8/12/2008
يحتفل العالم بذكرى اليوم العالمى لحقوق الانسان،وهى مناسبة عظيمة لكى نتذكر من خلالها أن هناك حقوق لكل المواطنين لابد من الحفاظ عليها قبل أن نطالبهم بواجباتهم تجاه بلدهم،لأن هذا هو المعيار الحقيقي لمبدأ المواطنة الذى تم تكريسه فى الدستور المصري هذا العام،ومناسبة مهمة للتعرف على هموم المواطن المصري ومشكلاته.
وسبق أن أصدر المركز المصري لحقوق الانسان ورقة موقف العام الماضي فى نفس التوقيت،وأعرب فيها عن أمله فى ان يشهد عام 2008 ظروفاً معيشية افضل للمواطنين،واحترام أفضل لحقوق المواطن من قبل الدولة،وقدم خلالها المركز توصياته التى يمكن من خلالها النهوض بالمجتمع،وترسيخ ثقافة حقوق الانسان فى المجتمع المصري.
وبعد مرور عام على صدور ورقة الموقف المشار إليها،يقدم المركز ورقة أخرى للتعرف على ما تم تحقيقه من توصيات العام الماضي،وما هى الأمور اللازم تحقيقها فى عام 2009 ،على أن يصدر المركز ورقة سنوية لتقييم أوضاع حقوق الانسان فى مصر،خاصة وأن المنظمات الحقوقية تبذل جهداً كبيراً فى إصدار تقارير سنوية ترصد انتهاكات حقوق المواطن المصري،ومع ذلك لا تجد الاستجابة الكافية من الأجهزة المعنية.
وتتلخص رؤية المركز المصري لحقوق الانسان فى النقاط التالية:
1. أثبت المجلس القومى لحقوق الانسان عدم جديته فى طرح القضايا التى يتبناها،فرغم مرور عام على صدور وثيقة اعلان حقوق المواطنة،إلا أن الفعاليات والأنشطة التى نظمها المجلس لم تساعد فى نشر الوعى بهذه الوثيقة،لتبدو وكأنها بيان صدر عن المجلس فى مرحلة معينة وانتهى الأمر على هذا النحو،وأكبر دليل على ذلك عدم قيام المجلس بإجراء تقييم لهذه الوثيقة كما وعد العام الماضي،حيث أنه أكد على أنه سيعقد مؤتمراً فى ديسمبر 2008 لمناقشة صدى وثيقة اعلان حقوق المواطنة،وللآسف لم تساعد الفعاليات والأنشطة التى نظمها على نشر الوعى بهذه الوثيقة،ولم يقوم بإجراء تقييم لهذه الوثيقة،بالإضافة إلى أن المشروع المهم الذى تبناه المجلس والخاص بنشر ثقافة حقوق الانسان لم يتمكن من إدارته بشكل جيد،وحدثت الكثير من المشكلات،والتى بسببها توقف المشروع،ليصبح انناج المجلس القومى خلال عام 2008 صفر!
2. سبق أن أكد المركز المصري على ضرورة البدء فوراً فى نقاش مجتمعى جاد حول قانون جديد للجمعيات الأهلية،قبل تقديمه للبرلمان ،ومع ذلك لم تستجيب وزارة التضامن الاجتماعى لهذه التوصية،ولم تجرى أى مناقشات او حوارات بشان قانون الجمعيات الاهلية،ليظل العمل بالقانون الحالى والذى تلتف حوله تساؤلات مثيرة للجدل،وفى حال استمرار الأوضاع على ما هى عليه،فإن الحكومة تؤكد عملياً عدم اهتمامها بالعمل الأهلى والحقوقى،ولا تعترف بشيء من هذا القبيل!
3. أكد المركز على ضرورة عدم المساس بالدعم وخلق حوار مجتمعى حوله،إلا أن عام 2008 لم يشهد اى حوارات حول كيفية تقنين الدعم بشكل يؤتى بثماره على المواطنين محدودى الدخل،إلا أن المجتمع فوجيء بمقترح الصكوك العامة،وهى الفكرة التى سبق ان قدمها فيلم سينمائي كوميدي،لتظهر القضية بكونها نكتة سياسية أكثر من كونه مشروع مستقبلى استعدت له الحكومة جيداً،وهو ما يكشف مقدار الفجوة بين الحكومة والشعب،وانه لم يعد يثق فى حكومته ولو بالحد الادنى،وهى مرحلة خطيرة لها تبعيات مستقبلية،منها عدم الاحساس بالأمان،وغياب الانتماء بين الشباب بشكل خاص.
4. شهد عام 2008 ردة كبيرة متعلقة بحرية الرأى والتعبير،وهو ما يمكن للمرء ملاحظته من خلال عدد الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الكتاب والصحفيين والمفكرين،بالإضافة إلى الدعاوى القضائية التى تم رفعها ضد رؤساء تحرير صحف حزبية وخاصة مثل مجدى الجلاد رئيس تحرير المصري اليوم وعباس الطرابيلي رئيس تحرير الوفد بسبب قضية سوزان تميم والمتهم فيها هشام طلعت مصطفى ومحسن السكرى،ومع ذلك لا يزال الوسط الصحفى مهموم بقضايا حرية الرأى والتعبير،إلا أن للحكومة رأى آخر!
5. كما لاحظ المركز أن حرية الاعتقاد مادة هلامية فى الدستور المصري لا تجد صدى لها فى الواقع العملى،والدليل على ذلك حوادث العنف الطائفى الذى يشهدها المجتمع،فهناك مجموعة من المواطنين يقومون على مجموعة أخرى لمجرد أن المجموعة الثانية مخالفة للقانون من خلال بناء دار عبادة بدون ترخيص ،وهى خطوة تؤكد ان هيبة الدولة لم يعد لها مكان فى المجتمع،وأن أى مواطن بإمكانه رفع لواء القانون وتطبيقه وإجبار ألاخرين على تطبيقه،والمخالف سيكون له العقاب وفقاً لهذا المواطن وليس وفقاً للقانون نفسه!
كما رصد المركز عشرات الحالات المنتهك حقوقهم فى حرية الاعتقاد،وهناك حالات تتعلق بأبناء قام أحد الابوين بالتحول من المسيحية إلى الاسلام،وتبعيتهم إليه حتى ولو كان سنهم لا يسمح بذلك،لتظهر مشكلة كبيرة لم تنظر لها الحكومة حتى الان بعين الاعتبار،وتترك كل فرد ينفذ القانون طبقاً لآهوائه ورغباته!
6. والمركز يجدد دعوته للمرة السابعة لإقرار قانون بناء وترميم دور العبادة،نظراً لحاجة المجتمع الملحة فى هذا الشأن،حيث سبق أن أصدر المركز بيانات صحفية وتقارير،وأجراء حوارات صحفية وتلفزيونيه يطالب فيها بإقرار القانون لوضع حد لمشكلات التوتر الطائفى،ومع ذلك لم تنظر الحكومة لهذا الموضوع بجدية،لتتحمل جزء كبير من الأحداث الطائفية لأنها تملك حل المشكلة ولكنها لا تريد ان تحلها،وهى خطوة غريبة من الحكومة التى أقسم كل عضو بها على الالتزام بالدستور والقانون ورعاية مصالح المواطنين!
7. كما يجدد المركز المصري لحقوق الانسان مطالبة وزارة الداخلية تشديد العقوبات على الضباط المتهمين بتعذيب المواطنين فى أقسام الشرطة ومقار الاحتجاز،من اجل الحفاظ على الصورة الكريمة لرجل الشرطة، والذى يعد دوره فى الأساس هو حماية أمن المواطن وسلامته،ولا يتسب فى أى مضايقات ،والتعامل مع أزمة البدو فى سيناء بنوع من العقل أكثر من العنف،خاصة وأن منطقة سيناء عانت كثيراً فى السنوات الماضية وتتعرض للتهميش،وكان من الواجب الحفاظ على حقوق بدو سيناء قبل الدخول معهم فى مصادمات المجتمع فى غنى عنها.
كما يذكر المركز بان دور الشرطة الأساسي هو حماية الشعب ،والعمل على توفير مناخ أمن للمواطنين،بدلاً من تفرغ الشرطة لقمع السياسيين والنشطاء،وهى المشكلة التى بسببها أصبح الشارع المصري يعانى من غياب الأمن والأمان،ورغم انتشار عربات الامن فى وسط القاهرة،إلا أن حوادث التحرش منتشرة فى هذه المنطقة بالذات،كذلك لم يري المركز اى خطة من شأنها تؤكد أن المدن الجديدة مضمون بها ألامن والأمان،أما عن المناطق العشوائية فحدث ولا حرج،فتجار المخدرات معروفين ومطلق سراحهم،وأصبح تعاطى البانجو فى المناطق الشعبية معروف،وحتى مع شكوى بعض الأهالى لتواجد شباب يتعاطون البانجو والمواد المخدرة الأخرى،إلا ان الشرطة لا تتعامل مع الشكاوى بالشكل المنتظر.
8. كما أكد المركز المصري على ضرورة قيام الحكومة باتباع استراتيجية جديدة بين الحكومة والمصريين فى الخارج،والحفاظ على كرامة المصريين ،وخاصة النظر فيما يتعلق بنظام الكفيل المتبع فى بعض الدول العربية بشكل يقلل من كرامة المصريين، والتدخل بطريقة دبلوماسية لحل مشكلات المصرين فى دول الخليج،وليس بمنطق التصريحات العنترية التى صاحبت أزمة الطبيبين الذين تعرضا للحبس والجلد،بالإضافة إلى دعوة المصريين فى الخارج إلى الاستثمار فى الداخل،وتحفيزهم على المشاركة السياسية فى الانتخابات التى تتم داخل البلاد.
9. كما يدعو المركز نقابة الصحفيين بأن تبذل قصارى جهدها لتطبيق ميثاق الشرف الصحفى،والحفاظ على أخلاقيات المهنة والتى تتعرض لمشكلات خطيرة،وفوضى بين الصحفيين أنفسهم،وهى مشكلة خطيرة،خاصة مع احترامنا وتقديرنا الكامل بدور الصحافة بإعتبارها سلطة رابعة،حيث يتم اعتبار حوادث فردية يقوم بها صحفيين هى بمثابة وجهة نظر عموم الصحفيين،وهى بالطبع أمور لا يرضي عنها الصحفيون الشرفاء،وأبسط دليل على ذلك ما ترتب على مقتل هبة ونادين،والأخبار غير الحقيقية التى نشرت عنهم،وما ترتب عليه من الخوض فى أعراض المواطنين بشكل غير سوى.
10. ويجدد المركز دعوته لإقالة الدكتور احمد نظيف رئيس الوزراء،وتشكيل حكومة جديدة،لأن عام 2008 شهد العديد من الكوارث والأخطاء التى تعد الحكومة مسئولة عنها بشكل كبير،حيث تفشت ظاهرة التعذيب فى السجون،القبض على المواطنين بشكل عشوائي بل وتعذيبهم،استفحال جبروت رجال الشرطة،انتشار ظاهرة التحرش الجنسي بالفتيات،ظاهرة العنف بالمدارس،دخول كميات من القمح الفاسد،زيادة معدلات الفقر،وغيرها من المشكلات.
تلك هى رؤية المركز المصري لحقوق الإنسان وهو يتذكر اليوم العالمى لحقوق الانسان،ويأمل فى أن يجد توافقاً حول هذه البنود أو بعضها حرصاً على مستقبل آمن يتمتع به كل المصريين بدون تمييز بينهم بسبب الجنس او الدين،يتوافر به كل المقومات لأن يصبح مجتمع عصري متطور يواكب التغيرات الدولية .
ويأمل المركز فى أن تتحسن الأوضاع فى العام المقبل،ولا تظل كما هى عليه الآن،أو مزيد من انتهاكات حقوق المواطنين،خاصة وأن كل هذه الخطوات السلبية من شانها إضعاف المجتمع،وعدم ثباته بالشكل الكافى لمواجهة التحديات الاقليمية والدولية.
المـركز المصرى لحقــوق الانسان