4 أكتوبر 2004

طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وزارة الصحة اليوم ببدء تحقيق فوري بشأن استيراد مصر من بريطانيا مشتقات دم قد تسبب إصابة البشر بمرض جنون البقر في التسعينات.

وكان عدة مسئولين بوزارة الصحة قد نفوا في الأيام الماضية بشكل قاطع صحة المعلومات التي وردت بتحقيق نشرته صحيفة التايمز البريطانية في 27 سبتمبر الماضي وورد فيه اسم مصر ضمن قائمة ضمت إحدى عشر دولة قامت باستيراد مشتقات دم ثبت أن مصدرها متبرعون بريطانيون مصابون بالمرض.

غير أن تحقيقاً في الواقعة قام به برنامج الصحة وحقوق الإنسان بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية يؤكد أن السلطات البريطانية كانت قد أبلغت الحكومة المصرية منذ عام 2001 أن مشتقات دم يرجح احتواؤها على المرض تم تصديرها من بريطانيا لمصر وأن وزارة الصحة لم تفعل شيئاً للتحقق من الأمر ومنع الانتشار المحتمل للمرض منذ ذلك الحين.

فالقائمة ذاتها التي نفى المسئولون المصريون صحتها كانت قد نشرت بصحيفة الجارديان البريطانية في 5 فبراير 2001 نقلاً عن معمل المنتجات الحيوية التابع لوزارة الصحة البريطانية. وأكد مسئولو المعمل للصحيفة وقتها أن الدول الإحدى عشر- ومن بينها مصر- قد أبلغت بتصدير مشتقات الدم الملوث إليها.

وفي محادثة هاتفية مع المبادرة المصرية الأسبوع الماضي نفت الدكتورة سلوى يوسف رئيسة قطاع بنوك الدم بوزارة الصحة – وهو الجهة الوحيدة المخولة استيراد الدم ومشتقاته من الخارج- من جديد هذه المعلومات، مؤكدة أن مصر لم تستورد أي وحدة من الدم منذ بداية الثمانينات ولم تستورد مشتقات دم من بريطانيا على الإطلاق.

غير أنه في صباح اليوم تلقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية رداً من هيلين جانسيك المسئولة عن متابعة مرض جنون البقر بوكالة حماية الصحة التابعة لوزارة الصحة البريطانية جاء فيه أن وزير الصحة في مصر قد أبلغ من معمل المنتجات الحيوية أن مصر قد تلقت مشتقات بلازما تحتوي على مرض جنون البقر، وإن كانت مصر ليست من الدول الخمسة الأكثر عرضة لانتشار المرض بها نتيجة الحصول على تلك المشتقات.

وفي الوقت ذاته فقد أكد سام لستر الصحفي بالتايمز والذي قام بكتابة التحقيق وجود مصر ضمن الدول الإحدى عشر التي تضمها القائمة الرسمية للدول التي قامت باستيراد مشتقات الدم الملوث. وأضاف لستر في محادثة هاتفية مع المبادرة المصرية أن وزارة الصحة البريطانية ما زالت ترفض الكشف عن الدول الخمس التي تعتبرها معرضة بدرجة أعلى لخطر انتشار مرض جنون البقر بين البشر نتيجة الحصول على مشتقات الدم الملوث، غير أنها لا تشكك في صحة قائمة الدول الإحدى عشر التي قامت بالفعل باستيراد هذه المشتقات، ومن بينها مصر.

وقال حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية “إن ما يمكن استنتاجه الآن هو أن مصر قد قامت بالفعل باستيراد مشتقات دم الملوثة من بريطانيا بعكس تصريحات المسئولين المصريين، وإن كانت ليست من بين الدول الخمس المعرضة لأعلى درجات خطورة انتشار المرض.”

وأضافت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن على الحكومة المصرية التزام قانوني بمواجهة هذا التهديد المحتمل للصحة العامة، وذلك بالتحقيق الفوري في الواقعة وتحديد الأفراد الذين نقلت إليهم مشتقات الدم الملوثة ومتابعتهم بما يضمن عدم قيامهم بالتبرع بالدم أو الأعضاء لأفراد آخرين. كما لابد أن يكشف التحقيق عن أسباب تواني وزارة الصحة المصرية عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الموقف منذ علمها به في عام 2001.

وأضاف بهجت: “في الوقت الذي سارع فيه مسؤولونا إلى نفي الواقعة جملة وتفصيلاً فور علمهم بها فإن وزارات الصحة في دول أخرى ورد اسمها في نفس التحقيق الصحفي كالهند وتركيا قامت على الفور ببدء تحقيق في هذه المعلومات ووعدت بتتبع المصابين المحتملين لاحتواء الأزمة. إن اقل ما يجب على الحكومة عمله الآن هو احترام حق المواطنين المصريين في التأكد من أن حكومتهم تأخذ الأمر بجدية وتفعل اللازم لمنع كارثة صحية بدلاً من التعامل مع الأمر من المنظور الضيق للعلاقات العامة.”