6/1/2007
قُتل المواطن / محمد عبد القادر السيد صعقاً بالكهرباء على يد “ضابط أمن الدولة” النقيب / أشرف مصطفى حسين صفوت (من قوة شرطة قسم حدائق القبة) وترملت من بعده زوجته وتيتم بناته الثلاثة ولم يبقى لوالديه المسنان سوى تجرع مرارة الفقد ولوعة الحزن.
وقد احتاجت سلطات التحقيق ثلاث سنوات كاملة لكى تحيل الضابط المتهم إلى المحاكمة الجنائية , وفى جلسة يوم السبت الموافق 4 نوفمبر الماضى فوجئ محامو جمعية المساعدة لحقوق الإنسان بأحد المحامين يحمل إلغاء من أفراد الأسرة (الأبوين وارملة الضحية) للتوكيلات الخاصة بمحامي الجمعية، كما فوجئوا بقيام دفاع الضابط المتهم بتقديم تنازل من افراد الأسرة عن الإدعاء المدنى ضد الضابط لهيئة المحكمة. وفى يوم السبت الموافق 3 فبراير القادم سوف تنظر محكمة الجنايات الدائرة 21 القضية رقم 533/2005 والمتهم فيها الضابط “بجهاز أمن الدولة” بتعذيب المواطن / محمد عبد القادر السيد صعقاً بالكهرباء مما أدى إلى وفاته, وستعمل الجمعية على تفعيل حملة للتضامن مع أهلية الضحية وستدعو أكبر عدد ممكن من المنظمات الحقوقية ونشطاء المجتمع المدنى ولجنة الحريات بنقابة المحامين المصرية والمنظمات المعنية بمناهضة جريمة التعذيب محلياً ودولياً لحشدهم من أجل القصاص العادل من الجناة المسئولين عن تعذيب وقتل المواطن محمد عبد القادر وتعويض أهله تعويضاً لائقاً. وستتشكل هيئة للتضامن مع الضحية وسوف تقوم الجمعية بالإعلان عن موعد الإجتماع الأول لتلك الهيئة خلال أيام.
ان جمعية المساعدة واثقة من قيام أجهزة الأمن بممارسة ضغوطها لابتزاز أهلية المجنى عليه ، حيث نمى الى علم الجمعية ان اهل الضحية قد تلقوا وعدا بالإفراج عن نجلهم سامح عبد القادر السيد (المعتقل حالياً) فى حالة تنازلهم عن القضية المرفوعة ضد الضابط المتهم وتوقفهم عن المطالبة بالقصاص العادل منه, ولم يجد أهل الضحية المغلوب على أمرهم بداً من الإنصياع والتسليم مكرهين بالنصيحة الخبيثة التى مفادها “دا نصيب والقانون مش هيرجع أبنكو اللى راح ولو إتنازلتوا ممكن تشوفوا أبنكو اللى لسه حى”.
وكان إصرار فريق العمل القانونى بالجمعية على ملاحقة المجرم الحقيقى دافعا للتفكير فى مخرج قانونى من تلك المعضلة التى نجمت عن تنازل اصحاب المصلحة – مغلوبا على امرهم – لكى لا يفلت المجرم الحقيقى المسئول عن قتل المواطن محمد عبد القادر السيد. فتقدمت الجمعية إلى رئيس نيابة الأسرة للولاية على المال بوصفها الحارس الأمين على مصلحة البنات الثلاثة اليتامى لكونهن قصّر ، بعد اعتبار تنازل الأم الوصية عليهن عن الدعوى القضائية المتداولة تنازلاً يتسبب فى ضرر بالغ بمصلحة البنات القصر وتفريطا فى حقهن فى معاقبة المسؤل عن قتل ابيهن وتعويضهن بشكل لائق .
وإيماناً منها بأنه “لا سلام على الأرض إذا افلت الجلادون من العقاب” ستواصل جمعية المساعدة مطاردتها القانونية للضابط المتهم الذى تسبب فى وفاة المواطن محمد عبد القادر وترميل زوجته وتيتم بناته وإبقاء والديه المسنيين فى هوة الحزن واليأس. ولن تألو الجمعية جهداً فى اتخاذ كافة الاجراءات القانونية حتى يقتص الضحايا من المجرم الجلاد.
ترجع وقائع القضية إلى يوم 16 سبتمبر 2003 عندما إستدعى الضابط المتهم كلا من / محمد عبد القادر السيد (31 عاماً) وشقيقه سامح عبد القادر السيد (27 عاماً) – والذى لايزال معتقلاً حتى الآن – وتم اعتقالهما دون مسوغ قانوني, وبعد مرور خمسة ايام على اعتقالهما فوجئت الاسرة باتصال تليفوني من قسم الشرطة يطلب منهم الحضور لاستلام ولديهما وعندما ذهبوا الي القسم لم يتمكنوا من مشاهدتهما الا ان احد المتواجدين بالقسم اخبرهم ان نجلهم محمد عبد القادر السيد قد توفي وتم نقله لمستشفي الساحل ، وعندما توجهت الاسرة للمستشفي وجدوه موضوعا في ثلاجه حفظ الجثث بالمستشفى، وعندما شاهدوا الجثه لاحظوا وجود العديد من الاصابات الحديثة فثارت شكوكهم حول اسباب الوفاة. خاصة وان الضباط المتواجدون بالمستشفي قد اخبروهم ان الوفاة حدثت نتيجة هبوط حاد بالدورة الدموية وطلبوا من اسرة الضحية عدم ابلاغ النيابة ، وقدموا لهم رشوة فى صورة وعد بمكافأتهم بارسالهم لاداء فريضة الحج نظير سكوتهم. لكن الاسرة رفضت هذا العرض ولجأت الي جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان طالبة الدعم القانونى بهذا الخصوص.
وقد تقدم محاموا جمعية المساعدة ببلاغ الي نيابة حدائق القبة بالواقعه ، وانتقلت النيابة لمعاينة الجثه التى طالب محاموا الجمعية باحالتها للطب الشرعي لبيان سبب وتاريخ الوفاة والاداة المستخدمة فيها. وقد جاء تقرير الطب الشرعي ليثبت (الاثار الاصابية الموصوفة بكدمات محمرة وتجمع دموي بالشفاة السفلي والحلمة اليسري والرسغ الايمن والساعد الايمن والصدر والذراع الايسر والفخد الايسر والساق اليسري وما اظهرته الصفه التشريحية من انسكابات غزيرة بالرأس والبطن وهي اصابات ذات طبيعه رضية حدثت من المصادمة بجسم او اجسام صلبه راضه ايا كان نوعها بعضها ذو سطح خشن وتلك الاصابات حيوية حديثة تعاصر تاريخ الوفاه). كما جاء بالتقرير (ان الاثار الموصوفه بتقدد الثدي الايمن والايسر والقضيب بعد الاطلاع علي نتائج المعامل الطبية بأن التغييرات المشاهدة بها تتوافق مع التأثير الحراري علي الجلد في حدود أقل من 8 ساعات قبل الوفاة والتأثير الحراري من الممكن ان يكون نتيجة صعق كهربائي ولكن لا يمكن الجزم بذلك وبناء علي ذلك فاننا نري حكما علي شكل وواقع تلك التعددات فاننا نري انها علي غرار ما يتخلف عن الصعق الكهربائي باستعمال سلك كهربائي او ما شابه ذلك في تاريخ يتفق عدة ساعات قبل وفاة المذكور) وقد افاد التقرير بان (الوفاة اصابته نتيجة الاصابات الموصوفة سلفا بما احدثته من صدمه عصبية وهبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية وقد حدثت في تاريخ معاصر لتاريخ الوفاة الوارد بالاوراق).
وقد وجهت النيابة العامة الاتهام الي النقيب اشرف صفوت بصفته المسئول عن القاء القبض علي المجني عليه وكونه مسئولا عن سلامته البدنية. وقد قدم النقيب المتهم اثناء التحقيقات صورة من قرار السيد وزير الداخلية تفيد اعتقال المجني عليه وتبين ان القرار غير محدد برقم وغير ممهور بتوقيع وزير الداخلية (على بياض) مما يثبت ان القبض قد تم بصورة مخالفة للقانون. وقد برر الضابط المتهم وفاة الضحية وارجع ذلك الي ان اطباء مستشفي الساحل حاولوا افاقة المجني عليه بالصدمات الكهربائية التى تسببت فى وفاته وهو ما نفاه التقرير الطبي كما ورد باوراق التحقيقات.
وتمت احالة القضية الي المحكمة وان كان امر الاحالة تضمن الاتهام بالفقرة الاولي من المادة 126 من قانون العقوبات دون فقرتها الثانية رغم انطباق الاخيرة علي وقائع الاتهام.
وفى الجلسة الاولى فوجئ محاموا الجمعية بقيام هيئة المحكمة بنظر القضية فى حجرة المداولة بعد ان نظرت باقى القضايا المنظورة بذات الجلسة ، فاعترض محاموا الجمعية وطلبوا ان تكون المحاكمة علنية الا ان المحكمة لم تستجيب لهذا الطلب ، وقد ادعي محاموا الجمعية مدنيا قبل الضابط المتهم وقبل وزير الداخلية بصفته المسئول عن الحقوق المدنية بمبلغ 2001 جنيه علي سبيل التعويض المدني المؤقت. وطلب محاموا الجمعية اضافة نص المادة الاولي من اتفاقية مناهضة التعذيب الى مواد الاتهام بالاضافه الي طلبهم الحصول علي صورة رسمية من اوراق القضية كاملة بما فى ذلك عدد 20 صورة فوتوغرافية لجثة المجنى عليه كان الطبيب الشرعى قد التقطها بكاميرته الخاصة ومرفقة باوراق القضية.
وقد حضر المتهم وبصحبته نخبة من السادة اساتذة القانون وعلي رأسهم الدكتور/ مأمون سلامة وقدموا الي المحكمة تقرير احد استشاريي الطب الشرعى وطلبوا استدعاء كبير الاطباء الشرعيين لاخذ رأيه في التقارير الطبية الواردة بملف القضية. كما قدم احد المحامين الحاضرين مع المتهم مذكرة دفاع لم يتسلم محاموا الجمعية نسخة منها مما دفعهم الي الاعتراض علي ذلك واثباته بمحضر الجلسة خاصة بعد رفض المحكمة لطلبهم بالاطلاع عليها.
وقد قررت المحكمة تأجيل نظر القضية الي جلسة الخميس الموافق 22 يونيو 2006 وكلفت النيابة العامة باعلان كبير الاطباء الشرعيين بالحضور للجلسة وسداد رسم الادعاء المدني بالنسبة للمدعي بالحق المدني ورفضت طلب محاموا الجمعية بالحصول علي صورة رسمية من كافة الاوراق الخاصة بالقضية. وفي جلسة يوم السبت الموافق 4 نوفمبر2006 فوجئ محاموا الجمعية بالغاء التوكيلات القانونية لهم وبتنازل الاسرة عن الادعاء المدني ضد الضابط , وهاهو ضحية اخرى يكاد يذهب دمه هدرا وجلادا اخر يكاد يفلت بجرمه من يد العدالة.
وتكذب وقائع تلك القضية ادعاء السيد اللواء/ مساعد وزير الداخلية امام لجنة الامن القومي بمجلس الشعب – والذي نشرته جريدة الاهرام بتاريخ 15 يونيو 2006 – والذي ادعي فيه عدم صدور قرارات الاعتقال غير موقعة من وزير الداخلية بشخصه وان الوزير لا ينيب احد ولا يفوض احد في هذا التوقيع !!!!!.
لقد واجه محاموا الجمعية الكثير من العراقيل والصعوبات ابان متابعة احداث تلك القضية حيث تم منع محاموا الجمعية من الاطلاع علي تحقيقات النيابة العامة كما تم منعهم من الحصول علي نسخه كاملة من محضر تحقيقات النيابة العامة في الوقت الذي سمح فيه للمتهم بالحصول علي تلك الاوراق ، وقد قرر رئيس النيابة المسئول عن مباشرة التحقيقات الاولية انه لا يحق الحصول علي اوراق التحقيقات او الاطلاع عليها الا للمتهم فقط ، في مخالفة صريحة لقانون الاجراءات الجنائية , كما تجدر الاشارة الي صدور العديد من قرارات الضبط والاحضار ضد ضابط الشرطة المتهم الا ان اي من هذه القرارات لم يتم تنفيذها وقد احتاجت سلطات التحقيق ثلاث سنوات كاملة لتحيل ذلك الضابط المتهم الي المحاكمة. ففى اطار تشريع عاجز يفلت العشرات من المسئولين عن تعذيب المواطنين من العقاب ، وفي ظل تواطؤ مريب ومفضوح تسكت السلطة السياسية والسلطة التشريعية عن التجاوزات التى تمارس فى سلخانات وزارة الداخلية. ان شيوع ظاهرة التعذيب داخل سلخانات الامن يؤكد علي ضرورة تضمين التعديلات الدستورية نصا صريحا يجرم ممارسة التعذيب فى مصر.
لتكن جهودنا المشتركة لمحاكمة جلادى الشعب القائمين بتعذيب المواطنين واهانة كرامتهم ، متمثلة في حملة اعادة الامل الى هذه الاسرة المنكوبة تحت شعار (حتى لايضيع صوت الضحايا) من اجل انزال العقاب المستحق ضد هذا الجلاد القاتل ليكون عبرة لغيره من القلة المنحرفة !!!!! داخل جهاز الشرطة التى فقدت شرف الانتساب الى جهاز من المفروض فيه السهر على أمن الناس وأمانهم. ولتكن جهودنا من اجل الانتصارا لكرامة كل انسان تعرض للتعذيب او دم كل ضحية اريق غدرا وظلما. اننا ندعوا كل المنظمات المحلية والاقليمية والدولية المعنية بحقوق الانسان للضغط على وزير الداخلية المصري للافراج الفورى عن الشقيق المعتقل سامح عبد القادر الذي تتخذه مباحث امن الدولة وسيلة للضغط علي اسرة المتوفي ضحية التعذيب. كما تدعو الجمعية هذه المنظمات بمناشدة النائب العام المصري ورئيس نيابة الاسرة للولاية علي المال- حدائق القبة – للتدخل والاستمرار في الادعاء المدني ضد الضابط المتهم حماية لمصالح بنات الضحية القصر حتي لا يضيع دمه هدرا وحتي لا يفلت هذا الجلاد من العقاب.
جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان
المقر الرئيسى: 2 ش معروف تقاطع طلعت حرب، الدور الرابع، القاهرة، جمهورية مصر العربية.
تليفون: 5770901 فاكس: 5789069
البريـــد الإلكترونى: ahrla_99@yahoo.com
الموقع على شـــبكة الإنترنت: www.ahrla.org
“حتى لا يضيع صوت الضحايا”