17/10/2006

من المزمع – وكما أعلنت- وزيرة القوى العاملة عقد انتخابات اللجان النقابية العمالية بداية من 5/11/2006 حيث أعلنت الوزيرة مواعيد إجراءات الانتخابات ،في نفس الوقت الذي أرسل فيه محمد مرسى- الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال مصر- وأحد قيادات الحزب الوطني- خطابا إلى رؤساء النقابات العامة تحت عنوان إشارة تليفونية وطلب سرعة موافاة الاتحاد مع مخصوص بخطاب يحمل نموذج توقيعات كل من :-

رئيس النقابة والأمين العام وأمين الصندوق مع خاتم النقابة، لان هذه التوقيعات هي التي سيتم الاعتداد بها في استخراج شهادة العضوية ،كما أصدر حسين مجاور أحد قيادات الحزب الوطني -ورئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر القرار رقم 4 لسنة 2006 والذي يحمل نفس الشروط الجائرة،في الوقت الذي صرحت فيه وزيرة القوى العاملة -أمينة المرأة بالحزب الوطني – بأن العمال هم الذين سيشرفون على انتخاباتهم بما يفيد عدم إشراف القضاة على انتخابات المنظمات النقابية العمالية، وتبعها حسين مجاور بإصدار القرار رقم 5 لسنة 2006 الذي يتيح رئاسة القضاة للجان العامة فقط دون اللجان الفرعية،

كما نصب رئيس الاتحاد نفسه رئيسا للجنة العليا على انتخابات النقابات العمالية دورة 2006-2011،وحيث أن كل ما أعلن من القيادات الثلاث بالحزب الوطني لا يهدف إلا تمكين الحزب من إحكام سيطرته على مجريات العملية الانتخابية،حتى ولو كان ذلك على حساب حجية أحكام المحكمتين الدستورية العليا والإدارية العليا ومهدرا لقواعد الديمقراطية ومعتديا على أحكام القانون، وفى إطار إصدار اللجنة التنسيقية للدفاع عن العمال تقريرها التمهيدي الأول توضح النقاط التالية:-

أولا : الإشراف على الانتخابات العمالية:

لم تتوقف وزيرة القوى العاملة عن التصريح بأنها مع استقلال النقابات العمالية وعدم تدخل القضاء في أعمالها وأن اتحاد العمال هو الذي سيشرف على الانتخابات، وجميعها تصريحات ظاهرها الرحمة وباطنها استمرار فرض سيطرة الحزب الوطني على الانتخابات وذلك للأسباب الآتية :

أ- إذا كان إشراف القضاة على الانتخابات يعد عدوانا على استقلال النقابات العمالية فلماذا تسمح بإشرافهم على اللجان العامة، فكما تصر على استبعادهم من الإشراف على اللجان الفرعية (التي يتولاها موظفي القوى العاملة وقيادات الاتحاد)،فكان علبها مد ذلك بعدم السماح بإشراف القضاء على اللجان العامة أيضا، اتساقا مع التصورات التي تطرحها الحكومة والقيادات النقابية التابعة للحزب الوطني، ومن يدور في أفلاكهم.

ب- أما اللجان الفرعية فقد قرروا تشكيل مجموعات لتنظيم عملية التصويت وإجراء فرز الأصوات فيها، برئاسة أحد العاملين بالاتحاد العام أو المؤسسات التابعة له أو أحد العاملين بالقوى العاملة ومديرياتها، ويتولى هذا الموظف الإداري كل الإجراءات الجوهرية في عملية الانتخاب “حيث يحرر محضر فتح لجنة الانتخاب ويسجل أسماء أعضاء المجموعة التي تنظم الانتخابات والفرز معه، ويسجل تاريخ بدء عملية الانتخاب كما يدون الاعتراضات والتحفظات التي يبديها المرشحين ويحرر محضر فرز الأصوات ويثبت فيه نتيجة الفرز ثم يرسلها للجنة العامة لاعتمادها”، يا لها من استقلالية عن القضاء وتبعية كاملة للإدارة وموظفيها!!!

فهذا التنظيم يجعل عصب وجوهر العملية الانتخابية في قبضة قيادة الاتحاد ووزارة القوى العاملة، فإذا كان رئيس هذه اللجنة (المجموعة كما يسميها القرار) من العاملين بالاتحاد أو أحد مؤسساته! فكيف يكون هذا الموظف محايدا؟ إذ هو تابع وظيفيا لرؤسائه الذين يخوضون نفس المعركة الانتخابية، وإذا كان رئيس هذه اللجنة من موظفي القوى العاملة، أليس موظف القوى العاملة ممثلا للسلطة التنفيذية؟ وهل رئاسة موظفين بالسلطة التنفيذية للجان الفرعية للانتخابات لا يمثل عدوان على استقلال النقابات؟ وهل أشراف القضاء على هذه اللجان هو الذي يمثل هذا العدوان المزعوم؟؟؟؟!!!!!!!!!

جـ- أعلنت الوزيرة أن رئيس الاتحاد الحالي هو الذي سيرأس اللجنة العليا لانتخابات العمال، وبعد ذلك أصدر رئيس الاتحاد- نفسه- قراره رقم 1 لسنة 2006 بتشكيل هذه اللجنة برئاسته وبعضوية محمد مرسى -زميله بالحزب الحاكم وأمين عام الاتحاد العام، وأعطى هذه اللجنة حق وضع التعليمات والنماذج وخطوات تنفيذ الإجراءات المتعلقة بعملية الترشيح ومراحل الانتخاب، وتحديد اللجان التي سيتم فيها الانتخاب وتلك التي سيتم إرجاؤها لانتخابات تكميلية لمصلحة نقابية لا يعلمها إلا اللجنة والله من قبل ومن بعد،

كما أصدر رئيس الاتحاد القرار رقم 2 لسنة 2006 بتشكيل لجنة برئاسته وبعضوية محمد مرسى ومصطفى منجى لتتولى مراجعة عقود العمل التي تخص المرشحين المحالين إلى المعاش لبلوغ السن القانونية، والقرارين يؤكدان أن اللجنة تضطلع بالقيام بإجراءات بالغة الأهمية والحساسية في العملية الانتخابية تتطلب حياد القائمين عليها، فهل يجوز لمرشحين يخوضون لانتخابات أن يكونوا في ذات الوقت مشرفين عليها وعلى منافسيهم؟ نحن مع مشاركة العمال في رقابه العملية الانتخابية والإشراف عليها، ولكن يجب وضع ضوابط موضوعية تحدد طرق الرقابة والمشاركة في الإشراف، ويجب أن تتسم بالعدالة والإنصاف، وبضمانات أولها: ألا يجمع نقابي بين صفتي الإشراف والترشيح في نفس الوقت.

د- لقد حدد القانون طرق الإشراف على الانتخابات العمالية، وبالرغم أن الذي أصدر هذا القانون وادخل عليه التعديلات في عامي 1981-1995 هو الحزب الوطني، إلا أنه لم يلتزم بتنفيذ هذا النص التشريعي منذ صدور القانون في 1976 وحتى الآن، لأن المادة 41 من قانون النقابات العمالية توجب رئاسة القضاة للجان العامة والفرعية في هذه الانتخابات.

هـ- لقد تناست الوزيرة أن أهم أدوارها هي تنفيذ القانون وأحكام القضاء، حيث صدرت أحكام من القضاء الإداري والإدارية العليا بمخالفة القرارات التي أهدرت الإشراف القضائي على الانتخابات النقابية، وهى الأحكام رقم 1156 لسنة 2قضاء إداري قليوبية والذي أيدته المحكمة الإدارية العليا بقرار دائرة فحص الطعون برفض الطعن المقام من وزير القوى العاملة رقم1833لسنة48 إدارية عليا وذلك بإجماع الآراء، والحكم رقم 12394لسنة 55قضاء إداري القاهرة والذي تم تأييده برفض الإشكال المقام من رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر رقم 23728 لسنة56 قضاء إداري القاهرة، وأيدته كذلك محكمة القضاء الادارى في القاهرة بموجب الحكم 1325 لسنة 56 ق بالاستمرار في التنفيذ، كما قضت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا وبإجماع الآراء برفض طعن وزير القوى العاملة رقم 769 لسنة 48 ق المقام على الحكم السالف بيانه، وقد تم إعلان الوزيرة بهذه الأحكام وأنذرت بتنفيذها.

وأبرز ما ورد من مبادىء في هذه الأحكام كان المبدأ الذي أرسته المحكمة في حكمها 12394 لسنة 55 ق والذي جاء به “فقد أوجب المشرع أن يتم الترشيح والانتخاب تحت إشراف لجان يرأسها أعضاء من الهيئات القضائية بدرجة قاضى أو ما يعادلها على الأقل يرشحهم وزير العدل بناء على طلب وزير القوى العاملة وذلك ضماناً لمصداقيتها وبلوغاً لغاية الأمر منها، وباعتبار أن أعضاء الهيئات القضائية هم الأقدر على هذه المهمة بما جبلوا عليه من الحيدة وعدم الخضوع لغير ضمائرهم بما يطمئن جميع المرشحين والناخبين، وبذلك يحقق الإشراف الكامل لهم على العملية الانتخابية ثماره المرجوة منه ويمتد ذلك للجان العامة والفرعية، وإن دور وزير القوى العاملة يقف عند حد تحديد مواعيد وإجراءات الترشيح والانتخاب لمجالس إدارة المنظمات النقابية دون أن يرهق الحرية النقابية بقيود من شأنها المساس بمضمونها مما يعوق ممارستها بصورة جدية وفعالة”.

وفى 6/5/2006- وأثناء تولي السيدة عائشة عبد الهادي الوزارة- أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكميها 661، 708 لسنة 48 ق ع برفض طعني الوزير ورئيس الاتحاد، وأيدت الأحكام التي حصل عليها العمال وذهبت المحكمة إلى “ومن حيث أنه إذ جاء في عبارة النص “لجان يرأسها أعضاء من الهيئات القضائية” تنكير كلمة “لجان” وهو ما يفيد العموم والشمول، وكان من الأصول المسلمة أن العام يبقى على عمومه ما لم يخصص بنص، فإن مؤدى ذلك ولازمه أن رئاسة أعضاء الهيئات القضائية للجان الترشيح والانتخاب لا يقتصر على اللجان العامة فحسب، وإنما يشمل ـ فوق ذلك- اللجان الفرعية أخذاً بعموم لفظه والقول بغير ذلك ينطوي على تخصيص لنص المادة (41) من القانون، المشار إليه، بغير مخصص”.

فإذا كانت عبارات القانون واضحة وأحكام القضاء كاشفة ومفسرة لصريح النص دون لبس، فاستمرار امتناع الوزيرة عن تمكين القضاة من الإشراف على الانتخابات، لا يوجد له إلا تفسيرا واحدا، هو “أن الانتماء الحزبي لديها كان له الأولوية، حيث صدرت أحكام القضاء الادارى التي توجب إشراف القضاء على انتخابات العمال إشرافا كاملا بما يتيح رئاسة أعضاء الهيئات القضائية للجان الإشراف العامة والفرعية إلا أنها أهدرت كل ذلك لحساب ومصلحة حزبها وحكومته.

و- ان القرارات التي سيتم على أساسها انتخابات النقابات للدورة الجديدة، تم صياغتها بما يحقق مصالح الحزب الوطني ويساعده في استمرار فرض سيطرته ووصايته عليها، بداية من التعليمات وأوراق الترشيح والمواعيد والانتخابات حتى الفرز وإعلان النتائج وإيداع الأوراق بتشكيل النقابات الجديدة، والادعاء بأن الجمعية العمومية للاتحاد هي التي تصدر هذه القرارات ادعاء هو ادعاء باطل وهزل لأنها مجرد جمعية صورية صدرت قراراتها وأعلنت ووصلت لأيادينا ولعلم العامة قبل انعقادها!!!

ثانيا:السماح للعمالة المؤقتة بالترشيح لعضوية مجالس إدارة المنظمات النقابية:

1- لقد سمح وزير القوى العاملة السابق في قراره 148لسنة 2001 للعمالة المؤقتة بالترشيح لعضوية المنظمات النقابية ومنهم السيد محمد راشد الرئيس السابق للاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وعبد المنعم العزالي رئيس النقابة العامة للصناعات الهندسية والمعدنية،و سيد طه رئيس نقابة البناء والأخشاب ،ومصطفى منجى رئيس نقابة الإنتاج الحربي،وفتحي عبد العال وأحمد حرك رئيس وأمين نقابة الصحافة والطباعة……الخ، وفى ذلك السياق شهدت الإجراءات التمهيدية للانتخابات للدورة الجديدة واقعتين متناقضتين يعكسا مدى التخبط في الإجراءات من ناحية وغياب الشفافية وتكافؤ الفرص من ناحية ثانية وذلك على النحو التالي:-

الواقعة الأولى: أعلنت صحف الجمهورية و الأهرام و المصري اليوم في 3/10/2006 في تصريح منسوب لوزيرة القوى العاملة أن الوزارة تفحص 125 عقد عمل لقيادات نقابية تجاوزت السن القانونية وترغب في الترشيح للانتخابات الجديدة، وهو ما يوضح أن الوزارة تكيل بمكيالين في انتخابات النقابات العمالية حيث بدأت في فحص عقود العمل للقيادات النقابية الراغبة في الترشيح رغم عدم فتح باب الترشيح أو حتى تحديد موعده وقتها، وهو ما يفيد أنها اختصت هذه النخبة بمثل هذا الإجراء دون أن يتاح ذلك الحق- إن كان حق- لجميع العمال على السواء، كما أن هذا الإجراء يثير عددا من التساؤلات، ما هي الأسماء التي تقدمت بتلك العقود؟وإلى من تقدمت بها ؟وما هي الجهة أو الإدارة التي تفحص تلك العقود؟ وما هي القواعد التي تستند إليها في هذا الفحص؟ ومن أين استمدت تلك الجهة هذه المشروعية طالما أن القرارات المنظمة للانتخابات لم تصدر بعد؟

أما الواقعة الثانية: فقد أصدر رئيس اتحاد نقابات عمال مصر قراره رقم 2 لسنة 2006 بتشكيل لجنة تتولى فحص عقود عمل راغبى الترشيح من المحالين إلى المعاش لبلوغ السن القانونية، ويرأس اللجنة حسين مجاور رئيس الاتحاد شخصيا.
وبعضوية: محمد مرسى أمين الاتحاد.
مصطفى محمد منجى نائب رئيس الاتحاد.
إسماعيل إبراهيم فهمي أمين الصندوق.
فاروق سيد شبيطة مستشار الاتحاد للعضوية والتنظيم.
محمد عبد الرحمن القوسنى مستشار رئيس الاتحاد.
وقد وافق مجلس الاتحاد على ذلك القرار بتاريخ 16/10/2006
ووافقت عليه الجمعية العمومية للاتحاد التي لم تنعقد بعد (حيث موعد انعقادها مساء غد الأربعاء 18/10/2006.
فأي الواقعتين نصدق؟ الوزارة التي أعلنت وزيرتها أنها تفحص العقود، أم الاتحاد الذي شكل لجنة للقيام بنفس المهمة!!، وهل فحص العقود كان من 3/10/2006 أم أنه لم يتم بعد؟؟؟

2- من الواضح أن الحزب الوطني مازال مستمرا في سياسة دعم سيطرة كبار السن على مقاليد التنظيم النقابي، فالواقعتين السالف بيانيهما يوضحان استمرار السماح لمن تجاوزوا السن القانونية بالترشيح بعقود عمل مؤقتة، وتأكد ذلك من قرار رئيس الاتحاد رقم 5 بشأن إجراءات الترشيح والذي وافق عليه مجلس الاتحاد في 16/10/2006، حيث جاء بالمادة الخامسة منه بشأن أوراق الترشيح فيما يتعلق بالمحالين للمعاش في البند (ح) أنه يتطلب مجرد عقد عمل لمدة لا تقل عن سنة إذا كان العمل بنفس الجهة التي يعمل بها راغب الترشيح قبل الإحالة للمعاش،وإذا عمل بجهة أخرى فعليه تقديم شهادة من التأمينات بأنه مؤمن عليه تأمين إصابات عمل وفقا لقانون التأمينات 79لسنة 1975، وهو ما يفيد أن المحال للمعاش إذا رغب في الترشيح فعليه مجرد تقديم عقد عمل محدد المدة بالرغم أن قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 يحظر الترشيح على أصحاب العقود المؤقتة فقد نصت المادة 36 من قانون النقابات العمالية على (يشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس إدارة منظمة نقابية ما يلي:

(و) ألا يكون عاملا مؤقتا أو معارا أو منتدبا أو مكلفا أو مجندا أو في إجازة خاصة بدون مرتب، ويسرى هذا الحكم على عضو مجلس الإدارة بعد انتخابه فهل أصبح من الممكن للوزير أن يصدر قرارات تعطل القانون؟ وهل أصبحت قيادة الاتحاد العام لنقابات العمال فوق القانون وخارجة عليه؟؟

ثالثا: شهادة العضوية مخالفة للدستور:

يقصد بشهادة العضوية شهادة تصدر من النقابة تفيد أن العامل مقيد بها من سنة ماضية ومسددا للاشتراكات بانتظام، وتستخرج هذه الشهادة من النقابة العامة في القاهرة، وعلى كل عامل يرغب في الترشيح- على مستوى الجمهورية- أن يحضر خطابا من لجنته النقابية- أيا كان مكانها، أسوان، السلوم، العريش…الخ- التي بها سجلات العضوية ثم يأتي بهذا الخطاب للنقابة العامة بالقاهرة لإصدار الشهادة موقعة من رئيسها وبخاتمها، وقد استخدمت هذه الشهادة في الانتخابات الماضية كوسيلة لاستبعاد العمال المعارضين والمستقلين، فمجرد حرمانهم منها يمنعهم من استكمال أوراق الترشيح وبالتالي عدم قبولها ،وكان الوزير السابق يعتمد على نص البند ج من المادة 36 من قانون النقابات العمالية رقم 35 والتي كانت تشترط انقضاء سنة على عضوية العامل بالنقابة، وتنفيذا لهذا البند اشترط الوزير في قراره 146 لسنة 1996 هذه الشهادة،

ونتيجة للتوسع في استخدام هذه الشهادة كإحدى أهم وسائل إبعاد العمال من كشوف المرشحين خلال الدورة السابقة، فقد تم اختصامها في العديد من الدعاوى حتى وصل النزاع للمحكمة الدستورية والتي قضت في حكمها رقم 77 لسنة 19 قضائية دستورية بعدم دستورية البند ج من المادة 36 من قانون النقابات العمالية ،وبسقوط ما يقابلها من أحكام في قرار وزير القوى العاملة رقم 146 لسنة1996 ،ورغم هذا الحكم الدستوري الذي أوضحت أسبابه “عدم دستورية الأساس القانوني لطلب هذه الشهادة”، إلا أن الوزير والاتحاد والحزب الوطني مازالوا متمسكين بهذا الإجراء بل أضافوا إليه اشتراط توقيع ثلاثة أعضاء من النقابة العامة هم رئيس النقابة وامينها العام وأمين الصندوق علما بأنها سابقا كانت توقع من رئيس النقابة فقط، فأصبح من اللازم توقيع الثلاثة عليها، وهو تشديد متعمد لاستبعاد العمال، ووسيلة تقييد وضعت في يد نقابيين ضد منافسيهم في ذات الانتخابات ليستبعدوا من يشاءون من خصومهم

رابعا :جدول المواعيد:

أعلنت وزيرة القوى العاملة مواعيد انتخابات النقابات العمالية المصرية دورة 2006-2011، وجاء بهذا الإعلان أن انتخابات المرحلة الأولى: تشمل انتخابات اللجان النقابية للعاملين بوزارة القوى العاملة، والجان النقابية التابعة لـ11 نقابة عامة (هي: الغزل والنسيج، السكك الحديدية، المرافق العامة، الصناعات الغذائية، الصناعات الهندسية، الكيماويات، الصحافة والطباعة، السياحة والفنادق، الخدمات الإدارية، الإنتاج الحربي، البترول، ومواعيد انتخاباتها على النحو التالي:

فتح باب الترشيح: السبت والأحد 29،28 /10/2006 لمدة يومين.
إعلان أسماء المرشحين: الاثنين 30/10/2006 لمدة يوم واحد.
الطعون والبت فيها: الثلاثاء31/10/2006 والأربعاء1/11/2006
إعلان الكشوف النهائية: الخميس 2/11/2006 لمدة يوم واحد
انتخابات لجان القوى العاملة: الأحد 5/11/2006
إيداع الأوراق: الاثنين والثلاثاء 7،6/11/2006
انتخابات اللجان التابعة للـ11 نقابة: الأربعاء 8/11/2006
إيداع الأوراق:الخميس والجمعة: 9،10/11/2006

أما المرحلة الثانية: فتشمل انتخابات اللجان النقابية التابعة لـ 12 نقابه عامه (هى: الزراعة، التجارة، البنوك، الاتصالات، التعليم والبحث العلمي، الخدمات الصحية، البناء والأخشاب، النقل البري، النقل البحري، النقل الجوي، المناجم و المحاجر، البريد، حيث جاء ومواعيد انتخاباتها على النحو التالي:

فتح باب الترشيح: الاثنين والثلاثاء 7،6/11/2006
إعلان أسماء المرشحين: الأربعاء 8/11/2006 ولمدة يوم واحد.
الطعون والبت فيها: الخميس والجمعة 10،9/11/2006 ولمدة يومين.
إعلان الكشوف النهائية: السبت11/11/2006 ولمدة يوم واحد.
الانتخابات: الأحد 13/11/2006 ولمدة يوم واحد.
إيداع الأوراق: الاثنين والثلاثاء 14،13/11/2006 ولمدة يومين.

وحيث أن تحديد المواعيد على هذا النحو يهدر حق العمال في الإطلاع على كشوف الجمعية العمومية والطعن عليها، كما يهدر حق العمال في التقاضي،وكذلك فى مساحة زمنية معقولة تضمن لهم القيام بحملة دعاية انتخابية ملائمة، وذلك على التفصيل التالى:

1- إهدار مراقبة الجمعية العمومية:

لقد أغفل القرار تحديد مواعيد إعلان كشوف الناخبين (الجمعية العمومية) والطعن عليها والبت في الطعون والإعلان النهائي لها، فأهدر بذلك آلية مراقبة الجمعية العمومية، وإذا كان القانون قد أناح للوزيرة إصدار القرارات المنظمة للانتخابات بعد موافقة الاتحاد فهذه الرخصة مقيدة بأن يطبق مصدر القرار القواعد الأخرى التي حددها المشرع في قانون النقابات العمالية، وألا يتخذ منها وسيلة للعدوان على ديمقراطية العملية الانتخابية أو ينحرف بها لما يحقق مصالحه، فليس كل أعضاء المنظمة النقابية أعضاء في الجمعية العمومية للجنة النقابية،

حيث اشترط المشرع انقضاء سنه على عضوية العامل باللجنة النقابية حتى يصبح عضوا بجمعيتها العمومية، وبالتالي يكون له حق الانتخاب والترشيح، ولا يستثنى من هذا الشرط إلا اللجان النقابية المشكلة لأول مرة، وإن كانت اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية ضد مبدأ تأجيل عضوية العامل بالجمعية العمومية لحين مرور سنة كاملة على انضمامه، إلا أن الحكومة والاتحاد يستخدمون نص المادة كقيد عند منح شهادات العضوية، فهي طريقة انتقائية لتطبيق النص، حيث يطبق عند الترشيح، ولا يطبق بشأن إعلان كشوف الناخبين حتى يتمكنوا من التلاعب فيها عند اللزوم وحتى آخر لحظة فتطبيق هذا النص، على استقامته، كان يستدعى وضع قواعد إعماله عند إصدار القرارات المنظمة للانتخابات حتى يضمن عدم اضافة أو حذف أي أسماء إلى كشوف الجمعية العمومية، وعدم التلاعب بالابعاد من الترشيح بحجة شهادات العضوية .

وقد ذهبت المحكمة الدستورية في حكمها رقم 77 لسنة 19 ق د، إلى “وحيث أن كل تنظيم تشريعي ينال من فرص الناخبين في الإدلاء بأصواتهم لا يقل سوءا عن حرمان بعضهم أصلا- ودون مسوغ- من حق الاقتراع”.
“وحيث إن الدستور كفل لكل مواطن حق الاقتراع وفقا للشروط التي يحددها المشرع بما لا يجاوز فحواه. ويفترض ذلك ألا يكون هذا الحق مثقلا بقيود يفقد معها الناخبون أصواتهم من خلال تشويهها، أو إبدالها، أو التأثير في تساويها وزنا ،وتعادلها أثرا”

2- إهدار فاعلية الحق في التقاضي:

لقد ورد بالقرار أن إعلان الكشوف النهائية للمرشحين في المرحلة الثانية سيكون يوم 11/11/2006، في حين تأتى الانتخابات في 12/11/2006 وعندما قمنا بالطعن على هذا القرار أمام محكمة القضاء الادارى برقم 1086 لسنة 61قضائية، اجتمع رئيس الاتحاد والوزيرة وقررا ترحيل الانتخابات إلى يوم 13بدلا من يوم 12 وهو ما يفيد أن القرار قبل التعديل وبعده لم يضع فاصل زمني معقول بين إعلان الكشوف النهائية والانتخابات وهو ما يحيل الحق في التقاضي الوارد في الدستور المصري في مادته رقم 68 إلى مجرد نص زخرفي لا طائل من ورائه فقيمه الحق في التقاضي هي الوصول للترضية القضائية التي تتفق مع حكم القانون، فلو تم حذف أحد المرشحين من الكشوف أو لو تم إضافة أحد العمال الذين لا يجوز لهم الترشيح عند إعلان الكشوف النهائية ستجرى الانتخابات على هذا الأساس دون أن يتمكن المتضرر، من عرضها على جهات التقاضي لمراقبة مدى مشروعيتها في الوقت المناسب قبل إجراء الانتخابات.

3-إهدار الحق في الدعاية:

إن موعد إعلان الكشوف النهائية هو الموعد الذي يستقر فيه المرشحون على استمرارهم في الانتخابات من عدمه، كما أنه اليوم الذي تتشكل فيه الخريطة النهائية للمرشحين، وإجراء الانتخابات بعد إعلان الكشوف النهائية بفاصل ضيق هو في الحقيقة إهدار لحرية الرأي والتعبير، وعدوانا على حق المرشحين في تنظيم حملاتهم الانتخابية، وإذا كان القرار لم ينص صراحة على قواعد للحملة الانتخابية إلا أنه في حقيقته قد صادر بطريقة صريحة/مستترة حق المرشحين في مساحة زمنية (زمن الحملة) ليعبروا فيها عن أرائهم ويعرضوا برامجهم على ناخبيهم ويبنون خلالها تحالفاتهم، كما يحرم الناخبين من حقهم في المعرفة ويضيق دائرة الاختيار أمامهم،

وعلى كل حال، يجب أن يقتصر دور مصدر القرار على التنظيم دون أن يصادر الحق، وقد ذهبت المحكمة الدستورية أيضا في حكمها 77 لسنة 19 قضائية دستورية إلى “وحيث أن النظم الانتخابية جميعها،غايتها أن يكون التمثيل وفقا لأحكامها متكافئا وعرض المرشحين لأرائهم والدفاع عنها متوازنا وانتسابهم إلى منظمة بذاتها مؤشرا على افتراض دعمهم لأهدافها، وإعلانهم مصادر تمويل حملتهم الانتخابية،ومعدل الإنفاق فيها أمينا، مؤكدا مشروعيتها، وتنظيم المشرع زمن حملتهم ومكان إجرائها مقصورا على ضبطها، وبعيدا عن حرمانهم من التعبير عن آرائهم أو تقييد مضمونها”.

4- صدور القرار على هذا النحو يعكس إساءة استخدام للسلطة وانحرافا بها حيث ميز القرار بين اللجان النقابية التابعة لنقابات المرحلة الأولى، وبين اللجان النقابية التابعة لنقابات المرحلة الثانية، وبالرغم من اعتراضنا على مجمل المساحة الزمنية المتاحة لجميع اللجان النقابية، إلا أن مراجعة القرار تجعلنا نلحظ التفريق بين اللجان النقابية في المساحة الزمنية المتاحة للحملة الانتخابية دون سند من القانون.

وهذه المواعيد السالف بيانها في صدر هذا البند توضح أن الفارق بين إعلان الكشوف النهائية وانتخابات اللجان التابعة للقوى العاملة يومين، والفارق بين إعلانها وانتخابات اللجان النقابية التابعة للـ11 نقابة عامه بالمرحلة الأولى خمسة أيام، في حين لا يوجد أي فارق بين إعلان الكشوف النهائية وانتخابات اللجان النقابية التابعة للـ12 نقابة في المرحلة الثانية، قبل التعديل، ثم تحول إلى يوم واحد- بعد التعديل- كما أن القرار فرق بين المرحلتين في إجمالي مدة الترشيح حتى الانتهاء من الانتخابات، فالمرحلة الأولى تبدأ من 28/10/2006 وتنتهي في 10/11/2006 أي أنها تستغرق 12 يوم، في حين المرحلة الثانية تبدأ من 6/11/2006 وتنتهي في 14/11/2006 أي تستغرق 9 أيام فقط، ويخل ذلك بما وفره القانون من حماية استثنائية للمرشح وقت الترشيح، حيث تنص المادة 48 من قانون النقابات العمالية، على “لا يجوز وقف عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية عن العمل بالمنشأة التابع لها احتياطيا أو تأديبيا أو توقيع عقوبة الفصل عليه إلا بناء على قرار أو حكم من السلطة القضائية المختصة.

كما لا يجوز ندبه لمدة تزيد على أسبوعين أو نقله من المنشأة داخل أو خارج المدينة التي يوجد بها مقر عمله خلال مدة الدورة النقابية إلا بعد موافقته الكتابية على ذلك.

وتسرى أحكام الفقرتين السابقتين على المرشح لعضوية المنظمة النقابية خلال فترة الترشيح لهذه المنظمة………….”. وتوضح هذه المادة أن فترة الترشيح يتمتع فيها المرشح بحصانه نقابية حتى يتمكن من عرض آرائه و توجيه انتقاداته دون خشية من الملاحقة أو الاستبعاد من الترشيح، وهو ما يفيد أن القرار قد ميز بين المرحلتين في حالتين:

الحالة الأولى: الفاصل الزمني بين إعلان الكشوف النهائية والانتخابات.
الحالة الثانية : المدة التي يتمتع فيها المرشحين بالحصانة النقابية.

وترى اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية وهي تعد تقريرها الأول عن انتخابات نقابات العمال للدورة الجديدة 2006/ 2011، أن النوايا المبيتة لتزوير إرادة الناخبين والاعتداء على حق العمال في الترشيح لتمثيل زملائهم في قيادة النقابات أصبحت واقعا، وتدعو كل القوى الديمقراطية في المجتمع لمواجهة هذا الاعتداء، وأن تتكاتف جميعها لدعم حق العمال في تكوين نقاباتهم واختيار ممثليهم بحرية ودون تدخل، وتعلن عن حرصها لدعم كافة الجهود المبذولة في هذا المجال، وستواصل اللجنة من جهتها إصدار تقاريرها وبياناتها عن انتخابات النقابات العمالية.

اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية
لجنة متابعة الانتخابات