28/3/2006
تابع مركز الجنوب لحقوق الإنسان نتائج قمة الستة التى انعقدت بين وزراء داخلية الدول الأوروبية الكبرى المانيا وفرنسا واسبانيا وبريطانيا وايطاليا وبولندا الاسبوع الماضى بشأن آليات التعامل مع مسألة الهجرة.
وكان على رأس نتائج القمة تأييد الوزراء الستة للمقترح الفرنسى بتطبيق ما يعرف بنظام “عقد الاندماج”. ويفرض هذا النظام على المهاجرين المتقدمين بطلبات للحصول على جنسية الدول الست المرور عبر اختبار يقيس مدى قدرتهم على الاندماج فى المجتمع. و سوف يتعين على المهاجرين التوقيع على وثيقة تتضمن التزامهم باحترام القيم الاوروبية ومن بينها الديموقراطية وحرية التعبير وحرية الصحافة. هذا كما شدد وزراء الدول الستة خلال القمة على التعاون الأمنى والمعلوماتى الوثيق لمحاربة الهجرة غير الشرعية واعتبارها أحد أشكال الجريمة المنظمة.
إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان إذ يؤكد على أن غياب الاندماج يقف وراء العديد من المشكلات الخطيرة التى يعانى منها المهاجرين والدول المضيفة على حد سواء. فإنه يشدد على ضرورة التعامل مع المسببات الحقيقية وراء غياب مثل هذا الاندماج.
إن اختبارات الاندماج للمهاجرين لا يمكنها بأى حال أن تحمى أوروبا من خطر انفجار التجمعات المهمشة من المهاجرين فى المستقبل كما انها لا تمثل فى حد ذاتها ضماناً لدمج المهاجرين فى المجتمع الأوروبى. فغالبية المهاجرين فى دول اوروبا ومن بينها فرنسا صاحبة المقترح يعانون من العزلة والتهميش والفقر وعدم وجود فرص حقيقية تمكنهم من الاندماج فى المجتمع الذى يعيشون فيه.
على الرغم من أن عدد كبير منهم ولد وتربى لجيل أو أكثر فى دولة المهجر، مثلما هو الحال فى سكان ضواحى باريس وغالبيتهم من الجيل الثانى والثالث من المهاجرين الذين اشعلوا فرنسا لأسابيع احتجاجاً على اوضاعهم المزرية فى الجيتوهات الخلفية.
إن ما يعرف “بعقد الاندماج” يحتوى على الكثير من التناقض والتمييز ضد المهاجرين، ففى حين يفرض على المهاجرين اثبات احترامهم لقيم الحرية فإنه يطالبهم بالقبول قصراً بقيم ثقافية هى مسار جدل وخلاف بين المواطنين الاوروبيين انفسهم.
إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان يشدد على ضرورة إعادة النظر فى سياسات التعامل مع المهاجرين بحيث لا يتم النظر لهم على أنهم مصدراً محتملاً للعنف والإرهاب وإنما كمواطنين لهم حقوق تساوى ما يبذلونه من جهد لتنمية وتقدم الدول التى هاجروا اليها، وتساوى حقوق مواطنى الدولة نفسها.
كما يكرر المركز دعوته لدول الإتحاد الأوروبى من عدم التعامل مع مسألة الهجرة غير الشرعية فقط فى اطار كونها أحد أشكال الجريمة المنظمة وقصر آليات مكافحتها على التعاون الأمنى وتبادل المعلومات الأمنية، فالمواجهة الأمنية لظاهرة الهجرة غير الشرعية وحدها لم ولن تضمن القضاء على الظاهرة. إن لجوء الملايين من مواطنى الدول النامية لخيار الهجرة السرية رغم ما تنطوى عليه من مخاطر تصل إلى حد الموت سببه الأساسى هو فقر التنمية فى دولهم وعدم وجود بدائل أخرى أمامهم. ومن ثم فإن السبيل الوحيد لمواجهة الظاهرة هو دعم الاتحاد الاوروبى لمشروعات وسياسات تنموية فى الدول النامية.
إن تطبيق مبادئ العدالة والمساواة وقبول الآخر واحترام ثقافته فى دول أوروبا، وكذلك دعم التنمية فى دول الجنوب من قبل حكومات أوروبا هو السبيل الوحيد لمواجهة مشكلات الهجرة ومواجهة مظاهر التوتر والعنف.