6/5/2007

أصدر مركز الأرض العدد رقم (40) من سلسلة الأرض والفلاح والذي يأتي استكمالا لمسيرة اهتمام المركز بقضايا الفلاحين وتأتى أهمية هذا التقرير فى ظل انتشار ظواهر فساد الأغذية والألبان والمبيدات والتقاوى وتلويث مياه الشرب والرى والأثار الضارة على صحة الإنسان وغذاءه ، ويكشف التقرير عن أن حجم سوق الانتاج الغذائى فى مصر كبير ولكن 20% منه فقط يلتزم بالمواصفات الغذائية القياسية بينما يمثل 80% من الانتاج الغذائى انتاجاً عشوائياً وغير ملتزم بأية معايير صحية ذلك على الرغم من وجود 17 جهة رقابية على الأغذية ويشكل ذلك تضارب وازدواجية فى بعض أنشطة هذه الجهات ، ويحاول التقرير الإجابة على عدد من الأسئلة منها: هل تهتم الدولة بالحفاظ على صحة أفراد مجتمعنا المصرى؟ واذا لم يكن الأمر كذلك، فلماذا؟ وما الذي يمكن عمله؟ وهل تراجع الدولة برامجها إزاء سياسات الغذاء الآمن؟ ، واذا كان الأمر كذلك، فكيف؟ ، وما هى الحقوق التى ينبغى أن يتمتع بها كافة أفراد المجتمع بما فيهم أبناء الريف فى إمكانية الحصول على غذاء صحي وآمن؟ .والنقطة المحورية في هذا التقرير تتمثل في أنه إذا كان نقص الغذاء يعد مؤشراً هاماً من مؤشرات الفقر, ومعوقاً من معوقات التنمية الشاملة والمستدامة, فإن الأخطر من ذلك يتمثل في إنتاج غذاء دون مراعاة الجانب الصحي فيه.

ويضم تقريرالأرض مقدمة وثلاثة محاور وخاتمة، حيث يشير في المقدمة إلى أن نحو 2.7 مليار نسمة من سكان العالم يعيشون فى المناطق الريفية من العالم النامى، كما أن غالبية من يعانون من نقص الأغذية المزمن فى العالم والبالغ عددهم 828 مليون نسمة، يعيشون فى الريف، ولكن نسبة ناقصي الأغذية فى المدن آخذة فى التزايد السريع أيضاً.كما يشير التقرير الى ان 2% من سكان العالم مسيطرون على أكثر من نصف الثروة مما يؤدى لمزيد من المجاعات وتزايد أعداد المرضى والمتوفين بسبب نقص الغذاء .

ويشير التقرير في المحور الأول منه وتحت عنوان: الزراعة المصرية ( محاولات إصلاحية وتراجع ملحوظ ) إلى أن قانون الإصلاح الزراعي المصري الذى أدى إلى طرد المستأجرين وتفتيت الملكية الى حيازات صغيرة وتحرير الاسواق ووقف دعم الفلاحين وعملية الزراعة كان السبب في إعاقة التنمية الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي الذى يعرفه التقرير بأنه ” قدرة المجتمع على تحقيق الاعتماد الكامل على النفس وعلى الموارد والإمكانات الذاتية في إنتاج كل احتياجاته الغذائية محليا ”

ويمضي التقرير ليتناول مفهوم أمان الغذاء، مشيرا إلى أن مفهوم منظمة الصحة العالمية للأمان الغذائي يعني كل الظروف والمعايير الضرورية اللازمة – خلال عمليات إنتاج وتصنيع وتخزين وتوزيع وإعداد الغذاء- لضمان أن يكون الغذاء آمناً وموثوقاً به وصحياً وملائماً للاستهلاك الآدمي، كما يعرف مفهوم التكثيف الزراعي بأنه تكثيف العائد من استخدام الموارد، مستعرضا أهم آلياته.

ويتوقف التقرير ليستعرض ملامح الأزمة الغذائية في مصر مشيرا إلى أنها قد تطورت تبعاً لمعدلات نمو الإنتاج والطلب على المنتجات الغذائية، وأصبح هناك شبه إجماع على أنها قد وصلت إلى حد حرج يتجلى في تنامي الاعتماد على المصادر الخارجية لإطعام السكان، وتدهور نصيب الفرد من الناتج الزراعي، وتراجع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي.

مشيرا إلى أن الطموح المصري منذ حصول مصر على الاستقلال قد اتجه من أجل تحقيق التنمية، إلى التصنيع بالدرجة الأولى باعتباره مرادفا للتنمية والتقدم مما جعلها تمهل التنمية الزراعية وتركز على إنشاء بعض الوحدات الصناعية التي كانت تعتبرها معبرا بالاقتصاد الوطني من حالة التخلف التي ورثها من الحقبة الاستعمارية. لكن الظروف والتغيرات الدولية أفقدت مصر الميزة الصناعية فى قطاعات مهتمة مرتبطة بالزراعة مثل النسيج وبعض الصناعات الاخرى.

ويؤكد التقرير في الوقت نفسه على أن الأزمة الغذائية في مصر لم تكن إلى حد كبير – وحتى عهد قريب – مشكلة نقص أو شح في الموارد المتاحة، ولا نموا سكانيا متسارعا أو عجزا في الإمكانات المالية، وإنما هي بالدرجة الأولى مسألة فشل و خلل في السياسات الزراعية وسوء استغلال لما هو متاح من موارد.

وفي المحور الثاني من التقرير وتحت عنوان ” أوجاع الزراعة المصرية ”
يشير التقرير إلى أن أهم الانتقادات التى وجهت إلى أوضاع الزراعة الحالية والتى أدت إلى أضرار صحية نتيجة التراجع فى جودة الغذاء، وتدهور في تركيب التربة، إضافة إلى تدهور البيئة الطبيعية والمسطحات التقليدية. وفي هذا السياق يتعرض التقرير لعناصر المنتج الزراعي

مثل التقاوى: مشيرا إلى أن مصر أدركت أهمية استخدام التقاوي المحسنة في زيادة إنتاجها وتحسين نوعيته ، فأولت اهتماماً خاصاً بصناعة التقاوي وأنشأت المؤسسات العامة والشركات الخاصة لإنتاجها وحددت المواصفات الفنية لمراحل التقاوي المحسنة ، ورغم ذلك فإن هذه المؤسسات ليست على درجة من التطور تستطيع فيها أن تلبي حاجة المزارعين الفعلية من التقاوي المحسنة للمحاصيل الزراعية.

والتقاوي الجيدة يجب أن تكون ذات حيوية عالية, وتحتفظ بقدرتها على الإنبات والنمو, وأن تكون نظيفة متجانسة الشكل والحجم واللون, سليمة وخالية من عدوى الأمراض الفطرية والحشرية, كما يجب أن يتم اختيار الصنف الذي يتلاءم مع منطقة الزراعة, فبعض التقاوي يتم عليها تعديلات وراثية لتصبح قادرة على النمو في مناطق معينة لم يكن بالإمكان زراعتها فيها ولكن هذه التقاوى المعدلة جينياً قد تؤدى الى أضرار صحية ومخاطر لا يمكن علاجها .

ويستعرض التقرير جوانب من مشكلات الهندسة الوراثية فى قطاع الزراعة والذى يعرفها بأنها القدرة على عزل جين من كائن حي ونقله إلى كائن حي آخر لتخليق نباتات وحيوانات مهجنة جينياً تمتلك المميزات المرغوبة . وتعتبر الهندسة الوراثية فى قطاع الزراعة أداة قوية تحمل فى طياتها آمالاً كبيرة للطب والزراعة والصناعة والأمن الغذائى والبيئة, حيث تقدمت الأبحاث بدرجة كبيرة منذ أواسط السبعينيات من القرن العشرين لدرجة انتشار الحديث عن “ثورة الهندسة الوراثية”، ومع ذلك فهى تثير الكثير من القضايا والمخاطر الصحية والأخلاقية والقانونية والاجتماعية والسياسية ، وكذا مسائل متعلقة بمدى أمانها الحيوي وحماية حقوق الفلاحين فى انتاج بذورهم ومشاتلهم الطبيعية دون وصاية من شركات دولية ومتعددة الجنسية قد تتحكم فى هذه الاسواق وانتاج الغذاء .

ويستعرض التقرير مجالات الهندسة الوراثية النباتية، والحيوانية ويتطرق إلى مخاطرها مشيرا إلى أن هندسة الجينات كعلم حديث سلاح ذو حدين: فكما أمكن استخدامه فى العديد من المجالات المفيدة للإنسان يمكن استخدامه لتدمير الحياة على سطح هذا الكوكب.

ثم يستعرض التقرير مشكلة استخدام المبيدات فى قطاع الزراعة والتى تعتبر من أهم عوامل الانتاج الزراعي في مصر والعالم ولايمكن الاستغناء عنها‏، ولكن السؤال الذي يركز عليه التقرير هو: كيف يمكن التعايش مع هذه المبيدات وترشيد استخدامها والتقليل من أثارها الجانبية ويمكن استخدام مايسمي بالمكافحة المتكاملة التي تقضي باستعمال كافة طرق المكافحة ألا يتم اللجوء الى المبيدات إلا عند الضرورة القصوي‏‏.‏ ويؤكد التقرير أنه لايوجد مايسمي مبيد آمن ومبيد غير آمن فالمبيدات عبارة عن سموم ومواد ضارة.

ويبين التقرير مخاطر استخدام مبيدات محظورة أو مغشوشة أو منتهية الصلاحية على حياة وصحة الانسان والتى تعد من أكثر الأسباب فى تعرضه للإصابة بالعديد من الأمراض مثل الفشل الكلوى والكبد الوبائى وغيرها من الامراض ثم يستعرض التقرير أهم الأضرارالصحية مثل مياه رى غير صالحة وملوثة ويبين أن مصر تعتمد فى مواردها المائية بصفة أساسية على نهر النيل ، وتبلغ جملة كميات المياه المتاحة لمصر 61 بليون متر مكعب سنويا ، وقد تكفى هذه الكمية احتياجات مصر فى الوقت الحالى ولكن لن تكون كذلك مستقبلا حيث ستزيد الاحتياجات لتصل ما بين 63 إلى 68 بليون متر مكعب سنويا ، أى أن مصر ستعانى من عجز فى كميات المياه المتاحة ، خاصة أن حوالى 2 بليون متر مكعب تفقد سنويا بسبب البخر .

ويشير التقرير إلى العديد من الأمثلة لصرف المخلفات في مياه النيل وتلويث مياه الرى وتأثير ذلك على صحة الانسان وعلى سلامة الغذاء وأمانه .

ويأتي المحور الثالث تحت عنوان: ” من أجل غذاء آمن ” ويعنى بالبحث عن أساليب وطرق غير تقليدية للزراعة وذلك في محاولة جادة تستهدف الحد من المخاطر المحدقة بكافة أبناء المجتمع المصري نتيجة اعتماد الزراعة وبشكل أساسي حاليا على كافة أنواع الملوثات التي تستخدم في إنتاج المحاصيل الزراعية والتي أثبت الواقع الأليم تسببها في ارتفاع معدلات الإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة ولعل أولها وليس آخرها السرطان والفشل الكلوي.
ومن أجل ذلك يتناول هذا المحور ما يلي: الزراعة النظيفة. الزراعة العضوية. المكافحة المتكاملة للآفات. المستخلصات النباتية.

وتعرف الزراعة النظيفة بأنها أسلوب من الإنتاج الزراعى يتجنب فيه استخدام المواد الكيمائية وخاصة المبيدات . وأهم أهدافها أن تكون بديلاً عن استخدام المبيدات وتدعيم المقاومة الحيوية والكيماويات الآمنة للممرضات النباتية – العمليات الزراعية – التطهير – المقاومة الطبيعية.

ثم يتناول التقرير الزراعة العضوية باعتبارها منهج يجب ان يتخذ للوصول إلى نظام متكامل قائم على مجموعة من العمليات التى تنتج عنها نظام عضوى مستديم وتوفير غذاء آمن وتغذية سليمة ورعاية الثروة الحيوانية وتحقيق العدالة الاجتماعية . وفى هذا النظام تعتبر خصوبة التربة مفتاح النجاح مع الأخذ فى الاعتبار القدرة الطبيعية للتربة والنبات والحيوان كأساس لإنتاج غذاء ذو مواصفات جيدة وقيمة صحية عالية .

ثم يتوقف عند المكافحة المتكاملة للآفات باعتبارها نظام يستخدم مجموعة من الطرق الملبية في وقت واحد لكل من المتطلبات البيئية والاقتصادية والصحية والاجتماعية معتمداً خاصة على استخدام الأعداء الحيوية ومبدأ الحد الاقتصادي الحرج.

ثم يواصل استعراض طرق وأساليب المكافحة الحيوية، ومميزاتها.
المستخلصات النباتية: ( النباتات الطبية والعطرية وكذلك النباتات البرية ) وتعتبر من أفضل بدائل استخدام المبيدات الكيماوية بهدف حماية الإنتاج النباتى من الأمراض التى تسببها الكائنات الفطرية والبكتيرية و الفيروسية والتى تصيب مختلف المحاصيل الحقلية والبستانية .

ثم يستعرض التقرير أهمية بعض المستخلصات النباتية فى مكافحة الأمراض النباتية ومنها: مستخلص اللانتانا ، مستخلص الكافور ، مستخلص حشيشة الليمون ، مستخلص الداتورا ، مستخلص الدفلة ، مستخلص الخطمية ، مستخلص النييم ، مستخلص الخلة البلدى ، مستخلص الريحان ، مستخلص النعناع الفلفلى – النعناع البلدى ، مستخلص السنط العربى ، مستخلص الشطة السودانى ، مستخلص الثوم .

ويشدد التقرير في خاتمته على أن أي إستراتيجية تنموية لتحقيق الأمن الغذائي في مصر لابد أن تتخذ من التنمية الزراعية المستدامة غاية لها، وتحديد هذه الغاية ينطلق من معرفة الأسباب الكامنة وراء مشكلة الأمن الغذائي والرغبة في إيجاد حل جذري ودائم لها يعتمد على المزارعين انفسهم ويدعمهم ويساند مؤسساتهم التنموية ويعزز قدرتهم لتأسيس روابطهم المستقلة للدفاع عن مصالحهم .

ويطالب التقرير بضرورة اصدار قانون موحد للغذاء الآمن تشرف على تنفيذه جهة واحدة وكما يطالب التقرير بانشاء هيئة قومية للغذاء الامن والصحى يشارك فيها كافة منظمات المجتمع المدنى حرصا على صحة المواطنين ولزيادة الإنتاج الزراعي ،وتحسين أداءه وفعاليته وتعزيز القدرات التسويقية في مجال السلع الزراعية والخدمات، والارتقاء بالمستوى المعيشي للسكان الريفيين وكفالة حقوقهم فى الحياه الكريمة والأمان والحرية والعدل الاجتماعى والغذاء الصحى النظيف والمستقبل المشرق .

يمكنكم زيارة المركز للحصول على نسخة من التقرير أو من على موقعنا على الانترنت

تليفون وفاكس / 5750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
Websitewww.Lchr-eg.org