29/11/2007

أجمع ممثلو النقابات العمالية وعدد من أعضاء مجلسي الشعب والشورى ونشطاء المجتمع المدني على أن قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 وتعديلاته الأخيرة والقرارات المنفذة له من التدابير التشريعية التي تفرض نوعًا من الوصاية والإشراف والتدخل من السلطات الإدارية على الحرية النقابية، وعلى حق العمال في تشكيل التنظيم النقابي سواء حقها في وضع دساتيرها وأنظمتها وانتخاب ممثليها في حرية ، أو الاستقلال في تنظيم إداراتها وأوجه نشاطها وصياغة برامجها، أو حقها في تكوين اتحادات أو اتحادات حلافية والانضمام إليها، الأمر الذي ينتقص من الضمانات المنصوص عليها في اتفاقية الحرية النقابية وحماية الحق في التنظيم النقابي رقم 87 لعام 1948 و التي صادقت عليها مصر عام 1957 .جاء ذلك في ختام الاجتماعات التي عقدتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بالتعاون مع مؤسسة فريدريش الألمانية حول النقابات العمالية خلال شهر نوفمبر الحالي.

وطالب المشاركون ضرورة أن يراعى التشريع النقابي مجموعة من المبادىء العامة الواردة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بالحرية النقابية وأبرزها الاتفاقية رقم 87 لسنة 1948 ، وتتمثل هذه المبادىء في الآتي :

  • حق تكوين المنظمات النقابية دون إذن مسبق.
  • حق الانضمام إلى المنظمات النقابية .
  • حق إعداد اللوائح والقواعد الإدارية للمنظمة النقابية .
  • حق المنظمات في انتخاب ممثليها بحرية تامة.
  • حق المنظمات في تنظيم إداراتها وأوجه نشاطها وصياغة برامج عملها .
  • عدم جواز حل المنظمات أو وقفها عن طريق السلطة الإدارية .

وأكد المشاركون أن تقييد النقابات هو أمر يتعارض دون أدنى شك مع المواثيق الدولية المعنية لحقوق الإنسان ، فالحق في تكوين النقابات وما يرتبط به من حقوق نقابية يعد أحد أهم الحقوق التي اهتمت بها المنظمات الدولية، حيث حرصت على إقراره في مواثيقها واتفاقيتها، فبالإضافة للنصوص الواردة في الاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية ، فإن الأمم المتحدة أحد أهم المنظمات الدولية التي حرصت هي أيضا على حماية وصيانة هذا الحق، حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا في (نوفمبر – ديسمبر 1947) والذي جاء به (الجمعية العامة: ترى أن حق النقابات في الحرية النقابية الذي لا يمكن التنازل عنه شأنه في ذلك شأن الضمانات الاجتماعية الأخرى هو أساس لتحسين مستوى معيشة العمال ورفاهيتهم الاقتصادية، وتعلن أنها تؤيد المبادئ التي أعلنها مؤتمر العمل الدولي بالنسبة لحقوق النقابات، وكذلك المبادئ التي سبق الاعتراف بأهميتها للعمال والتي ذكرت في دستور منظمة العمل الدولية وإعلان فيلادلفيا) ، و ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 20/1 لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات و الجماعات السلمية . و مادة 21/1 لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشئون العامة لبلاده أما مباشرة و أما بواسطة ممثلين يختارون اختياراً حراً و مادة 23/4 لكل شخص حق إنشاء النقابات مع الآخرين و الانضمام إليها من أجل حماية مصالحه . كما نصت المادة 8 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ” تتعهد الدول الأطراف في العهد الحالي بأن تكفل :

    • 1. حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفي لانضمام إلى النقابة التي يختارها، دونما قيد سوى قواعد المنظمة المعنية، على قصد تعزيز مصالحه الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها. ولا يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو النظام القائم أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
    • 2. حق النقابات في إنشاء اتحادات أو اتحادات قومية، وحق هذه الاتحادات في تكوين منظمات نقابية دولية أو الانضمام إليها .
    3. حق النقابات في ممارسة نشاطها بحرية، دونما قيود غير تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

و نصت المادة 22 من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية على :

    • 1. لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه.
    • 2. لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ولا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقيود قانونية على ممارسة هذا الحق.
    3. ليس في هذه المادة أي حكم يجيز للدول الأطراف في اتفاقية منظمة العمل الدولية المعقودة عام 1948 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي اتخاذ تدابير تشريعية من شأنها، أو تطبيق القانون بطريقة من شأنها أن تخل بالضمانات المنصوص عليها في تلك الاتفاقية.

وأكد المشاركون أن هناك سلبيات عديدة تكتنف قانون النقابات العمالية ، تتمثل أبرزها في الآتي :

  1. أخضع القانون النقابات العمالية لوصاية الوزير المختص وهو وزير القوى العاملة والتدريب والجهة الإدارية ومديرية القوى العاملة التي يقع في دائرة اختصاصه مقر المنظمة النقابية (المادة 1) .
  2. سلب التعديل الأخير لقانون النقابات العمالية جميع اختصاصات اللجان النقابية تمامًا ومنحها للنقابات العامة واتحاد العمال فمثلاً “المادة 36” قامت بتضييق الخناق حول المتقدمين للترشيح لانتخابات النقابات العمالية، فتشترط الفقرة “د” من المادة على المتقدمين الترشيح في المنظمة النقابية الأعلى أو النقابة العامة أن يكون أمضى دورة نقابية سابقة عضواً لمجلس إدارة النقابة الأدنى أي عضوًا بمجلس إدارة اللجنة النقابية ، وتعتبر هذه الفقرة سيفًا مسلطًا على رقبة حرية الترشيح ، حيث أصبحت مقتصرة على من يتقدم أن يكون عضواً بمجلس إدارة اللجنة النقابية ، وهذه المادة غير دستورية لكونها تفتقر لمبدأ المساواة بين المتقدمين للترشيح وتضع شروطًا مجحفة .
  3. منحت القرارات الوزارية المنفذة للقانون وزير القوى العاملة سلطات واسعة في التدخل في شئون الحركة العمالية ، ومن أمثلتها :
      • ‌أ- وزير القوى العاملة هو الذي يحدد بقرار منه فئات العاملين المستثناة من عضوية المنظمات النقابية (قرار وزير القوى العاملة رقم 32 لسنة 1976) .
      • ‌ب- وزير القوى العاملة هو الذي يحدد شروط وأوضاع التفرغ للقيام بمهام النشاط النقابي ويحدد عدد المتفرغين لصالح المنظمات النقابية وفقًا لعدد المنشأة (قرار وزير القوى العاملة رقم348 لسنة 1988) .
      • ‌ج- وزير القوى العاملة هو الذي يحدد أوجه صرف المبالغ المحكوم بها عن مخالفات أحكام قانون النقابات العمالية (قرار رقم 25 لسنة 1977) .
      • ‌د- وزير القوى العاملة يحدد الشروط والأوضاع الواجب توافرها في الدورات الدراسية أو التثقيفية وفي المهام النقابية، ويحدد مدة الدورة وعدد العمال في كل دورة ونسبة العمال الذين لهم حق الإفادة من الدورات الدراسية والمنح المشار إليها (قرار وزير القوى العاملة رقم 59 لسنة 1985) .
      ‌ه- وزير القوى العاملة هو المختص بإصدار اللائحة المالية للمنظمات النقابية وبموجبها تلتزم المنظمات النقابية في عملها ونشاطها المالي باللائحة (قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 127 لسنة 1989).
  4. صدر القانون رقم 35 لسنة 1976 وتعديلاته الأخيرة موضحاً المنظمات النقابية المرخص بإنشائها وموضحًا البنيان النقابي وأهدافه وتكون مستوياته وتشكيلاته ومحدداً أهدافه ومحدداً لكل مستوى، بدءاً من اللجان النقابية حتى الاتحاد العام للعمال اختصاصاته التي لا يجوز له الخروج عنها ، بل حظر تكوين أكثر من نقابة عامة لعمال المهن والصناعات ، وبالتالي حرم النقابات العمالية من حقها الأصيل في وضع دساتيرها وبرامجها من خلال جمعياتها العمومية ، الأمر الذي يتعارض مع المادة الثالثة من اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم رقم 87 لسنة 1948 التي صادقت عليها الحكومة المصرية وأكدت حق منظمات العمال في إعداد لوائحها ونظامها، وعدم تدخل السلطات العامة في تقويض ممارسة هذا النشاط.
  5. أخد القانون بنظام الرقابة المالية المزدوجة على المنظمات النقابية بإعطاء الاتحاد العام لنقابات العمال إلى جانب وزارة القوى العاملة والتشغيل والجهاز المركزي للمحاسبات حق الرقابة المالية على المنظمات النقابية (م65) .
  6. حظر القانون على أعضاء المنظمات النقابية إنشاء جمعيات أو روابط أو صناديق ادخار أو زمالة وفقًا لأحكام قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة أو أي قانون آخر تباشر نشاطًا تختص أو تقوم به المنظمة النقابية .

كما أجمع المشاركون أن الحركة النقابية في مصر تعاني عدة معوقات أولها حالة ترهل نتيجة لاستمرار القيادات النقابية في مواقعهم عدة عقود من الزمن، مما أفقدهم القدرة على وضع تصورات تتفق والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، وثانيها غياب اتحاد العمال بسبب عدم وجود ممثلين حقيقيين للعمال في هذا الاتحاد حيث تجري انتخاباته بصورة خطيرة يلعب فيها التزوير دورا مهما وبدون إشراف قضائي مخالفة المادة 41 من القانون رقم 35 لسنة 1976 التي تنص على ضرورة إشراف لجان يرأسها أعضاء من الهيئات القضائية بدرجة قاضي أو ما يعادلها علي الأقل يرشحهم وزير العدل بناء على طلب الوزير المختص، وقد صدرت عشرات الأحكام القضائية الصادرة عن القضاء الإداري بتزوير وبطلان انتخابات النقابات العمالية عن الدورتين السابقتين وسيطرة الحزب الحاكم عليها!!!، وثالثها سيطرة الحكومة على الاتحاد منذ تأسيسه في يناير 1957 وحتى الآن، واعترفت قياداته أكثر من مرة بهذا التداخل مع الدولة لتخليص مصالح العمال.

وأوصى المشاركون بجملة من التوصيات آمالين أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ، بما يعود بالنفع العام على الحياة النقابية في مصر ولعل أهمها ما يلي :

  1. إدخال تعديلات جديدة على قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 و تعديلاته رقم 1 لسنة 1981 ، و القانون رقم 12 لسنة 1995 ، على أن يراعي التعديل الجديد ما يلي :
    • النص على حرية العمال في تكوين تنظيمهم النقابي، وكذلك حرية النقابة في إدارة شئونها بما في ذلك إقرار القواعد التي تنظم من خلالها اجتماعها و طرائق عملها و تشكيل أجهزتها الداخلية ، و أحوال اندماجها في غير مساءلتها لأعضائها عما يقع بالمخالفة لنظمها .
    • الاعتراف بتعدد المراكز النقابية ( بالتعددية النقابية ) حيث تمثل فكرة التنظيم النقابي الواحد اعتداءاً صريحاً على الحق الديمقراطي الأصيل للعامل في حرية اختيار المنظمة النقابية .
    • قيام التنظيم النقابي بتفعيل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للعمال، وتطويرها من خلال دراسة أسباب تغييب الجماهير في ممارسة هذه الحقوق وامتهانها، وإعداد الكادر النقابي المتمرس في الدفاع عن هذه الحقوق وتوعية العمال بممارستها
    • تعزيز حق العمال في الإضراب .
    • يجب أن تراعي كافة التعديلات إجماع من قبل كافة القوي النقابية و المواثيق الدولية المعنية و على رأسها اتفاقية التنظيم و حرية العمل النقابي رقم 87 لسنة 1948و التي صادقت عليها مصر عام 1957 ، و الاتفاقية رقم 98 لسنة 1949 بشأن حق التنظيم و التي صادقت عليها مصر عام 1954.
  2. تفعيل آليات تنفيذ القانون بما يحقق مستوى أعلى من التنفيذ حفاظاً على حقوق العمال .
  3. العمل على تعزيز حقوق العمال على المستوى الدولي من خلال تحقيق قدر كبير من التشبيك بين الاتحادات و المنظمات النقابية على مستوى العالم ، و ذلك في ضوء سيطرة الشبكات متعددة الجنسيات و حرية رأس المال .
  4. نشر ثقافة حقوق العمال لكي يكونوا على دراية كاملة بحقوقهم على أساس أن العلاقة بين رب العمل و العامل هي علاقة عمل و ليست علاقة تبعية .
  5. تشكيل هيئة برلمانية من ممثلي العمال في المجالس التشريعية، أيا كانت انتماءاتهم الحزبية لتبني ما يطرحه اتحاد العمال من تشريعات أو تعديلات تشريعية
  6. تشجيع مشاركة المرأة في العمل النقابي عبر حثها علي الانضمام لعضوية النقابات والترشيح في مجالس إدارتها والمساهمة في أنشطتها
  7. تعزيز التضامن النقابي والعمالي وحماية العمال المفصولين وتأسيس مكتب قانوني يتبنى قضاياهم ويتخذ الإجراءات المناسبة لحسمها.
  8. التضامن مع القوى الوطنية والديمقراطية التي تتبني قضايا العمال والفلاحين وتدافع عن الدولة المدنية.
  9. المشاركة الفاعلة في برامج محو الأمية بغية رفع كفاءة العمال وخاصة العمالة غير المنظمة.