18/4/2005

يتابع مركز الجنوب لحقوق الإنسان ومؤسسة أولاد الأرض لحقوق الإنسان ببالغ القلق والأسى أخبار استمرار توافد جثث الضحايا من الشباب المصري الذي يقع فريسة للمحتالين والنصابين وبائعي وهم الثراء السريع ولكنهم يواجهون الموت غرقاً في البحر المتوسط الذي أصبح مقبرة لإحلام هؤلاء الشباب الفقير والعاطل عن العمل
ويخشى أن يكون مصرع 24 شابا مؤخراً من محافظة الشرقية من قرى طلحة بردين ونشوه وكفر أبو كامل وبيشة عامر دليلاً إضافيا على تقاعس الحكومة والإتحاد الأوروربي عن اتباع سياسات أكثر ملائمة لمواجهة الظاهرة المتنامية طالما إستمرت البطالة والفقر.

ويأتي ذلك في الوقت الذي يحتفل فيه الإتحاد الأوروبي بمرور عشرة سنوات على بدء عملية برشلونة التي تهدف إلى تقوية العلاقات بين دول شمال أوروبا وجنوب البحر المتوسط، بما يحقق التنمية واحترام حقوق الإنسان، وهو الهدف الذي لم يتحقق منه سوى القليل والنتيجة هى استمرار التخلف والفقر والبطالة التي تدفع الشباب للمغامرة بأرواحهم للوصول إلى أوروبا بحثاً عن فرصة عمل وحياة كريمة.

إن وضع سياسات أكثر تشدداً فى مواجهة جماعات الهجرة غير الشرعية متمثلة فى تشديد الحراسة على الحدود وبناء معسكرات إحتجاز للمهاجرين على السواحل الشمال افريقية فى ليبيا وتونس والجزائر وموريتانيا والمغرب يتم فيها التحفظ على المهاجرين غير الشرعيين حتى يبت فى أمرهم إما بالعودة إلى بلدانهم أو بالسماح لهم بالعبورضرورية ولكنها ليست هي السياسات الملائمة التي يمكن ان تنجح في التصدي لتنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية، بما يعنى أن الإتحاد الأوروبى يعتمد فقط على الحل الأمنى فى مواجهة الظاهرة دون العمل على إيجاد بدائل تقى الشباب من خطر اللجوء للهجرة غير الشرعية ومخاطرها.

إن المشاريع الأمنية التى يتبناها الإتحاد الأوروبى والتى ينفق عليها الملايين لصلاح حكومات دول الممر والدول المصدرة للمهاجرين يمكنها أن تقدم نتائج أفضل وأكثر واقعية لو تم إنفاقها لتوفير فرص عمل آمنة للشباب فى تلك الدول. إن دول الإتحاد الأوروبى وغيرها من دول الشمال الغنية حين تتبنى الحل الأمنى فى مواجهة مشكلات التنمية والإفقار فى الدول الفقيرة فإنها بذلك تتخلى عن مسئولياتها الأساسية فى صناعة الفقر فى تلك الدول.

فمنظمات التمويل الدولية بمساندة دول أوروبا والولايات المتحدة وبالتعاون مع حكومات العالم الثالث تكبل إقتصادات الدول النامية بالشروط القاسية والسياسات الخاطئة التى لاتحترم حقوق الإنسان والتى لا تخدم سوى مصالحها وأرباحها بينما على الجانب الآخر تزداد معدلات البطالة والفقر بين سكان العالم النامى مما يؤدى بالمواطنين إلى الإلقاء بنفسهم فى عرض البحر للبحث عن حياة أفضل دون النظر لحجم المخاطر والأهوال التي سيواجهونها.

يجب على منظمات المجتمع المدنى المصرى أن تدفع فى طريق تبنى الإتحاد الأوروبى لسياسات تنموية حقيقية نابعة من احتياجات ومتطلبات المجتمعات فى الدول النامية وليس فقط النظر إلى متطلبات سوق العمل الأوروبى.

فالهدف والرسالة التى يجب أن نسعى إليها جميعاً هو العمل من أجل أن تعتمد السياسات التنموية على الإحترام الكامل لحقوق الإنسان لأن ذلك هو الحل الوحيد فى مواجهة كافة الظواهر الخطيرة مثل الهجرة غير الشرعية التى لا تضر فقط مجتمعات الشمال المستقبل للمهاجرين بل تضر بشكل أكبر وأعمق مجتمعات العالم النامى الذى يدفع أبنائه حياتهم ثمناً للقمة العيش.

إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان ومؤسسة أولاد الأرض لحقوق الإنسان يطالبان منظمات المجتمع المدنى المصرى بالضغط فى سبيل أن يتبنى الإتحاد الأوروبى وكذلك حكوماتنا المحلية سياسة تنموية صحيحة فى مواجهة الظاهرة وعدم الإكتفاء بالأجندة التى يطرحها الإتحاد الأوروبى التى لا تقدم حلولاً حقيقية للمشكلة.

إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان ومؤسسة أولاد الأرض يطالبان الحكومة المصرية ممثلة في وزارتي الخارجية والقوى العاملة والشئون الإجتماعية ووزارة الشباب بضرورة فتح ملف الهجرة غير الشرعية بجدية والعمل على عدم تفاقم أعداد القتلى في مياه المتوسط كل يوم، فقد أصبحت المآساة في تزايد مستمر وتؤثر على كل قرى ومدن مصر المحروسة.