19/2/2005
يتابع مركزا الجنوب لحقوق الإنسان وأولاد الأرض ببالغ القلق أخبار توافد نعوش الشباب المصري الذي يهرب من البطالة والفقر إلى الموت المحقق بسبب عمليات تهريب الشباب إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط، فقد أصبحت أخبار موت هؤلاء الشباب تتصدر صفحات الصحف بشكل دائم ، ومع ذلك فإن أعداد الحالمين بالهروب إلى أوروبا في تزايد مستمر، الأمر الذي يتطلب معالجة حقيقية لمشكلة الهجرة غير الشرعية لاتعتمد فقط على المواجهة الأمنية وإنما تمتد لتشمل تغيير السياسات الاقتصادية الحكومية التي تدفع بالشباب إلى الموت بحثا عن فرصة عمل تنقذهم من شبح البطالة ولكنهم يواجهون الغرق والقتل على أيدي عصابات التهريب.
إن غرق شباب قرية تطون وميت ناجي وكوم حمادة وبقية قرى ومدن مصر المحروسة جريمة لايجب أن تمر بدون توجيه الإتهام الى السياسات الحكومية الخاطئة في التعامل مع مشكلة البطالة، كما لايجب أن تمر دون انتقاد سياسة الإتحاد الأوروبي التي تعتمد فقد على الحلول الأمنية لمواجهة تفاقم ظاهرة الهجرة بالقوارب المطاطية للوصول إلى السواحل الأوروبية .
إن تزايد هذه الظاهرة يأتي كرد فعل من جانب الشباب وأسرهم على فشل السياسات الحكومية ، فإستمرار الحكومة في سياسة الإعتماد على القطاع الخاص فقط لتوفير فرص عمل جديدة يؤدي إلى تفاقم كارثة البطالة التي تدفع الشباب إلى الإنتحار الجماعي في البحر المتوسط، وفي ظل العمل بإقتصاد السوق وما تسميه الحكومات المتعاقبة بالإصلاح الاقتصادي تم إلغاء تعيين الخريجين منذ عام 1984 سواء الحاصلين على المؤهلات المتوسطة أو خريجي الجامعات الذين يمثلون الشريحة الأكبر من محاولي الهروب بالهجرة إلى أوروبا، وهؤلاء الخريجين تركتهم الحكومة نهبا للبطالة لعدم قدرتها على طرح حلول حقيقية وجذرية لمشكلة البطالة المتفاقمة في الريف والمدينة ، ونتيجة لتخلي الحكومة عن مسئوليتها تجاه هؤلاء الشباب الذين يواجهون تراجع معدلات النمو الاقتصادي بسبب الخصخصة وإنسحاب الدولة من المشروعات الإنتاجية وضعف القطاع الخاص وعدم قدرته على استيعاب العاطلين بتوفير فرص عمل تتجاوز 500 الف فرصة سنويا. ففي الوقت الذي تعتمد فيه الحكومة على سياسة تقديم الوعود الوردية بتوفير فرص العمل من خلال القطاع الخاص فإن شباب الخريجين يفضلون الموت على انتظارالوعود الوهمية .
إن مركزى الجنوب وأولاد الأرض يطالبان الحكومة بتحمل مسئولية مواجهة غرق هؤلاء الشباب عبر العمل على خلق فرص عمل حقيقية واعتماد سياسة اقتصادية وتنموية جديدة تكون قادرة على استيعاب ملايين العاطلين، وبذل أقصى جهد ممكن للحد من تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر توعية الشباب بالمخاطر والأهوال التي تصل إلى الموت في المحاولات اليائسة للهروب من البطالة والفقر