30/12/2005

يدين مركز الجنوب لحقوق الإنسان ببالغ الشدة المجرزة البشعة التي تعرض لها فجر اليوم اللاجئون السودانيون العزل بحديقة ميدان مصطفى محمود بالمهندسين و المعتصمون هناك منذ 29 سبتمبر الماضي، فقد قامت قوات الأمن بفض الإعتصام باستخدام مفرط للقوة ضد لاجئين معتصمين اعتصاما سلميا عاش فيه أطفال ونساء وشيوخ وشباب يطالبون بحقوقهم التي أهدرتها المفوضية العليا لشئون اللاجئين – مكتب القاهرة.

إن التدخل الأمني بإدعاء نفاذ الصبر وتعامله بهذه الوحشية مستخدما قوات ضخمة يتجاوز عددها 25 الف جندي أدى لوقوع مجزرة بشرية حقيقية قتل خلالها عشرة لاجئون وأصيب تسعة وسبعون آخرون وأجبر الباقون على الدخول قسراً في اتوبيسات هيئة النقل العام التى احتشدت لهذا الغرض، وتوجه قسم منهم إلى منطقة القطامية بالقاهرة والآخر إلى معسكر في دهشور بالجيزة ومعسكر الأمن المركزي بمنشية ناصر وليمان طره، وتم نقل المصابين إلى مستشفي الموظفين بإمبابه ومستشفى العجوزة، وبلغ عدد اللاجئين المعتقلين 1682 لاجئا.

إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان يؤكد أن هذا التدخل اللاإنساني قد يهدر حقوق اللاجئين الذين اعتصموا فى ميدان مصطفى محمود لمدة ثلاثة أشهر كاملة بالرغم من إعلان المفوضية عن بدء تنفيذ مقابلات مع اللاجئين بعد أعياد الميلاد حسبما صرح دامتيو ديسالينيه مساعد الممثل الإقليمي للشئون القانونية بمكتب المفوضية العليا لشئون اللاجئين بالقاهرة، الأمر الذي يشير إلى أنه كان من الممكن احتواء الأمر بمزيد من الصبر والجهد لإيجاد حلول سلمية للأزمة، بناء على مبادرة مركز الجنوب لحقوق الإنسان التى أقرها قادة الإعتصام وكانت بالفعل هناك مساعٍ جارية لإقناع بقية المعتصمين بقبولها لتحقيق مطالبهم وإنهاء الإعتصام سلمياً.

تأتى هذه المجزرة بعد يومين من تصريح وزير الخارجية المصري بأن المشكلة فى طريقها للحل وذلك على ضوء مباحثات أجريت بين وزير الخارجية المصرية ومسئولين بالحكومة السودانية، إن ما ارتكبه الأمن المصرى بحق هؤلاء اللاجئين هو جريمة فى حق الإنسانية تم الترتيب لها بمباركة حكومتي مصر والسودان أصحاب السجل الحافل في انتهاك أبسط حقوق الإنسان، وذلك لاينفي مسئولية مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين بالقاهرة عن دفع الأمور إلى النتيجة المأسوية التى وصلت إليها حيث تخلت عن القيام بدورها لحل مشكلات هؤلاء اللاجئين بشكل عاجل وفعـال، فمنذ اللحظة الأولى للإعتصام إدعت المفوضية أن هؤلاء اللاجئين لا يقعون ضمن حمايتها رغم أن غالبيتهم حاصلين على صفة لاجئ أو ملتمسي لجوء بالفعل، واستمراراً لقرارها بوقف مقابلات اللاجئين السودانيين في 1 يونيو 2004 بدعوى تحسن الأوضاع في السودان، كما أعلنت فى أكثر من مناسبة أنها تترك أمر اللاجئين المعتصمين للأمن المصرى ليتصرف إزائهم كيفما يشاء وذلك تخلياً تاماً عن مسئولياتها تجاه حماية اللاجئين.

ان مركز الجنوب لحقوق الإنسان إذ يؤكد على ان المفوضية العليا لشئون اللاجئين هى المسئولة الأولى منذ البداية عن الأوضاع السيئة التى وصل اليها ملتمسو اللجوء واللاجئون السودانيون بالقاهرة سواء من خلال تقليص المساعدات الانسانية وقطعها، أو من خلال تعليق الاجراءات القانونية لتحديد وضع اللاجئ بحجة إحلال السلام فى السودان، وكذلك من خلال اتباع سياسات التعتيم ومحاولات دفع اللاجئين لحل العودة الطوعية إلى السودان من دون توفير ضمانات كافية أو حتى معلومات مفصلة عن الأوضاع فى السودان، فإنه يحمل الأمن المصري المسئولية الكاملة عن انتهاك الحق في الحياة لعشرة من هؤلاء اللاجئين والإصابات التي لحقت بالعشرات، لذا فإن مركز الجنوب لحقوق الإنسان يطالب بضرورة محاكمة المسئولين عن هذه المجزرة

إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان يطالب المفوضية العليا لشئون اللاجئين أن تقوم بدورها فى توفير الحماية الدولية للاجئين المعتصمين الذين تعرضوا للاعتقال والضرب على يد قوات الأمن، ويشدد على ضرورة عدم إسقاط الحماية الدولية عن اللاجئين نتيجة لأى مزاعم قد يطلقها الأمن المصرى بتجريمهم أو اعتبارهم يمثلون خطراً على الأمن العام، فالغالبية العظمى من المعتصمين حاصلين على البطاقات الصفراء أو الزرقاء بما يعنى أنهم واقعين تحت الحماية الدولية، فالتخلى عن هؤلاء اللاجئين يخشى معه تعرضهم للترحيل القسرى وهو ما يعد انتهاكاً لمبدأ عدم الترحيل الإجبارى المنصوص عليه فى اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين.

إن المركز يطالب المفوضية بمتابعة مصير اللاجئين بمعسكرات الاعتقال فى ليمان طرة وغيرهم فى معسكرات دهشور والقطامية، بالإضافة إلى العشرات من الجرحى فى المستشفيات، فهي ملتزمة قانونيا بتوفير الحماية الدولية لهؤلاء اللاجئين الواقعين تحت ولايتها.

كما يناشد مركز الجنوب لحقوق الإنسان كافة منظمات حقوق الإنسان والنشطاء بسرعة التدخل وتقديم يد العون والمساعدة القانونية والإنسانية لهؤلاء اللاجئين ضحايا همجية الأمن المصرى وفساد المنظمة الدولية بأقسى سرعة ممكنه.