7/9/2005

فى مثل هذا الاربعاء الموافق 25 مايو الماضى جرى الاستفتاء على تعديل المادة 76 من الدستور المصرى وهو اليوم الذى اعتبره العديد من المصريين يوم الاربعاء الاسود ،

نظرا لفظاعة الانتهاكات التى واجهها بعض المعارضين للنظام فى مصر ، واليوم الاربعاء الموافق 7 سبتمبر من نفس العام جرت عملية التصويت على انتخاب رئيس الجمهورية من بين اكثر من مرشح فى سابقة هى الاولى من نوعها فى مصر،

وتبعا للتعديل الذى تم ادخاله على المادة 76 من الدستور المصرى جرت اعمال الترشيح لرئاسة الجمهورية والدعاية الانتخابية والتصويت وبدء الفرز تحت اشراف اللجنة العامة للانتخابات الرئاسية وفق مانص عليه الدستور والقانون المنظم لممارسة الحياة السياسية.

ورغم ما شاب تلك العملية من خروقات، ورغم التحفظات التى ابدتها الاحزاب السياسية التى شاركت فى الانتخابات الرئاسية، ورغم الاعتراضات التى ابدتها الاحزاب التى قاطعت تلك الانتخابات

ورغم مواقف الحركات الاجتماعية التى دعت االمواطنين الى مقاطعة الانتخابات، ورغم المخاوف التى ابدتها مؤسسات المجتمع المدنى المعنية باوضاع حقوق الانسان فى مصر من التزوير والتلاعب باصوات الناخبين

ورغم الانتقادات الواسعة التى ابداها واعلن عنها رجال القانون وفقهاء القانون الدستورى، ورغم اعتراض العديد من رجال الصحافة والاعلام والمهتمين بالشأن العام، رغم كل شئ جرت اول انتخابات رئاسية فى فى مصر.

وقد تابعت جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان عن كثب مجريات تلك العملية منذ فتح باب الترشح للانتخابات بما فى ذلك اعمال الدعاية الانتخابية التى قام بها المرشحون وانصارهم والدور الذى قامت به مؤسسات المجتمع المدنى المصرى

كما تابعت الجمعية باهتمام بالغ اعمال اللجنة الرئاسية المكلفة بالاشراف على اجراء الانتخابات الرئاسية، كما حرصت الجمعية على متابعة وسائل الاعلام المختلفة سواء اجهزة الاعلام الرسمى او الصحف القومية والحزبية والمستقلة

وقد شاركت الجمعية بفعالية فى التعاون مع المبادرة التى اسفرت عن تكوين ائتلاف المجتمع المدنى لمراقبة الانتخابات المشكل من 22 منظمة حقوق انسان مصرية،

وقد وضعت الجمعية خطة خاصة لمتابعة عملية التصويت التى جرت اليوم لاختيار رئيس الجمهورية القادم سواء خارج او داخل اللجان الانتخابية فى كافة المحافظات المصرية.

وسوف تنشر الجمعية فى القريب العاجل تقريرا تفصيليا عن متابعتها لعملية الانتخابات الرئاسية الاولى فى مصر

وتأمل الجمعية ان يكون جهدها المبذول مساهمة متواضعة فى سبيل خلق مجتمع تسوده قيم ومفاهيم حقوق الانسان وبالتالى تحترم فيه أدمية البشر، كما تامل الجمعية فى ان يعتبر المواطنين تلك المساهمة وان شابها بعض اوجه القصور، فانه لايشوبها التقصير.

وتود الجمعية ان تعلن موقفها المبدئى مما جرى، حيث ان شهادتها لابد وان تعكس بشكل صادق رغبتها فى تحقيق طموحات الساعين الى خلق غد افضل، فبداية ترى الجمعية من خلال المتابعة الدقيقة لمجريات العملية الانتخابية،

ومن خلال التفاصيل التى وردت اليها او الادلة التى حصلت عليها طوال اليوم الانتخابى وحتى نهاية فترة الاقتراع ان ما حدث اليوم لايعدو غير كونه محاولة مكشوفة من نظام الحكم فى مصر الى اسباغ المشروعية على وجوده واستمراره.

فهناك العديد من الادلة التى تؤكد حدوث اعمال التلاعب باصوات الناخبين عبر ما يسمى “بكشوف الوافدين” التى استغلت على نطاق واسع بعد نجاح تجربتها فى الاستفتاء على التعديل الدستورى فى مثل هذا الاربعاء الموافق 25 مايو الماضى ،

كما تم اثبات اكثر من حالة لم تراعى فيها حتى المعايير والضوابط التى وضعتها اللجنة العامة المشرفة والمسئولة عن سلامة ونزاهة العملية الانتخابية برمتها،

وهى اللجنة التى ينظر اليها من قبل العديد من المختصين والقانونيين على انها الاداة التى وضعتها السلطة التنفيذية على رقاب كافة الاحزاب السياسية الجادة ومؤسسات المجتمع المدنى المخلصة وكافة المهتمين باوضاع هذا الوطن.

وقد هال الجمعية ماتحصلت عليه من معلومات تؤكد بما لايدع مجالا للشك لديها فى ان الانتخابات الرئاسية قد جرت فى اجواء ينقصها الكثير من النزاهة والمصداقية وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد أكد فريق جمعية المساعدة القانونية حدوث التلاعب فى اصوات الناخبين داخل بعض اللجان الانتخابية بمحافظة الغربية من خلال استخدام بطاقات معدة سلفا ببعض الاسماء والتى تكرر ادلاء اصحابها بصوتهم فى اكثر من لجنة بحجة انهم وافدين. ومن هؤلاء الناخبين المواطن

عمرو محمد مصطفى وهو من وحدة النحال وعضو بالحزب الوطنى حى أول الزقازيق حيث قام بالتصويت سبع مرات متكررة منها مرتين بصفته وافد وهو يعلق على صدره شارة الحزب الوطنى

وكذلك المواطن أشرف اسماعيل عضو فى الحزب الوطنى وقام بالتصويت لاكثر من مرة فى عدة لجان.

كما تم اللجؤ لكشوف المتوفين وتم ادراجهم فى كشوف الناخبين منها حالة المرحوم عبد المحسن عبد السلام البلاسى من قسم يوسف بك بالزقازيق وهو متوفى منذ 22 سنة ورغم ذلك تم التصويت باسمه فى انتخابات اليوم .

ثم ان جمعية المساعدة القانونية وادراكا منها لخصوصية تلك اللحظة الفارقة، سواء فى تاريخ هذا الوطن او فى حياة هؤلاء المواطنين البسطاء ،

ترى لزاما عليها التنبيه الى انه مادام النظام فى مصر يتفنن فى افراغ المحاولات الرامية الى الاصلاح الديموقراطى الحقيقى من مضمونها، وما دام القائمون على الحكم لا يرون مدى ابعد من الحفاظ على مكاسبهم الشخصية وحماية مصالحهم،

فان ذلك من شأنه ان يفقد الكثير من ابناء هذا الوطن للثقة فى الطريق الديموقراطى للتغيير وساعتها ستنفتح الاحتمالات الى ما يخشى عواقبه، حيث سيكون منطقيا جدا اللجوء الى خيارات اخرى وبدائل سيكون لها من الاثار ما سنعانى منها طويلا ً

. ولا يسع الجمعية سوى التاكيد على انه لا بديل امام النظام الحاكم فى مصر غير الانصات لاصوات المواطنين المطالبة بمواجهة حقيقية لكافة مظاهر الاستبداد والفساد

ولا بد من أن يعيد هذا النظام النظر فى طريقة تعامله مع الخصوم السياسيين، على اعتبار ان الحرية شرط ضرورى من شروط الاصلاح السياسي فى مصر وان الديموقراطية الحقة هى السبيل الوحيد للخروج من هذا النفق المعتم.

جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان