9/9/2007

بناء على فرمان الدولة بحل “جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان” يعلن الاعضاء والعاملون بالجمعية عن ميلاد “مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الانسان” ، فكما هو متوقع أصدر محافظ القاهرة قرار بحل جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان ، كما جاء بجريدة الاخبار “الحكومية” فى عددها يوم الجمعة الموافق 7 سبتمبر 2007بعنوان (حل جمعية المساعدة القانونية لتلقيها اموالا من الخارج) ويفصل الخبر سبب صدور القرار بعدم الحصول على اذن من وزير التضامن الاجتماعى لتلقى اموالا من منظمات وهيئات خارجية بالاضافة الى وجود مخالفات ادارية واختفت الحجة السابقة التى نشرت بجريدة المصرى اليوم فى 30 اغسطس الماضى عن وجود تجاوزات مالية او استيلاء احد المسؤلين بالجمعية على الاموال ، وقد اصدرت جمعية المساعدة بيانا صحفيا للرد على تلك المزاعم اشارت فيه الى ان قرار الحل قد صدر بناء على توصية من وزارة التضامن الاجتماعى ، كما بادرت منظمات المجتمع المدنى فى مصر باصدار بيانا جماعيا للتضامن مع جمعية المساعدة واجرت مؤتمرا صحفيا للاعلان عن الخطوات التى ستتخذها هذه المنظمات فى حالة تنفيذ قرار الحل….

ولم يكن انتظار تنفيذ حكم الحل راجعًا فقط إلى إيماننا بفساد المنظومة التي تحكم نظام الدولة برمته، ولكن لأن الجمعية من البداية ارتضت ألا تخضع لخوف أو تقنع بدور نخبوي بعيد عن الشارع ، فكانت أول جمعية تملأ شوارع القاهرة والجيزة بملصقات مناهضة التعذيب واول جمعية تنشر الشهادات الحية لضحايا التعذيب ، ومن أولى المنظمات التي قدمت الجلادين إلى محاكمات عادلة استقطبت اهتمام وتكاتف ووقفة الجماهير مع قضايا الضحايا منهم.

والحال هكذا ، فلا عجب أن يكون النضال الحقوقي في سياق من المراوغات والحيل مع نظام يشتد قمعه يومًا بعد يوم ، فى غياب اتساق الدولة وحكومتها مع منظومة حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والدولية، الامر الذى يكذب الدعاية لسياسات الخراب والتحلل التي يتفنن نخاسين السلطة في وصفه بأزهى عصور الديمقراطية.

ويعلن أعضاء وفريق العاملين بجمعية المساعدة القانونية عن اتخاذهم لكافة التدابير التى تضمن مواصلة جهودهم المبذولة فى تقديم الدعم القانونى لضحايا انتهاكات حقوق الانسان وفضح المسؤلين عن تلك الانتهاكات ونشر وتعزيز ثقافة حقوق الانسان فى مصر ، كما يعلنون التقدم بطعن مستعجل امام القضاء الادارى على قرار محافظ القاهرة بحل جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان لمواجهة الاثار السلبية المترتبة على صدور هذا القرار. كما يعلنوا انهم لن يسكتوا او يكفوا عن ملاحقة المستبدين او الفاسدين حتى لو تطلب الامر ان يتحولوا الى اشباح تطارد هؤلاء فى نومهم ، لن نصمت ، فهذه الضربة الخائبة زادت من قناعتنا باهمية استكمال دورنا لمساندة ضحايا انتهاكات حقوق الانسان فى مصر ، وسوف يكون قرار الحل منطلق جديد وتدعيم لعمل النشطاء مع المواطنين الأحرار الساعين إلى إرجاع حقوقهم.

لقد بانت النية المبيتة لاقصاء الاصوات غير المستأنسة التى تبدى معارضتها وانتقادها للسياسات التى يعانى بسببها ملايين المواطنين من انتهاك حقوقهم وفقا لالتزامات الحكومة المصرية ، وفى هذا المقام يجوز الاستشهاد بما كتبه “بلال فضل” فى جريدة الدستور مخاطبا اهل الحكم والسلطة فى مصر (كلما اقض مضاجعكم صوت يقترب من الناس ويقترب الناس منه سعيتم لاخراسه بزعم انه يهدد مصالح مصر العليا التى صارت بفضلكم فى النازل)

ويأتى صدور مثل هذا القرار فى سياق الحملة المسعورة التى تقودها الاجهزة الامنية على مؤسسات المجتمع المدنى وقواه الحية من اجل احكام السيطرة على بوادر السخط والاحتجاج على تردى الاوضاع الاقتصادية وتدهور الحالة الاجتماعية للمواطنين وتفاقم حدة المناخ السياسى ، وهاهى الحكومة تتورط في سياسات الفساد فلا تدري بأي أوراق تلعب ، وهي مؤشرات تبعث على الأمل لأن الحماقة الأمنية دائما ما تدل على ترنح الدولة بقوائمها الخائرة بفعل الفساد الذي أصبح مثل سرطان يأكل فى لحم الوطن ، هاهي الحكومة القمعية تشهر سيف الحماقة ، سيف الغدر بجمعية المساعدة وتزيد من عوامل تضامن فئات الشعب مع بعضها البعض ، وها هى ألوان الطيف تكتمل لإحداث المقاومة ضد سطوة الظلم والفساد والاستبداد

كانت جمعية المساعدة القانونية من أولى المنظمات ، إن لم تكن أولها ، التي ترسِّل أوراقها إلى وزارة الشئون الاجتماعية (التضامن الاجتماعي حاليًا) عام 1999، وها هو قد جاء الحكم بالحل. فلا غرابة من صدوره الآن بعد فضح جرائم الدولة فى حق المواطنين والمطالبة بحقوق الناس الضائعة ، ولا غضاضة من تنفيذه ليستمر النضال أيًّا ما كان الإطار ما دام وجهته الحق والتضامن مع حقوق الناس ومقاومة الاستبداد والانتهاكات. لقد تبنت انشطة الجمعية منذ لحظة تأسيسها شتى القضايا التى يعانى منها المواطنين كما تبنى فريق المحامون بها الالاف من شكاوى المواطنين الذين لجأوا الى الجمعية لحمايتهم واسترداد حقوقهم ومساعدتهم على مواجهة جبروت السلطة وتجبرها عليهم ، ونحن نقول لمن يريدون اغتيال روح الامل فى قلوبنا ، واطفاء جذوة الانتصاف للضحايا.

لقد خضنا الجولة بنجاح ، اما الان فقد انقشع فجر الاصلاح السياسى الكاذب ، وسنواصل نضالنا ضد الانتهاكات التى يأن تحتها المواطنون ، ونطمئن ضحايا التعذيب والمسلوبة حقوقهم ، فلن يثنينا أي قيد عن استكمال مسيرتنا التي بدأناها ، سنناضل حتى نضع اى جلاد او مستبد او فاسد تحت يد العدالة ، لن يروّعنا حل الجمعية وسنكمل العمل مع ضحايا التعذيب حتى يتم تقديم الجلادين والمسئولين عن ارتكاب تلك الجريمة البشعة إلى المحاكمة من أكبر رأس إلى أوضعها.

ليس هناك ادنى امل للاصلاح السياسى فى بلد تضخم فيه نفوذ الاجهزة الامنية لحد الاضطلاع برسم السياسة الداخلية ، ولعب الدور الرئيسى فى تسمية المشايخ والعمد ومعيدو الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات واختيار الوزراء واعضاء البرلمان واعضاء الحكم المحلى وترقية الموظفين ومنظمات المجتمع المدنى …….

واذ تؤكد الجمعية على نزاهتها وشفافيتها تطالب مجددا بتحويل اوراقها ودفاترها المالية الى الجهاز المركزى للمحاسبات واحالة القرار الى القضاء المصرى العادل لكى يتسنى لنا توضيح الظروف والملابسات التى الجأت محافظ القاهرة الى اصدار مثل هذا القرار ، كما تعيد التاكيد على ان الحجج التى سيقت لتبرير صدور هذا القرار ليست سوى مبررات واهية ومكشوفة بل ومفضوحة حيث ان الجمعية لم ترتكب اية مخالفة توجب صدور قرار الحل ، فمتى ستكف اجهزة الامن على الصاق التهم التى دأبت على الصاقها بالمعارضين السياسيين والمستقلين والعازفين عن السير فى مستنقع الفساد والاستبداد ، وهى تهم شاعت مثل “تكدير السلم العام” و”الحض على كراهية نظام الحكم” وتلقى اموال من الخارج ، ولكم ان تتخيلوا ان متوسط النفقات الشهرية للجمعية – كان لها اربعة مكاتب وبلغ عدد موظفيها اكثر من ثلاثين موظفا – لا يضاهى المصاريف الشهرية لبوفيه مكتب سيادة المحافظ او معالى الوزير او جناب الحاكم فى الامر بجهاز امن الدولة.

ويؤكد اعضاء الجمعية على رفضهم لهذا القرار ، ويعلنون انهم لن يتقاعسوا عن مقاومته بكافة الطرق السلمية والمشروعة.

اعضاء جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان