المنظمة المصرية لحقوق الإنسان – EOHR

25 يونيو / حزيران 2006
القاهرة – مصر

بعد مرور اكثر من عام على اختفاء و مقتل الصحفي الليبي ضيف الغزال لا يزال المدافعون عن حقوق الإنسان و حرية الرأي و التعبير في ليبيا يعربون عن قلقهم و استنكارهم لإستمرار السلطات الليبيبة في امتهان الكتمان و السرية و رفضها الكشف عن ملابسات الحادث و افلات الجناة من العقاب.

يذكر ان الغزال, الصحفي الليبي و عضو لجان الحركة الثورية, اختفى يوم 21 مايو / أيار 2005 في بنغازي, ثاني كبريات مدن الجماهيرية, و هو في طريق العودة الى بيته برفقة صديقه محمد الميرغني. و قد عثر على جثمان الغزال مشوها يوم 2 يونيو / حزيران 2005 حين دعيت عائلته لتفحص جثة مشوهة لم تتعرف الشرطة على صاحبها.

و قد صعب, في بادئ الأمر, على عائلة الغزال التعرف على الجثة و ذلك لتحلله اضافة الى التشوهات التي احدثها التعذيب في الغزال كما كانت يداه مغلولتان و الطلقات النارية قد اخترقت رأسه مما ادى الى تهشم الجمجمة و نزيف داخلي بالمخ أودى بحياته وفق تقرير الطبيب الشرعي الذي تحصلت عليه منظمة التضامن لحقوق الإنسان في ليبيا. و لا يزال الميرغني, شاهد العيان الرئيسي, مختفي وفق جماعات حقوقية ليبية و دولية.

و تتهم كل من التضامن لحقوق الإنسان (“التضامن”) و الرقيب لحقوق الإنسان (“الرقيب”) تقرير الطب الشرعي بتجتهل و اخفاء معلومات هامة من شأنها الكشف عن ملابسات الحادث و هوية الجناة. و من بين هذه المعلومات نوعية السلاح المستخدم و الأعيرة النارية التي اخترقت رأس الغزال اضافة الى المسافو التي اطلقت منها النار عليه و اساليب التعذيب المتبعة معه. و بالرغم من ذلك فإن الجماعتان الحقوقيتان الليبيتان اشارتا الى ان تقرير الطب الشرعي خطوة للأمام في اتجاه اعتراف السلطات الليبية بان الغزال قتل بطريقة غير شرعية مما يسمح لعائلته باللجوء الى القضاء.

و قد كان الغزال عضوا بارزا في لجان الحركة الثورية, و هي اللأبرز في النظام اليبي و المعنية بالتنظير و الترويج لآيديولوجيات و أفكار الكتاب الأخضر و التي تنبثق منه قيم ثورة الفاتح من سبتمبر / أيلول 1969. و كان الغزال صحفيا بارزا الى ان عين رئيسا لتحرير جريدة “الزحف الأخضر” اللسان الناطق باسم اللجان.

ضلك كان الى ان برزت الخلافات الشديدة بين الغزال و اللجان مع مطلع الألفية الجديدة و التي ظهرت جلية في كتابات الغزال متهما الثوريون بالقمع و الإقتتال و التناحر و السلطوية. و ظهرت كتابات الغزال في جريدة الزحف الأخضر الى جانب مواقع اخبارية إلكترونية ليبية – على رأسهم “ليبيا اليوم” و “ليبيا جيل” و المدارتان من المملكة المتحدة.

و كان اتهام الغزال للنظام الليبي بالإستبداد و اللجان بالقمع سببان كافيان لإستدعائه من قيل السلطات للتحقيق معه اسابيع قليلة قبل اختفائه في مايو / أيار 2005.

و رغم ان شخصيات بارزة في النظام الليبي وعدت بالكشف عن ملابسات الحادث و معاقبة الجناة الا ان السرية و الكتمان لا يزالان سيدا الموقف في قضية الغزال. و تعرب العديد من المنظمات الحقوقية و الجمعيات الأهلية عن قلقها من ان انفتاح ليبيا السياسي على الغرب, و الولايات المتحدة خاصة, ربما يصب في مصلحة ابقاء الجريمة طي الكتمان و غياب التقدم في القضية فيما لا يزال الجناة يفلتون من العقاب.

و من بين من تبنوا القضية و تعهدوا بالكشف عن ملابساتها و معاقبة الجناة سيف الإسلام القذافي, نجل الرئيس الليبي و رئيس مؤسسة القذافي للتنمية.

و تعرب منظمات و جماعات حقوقية ليبية و دولية عدة عن استنكارها لما تصفه انتهاكا دوريا و ممنهجا و مدعوم باسانيد قانونية لحرية الرأي و التعبير من قبل السلطات الليبية. ففي ورقة مقدمة من قبل الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان, وهي ذات الصفة الإستشارية, الى الجلسة الـ58 للجنة حقوق الإنسان الأممية, اشارت الفيدرالية الى القوانين السالبة و المقيدة لحرية الرأي و التعبير في ليبيا تحت مسميات “حماية الثورة من أعدائ الشعب.”

و لعل أبرز هذه القوانين, قوانين “حماية الثورة” لعامي 1971 و 1972 و التي تحد من حرية الرأي و التعبير و الحريات عامة تحت ذرائع عدة. و تجرم هذه القوانين ممارسة حرية الرأي و التعبير و التجمهر و يعاقب “المنتهكين” بغقوبات قد تصل الى الإعدام.

و تشير الفيدرالية و جماعات حقوقية ليبية عدة الى ان النظام الليبي لا يكتفي بتبني الانتهاكات و التصفيات الجسدية ضد العارضين و النشطاء في ليبيا و خارجها, و لكن كثيرا ما احتفى النظام بهم و كافأهم و هي العادة التي لم تنتهى حتى العام 1996.

و في خطاب موجه للمفوض السامي لحقوق الإنسان بمناسبة مرور عام على الكشف عن جثة الغزال اعربت الرابطة الليبية لحقوق الإنسان (“الرابطة”) عن استنكارها لإفلات الجناة من العقاب و استمرار التكتم مما يشير الى غياب النية الحقيقية لدى النظام الليبي للكشف عن الجناة.

كما اعربت الرابطة عن استنكارها لاستمرار تعرض الليبيين لأخطار منها القتل و الإعتقال لتعبيرهم عن آراءهم بالطرق السلمية و المشروعة – ذلك في اشارة الى مقتل 19 ليبيا في بنغازي على اثر مشاركتهم في مظاهرة سلمية كانت قد رخصت من قبل السلطات المختصة يوم 17 فبراير / شباط 2006. و يذكر ان مئات النشطاء الليبييبن اعتقلوا على اثر مظارة بنغازي كذلك.

و رغم افراج السلطات الليبية عن 130 سجين رأي في مارس / آذار من العام الحالي, الا ان السجون الليبية لا تزال مؤوى لقرابة 500 سجين رأي آخرين اضافة الى المعتقلين على خلفية مظاهرة بنغازي.

و ان دل التكتم على هوية الجناة و الإجراءات المتخذة بحقهم في قضية الغزال على شيء فانما يدل على غياب الرغبة الحقيقية لدى الحكومة الليبية لإرساء مبادئ و ثقافة الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان في ليبيا.