12/3/2005

متى يطلقون رصاصة الرحمه ويعلنون رسميا اغتيال الحركة التعاونية الزراعية فى مصر بعد ان افرغوا 5090 جمعية زراعيه فى قرى مصر من مضمونها واصبحت مجرد اطلال وجدران ينعق فيها البوم والغربان فبعد عصرها الزاهر فى الخمسينيات والستينيات والسبعينات ظلوا يضيقون الخناق عليها بحزمه من القوانين واخرها القانون 122 لسنه 1980 والقانون المعدل 122 لسنه 1982 والذى يعمل به حتى الان لينهى تماما على دور التعاونيات الزراعية الذى بدا يتناقص فى السنوات الاخيرة وانخفضت فاعليتها فى مجال خدمه الانتاج الزراعى خاصة بعد ان تولى بنك التنمية والائتمان الزراعى معظم مهامها ومسئولياتها منذ منتصف السبعينيات من خلال بنوك القرى ،ومنذ هذا التاريخ والجمعيات التعاونية الزراعيه فى انكماش مستمر على الرغم من اهميتها فى توفير مستلزمات الانتاج الزراعى لاعضائها وتسويق منتجاتهم الزراعية والنهوض بالانتاج وتحسين صفاته ،فبموجب القانون 117 لسنه 1976 ثم قانون 122 لسنه 82،80، تم انتهاء دور الجمعيات التعاونية الزراعية فعليا ولم يبق غير الجدران كشواهد القبور تذكرنا بمجدها الغابر ، ولكى ندرك مدى ما تعرضت له الجمعيات الزراعية من هجمات شرسة حتى وصل الحال بها الى ما علية فلنبدا من البداية

نشات الحركه التعاونية الزراعية فى مصر فى احضان نهضة الحركه الوطنية المصرية مع بدايات القرن العشرين ،فلم يكتف عمر لطفى بمجرد الدعوة الى انشائها بل قام بدعم من الزعيم الوطنى التقدمى محمد فريد وبمسانده رموز جيل الاصلاحيين العظام امثال طلعت حرب وعبد الرحمن الرافعى وحسن نافع بالتاسيس الفعلى للتعاونيات الزراعية التى كانت بدايتها ا بقرية شبرا النمله ” بمحافظة الغربية عام 1910 ،ومنذ ذلك التاريخ والجمعيات التعاونية الزراعية فى ازدياد مستمر ثم صدرت التشريعات الاولى للحركه التعاونية المصرية متمثله فى القانون رقم 27 لسنه 1923 الذى اقر بوجود الجمعيات ، او الشركات التعاونية ،ثم صدر القانون رقم 27 لسنه 1927 الذى يعد البدايه الحقيقية للتشريع التعاونى الذى وسع من الافق التعاونى ولم يقصرة فقط على المجال الزراعى والذى تضمنت مواده وتوجهاته ما ادى الى تطوير حركه التعاون الزراعى بشكل كبير من خلال تيسير القروض الزراعية باسعار فائده محدوده 4% واعطاء مزايا للجمعيات التعاونية بالنسبة للرسوم والخدمات واسعار مستلزمات الانتاج ،وانشاء الاتحادات التعاونية لنشر التعليم والتدريب التعاونى وواكب هذا التطور التشريعى قيام بنك التسليف الزراعى بتحديد سعر فائده قروضة للجمعيات الزراعية بنسبة 2% وللافراد مباشرة بنسبة 5% دون وضع حد ا لهذه القروض كان من الطبيعى ان تتطور حركه التعاون الزراعى ويتضاعف عدد جمعياتها من 297 عام 1930 الى 1559 جمعيه عام 1944 الى 2007 جمعية عام 1948 منها 1964 جمعيه زراعية و 43 جمعية منزلية “الاستهلاكية حاليا ” وبالرغم من التطور الكبير فى الحركه التعاونية فى ذلك الوقت الا هناك اوجة من القصور ظهرت بها وتمثلت فى اتاحه بنك التسليف لكبار ملاك الاراضى الزراعية باستغلال الصفه التعاونيه وانشاء ما يسمى “جمعيه العضو الواحد “للوصول الى المزايا المقررة للجمعيات التعاونية ،ومع ادراكنا للثقل الكبير لكبار الملاك الزراعيين فى المجتمع المصرى انداك فلا بد ان نذرك ايضا استغلالهم لهذه الصيغه فى الحصول على القروض والمزايا الاخرى على حساب الجمعيات التعاونية الحقيقية ومصالح كافه الفئات الفلاحية الاخرى ، أضف الى ذلك ان القروض والائتمانات المالية الزراعية كانت تقدم بضمان الارض وليس بضمان المحصول مما تسبب فى حرمان ملايين المستاجرين من الاستفاده بميزة سعر الفائده المنخفض

ومع بدايه ثورة يوليو عام 1952 شهد التعاون الزراعى تطورا كبيرا بعد ان اصبح احد المحاور الرئيسية لقانون الاصلاح الزراعى وتوجهاته ابتداء من القانون رقم 178 لسنه 1952 والذى استهدف بتوجهاته الاصلاحيه جموع الفلاحين كاداه اساسية فى خطه التنمية ثم تصاعد دور الحركه التعاونية الزراعية وخدماتها لجماهير الفلاحين وذلك من خلال القانون رقم 317 لسنه 1956 ثم القانون 51 لسنه 1969 اللدان اوجبا تقديم الائتمان المالى اللازم للفلاحين بضمان المحصول وباسعار فائده محدوده ثم الغيت هذه الفائده بموجب القرار الجمهورى رقم 250لعام 1961 بالاضافه الى توفير مستلزمات الانتاج الزراعى باسعار مدعومه وفى التوقيتات الملائمه ، وقد تم التاكيد على ان تكون الغالبيه فى مجلس الادارة للمستويات المختلفه فى البنيان التعاونى من صغار الحائزين ،وتقرر ان تكون اموال الجمعيات التعاونية الزراعية فى حكم الاموال العامه لتوفير الحمايه القانونية للفلاحين التعاوينين وا نشاء الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى كقياده طبيعية للحركه التعاونية الزراعية وبالتالى كاحدى المؤسسات الهامه فى المجتمع بالاضافه الى الحرص على النص فى دستور 1956 على تشجيع ودعم الدوله للتعاون والمؤسسات التعاونية وخاصه الزراعيه ،وعلى الرغم من وجود بعض السلبيات التى تمثلت فى احكام القبضه الادارية على تاسيس وحركه البنيان التعاون الزراعى الا ان التعاون الزراعى اصبح على مدى عقدى الخمسينيات والستينيات فى القرن العشرين احد الملامح الرئيسية ليس فى الريف فقط بل فى المجتمع المصرى كله وصار البنيان التعاونى الزراعى من خلال 5049 جمعية على اختلاف مستوياتهم تضم حتى عام 1970 ما يزيد عن 2 مليون و 380 الف فلاح قيمه رئيسية اجتماعيه وتنموية ففى عام 69/1970 مول القطاع الزراعى خزانه الدوله بما قيمته 128.7 مليون جنيه وقام الناتج المحصولى فى اغلب الزراعات بتغطية النسبة الاكبر من الاحتياجات المطلوبه وتم تصدير كميات كبيرة من محاصيل القطن والارز والسكر بما وفر فائضا من العملات الاجنبية يقدر بحوالى 152.61 مليون جنيه فى نفس الوقت الذى حصل فيه المزارعون المنتجون من ملاك ومستاجرين على زيادة فى دخولهم تتجاوز معدلات ارتفاع نفقات المعيشه فى ذلك الوقت

ظلت الحركه التعاونية الزراعية تقوم بدورها فى المجتمع المصرى الى ان صدر القانون رقم 117 لسنه 1976 والذى تم بموجبه احلال بنك التنمية والائتمان الزراعى بديلا عن الحركه التعاونية الزراعية التى انخفضت فاعليتها نتيجه هذا الاحلال فى مجال خدمه الانتاج الزراعى حيث تولى معظم مهامها ومسئولياتها بنك التنمية والائتمان الزراعى والذى قام بدوره برفع سعر الفائده على قروض الائتمان الزراعى بمسميات مختلفه والى معدلات عالية ومتواليه فى الصعود كما ان اغلب القروض اصبحت بضمان الارض وليس بضمان المحصول وتخلى البنك وفروعه بالقرى عن التعامل فى مستلزمات الانتاج بعد الغاء الدعم نهائيا عنها وتركها للقطاع الخاص ووفقا لنصوص هذا القانون تم اعطاء الحق لبنوك القرى بالحجز الادارى على الفلاحين برغم مخالفه ذلك دستوريا ثم صدر قانون التعاون الزراعى رقم 122 لسنه 1980 والمعدل فى عام 1982 والمعمول به حاليا وقد خلت نصوصه الخاصه بمهام وحدات البنيان التعاونى الزراعى من اى اشارة الى مستلزمات الانتاج ونص القانون ولاول مرة فى تاريخ التشريعات التعاونية الزراعية على اجاده القراءة والكتابه وليس مجرد الالمام بها كشرط أساس لترشيح الفلاح لنفسه فى انتخابات مجلس ادارة الجمعيه التعاونية الزراعية بالقرية وتم فرض المزيد من التحكم الادارى فى التعاونيات الزراعية والنص على حق كل من وزير الزراعه ومحافط الاقليم فى وقف عضو مجلس الادارة وحل مجلس الادارة باكمله واسقاط العضويه عن عضو او اكثر وحق تعيين مجلس ادارة بقرار ادارى لينتهى بذلك دور الجمعيات التعاونية الزراعية على ارض الواقع هذا ما وصل اليه حال الجمعيات التعاونية الزراعيه فى مصر ،وهو الامر الذى يدفعنا الى فتح ملف قضيه خطيرة صمتنا عليها كثيرا على امل ان تنصلح الاحوال ويعود للجمعيات دورها الرائد غبر ان كل الشواهد توكد ان الجمعيات الزراعيه انهارت تماما ولم يعد هناك ادنى امل للاصلاح ،والقضيه التى نعنيها هى اموال المساهمين فمن المعروف ان الجمعيات التعاونية الزراعية تقوم على اموال المساهمين و لكى تتضح ملامح تلك القضيه تماما نسرد الاتى

المساهمون فى الجمعيات الزراعية هم ملاك الارض الزراعية والمستاجرون والذين وصل تعدادهم فى اخر احصاء الى 2 مليون و 830 الف فلاح
عدد الاسهم يتم تحديده بناء على ما تملكه او تستاجره من ارض زراعية فاذا كنت تمتلك او تستاجر فدانا فاقل فانت تشترك بسهم واحد ويتضاعف عدد الاسهم بمقدار ما تملكه او تستاجره فاذا كنت تملك او تستاجر فدانين فانت تدفع قيمه سهمين وهكدا
تؤخذ قيمه الاسهم بناء على الحيازة الزراعيه فانت لوكنت تملك خمسه افدنه على سبيل المثال وقمت بتاجيرها الى عشرة مستاجرين لكل منهم نصف فدان فان قيمه الاسهم تصبح فى هذه الحاله عشرة اسهم لان لكل مستاجر حيازة زراعيه مستقله وقد تم رفع قيمه السهم اكثر من مرة حتى وصل الان الى عشره جنيهات للسهم الواحد وبعد تطبيق القانون رقم 96لـــــــ1992 والخاص بالعلاقه الايجاريه بين المالك والمستاجر فى الارض الزراعيه والذى سمح للمالك باسترداد ارضه من المستاجر او تحديد قيمه الايجار بناء على العرض والطلب ارتفعت قيمه ايجار الفدان من 600 الى اكثر من ثلاثه الاف جنيها مما دفع بمعظم المستاجرين الى ترك الارض التى كانوا يستاجرونها وقد قامت الجمعيات الزراعية بسحب الحيازات من المستاجرين ولم يبق لديها غير حيازات الملاك

بناء على سحب الحيازات انقطعت الصله تماما بين المستاجرين والجمعيات التعاونية الزراعية واصبح لزاما علينا ان نفجر تلك القضيه
والقضيه تتلخص فى ان عدد المستاجرين يزيد عن 900 الف مزارع فاين ذهبت اموال اسههم ولماذا لم تردها اليهم الجمعيات الزراعية بعد ان انقطعت صلتهم بها تماما لن نتكلم عن ارباح تلك الاسهم نحن نتساءل فقط عن اصولها 00 اين ذهبت 00 ومن المسئول عن تبديدها

فاذا كانت الحكومه قد قامت من خلال اصدارها لحزمه من القوانين بتفريغ الجمعيات التعاونية الزراعية من دورها فنحن لانطالب باسهم المستاجرين فقط بل وباسهم الملاك ايضا بعد ان اصبح اشتراكهم بها بلا نفع او جدوى لذلك فنحن نسال اين ذهبت قيمه اسهم ما يقرب من ثلاثه ملايين فلاح مصرى وهى اسهم بالتاكيد تزيد عن هذا العدد اضعافا مضاعفه نظرا لان 90% من الملاك من اصحاب الحيازات الصغيرة وهو ما يؤكد ان عدد الاسهم يزيد عن 10 ملايين سهما

من جهتنا 00 تتقدم مؤسسة اولاد الارض لحقوق الانسان ببلاغ الى النائب العام نيابه عن ثلاثه ملايين فلاح مصرى للتحقيق ومحاسبه المسئولين عن تبديد اموال المساهمين فى الجمعيات التعاونية الزراعيه بعد ان فقدت دورها الرائد فى التنميه ولم يبق سوى الاعلان رسميا عن وفاتها