذا الحق لا يمنح بل يستدعي من الجميع المشاركة في انتزاعه .

وطالب فروانة كافة الجهات ذات الصلة والعلاقة بالموضوع بمن فيهم الأسرى ورجال الدين بفتح هذا الملف ودراسته باستفاضة ودقة ، وعناية فائقة لما يمثله من حساسية للأسرى وذويهم ، ودراسة أبعاده من كافة الجوانب الآنية والمستقبلية ، النفسية والإجتماعية ، لاسيما وأن كافة الأديان السماوية قد منحت الزوجين حق الإنجاب والخلوة الزوجية ، وأن كافة الأعراف والتشريعات الدولية تجيز الخلوة ، فيما يرفضها الأسرى خشية من استغلالها من قبل الاحتلال للابتزاز والمساومة والإسقاط ، فيما يحلمون بالإبوة عن طريق الإخصاب الصناعي .

وأضاف أن الشرع الإسلامي قد أباح التلقيح الصناعي وفق ما بات يُعرف ” بزراعة الأنابيب ” للأزواج وفق شروط وإجراءات تتطابق مع الشريعة الإسلامية مثل توفر شهود يؤكدون أن هذه النطف من الزوج إضافة إلى توفر شهود من أهل الأسير وأهل زوجته لاثبات شرعية الطفل وقطع دابر الشائعات ، وأن العيادات المتخصصة بذلك منتشرة في فلسطين والوطن العربي .

محاولات نادرة وغير مضمونة
واعتبر فروانة بأن محاولات تهريب ” النطف المنوية ” من قبل الأسرى هي محاولات نادرة ويجب أن تستمر وتتواصل ، ولكنها غير مضمونة النجاح في ظل الظروف القائمة ، حيث أن زيارة الأهل تستنزف ساعات النهار بأكملها من بزوغ الفجر وحتى غروب الشمس ، فبُعد المسافات الجغرافية للسجون عن أماكن سكن العائلات ووجود عشرات الحواجز والتفتيشات وطول ساعات الانتظار تُعيق نجاحها ، مما يتطلب إثارة الموضوع في المحافل القضائية الإسرائيلية والمؤسسات الحقوقية الدولية ، لتتم الأمور بشكل يضمن نجاحها .

” انتزاع ” فيلم فلسطيني يدافع عن حق الأسرى بالإنجاب جاءت تصريحات فروانة هذه بعد مشاهدته يوم أمس الإثنين لفيلم ” انتزاع ” من إنتاج مؤسسة العنود للإنتاج الفني عرض في قاعة الهلال الأحمر بغزة خلال حفل تكريم لزوجات الأسرى نظمته “جمعية الأسرى والمحررين ” حسام ” ، وأثار الفيلم فكرة تهريب ” النطف المنوية ” من أسير فلسطيني متزوج حكم عليه ً بالسجن المؤبد عدة مرات ، بهدف الإنجاب وتكوين أسرة رغم الفراق القسري .

وأعرب فروانة عن اعجابه بفكرة الفيلم وجرأة المخرج في تناول قضية إنسانية حساسة جداً وذات أهمية وتستحق الدراسة والتمعن ، بل وتستدعي فتح ملف الأسرى المتزوجين بكل جدية والذين يمثلون قرابة ( 30 % ) من مجموع الأسرى عموماً ويجب العمل من أجل انتزاع هذا الحق .

وأشار فروانة بأن موضوع الإنجاب والإبوة والأمومة هو موضوع حيوي ويمثل حاجة ملحة للأسرى وزوجاتهم ، لاسيما وأن الآلاف من الأسرى اعتقلوا وهم في السنوات أو الشهور الأولى من زواجهم وقبل أن يرزقوا بأطفال أو بعدد محدود جداً من الأطفال وأمضوا سنوات طويلة في الأسر ، ويبقى حقهم وحق زوجاتهم بإنجاب المزيد من الأطفال حق طبيعي ومشروع ويصون ترابط الزوجين وتماسك الأسرة قبل أن يدخلوا هم وزوجاتهم سن اليأس والعجز .

وتابع : ولربما فتح هذا الموضوع بجدية تامة وبمسؤولية وطنية عالية يجد حلولاً ولو استثنائية للأسرى الغير متزوجين لاسيما المحكومين بالسجن مدى الحياة يَمنح لهم حق الخلوة الزوجية ويتيح لهم إنجاب أطفال قبل أن يمضوا عقوداً في الأسر كغيرهم .

العملية بحاجة لحاضنة اجتماعية ووطنية
ورأى فروانة أنه من الضرورة ايجاد توافق مجتمعي ، مؤسساتي ، ثقافي ، ومن ثم سن قوانين وتشريعات تجيز لزوجات الأسرى الإنجاب بهذه الطريقة ، وخلق رأي عام لحماية هذه الحالة وحاضنة مساندة لحق الأسرى ولحماية زوجاتهم من التلسن والإساءة والتجريح والإشاعات ، خاصة وأن مجتمعنا محافظ وتحكمه عادات وتقاليد تعتبر معيقاً لتنفيذ مثل هكذا عمليات ، ولم يتقبل المجتمع الفلسطيني بعدْ رؤية امرأة حامل ، و زوجها معتقل منذ سنوات .

وطالب فروانة وسائل الإعلام لاسيما المسموعة بإثارة هذا الموضوع والدفع باتجاه انجاحه وترجمته وخلق ثقافة ايجابية ومؤثرة في أوساط المجتمع الفلسطيني بشكل عام والحركة الأسيرة بشكل خاص تدفع باتجاه ضرورة النضال من أجل انتزاع هذا الحق .

وقال فروانة : بأن ” انتزاع ” ورغم ما تضمنه من بعض المشاهد التي لا تعكس حقيقة الواقع الإعتقالي ، إلا أنه فيلم رائع أثار فكرة كامنة وحاكى واقعاً مريراً و معاناة غير معلنة لدى زوجات الأسرى ، وأشعل رغبة صامتة لديهن بالإنجاب ، وتمنين لو كان ذلك حقيقة ، وحتى من شاهدوا الفيلم من الأسرى المحررين خرجوا يتبادلون الأحاديث ويتخيلون فيما لو كان ذلك متاحاً أثناء اعتقالهم . وأضاف : ولكن للأسف الفيلم لم يقدم علاجاً للمشكلة لاسيما الاجتماعية وكيفية تعامل المجتمع معها ، ولم يطرح حلاً لها وأبقى الأمر مبهماً .

” وليد دقة ” أسير دق الجدران نيابة عن الجميع فهل من يواصل ؟
وأضاف فروانة بأن فكرة التلقيح الصناعي ، تراود كل أسير متزوج لاسيما ممن يقضون أحكام عالية ولكن كل واحد منهم بحاجة لمن يدق الجدران بالنيابة عنه ، فجاء الأسير ” وليد دقة ” ليدق الجدران عن الجميع ، كحق طبيعي له ولآلاف الأسرى في إنجاب أطفال وهذا الحق ينتزع ولا يمنح كجزء من معركة متواصلة مع إدارة السجون .

يذكر بأن الأسير السياسي وليد دقة من أسرى الداخل والمعتقل منذ 1986 ويقضي حكماً بالسجن مدى الحياة ، كان قد تزوج في العام 1999 ولم يسمح له بالاختلاء بزوجته بتاتًا منذ أن تزوجا ، ويعتبر الأسير العربي الفلسطيني الأول والوحيد الذي تقدم بطلب إلى المحكمة المركزية بالسماح له بانجاب الأطفال ، بعدما رفضت طلبه سلطة السجون بحجة تصنيفه الأمني على الرغم من أنه يعتبر أحد مواطني ” اسرائيل ” وان موضوع الخلوة الزوجية للاسرى هو امر تكفله القوانين والتشريعات الدولية .

فيما أنّ الأسرى اليهود يحظون بتحقيق حقهم بالاختلاء بزوجاتهم وإنجاب الأطفال، وان التمييز الواضح بين السجناء العرب واليهود في هذه القضيّة يندرج ضمن قائمة طويلة من أشكال التمييز العنصري بين الأسرى .

عبد الناصر عوني فروانة
أسير سابق ، وباحث مختص في مجال الدفاع عن الأسرى ومدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية

فلسطين خلف القضبان
www.palestinebehindbars.org