8/9/2007
تحيي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اليوم العالمي لمحو الأمية، الذي يصادف يوم 8 شتنبر من كل سنة، وهي على وعي تام وإدراك كامل، بأن العلم والمعرفة هما البوابة الضرورية والإجبارية لإحراز أي تقدم أو تنمية، وأن تملك الإنسان لهما يعد حقا لازما لتفتح طاقاته، وازدهار شخصيته، وتطور فاعليته وصيانة كرامته، الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق داخل مجتمع، كمجتمعنا، مافتئت الأمية تنخر السواد الأعظم من كهوله وشيوخه، وترفل في أسرها فئات واسعة من أطفاله وشبابه، وهو ما يحكم عليهم بالتهميش والإقصاء والإحساس بالدونية، ويكبح مشاركتهم الفعالة في مختلف مناحي الحياة العامة.
ولعل إطلالة سريعة على خلاصات وإحصائيات “البحث الوطني حول الأمية وعدم التمدرس والانقطاع عن الدراسة”، الصادر عن كتابة الدولة المكلفة بمحاربة الأمية والتربية غير النظامية، ليكشف لوحده عن حجم الظاهرة وفداحتها. فمن بين السكان البالغين 10 سنوات فما فوق، سنة 2006، يمثل الأميون نسبة 38,45 % ، يتمركز جلهم بالبوادي، وتأتي في مقدمتهم الإناث القرويات بنسبة 64,39 %؛ فيما تتفاوت هذه النسب بحسب المناطق والجهات، حيث يحظى المغرب غير النافع، وخصوصا المناطق الأمازيغية، بحصة الأسد من الأمية. كما أن الأطفال المتواجدين خارج المدرسة يشكلون 15% من الأطفال البالغين ما بين 9 و14 سنة، بينما انتقلت نسبة الأمية وسط الفئات العمرية البالغة 15 سنة فما فوق، من 47,7 % سنة 2004 إلى 42,98 % سنة 2006. ونظرا لتزامن اليوم العالمي لمحو الأمية هذه السنة مع الانتخابات التشريعية وجبت الإشارة إلى أن 57% من الناخبين ليس لهم أي مستوى تعليمي و19 % لم يتجاوزوا المستوى الابتدائي.
والجمعية إذ تذكر بهذه الحقائق والمعطيات التي لا تبعث على الاطمئنان والارتياح، لا يسعها من موقع مسؤوليتها إلا أن تسجل ما يلي:
أن استمرار ظاهرة الأمية وتفشي الجهل، وما يصاحبهما من فقر وحرمان من ولوج أهم الخدمات الاجتماعية، يخل إخلالا كبيرا بحق أولي من حقوق الإنسان، ألا وهو الحق في التعليم، كما هو مثبت في الإعلانات والمواثيق الدولية، ومن ضمنها العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي تنص الفقرة الأولى من المادة 13 على “حق كل فرد في التعليم”، الذي يتعين أن يتوجه نحو “التنمية الشاملة للشخصية الإنسانية وللإحساس بكرامتها”، ويمكن “جميع الأشخاص من الاشتراك بشكل فعال في مجتمع حر”؛ وأيضا الإعلان العالمي حول ” التربية للجميع ” الصادر سنة 1990، الذي تقضي مادته الأولى بوجوب ” تمكين كل شخص، سواء أكان طفلا أم يافعا أم راشدا، من الإفادة من الفرص التربوية المصممة على نحو يلبي حاجاته الأساسية للتعليم “، وذلك طيلة حياته وليس خلال فترة محددة بعينها.
أن بلادنا لازالت بعيدة، كل البعد، عن الوفاء بمقتضيات عقد الأمم المتحدة لمحو الأمية وتوفير التعليم للجميع، الذي انطلق في فاتح يناير من عام 2003، إذ يلاحظ بطء الوتيرة الحالية لتراجع معدل الأمية التي انخفضت نسبتها بأربع نقط فقط خلال الفترة الممتدة ما بين سنتي 2004 و2006.
أنها لم تستجب لملاحظات وتوصيات اللجنة الأممية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بتاريخ 19 ماي 2006، التي تتأسف فيها على اعتماد اللغة العربية وحدها في برامج محو الأمية الشيء الذي “يحرم البالغين الأمازيغ الذين لا يتكلمون العربية من محو الأمية بلغتهم الأم”، مما يستوجب خلق مثل هذه البرامج، وليس الاقتصار على تبني مقاربة الممرات اللغوية (الدارجة والأمازيغية) أثناء مرحلة ما قبل محو الأمية المطبق في إطار مشروع “ألف” المنجز بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية.
لذا، فإن الجمعية تدعو المسؤولين إلى اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير من أجل اجتثاث ظاهرة الأمية والقضاء عليها، في أطار معالجة شمولية تسخر لها كل الموارد والإمكانيات، بما يكفل لجميع المواطنين والمواطنات دون تمييز التمتع بالحق في التعلم والانتفاع بثمار المعارف والمعلومات، ويؤهلهم للمساهمة الفعلية في تقرير مصير بلادهم على كافة الأصعدة وفي شتى المجالات.