4/6/2005

تدين المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بشده عمليات الترهيب التي تمارسها السلطات السورية ضد نشطاء حقوق الإنسان ، الذين يتعرضون للإعتقالات والإحتجاز الإعتباطي والإختطاف ، وتطالب باطلاق سراح هؤلاء النشطاء أو محاكمتهم محاكمة عادلة أمام محكمة عادية .

وإن سياسة الإحتواء التي مارستها السلطات السورية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان قد تم تنفيذها في الآونة الأخيرة بزخمٍ متجدد بعد فترة من التحفظ النسبي من جانب السلطات السورية . وقد تم التعبير عن هذه السياسة من خلال سلسلة من عمليات الإختطاف والإحتجاز .

فقد تم إختطاف الناشط السوري في مجال حقوق الإنسان وأحد مؤسسي المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا ” نزار الرستناوي ” يوم الثامن عشر من نيسان ( أبريل ) 2004 في حماة . وبعد اتصال هاتفي من هاتفه النقال مع زوجته يخبرها فيه بأنه في طريقه إلى البيت ، اختفى دون أن يظهر له أي أثر . ولم تعترف الأجهزة الأمنية السورية باحتجازه لديها .

كما زُعم بأن الشيخ محمد معشوف الخزناوي ، نائب مدير مركز الدراسات الإسلامية في سوريا ، وهو مناصرٌ بليغ للقضية الكردية ، قد أختطف من قبل السلطات السورية . وإثر تلقي مكالمة على هاتفه الخلوي ، ترك مكتبه في دمشق ، وما لبث أن اختفى بعد ساعة من تلقي المكالمة . ولم تعترف السلطات السورية باحتجازه لديها إلاّ بعد مرور مرور خمسة عشر يوماً على احتجازه

أما الكاتب ” علي العبدالله ” ، وهو عضو في منتدى الأتاسي ، فقد اختُطِف في ضواحي دمشق من قبل عشرة رجال مسلحين ، حيث أخبروا إبنه بأنهم سيعيدوا والده بعد ربُع ساعة . وقد تم إحتجازه في سجن إنفرادي قبل أن يُنقل إلى المحكمة العليا لأمن الدولة في 15 أيار ( مايو ) 2005 . وقد جاء إعتقاله بعد بضعة أيام من عقد منتدى الأتاسي ندوة حول الإصلاح السياسي ، دُعي لحضورها ممثلون عن مختلف الأطياف والأحزاب السياسية لوضع رؤيتهم حول الإصلاح السياسي في سوريا ، حيث أختير ” العبدالله ” لقراءة ورقة عملٍ مرسلة من قبل القائد المبُعد لجماعة الإخوان المسلمين السورية ” صدر الدين البيانومي ” .

وقد أعقب إعتقال ” العبدالله ” اعتقال ثمانية أعضاء من منتدى الأتاسي ، وهم : سهير جمال الأتاسي ، وحسين العودات ، وناهض بدوية , وناظم النهر ، ويوسف الجهماني ومحمد محفوظ وعبد الناصر قلحوص وجهاد مسّوطي ، والذين اعتقلوا دون توجيه تُهمٍ إليهم ودون أن تتاح لهم مشورة قانونية . وقد تواجه المجموعة تُهماً بموجب القانون رقم 49 لعام 1980 الذي يُجرّم عضوية حركة الأخوان المسلمين المحظورة ، وبفرض عقوبات تتراوح ما بين السجن لمدة إثني عشر عاماً وعقوبة الموت .

وفي الثاني والعشرين من آيار ( مايو ) 2005 ، اعتقل أفراد من البوليس الأمني السياسي المحامي ” محمد رعدون ” . الذي يرأس المنظمة العربية لحقوق الإنسان ( فرع سوريا ) دون إعطاء أية أسباب لإعتقاله ، ثم نُقل إلى قيادة قوات الأمن في دمشق ، بيد أنه لم توجّه له آية إتهامات ولم يمثل أمام سلطة قانونية مختصة . وتجدر الإشارة إلى أن ” رعدون ” ، أطلق مؤخراً تصريحات عامة إنتقد فيها إنتهاكات حقوق الإنسان من قبل الحكومة السورية .

وفي التاسع والعشرين من أيار ( مايو ) 2005 ، ألقت قوات الإستخبارات العسكرية السورية القبض على الكاتب ” حبيب صالح ” ، الذي نشر مؤخراً سلسلة من الرسائل المفتوحة على موقعي إنترنت موجهة إلى المؤتمر الإقليمي العاشر لحزب البعث ينتقد فيها بشدة النظام السوري . وكان من المتوقع أن يُنقل إلى مكتب التحقيقات الأمنية مساء أمس أو صباح اليوم .

هذا ومن المتوقّع أن تستؤنف العملية القانونية ضد المحامي أكثم نعيسه، رئيس لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في 26/6/2005، حيث يواجه تهما ” بمعارضة أهداف الثوره” و “نشر معلومات مغلوطه”ز وبينما لا توجد عقوبة عقوبة واضحة للتهمة الأولى بموجب قانون العقوبات السوري، الإّ أن اتلعقوبة الثانية تحمل عقوبة بالسجن لمدة أقصاها خمس عشرة سنه. بيد أنّ أيّاً من التهم الموجهة ضد المحامي نعيسه تتطلبأعمال عنف أو تهديد باستخدامهو الأمر الذي يجعلها جرائم مقصوده تستخدم لسحق النشطاء السوريين الذين يمارسون بشكل سلمي حقهم في حرية الفكر والتعبير.

هذا ، وتستمع المحكمة العليا لأمن الدولة السورية إلى قضية ” نعيسه ” ، وهي نفس الهيئة التي ستستمع إلى أية إتهامات ضد المدافعين المذكورين أعلاه عن حقوق الإنسان ، وهي أيضاً محكمة إستثنائية تم تأسيسها في عام 1968 بموجب حالة الطوارئ . وتتألف المحكمة من أفراد مدنيين وعسكريين ، وتفتقر إلى الضمانات الإجرائية الأساسية . ولا يمكن الطعن في الأحكام الصادرة عنها . وقد رفضت المحكمة، التي تخضع لسيطرة حزب البعث الحاكم ، إدعاءات التعذيب المقدمة من المدّعى عليهم.

وقد شجب المراقبون الدوليون الذين أرسلوا لمراقبة الجلسات السابقة منذ بدأت جلسات المحاكمه ، بمن فيهم الآمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان ” حافظ أبو سعدة ” بالإجماع محكمة أمن الدولة السورية ، واصفين المحكمة بإنها غير قادرة على إجراء محاكمة عادلة . وفي عام 2001، أفادت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأن إجراءات ” محكمة أمن الدولة السورية ” لا تتماشى وأحكام المادة ( 14 ) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية .

لذا فإن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تناشد السلطات السورية الوفاء بالتزاماتها ” بإحترام حرية التعبير والرأي وفقاً للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ” ، والتوقف عن ترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان ووضع حدٍّ لحالة الطوارئ .