24 يناير 2004
يوم الاثنين 19 يناير 2004، أصدر مجلس الشورى قرارا بتشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان برئاسة الدكتور بطرس غالي، وهو نفس المجلس الذي كان مجلس الشورى قد وافق على تأسيسه في يونيو 2003. وحيث أن منظمات حقوق الإنسان مطالبة بتحديد موقفها من ذلك المجلس، فإننا نود أن ننتهز هذه الفرصة لكي نعلن موقفنا من المجلس، وهو موقف منبت الصلة بعضويته.
فيما يتعلق بتأسيس مجلس لحقوق الإنسان فإننا نرى أنه لا مجال للاعتقاد في جدوى أي مبادرة حكومية في هذا المجال في ظل قانون الطوارئ.. في ظل آلاف من المعتقلين السياسيين في السجون المصرية بدون حكم قضائي.. في غياب اعتراف من الداخلية بما يتم في أقسام البوليس من تعذيب منهجي للمواطنين .. وفي وجود آلاف قضايا التعذيب المحجوبة عن مناظرة العدالة بقرار من النائب العام..
ويبدو لنا أنه من البديهي أن نطالب الحكومة المصرية بتقديم ما يدل على جدية العزم وهي بصدد تأسيس المجلس القومي لحقوق الإنسان.
وقد يطالبنا البعض أن نتجاوب بشكل إيجابي مع مبادرة الحكومة وننتظر فلا نحكم حتى نرى أداء هذا المجلس، لكننا في هذا الصدد لا نتعامل مع طرف نجهله، وإنما مع طرف اختنقت ملفاته بالجرائم.. بداية من فرض الطوارئ لمدة 23 عاما على المواطنين المصريين مرورا بآلاف من جرائم التعذيب التي تشهد عليها شهادات الضحايا والطب الشرعي، ومنظمات حقوق الإنسان التي رفض تسجيلها في وزارة الشئون الاجتماعية والقمع الأمني الذي لا يفلت من ملاحقته أي تحرك ديمقراطي، سواء كان تجمعا أو مظاهرة أو اعتصاما أو إضرابا وهي كلها من أدوات التعبير السلمية التي أقرتها مواثيق حقوق الإنسان.. نفس المواثيق التي يفترض أن هذا المجلس قد تأسس للدفاع عنها. لو أن الحكومة تبغي مشورة بشأن تحسين وضع حقوق الإنسان في البلاد فإن عشرات من منظمات حقوق الإنسان لم تتوقف على مدى سنوات أن تخاطب السلطات المختصة بما يتم من انتهاكات ، مطالبة إياها باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة والالتزام بما صدقت عليه الحكومة من اتفاقيات ولا حياة لمن تنادي.
من حق الحكومة أن تستمر في محاولة تجميل وجهها أمام المجتمع الدولي بتأسيس ذلك المجلس، لكن من حقنا أيضا أن نصدق خبرتنا وأن نقرأ الواقع من حولنا وأن نطالب الحكومة بأقل ما يمكن أن نطالبها به إثباتا لحسن نواياها لو أنها حسنة.
لقد كان ذلك هو موقفنا من دعوة الحزب الحاكم للحوار مع مؤسسات المجتمع المدني.. وسوف يكون ذلك موقفنا من كل مبادرة تتخذها الحكومة فيما يراد له أن يبدو أنه محاولة لتحسين حالة حقوق الإنسان في البلاد.
إن الانتهاكات التي نرصدها.. والتعذيب الذي نشهده بعيوننا.. والطوارئ التي تقبع على صدورنا.. والجهات التي ترفض تسجيلنا.. هي أيضا أفعال الحكومة.. لم تمتد الطوارئ من تلقاء نفسها، ولا يعذب المواطنين في أقسام البوليس ثم تحفظ قضاياهم في أدراج النائب العام بسبب تدخل خارجي مجهول، ولم يرفض تسجيل الجمعيات بناء على جهل واحد أو واحدة من موظفي وزارة الشئون الاجتماعية.. بل هي كلها سياسات حكومية قمعية لا يمكن لمبادرة حكومية من أجل حقوق الإنسان أن تثمر في ظلها. ولو كان الأمر مقتصر على إقناع الرأي العام العالمي بأن مصر واحة للديمقراطية فإننا لن نشارك في تلك المسرحية، فلم تترك الحكومة بيننا وبينها مصلحة واحدة مشتركة لكي نداري على عوراتها.. وسوف يكون موقنا في ذلك هو ذاته موقفنا الذي التزمنا به على مدى سنوات.. أن نشر الغسيل القذر لا يضر وإنما الضرر كل الضرر في أن نتركه يتعفن.. مثلما تتعفن جروح المعذبين في زنازين الداخلية المصرية وأقسامها
-
- – فلترفع الحكومة حالة الطوارئ
-
- – ولتفرج عن المعتقلين السياسيين
-
- – ولتعتذر لضحايا التعذيب عما تعرضوا له من جرائم في أقسامها وسجونها
-
- – وليقدم ضابط الشرطة وأمن الدولة لمحاكمات عادلة ليحاسبوا على ما ارتكبوه من جرائم
-
- – ولتبدأ الحكومة في إطلاق حرية حق تكوين الأحزاب والصحف والتظاهر والتجمع والإضراب
-
- – ولتكفل حرية المجتمع المدني
وقتها..
ووقتها فقط يمكن أن نتشاور بشأن مجلس حكومي لحقوق الإنسان