11/2005

مقدمة:
الكفاءة……. الموضوعية…….النزاهة…….النضج السياسي……. صوت العقل……. البرنامج والرؤية. هي أفعال ممنوعة من الصرف في الانتخابات المصرية – علي اختلاف أنواعها التي تأتي دائما بنفس أدواتها السياسية. المال.. عقلية البداوة
إن ما تشهده الساحة السياسية المصرية من تطور – يلحظه الجميع وان كان اقل بكثير من أمالنا وطموحاتنا – لن يعدو كونه تطورا تشهده وتناقشه النخب المثقفة والحاكمة في مصر فقط هذا ما برهنت علية وأكدته الانتخابات البرلمانية الحالية

فما زال المجتمع المصري والشارع السياسي – لاسيما في بيئته التحتية يعيش وفق رؤى مختلفة تماما وما زالت معاير مشاركته الايجابية العامة والمجتمعية دون المأمول أو حتى المناسب. نعم شهدت المرحلة الأولي للانتخابات البرلمانية المصرية 9/11/2005 تطورا لا تخطئة العين وشهدت أيضا تجاوزات وانتهاكات تمس ديمقراطية ونزاهة العملية الانتخابية.

بيد أن الأمر الأهم- في رأينا- والذي يتجاوز مرحلة رصد الايجابيات والسلبيات هو مناقشة ورصد وتحليل المنظومة الانتخابية برمتها والعقلية التي تدار وفقا لها الانتخابات المصرية .

وقد رصدت الجمعية أهم الملامح الرئيسية التي سيطرت علي وشابت المرحلة الأولي من الانتخابات والتي تتلخص فيما يلي:

1-تجاهل أهمية دور منظمات المجتمع المدني فى عملية المراقبة:
رفض بعض القضاة وجود مراقبين داخل اللجان رغم حملهم بطاقات المراقبة الصادرة عن اللجنة العليا للانتخابات،وتفويضات رسمية صادرة عن الجمعية، ورغم صدور حكم واضح وصريح حول أحقية منظمات المجتمع المدني في مراقبة كافة مراحل العملية الانتخابية، بل وكانت تصريحات بعض القضاة لمراقبينا تحمل في طياتها الاستهزاء بالقانون ،ففي دائرة الخليفة حين طلب احد مراقبي الجمعية السماح له بالقيام بدوره قال له القاضي(المراقب ربنا)،وفى إحدى لجان دائرة حلوان قال القاضي لمراقبنا(أحنا في اللجنة عائلة واحدة وما نحبش حد غريب يدخل وسطينا)!!!
لذلك تعيد الجمعية التشديد على ضرورة السماح لمراقبي المجتمع المدني بالتواجد داخل اللجان ومتابعة كافة إجراءات التصويت و حضور عملية الفرز دون قيود أو شروط احتراما للحكم القضائي الصادر بذلك من محكمة القضاء الادارى،وإعمالا لقواعد الديمقراطية والشفافية،.

2- تعاظم دور المال وشراء الأصوات :
اثبت المال- بما لا يدع مجالا للشك- أنه العنصر الفاعل والاهم في مجريات العملية الانتخابية، بداية من حجم الدعاية الضخمة والباهظة التكلفة والتي تصل فى أحوال كثيرة منها إلى مرحلة الاستفزاز، وصولا إلى العملية الأخطر في مراحل الانتخابات – التصويت – والتي بموجبها أصبحت أصوات الناخبين سلعة تباع وتشترى وفقا لقانون العرض والطلب ، فالذي يدفع أكثر يمنحه الناخبون أصواتهم إلى درجة تجمع بعض المواطنين أمام إحدى اللجان الانتخابية وكلهم شبابهم أمل الأمة ومستقبلها ! – رافضين القيام بعملية التصويت حتى يصل ثمن الصوت إلى سعر يرتضونه، في مشهد عبثي لبلد يعد صاحب تجربة برلمانية عتيقة.

وقد وصل سعر الصوت الانتخابي في دائرة مدينة نصر إلى إلف جنيه للصوت الواحد ،بينما تراوح في الدوائر الأقل سخونة مابين عشرون جنيه إلى مائتي جنيه،كما في دوائر الجيزة ومصر القديمة والمعادى،وقدم بعض المرشحين رشاوى انتخابية عينية مثل الملابس وأجهزة التليفون المحمول .

ولذلك يبقى التساؤل المطروح عن الدافع وراء قيام المرشحين لمجلس الشعب المصري بإهدار كل هذه الملايين للوصول إلى كرسي البرلمان ،هذا البرلمان الذي يحدد دوره في محورين رئيسيين هما سن القوانين ومراقبة ومسائلة الحكومة ( السلطة التنفيذية ) في بلد ما زالت تحكمه الرؤى الشمولية التي تفرغ – بنسبة كبيرة – هذا البرلمان من الدور المنوط به؟و ما الذي يمكن أن يقدمه مثل هؤلاء المرشحين لأمة تواجهه أزمة في القضاء على الفساد المستشري في مختلف القطاعات .

أن البرلمان ودوره هو احد بل أهم ممارسة إشكال الديمقراطية والتي لا يمكن الوصول إليها دون انتخابات تدار وفقا لمعايير تتسم بالنزاهة والشفافية والتعبير الحر عن إرادة الناخبين ، والسؤال هنا كيف يتسنى تطبيق هذه المعايير بعيدا عن الأجواء الحكومية والأمنية وحجم الإنفاق الضخم الذي يمارسه كثير من المرشحين في مجتمع ما زالت شرائح كثيرة منه تعانى الفقر وبعضها يقع تحت خط الفقر وماذا تفعل البرامج الانتخابية وطرح الأفكار والرؤى الجادة والجديدة والالتحام بالجماهير وتبنى قضاياهم المختلفة أمام طوفان المال وإعلاء القيم المادية الصغيرة والمباشرة علي المصلحة العامة والأهداف الوطنية والرؤى النبيلة.

3- تدنى نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات:
على الرغم من التعديل النسبي في المنظومة التشريعية للانتخابات والتطور الواضح علي أداء الأجهزة الأمنية حيال إدارة العملية الانتخابية، والنص الدستوري الذي أكد علي أن الاهتمام بالشئون العامة واجب وطني، إضافة إلي كثرة المرشحين وتنوع وتباين توجهاتهم وسيطرة رأس المال- كما ذكرنا أنفا- علي مجريات العملية الانتخابية، ولا سيما شراء الأصوات الانتخابية، تبقي مشكلة انخفاض نسبة مشاركة الناخبين في عملية التصويت، والتي تؤكد استمرار عزوف نسبة كبيرة جدا من الناخبين عن المشاركة .

وقد رصد مراقبوا الجمعية وجود انخفاض واضح فى نسبة مشاركة الناخبين خلال المرحلة الأولى ،رغم أن بعض اللجان شهدت إقبالا كبيرا خلال فترات الصباح،وتشير عملية رصد مشاركة الناخبين إلى أن نسبة المشاركة لا تتعدى 15% في معظم الدوائر بشكل عام ،وان انخفضت إلى اقل من 3% فى بعض اللجان الفرعية،وهو الأمر الذي يفقد الثقة في العملية الانتخابية، بل وفي المنظومة الديمقراطية كلها حيث تشكل الانتخابات لب الممارسة الديمقراطية؟، ولا سيما الانتخابات البرلمانية لما تمثله من أهمية في صنع مستقبل البلاد ،وصناعة القرار السياسي فيها.

4-عقلية البـداوة والتربيطات والعصبيات:
بلغنا القرن الحادي والعشرين وشهدنا نضالا طويل من اجل إرساء مفاهيم المواطنة والكفاءة وإعمال القيم الديمقراطية والمساواة وقبول الأخر ، وفى ظل العولمة وثورة الاتصالات والتي جعلت العالم قرية صغيرة،تأتى الانتخابات البرلمانية المصرية في مرحلتها الأولى لتؤكد على إن الواقع المصري ما زالت تحكمه مفاهيم البداوة وغلبة العصبية والقبلية وارتفاع الأداء القبلي في مواجهة العقلانية والكفاءة وتغليب المصلحة العامة. حيث شهدت الانتخابات فى كل دوائر الريف،ومعظم دوائر الحضر حالة من التكثيف العشائري،ولعبت العصبيات العائلية والقبلية الدور الأكبر فى حشد الناخبين ولاسيما الدوائر التي تقع خارج نفوذ الطبقات الوسطى،وهى تشمل معظم محافظات المرحلة الأولى،إذا استثنينا بعض دوائر محافظتي القاهرة والجيزة ، والتأثير على إرادة الناخبين صوب اتجاه معين دون مناقشة جادة-وفق الأصول الديمقراطية لما يطرحه المرشح من برنامج انتخابي وإحساسه بقضايا المواطنين فى دائرته،وقدرته على التعبير عن أفكاره ورؤاه ودوره في المجلس النيابي،وهو ما يعصف بمعايير الكفاءة والمقدرة والرؤية، ويكرس لمفاهيم البداوة حيث رابطة الدم والعائلة والقبيلة اقوي من اى رباط أخر وهى المتحكم الرئيسي في مصائر الإفراد وفقا للرؤية الجمعية ،
فأي حديث عن انتخابات حرة تعبر عن إرادة ناخبين ذهبت أصواتهم للمرشح طبقا للروابط العائلية والقبلية.

5- مبدأ التنافسية :
التنافسية هي الأجواء -التي من المفترض- تجري فيها الانتخابات وفقا لطقوس التنافس الشريف بين المرشحين للفوز بعضوية البرلمان ،وهى تقتضي إن يتم هذا الأمر في ظل أجواء من الشفافية واحترام الأخر وقبوله ومنحه الحق في التعبير بيدا إن الانتخابات في مصر – هذا ما أكدت علية المرحلة الأولي- تسير الأمور فيها بعيدا عن الأجواء التنافسية ليصل الأمر إلي حالة اقرب إلي الحرب وتظل إلي أن ينتهي إعلان النتيجة ،وفي خضم هذا السباق تستباح كل الأسلحة بداية من حرب الشائعات والسباب وصولا إلي التهديد بالقتل ومحاولات القتل فعلا .

حيث تشهد الانتخابات ولا سيما البرلمانية في مصر عنف من نوع غريب تستباح فيه الإعراض والدماء ،ومن هنا كان ويا لغرابة الأمر تعاظم دور البلطجيه في حماية المرشح من أي اعتداء ومواجهه خصومة بكافة أنواع الاعتداءات في مشهد عجيب يمثل فيه المجرمون والقتلة احد أهم الأدوار الرئيسية في سباق الانتخابات ليحل مفهوم الحرب القذرة محل التنافس الشريف.

وقد شهدت انتخابات المرحلة الأولى أحداث عنف واعتداءات كما حدث فى دوائر باب الشعرية الباجور وروض الفرج ،وبولاق،والسيدة زينب،والجمالية،،والهرم،والمعادى،بل ووصل الأمر إلى اختطاف أنصار مرشح حزب الوفد فى دائرة الباجور فى سابقة خطيرة وإطلاق سراحهم بعد انتهاء الانتخابات .

6- الاستخفاف بالقانون :
الاستخفاف بالقانون سمت الدول النامية،حيث الشعار فليقنن القانون ما يشاء من أوضاع وليفعل الآخرون ما يحلو لهم
هذا ما أكدته الانتخابات البرلمانية في مرحلتها الأولي فرغم التحسن البادي علي المنظومة التشريعية والتي حسنت إلي حد ما من الإطار الإجرائي الذي تدار به الانتخابات ، ولا سيما نقل الإشراف علي العملية الانتخابية برمتها من وزارة الداخلية إلي لجنة عليا للانتخابات شكلت خصيصا لإدارة العملية الانتخابية – رغم التحفظ علي طريقة تشكيلها وتعليماتها- ، وتطور أداء الأجهزة الأمنية بالمقارنة بالسابق ،نجد هناك حالة استخفاف واضحة من المرشحين وأنصارهم تقريبا بلا استثناء بالالتزام بتعليمات اللجنة فيما يعكس حالة من اللامبالاة من الجميع تجاه القانون فعدم احترام القانون يمثل وصمة في جبين إي الوطن ونحن بصدد الحديث عن الديمقراطية وفي القلب منها العملية الانتخابية فينبغي التأكيد علي دور القانون وتكريس احترامه والالتزام به من الجميع كعنوان للممارسة الديمقراطية التي ناملها جميعا .

وفى هذا الإطار رصد مراقبو الجمعية عشرات من الانتهاكات الخاصة بالقانون وبتعليمات اللجنة العليا للانتخابات، والتي أشارت إليها بيانات الجمعية على مدار يوم الانتخابات، والتي تضمنت التأخر في فتح بعض المقرات و اللجان الانتخابية،وعدم وجود سواتر لضمان سرية عملية التصويت،ووجود دعاية لمرشح الحزب الوطني داخل مقرات اللجان الانتخابية،وتعرض الناخبين في بعض اللجان لعمليات تأثير للتصويت لصالح مرشح الحزب الحاكم،ووجود بعض اللجان داخل مقرات أقسام الشرطة و الوحدات المحلية بالمخالفة للقانون،استخدام سيارات حكومية في الدعاية لمرشحي الوطني ونقل الناخبين

7- تدخل الأجهزة الإدارية :
استمرار لحاله التماهي بين الحزب الحاكم – الوطني – ومؤسسات الدولة تأتي المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية لتدشين هذا المفهوم وتؤكد علي الإخلال الفاضح الذي تمارسه مؤسسات الدولة فى كونها تابعة للحزب الوطني وليس الدولة واضعة كافة إمكانياتها إضافة إلي تسخير كامل طاقاتها فى خدمة مرشحي الحزب الوطني لتعصف بمبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه بالدستور المصري وتضع المرشحين الآخرين وكأنهم في مواجهة مرشحي الدولة وليس مرشحي الحزب الوطني، كما انه من شان تدخلات الأجهزة الإدارية والتنفيذية في العملية الانتخابية التأثير على الناخبين ولاسيما في الدوائر ذات الثقافة المحدودة حيث يشعر الناخب حال تصويته لمرشح أخر غير مرشح الحزب الوطني انه يعارض رغبة الدولة ويقف في طريقها وقد اتخذت هذه التدخلات شكلين رئيسيين

الأول:تدخلات إدارية في سير العملية الانتخابية :
فقد رصد مراقبي الجمعية في لجنة مدرسة عثمان ابن عفان الإعدادية بدائرة بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة قيام موظف اللجنة بالتأشير علي استمارة بالتصويت بدلا من الناخبين وعلل ذلك بأنهم يجهلون مبادئ القراءة والكتابة وهو ما يعد مخالفة صريحة للضوابط القانونية التي تحكم العملية الانتخابية كما رصد مراقبونا في لجنة مدرسة المؤسسة رقم 2 بدائرة الباجور بمحافظة المنوفية قيام موظفي الإدارات المحلية بالتأثير علي الناخبين داخل الجنة للتصويت لصالح مرشح الحزب الوطني أما في لجنة الدقي بمحافظة الجيزة فقد رصد مراقبي الجمعية قيام الدكتورة أمال عثمان بصحبة سيدات الحزب الوطني بنقل السيدات من وزارة التأمينات الاجتماعية للقيام بعمل دعاية انتخابية لصالح مرشحة الحزب الوطني .

الثاني:استخدام المال العام
حيث تعمل الأجهزة الإدارية علي تسخير كافة إمكانياتها المملوكة للدولة في خدمة مرشحي الحزب الوطني فقد رصد مراقبي الجمعية في لجنة مدرسة الميثاق الابتدائية المشتركة بإمبابة وجود عدد ثلاثة أتوبيسات بها ناخبين وتنزلهم أمام اللجنة وهي سيارات تتبع وزارة الدفاع ( سيارات خاصة بالجيش) تحمل أرقام 40- 45- 46- 44- 99- وكذلك أتوبيس نقل رقم 108499 القاهرة يتبع شركة الكهرباء يقل الناخبين أما في الدائرة 25 ومقرها 15 مايو والتبيين فقد قام السيد نبيل الجابري رئيس الشركة القومية للاسمنت ومرشح الحزب الوطني فئات بتوزيع بونات اسمنت مجانية أمام مدرسة حلوان البلد الابتدائية لبعض الشخصيات ذات التأثير الانتخابي في المواطنين كما استغل أيضا أتوبيسات تتبع الشركة في نقل الناخبين إلي مقر اللجان الانتخابية وهي تحمل أرقام 10077- 10137- 10112

8- التفوق النسبي للإخوان المسلمون:
فى ظل ضعف الأحزاب السياسية القانمة وهشاشة تواجدها في الشارع السياسي وضعف برامجها وعدم التحامها مع قضايا الجماهير، واستناد الحزب الوطني إلي الدولة في كونه حزبا للحكومة فقط ،تغيب القيمة الحقيقية للأحزاب جميعا ويغيب دورها في الانتخابات البرلمانية حيث ينتخب المواطنون أفرادا ولا ينتخبون أحزاب أو برامج . وفي ظل هذه الأجواء تقدم مرشحو التيار الإسلامي ( الإخوان المسلمون ) بما يملكونه من تنظيم جيد واستغلال الدين في التأثير علي مشاعر الناخبين في مجتمع يمثل الدين عامل أساسي في تكوين أفراده، إضافة إلي القدرة علي تقديم خدمات للمواطنين في بعض المجالات ولا سيما في مجال الصحة . وقد استطاع الإخوان خوض معركة قوية في المرحلة الأولي من الانتخابات حيث جاءت النتائج حتى الآن لتؤكد علي تفوقهم النسبي في مواجهة بقية التكتلات السياسية ولاسيما أحزاب المعارضة ،فالموشرات الأولية للنتائج من واقع الفرز تشير إلي فوز الإخوان ببعض المقاعد إضافة إلي احتمالات دخولهم الإعادة في عدد كبير من الدوائر ،وهو ما يدفع هذه الأحزاب – جميعا – إلي إعادة النظر في برامجها ورؤاها للقضايا المختلفة وإيجاد وتطوير أدواتها بما يجعلها أكثر فاعلية وأكثر وجودا في الشارع السياسي وأكثر التحاما بالجماهير .

9-غياب الأحزاب السياسية:
كشفت انتخابات المرحلة الأولي عن استمرار حاله الضعف التي تنتاب معظم الأحزاب السياسية بما في ذلك الحزب الحاكم ، حيث لم تشهد المرحلة الأولي إيه معارك سياسيه حقيقية حول مواقف الأحزاب المختلفة من القضايا المطروحة علي الساحتين المحلية والخارجية ، وغابت تماما برامج الأحزاب المعروفة والمنشورة عن ساحات معارك الانتخابات ، كما كشفت النتائج بوضوح عن استمرار حالة عدم التواصل بين الأحزاب والقواعد الشعبية ، حيث غابت الجماهير عن المعركة ، واختفي دورها من المسرح في كل الدوائر الانتخابية ، وانعكس ذلك الغياب بوضوح علي أحزاب المعارضة ، والتي يحق أي من مرشحيها الفوز في المراحل الأولي وباستثناء 6 مرشحين ( 2 الوفد- 2-التجمع – 1للجبهة الوطنية – 1 ناصري مستقل ) سيخوضون مرحلة الإعادة ، ستكون أحزاب المعارضة الخاسر الأكبر في انتخابات المرحلة الأولي والتي دارت في 82 دائرة علي 164 مقعد.

10-عملية الفرز.. أخطاء وملاحظات عديدة:
شابت عملية فرز الأصوات العديد من الأخطاء والمخالفات التي رصدها مراقبو الجمعية ، والتي تضمنت مايلى :

أولا – عدم السماح لمراقبي الجمعية ومنظمات المجتمع المدني فى دوائر عديدة بمتابعة إعمال الفرز داخل اللجان ، رغم أن اغلب المراقبين كان يحمل بطاقات المراقبة الصادرة عن اللجنة العليا للانتخابات ، حيث منع رجال الأمن فى بعض الدوائر المراقبين من دخول الجان العامة كما حدث فى دائرة أبو قرقاص وبندر ومركز ملوي و اسطنها الباجور بينما قام القضاة بطرد المراقبين فى دوائر أخرى كما فى مرسى مطروح

ثانيا – تأخرت عملية الفرز فى معظم الدوائر الانتخابية نظرا للتأخر فى نقل بعض الصناديق من اللجان الفرعية إلى اللجنة العامة ، أدى إلى أثارة بلبلة وتشكيك بعض المرشحين فى سلامة عملية النقل ، ففي دائرة الهرم على سبيل المثال تأخرت صناديق شياخات الواحات إلى فجر أمس ، وعندما وصلت الصناديق ظهرت الأوراق بداخلها غير مطوية ، لان احد الأشخاص قام بوضعها بشكل جماعي ، مما أدى إلى طعن اغلب المرشحين على ثلاثة صناديق .

ثالثا- إصرار رؤساء الجان فى اغلب الدوائر على السماح لوكيل واحد فقط عن كل مرشح بحضور الفرز رغم وجود عشرات الصناديق الأمر الذي حال عمليا بين رغبة المرشحين وقدرتهم على متابعة عملية فرز كافة الصناديق وهو ما القي بظلال من الشك على شفافية عملية الفرز خاصة مع السماح لكل مرشحي الوطني بحضور الفرز كما حدث فى دائرة بولاق وإصرار رؤساء اللجان فى بعض اللجان على اختيار عدد محدود من وكلاء المرشحين على حضور الفرز مما اخل بالمساواة بين كافة المرشحين وحق وكلاؤهم فى عملية الفرز

رابعا – إصرار رؤساء اللجان فى بعض الدوائر على عدم السماح من الأصل لوكلاء كافة المرشحين بحضور عملية الفرز والاكتفاء باختيار وكلاء لثلاث مرشحين على الأكثر فى إخلال واضح بمبدأ المساواة بين المرشحين وحق كل المرشحين فى تواجد مندوبيهم أثناء عملية الفرز

خامسا – قيام روساء اللجان العامة فى كل الدوائر بفرز الصناديق فى وقت واحد مما حال بين المرشحين ووكلائهم الموجودين فى متابعة عملية الفرز ، خاصة وان بعضها كان يضم عشرات الصناديق

سادسا – عدم إعلان نتائج فرز كل صندوق على حده والاكتفاء بإعلان النتيجة الإجمالية لكل الصناديق ورفض رؤساء اللجان إعطاء المراقبين نتائج تفصيلية كما حدث فى دوائر قسم الجيزة والحوامدية والهرم ومرسى مطروح والمطرية .