9/10/2006

كان ضروري لمعرفة ماذا يحدث بالتحديد لمحمية وأدى دجلة وأين مصانع الرخام منها لذلك ذهب زملاء من المركز مع مجموعة من النشطاء البيئيين فى يوم السبت الموافق 30 سبتمبر لزيارة ومعاينة الانتهاك البيئي الذي وقع على أرض هذه المحمية

وكان أهم ما لاحظناه خلال هذه الزيارة :

  • بناء مصانع رخام يجرى بسرعة ملفتة للنظر على أرض المحمية وواضح أن المقصود هو تثبيت الأمر الواقع .
  • تناثر مخلفات مصانع الرخام ( الرتش ) في كل مكان داخل المحمية في المنطقة التي تبنى بها المصانع الجديدة وهو ما يعنى بالطبع أن ينتقل إلقاء هذه المخلفات ( الرتش ) إلى قلب المحمية نفسها .
  • كان المكان مملوءاً بالغبار الكثيف المتصاعد من محاجر الرخام التابعة للمحمية وكذلك الأدخنة والغازات الناتجة عن اختراق المازوت (وقود) داخل مصانع الرخام ولاحظنا وعرفنا أن اتجاه الرياح هو شمال شرق وهو ما يعنى أن كل هذه التربة والغازات تحط على قلب المحمية ومياهها وغطائها النباتى .
  • لاحظنا خلال مرورنا في طريق شق الثعبان إلى المحمية أن الكثير من صانع الرخام لم تتخذ الاحتياطيات الضرورية لتقليل نسبة الغبار والأدخنة الخارجة منها , وهو ما يمثل تهديداً مستمراً للمحمية من ناحية ولعمارات الزهراء المجاورة لمنطقة شق الثعبان الصناعية .

    وقد أكدت هذه الزيارة صحة نداءنا لوقف الانتهاك البيئي لمحمية وأدى دجلة وضرورة الاستمرار في هذه الحملة حتى يتحقق هذا المطلب .

    معلومات عن المحمية :

    تعتبر وادى دجلة بمحافظة القاهرة محمية طبيعية بموجب قرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 47 لسنة 1999 والمعدل بالقرار رقم 3057 لسنة 1999 بمساحة إجمالية حوالى 60 كم2 .

    يقع وادى دجلة شرق مدينة المعادى بالصحراء الشرقية بمحافظة القاهرة ويعتبر من الأودية الهامة التى تمتد من الشرق إلى الغرب بطول حوالى 30كم , ويمر بصخور الحجر الجيرى الذى ترسب فى البيئة البحرية خلال عصر الأيوسين بالصحراء الشرقية ( 60 مليون سنة ) لذلك فهى غنية بالحفريات ، ويبلغ ارتفاع تلك الصخور على جانبى الوادى حوالى 50 م ويصب فيه مجموعه من الأودية على الجانبين .

    ونتيجة لمياه السيول وتجمع المياه من الأودية الفرعية بالوادى تظهر عوامل النحر وتحدث عمليات تعرية الصخور وتآكلها فى أرضية الوادى , مما يتسبب عنه نحر فى الأرضية فى بعض الأماكن مكونة ما يسمى بشلالات دجلة , كما يبدو التتابع لطبقات الصخور الرسوبية المتكونة من الحجر الجيرى لعصر الأيوسين الأوسط على جانبى الوادى حيث تظهر الكهوف بمنظرها الجميل والتى تكونت نتيجة للمياه الجوفية التى أثرت فى الحجر الجيرى , حيث أن هضبة الحجر الجيرى بمناطق المقطم والمعادى وطره يوجد بها العديد من الكهوف التى يسكنها العديد من أنواع الخفافيش .

    يضم الوادى مجموعة من الكائنات الحية الحيوانية منها أنواع من الثدييات مثل : الغزلان – التياتل – الأرانب الجبلية – الثعلب الأحمر – الفأر ريشى الذيل – البيوض – الفأر أبو شوك – الخفاش أبو ذيل الصغير وغيرها ومن الحشرات : الرعاش – أبو العيد – فراش النمر – أسد النمل وأنواع عديدة أخرى ، كما تم تسجيل 18 نوعا من الزواحف منها السلحفاة المصرية – السقنقور المخطط – البرص أبو كف – الأفعى المقرنة وغيرها وأيضا تم تسجيل 12 نوعا من الطيور الممثلة لبيئة الصحراء الشرقية المقيمة والمهاجرة مثل : الأبلق الحزين – الأبلق المتوج – نمنمة الشجر – عصفور الزمبر – الغراب النوحى – الحمام الجبلى – الحجل – والبعفة وهى نوع من البوم الكبير .

    أثبتت الدراسات الميدانية أن وادى دجلة يحتوى على أنواع عديدة من النباتات فقد تم تسجيل حوالى 64 نوعاً من النباتات مثل : السلة – الرطريط – العوسج – الرتم – الأثل – الغردق – الشيح – شاى الجبل – القيصوم الجبلى وغيرها وهى نباتات إما طبية أو رعويه أو للوقود . وهذه النباتات نمت على الصخور التى انهارت من الحجر الجيرى الذى يتأثر بالشقوق وهذه الشقوق تتشبع بمياه الأمطار فتنفصل وتتساقط وتعطى المنظر الطبيعى للوادى والتى تنمو عليه تلك النباتات .

    يعتبر وادى دجلة بيئة متميزة بطبيعة جغرافية معينة ويتميز بمظاهر جمالية فريدة حيث تبدو عوامل التعرية بالرياح على صخور الحجر الجيرى فى الطبقات السفلية للوادى والتى تبدو بلونها الأبيض من الحجر الطباشيرى لعصر الأيوسين الأوسط الذى يحتوى حفريات النيموليت (قروش الملائكة) وحفريات البطنقدميات والشعاب المرجانية وغيرها ويعلوها طبقات الأيوسين الأعلى من الحجر الجيرى الطفلى وتحتوى على حفريات الأويستر وجذور بعض النباتات والحفريات المميزة لهذا العصر وهذه الظواهر هى التى تشكل جمال الطبيعة فى منطقة المحمية .

    أثرت مياه الأمطار التى تتساقط من الشلالات المائية على صخور الحجر الجيرى على مر العصور حيث كونت ما يسمى “أخدود دجلة” “كانيون” كما تظهر الآبار الصغيرة التى تتجمع فيها مياه الأمطار ثم تفيض إلى بئر دجلة الكبير الذى تكون نتيجة لدوامات المياه التى أثرت كثيراً فى منطقة المحمية وكونت بين الطبقات فجوات نتيجة لتآكل الطبقات الضعيفة المتكونة من الطفل .

    يمثل وادى دجلة أهمية تعليمية وتثقيفية وترويحية حيث يعمل على جذب السياحة ذات اليوم الواحد لطبه المدارس والأطفال لقربة من مدينة المعادى لاكتساب معلومات مفيدة عن الصحارى بمكوناتها المختلفة , كما أنه مكان جيد لإجراء الدراسات البحثية فى كافة المجالات النباتية والحيوانية والجيولوجية وتوافر مقومات السياحة البيئية والترويحية فيه لممارسة رياضة المشى وإقامة المخيمات للعديد من الزائرين المصريين والأجانب دون تدهور للنظام البيئى بالمنطقة .

    نظراً لوقوع وادى دجلة بالقرب من القاهرة وإعلانه محمية طبيعية فى أنه سيتيح الفرصة لاستخدام المنطقة المحيطة بالمحمية الاستخدام الأمثل للأنشطة صديقة البيئة .

    كما ترجع أهميته لسكان القاهرة الكبرى بأنه المكان الوحيد المجاور للقاهرة والذى توجد به الكائنات البرية الحيوانية والنباتية والصحراء بطبيعتها الخلابة وتراكيبها الجيولوجية القديمة التى تجذب السائحين والمواطنين المحليين ووضع تلك المنطقة على الخريطة السياحية بالتعاون مع شركات السياحة البيئية وإعداد برنامج توعية بيئية لتشجيع الأجيال القادمة للحفاظ على النظام البيئى للمنطقة كما أن وقوع وادى دجلة بالقرب من محمية الغابة المتحجرة يعطى أهمية كبيرة لجذب الوافدين إليه لمشاهدة الحياة البرية بجانب نماذج من الحياة الجيولوجية القديمة الممثلة فى الخشب المتحجرة مما يؤدى إلى تكامل المعرفة بالبيئات الصحراوية المتباينة .