19/7/2006

يقينا في إن حرارة شهر يونيو ناهيك عن الظلم الدائم الواقع علي الفلاح المصري من الحكومات المتعاقبة كان لهما الأثر الأكبر في أن تصل حوادث العنف بين الفلاحين في شهر يونيو إلي تسعة حالات أسفرت عن مقتل وإصابة ثلاثين فلاحا ,

وبالرغم من أن هذه الحوادث وقعت لخلاف علي الحدود بين الأراضي أو خلاف علي الدور في مناوبة الري إلا أن هناك بعض الحوادث وقعت لأسباب تافهة كما سنوردها فيما بعد

غير أن الغريب في شهر يونيو أنه شهد – ربما – لأول مرة – قيام الفلاحين بمظاهرة أمام تفتيش الري ويبدو أن عدوي التظاهر قد انتقلت إلي الصيادين أيضا فقد شهد الشهر إضرابين للصيادين في جنوب سيناء وطنطا بمحافظة الغربية مما يعطي دلالة أن شهر يونيو شهد بعض الجوانب الإيجابية التي ظهرت علي استحياء لمواجهة واقع شديد القسوة وربما يكون ذلك بداية حقيقية أو نواة لانتفاضة المقهورين في أنحاء مصر..!

انتفاضة الفلاحين في الدقهلية :
احتشد مزارعو الأرز من قري مركزي السنبلاوين وتمي الأمديد متظاهرين أمام مبني تفتيش الري بمدينة السنبلاوين احتجاجا علي احتراق شتلات الأرز في الأحواض نتيجة نقص مياه الري , وطالبوا بتوفير المياه اللازمة لإعادة زرع الأحواض بتقاوي جديدة إنقاذا للمحصول , وندد المزارعون بتجاهل المسئولين لشكواهم سواء في وزارة الري أو في محافظة الدقهلية وأيضا ديوان رئيس مجلس الوزراء واتهم المزارعون مدير عام الري بالسنبلاوين بعجزه عن مواجهة أزمة المياه التي تتكرر في هذا التوقيت من كل عام وهروبه من تحمل المسئولية وإتباعه أسلوب المراوغة وقيامه بغلق جميع وسائل الاتصال في وجوههم , كما أكد المزارعون أن الحكومة تتعمد إجهاض زراعة الأرز في الدقهلية لصالح محافظات أخري …!

عنف الفلاحين :
ولأن شقي الرحى لا تجد ما تطحنه , ولأن الحكومة صدرت كل مشاكلها علي الفلاحين حين أغلقت في وجوههم كل الأبواب وأعلنت أنه لا أمل , كان من الطبيعي أن يتحول هذا الظلم الحكومي إلي اقتتالي داخلي بين الفلاح وأخيه الفلاح , وأن يشهد شهر يونيو تسع حالات من ذلك العنف الذي كان من الممكن تجنبه لو أن المناخ الاجتماعي كان أكثر عدلا وإنصافا …!

ولكي يصبح الأمر أكثر وضوحا ورسوخا سنورد والآن حادثين تافهين أسفرتا عن قتل وإصابة 9 فلاحين …!
فقد شهدت قرية أولاد عمر يقنا معركة بين عائلتين استخدمت فيها الأسحلة النارية بسبب نزول حمار إلي حقل العائلة الثانية وأسفرت المعركة عن مصرع اثنين متأثرين بإصابتهما , وقد انتقل إلي مكان الحادث مدير مباحث قنا علي رأس قوة من الأمن المركزي و وتبين من التحريات أن سبب اندلاع المعركة هو نزول حمار هاني محروس من العائلة الأولي إلي حقل مصطفي ضاحي محمد من العائلة الثانية أثناء ري الأرض فحدثت مشاجرة حامية استخدم فيها إطلاق الرصاص وكانت النتيجة مقتل كل من محمد عطا عبد الحميد وعلاء محمد عثمان …!

وتمكنت المباحث من القبض علي كل من زيدان محمد جلال وأنور فكري علي وعبد الرحيم حارس وضاحي محمد علي وإحالتهم إلي النيابة …! والغريب في الأمر أن الحادثة الثانية وقعت في نفس القرية ولقي 3 أشخاص مصرعهم وأصيب 4 آخرون بإصابات خطيرة من عائلتين نشبت بينهما مشاجرة بسبب الخلاف علي ملكية إحدى المواشي , , وتبين من التحريات نشوب مشادة بين عائلتي النوافلة والفقرة بسبب الخلاف علي ملكية ” جاموسة ” وتطورت إلي مشاجرة وكان ما كان ..!

أما في صدفا بمركز أسيوط فقد قام ثلاثة أشقاء وهم عثمان عمر عثمان وفضل عمر عثمان ومحمد عمر عثمان بقتل ابن عمهم فؤاد حافظ عثمان للخلاف علي الحدود بين الأرض , فقد تربص الجناة بالمجني عليه في أرضه وأطلقوا الرصاص علي رأسه فأردوه قتيلا ….!

وفي مركز سوهاج لقي مزارع مصرعه وأصيب 14 آخرون في مشاجرة بين عائلتين بسبب الخلاف علي أولوية ري الأرض وتبين أن مشاجرة نشبت بين عائلة المجني علي ويدعي عبد الناصر علي أحمد وبين عائلة الحسناوي وقد أسفرت تلك المشاجرة والتي استخدم فيها إطلاق الرصاص عن مقتل المجني عليه وإصابة 7 مزارعين من أقاربه كما أصيب 6 آخرون من عائلة الحسناوي ….! وتم القبض علي أحد المتهمين ويدعي محمد خلف الحسناوي ومازال البحث جاريا لضبط باقي المتهمين .

وفي أسيوط لقي مزارعان مصرعهما يطلقات نارية أثناء مشاجرة نشبت بين عائليتهما بسبب الحد الفاصل بين الأرض الزراعية , وتبين من التحريات أن المجني عليهما وهما عبد اللطيف بكر أحمد من عائلة عياط وأحمد عبد الله من عائلة منصور سقطا قتيلين إثر مشاجرة بالأسلحة النارية , نشبت بين عائلتهما بسبب الخلاف علي الحد الفاصل بين الأرض الزراعية وتم ضبط المتهمين وأحيلا إلي النيابة …! وهما أسامة إبراهيم من عائلة العياط وأحمد عبد الله علي من عائلة منصور.

وقد شهدت مدينة المحلة الكبري جريمة بشعة عندما تجرد فلاح من مشاعره الإنسانية وقام بذبح شقيقه الأصغر وتبين من التحريات أن المجني عليه يدعي وائل جابر من منطقة منشية محيي سعد توفي متأثرا بجراحه التي أصابه بها شقيقه الأكبر بعد أن قامت والدة المجني عليه ببيع قيراطين كانت تمتلكها وعندما قامت بتوزيع ثمن القيراطين فضلت الأخ الأصغر عن شقيقه الأكبر الذي يدعي خالد جابر مما أثار حفيظته وقام بقتل شقيقه ..

وفي قرية قويسنا البلد بمحافظة المنوفية قام الفلاح ونجلاه بقتل سائق جرار كسح يدعي محمود إبراهيم لطفي كان يلقي بحمولته في أرضهم الزراعية وتبين من التحريات أن الفلاح وأنجاله قاموا بالاعتراض علي السائق ولكنه لم يستجب لهم فقامت مشاجرة بينهم فأطلق المتهوران عليه النار ولم يتركوه غير جثة هامدة ….! وتم القبض علي المتهمين وهم عبد العزيز سيد أحمد ونجلاه محمد ومحمود وتم ضبط السلاح المستخدم .

وفي قرية مطر طارس بمحافظة الفيوم فقد المزارع نبيل عبد الرحمن عبد العال قدمه وجزت رأسه بسبب درس القمح بعد أن جذبته ماكينة درس القمح من جلبابه الذي كان يرتديه وأدي ذلك إلي مصرعه .

وقد أسفرت حوادث العنف بين الفلاحين في شهر يونيو عن مقتل 12 مزارعا وإصابة 18 آخرين مما يؤكد أن نسبة حوادث العنف بين الفلاحين في هذا الشهر أعلي من المعدل بكثير ….!

والصيادون أيضا يضربون :
شهد شهر يونيو إضراب صيادي جنوب سيناء فقد تجمهر أكثر من 150 صياد أمام ديوان المحافظة احتجاجا علي قرار المحافظ يمنع الصيد لمدة ثلاثة أشهر واقترح المحافظ أن يتم الصيد بمنطقة الخدان بخليج العقبة علي أن يكون بالسنار والقدم والمراكب الصغيرة والهوري واعترض الصيادون وتحتاج هذا الاقتراح لأن هذه المنطقة بعيده عن طور سيناء وتحتاج إلي مرورهم علي مدينة دهب مما يمثل عبئا عليهم … ومازالت المشكلة قائمة …!

أما في طنطا فقد دخل إضراب الصياد رفعت محمد عثمان عن الطعام أسبوعه الثاني احتجاجا علي اضطهاد ضباط مباحث قسم أول طنطا له ولأسرته وذلك باستيلائهم المستمر علي قوت يومهم وما تجنيه شباكهم من أسماك , ومع استمرار الإضراب تدهورت حالة الصياد الصحية وتم نقله إلي مستشفي الجامعة , وتحت ضغوط حرس المستشفي لم يتم تحرير محضر بالواقعة حتى تلقت النيابة بلاغا فقامت بتحرير المحضر رقم 68 ,

الغريب في هذه الواقعة أننا قد تعودنا منذ أعوام علي قيام ضباط الشرطة بابتزاز رجال الأعمال ” المشبوهين ” أما أن يصل الحال بهم علي اغتصاب قوت صياد فقير لا تحمل شباكه غير قليل الأسماك ليطعم بها أبناءه الصغار …. فهذا أمر لم نكن نتخيله …..!