15/11/2005

بانتهاء جولة الاعادة للمرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية 2005 ، يسدل الستار على التكهنات التى دارت حول نوايا الادارة المصرية ومدى التزامها باجراء انتخابات تتسم بالنزاهة. حيث تبدى لمراقبى الجمعية من خلال متابعة عملية التصويت فى العديد من الدوائر الانتخابية حقيقة عدم استجابة هذه الادارة للنداءات المتكررة من قوى المجتمع المدنى والاحزاب السياسية والصحافة المستقلة بضرورة اجراء هذه الانتخابات وفق معايير الحيدة والشفافية.

لقد رصد فريق المراقبة حدوث تجاوزات شابت صحة العملية الانتخابية بداية من الاصرار على اجراء تلك الانتخابات باستخدام كشوف الناخبين المطعون فى صحتها، واعتماد سياسة “الحياد السلبى” لاجهزة الامن وصمتها على اعمال البلطجة التى قام بها انصار من الحزب الوطنى الحاكم من “مقاولو الانتخابات”. ولم يقم رجال الامن بضبط حالات الاتجار باصوات الناخبين وتزوير ارادتهم عن طريق حيازتهم للبطاقات الانتخابية “الحمراء” بطريقة تدفع الى التيقن من وجود تعاون مع الاجهزة التنفيذية للدولة وهؤلاء المأجورين. وجاء الاداء السلبى لرجال الامن بعدم تدخلهم لفض الاشتباكات التى حدثت بين انصار المرشحين بدعوى “وجود اوامر بعدم التدخل” ليضع علامة استفهام حول الدور الحقيقى لهم. وبالطبع لم يكن الاشراف القضائى كاملا كما اكد تقرير الجمعية عن الجولة الاولى من المرحلة الاولى.

لقد سبق وان تقدمت الجمعية بتقريرها عن الانتخابات فى المرحلة الاولى الى عدد من الجهات – مثل (اللجنة العليا للانتخابات ، النائب العام ، المجلس القومى لحقوق الانسان ، ونادى قضاة مصر) – وضمنته العديد من صور الانتهاك والتجاوزات التى رصدها فريق المراقبة بالجمعية، وكان أملها ان تعمل هذه الجهات على تلافى تلك الاخطاء التى شابت المرحلة الاولى من الانتخابات أو اتخاذ بعض التدابير من اجل عدم تكرارها، او حتى التحقيق فيما رصدته الجمعية. لكن بدا الامر وكأنه طحنا للهواء ، فلم تتلق الجمعية اية ردود او تفسيرات فى هذا الصدد من النائب العام او من اللجنة العليا للانتخابات كما لم يقم ايا منهما باتخاذ اي قرار او اجراء اى تحقيق من قبلهما حتى بعد صدور احكام القضاء الادارى ببطلان نتائج الانتخابات فى بعض الدوائر. وهو الامر الذى يدفعنا الى اعتبار ان مراقبة المجتمع المدنى للانتخابات لا تعدو كونها لعب ادوار ثانوية فى مسرحية هزلية.

ان جمعية المساعدة وهى تصدر بيانها الحالى لتؤكد على ان ما حدث من تجاوزات وانتهاكات والصمت المطبق للاجهزة التنفيذية وتراخيها عن ضبط وتقديم مرتكبيها للعدالة يعد بمثابة تعاقد غير مكتوب وتواطؤ مكشوف لاخراج العملية الانتخابية بهذا الهزال المستحق للرثاء على احوال هذا الوطن ومواطنيه الذين راحوا – مضطرين – لبيع اصواتهم الانتخابية حيث وقعوا ضحية للخشية من سيف السلطة وطمعا فى ذهبها.

كما ان تغنى وسائل الاعلام المملوكة للدولة سواء المقرؤة اوالمسموعة اوالمرئية بنزاهة تلك الانتخابات لا يعدو كونه دعاية ممجوجه تلوكها افواه المتبجحين الذين لا يضعون نصب اعينهم سوى رضاء اولى الامر منهم وضرب عرض الحائط بالحد الادنى الذى توفره المعايير الدولية لحقوق الانسان.

ان النتائج التى تحصلت من اجراء المرحلة الاولى للانتخابات تشكك فى صدق مزاعم السلطة فى مصر حول انحيازها للبسطاء كما تشكك فى جدية النوايا المعلنة بادخال تغييرات حقيقية على العملية السياسية فى مصر. ويعد تشبث الحكومة وحزبها بالانفراد بعملية صنع القرار السياسى واحتكارها لادوات السلطة فى غيبة الرقابة الشعبية بل وتغييبها وافساد ذمتها السياسية ، نذير شؤم للآمال المعقودة على رجالات تصدرو المشهد السياسى واحتكروه طيلة ربع قرن من الزمن. فلم تأتى رياح التغيير بما اشتهته سفن الاصلاح السياسى فى مصر بل توطدت دعائم نظام راح يجمل ملامح القبح بأقنعة زائفة. وعادت نفس الوجوه لاحتلال موقع الصدارة وستتكرر نفس الوعود حول مستقبل طال انتظاره وستمارس نفس السياسات التى لا يعلم احد على وجه اليقين آثارها وانعكاساتها السلبية على المواطنين.

وتعلن جمعية المساعدة عن خيبة املها فى امكانية وجود اية اصلاحات سياسية او تعديلات تشريعية ما دامت امور الوطن تدار بهذه الطريقة المستهزئة باصوات المخلصين من ابناء هذا الوطن والمنادين بخلق واقع افضل تسوده قيم الحرية والديمقراطية الحقة. وتتقدم الجمعية بشكرها الحزين الى هؤلاء البسطاء من ابناء هذا الوطن الذين شاركو عن حسن نية فى انتخابات ليس لهم ومنها غير ما تذروه الرياح. كما لا تهنئ هؤلاء الذين ماطلوا ومازالوا يصرون على تأخير اللحظة التى يتحرر فيها الوطن والمواطن من القهر والفقر.

ستقوم الجمعية قريبا باصدار تقريرها النهائى عن الانتخابات البرلمانية فى مرحلتها الاولى.