6/8/2005

ما يحدث الآن مع بناة السد العالي يؤكد أن تاريخنا مع الجحود ونكران الجميل ممتد بلا نهاية فما بين الأهرام مرورا بمن حفروا قناة السويس

وانتهاء بالمشاريع الضخمة التي أقيمت علي ارض مصر ستجد دائما علي مر العصور أولئك المجهولين الذين أعطوا كل شئ وما حصدوا غير المرارة , سقط صانعو التاريخ من ذاكرة التاريخ وأبي المسئولون في عصرنا هذا إلا أن يستكملوا حلقات المهانة ….

ففي منطقة السد العالي شرق يتعرض بناة السد وأبناؤهم للتشريد والطرد بعد أن قررت وزارة الري والموارد المائية متمثلة في الهيئة العامة للسد العالي إزالة 369 منزلا أزيل منها بالفعل ثمانية منازل دون أدني اعتبار لما قدمه هؤلاء العمال من تضحيات في ملحمة بناء السد العالي

والغريب في الأمر أن منطقة السد العالي شرق أنشأها بناة السد منذ مطلع الستينيات في القرن الماضي فكان رد الجميل لهم بعد أكثر من أربعين عاما هي الإزالة والطرد يقول مصطفي عمران وهو أحد بناة السد لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان ” هل هذه مكافأة الحكومة لنا , نحن بناة السد العالي

هل هذا هو جزاؤنا أن تزال مساكننا التي بنيناها ولم تساعدنا الحكومة في بنائها وكانت منطقة جبلية قاحلة لا تصلح للسكن , ولكن بتكاتفنا وتعاوننا استطعنا أن نعمر هذه المنطقة ”

ويضيف هاشم محمد أحمد ” لقد ولدت ونشأت في هذه المنطقة حيث كان يعمل والدي في بناء السد العالي , وأقل تكريم لهذه الأسر التي تحملت عناء الحياة في هذه المنطقة الجبلية أن يتم تمليكهم هذه المساكن بدلا من إزالتها

لأن هذه المنطقة يعيش فيها الآن أكثر من 15 ألف مواطن , فكيف تستطيع الحكومة أو المحافظة توفير سكن بديل لكل أهالي المنطقة الذين يعيشون في ظروف قاسية

فنحن نشرب مياه ملوثة بالرغم من قربنا من بحيرة ناصر وتقارير الصحة تؤكد أن المياه تلوثت نتيجة تهالك الشبكات واختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي

والكهرباء ضعيفة أيضا ومقطوعة بصفة مستمرة رغم أننا نعيش علي بعد خطوات من أكبر محطة كهرباء في مصر غير أننا فوجئنا بأن الحكومة بدلا من الاهتمام بنا وتخفيف معاناتنا إذ بها تصدر قرارا بإزالة مساكننا …!”

أما مطاوع محمد السيد فيقول لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان ” لقد فوجئنا بقرار إزالة المساكن في منطقة السد العالي شرق

فهل يعقل وأنا في هذه السن المتأخرة بعد أن أفنيت شبابي وعمري في العمل بإخلاص في بناء السد أن تكون مكافأتي هي إزالة مسكني الذي أعيش فيه أنا وعشرة من أولادي , ثلاثة منهم متزوجون ويعيشون معي

والعجيب أنه بدلا من أن تشكرنا الحكومة علي تعميرنا لهذه المنطقة الصحراوية والتي تبعد عن مدينة أسوان بحوالي 20 كيلو مترا إذا بها تصدر قرارات إزالة بخلاف غرامة من شرطة الكهرباء … أهكذا يكون رد الجميل ..؟!”

ويقول أشرف عبد السميع ” أن تشريد 369 أسرة بهذه المنطقة أمر بالغ الخطورة ويعكس مدي جحود الحكومة لأبنائها العاملين الذين بذلوا الجهد والعرق والعمر من أجل تنميتها ورقيها فهل يكون جزاء بناة السد العالي بإزالة مساكنهم ”

هل مكافأة نهاية الخدمة الطرد من السكن ..! أنني أطالب بالوقف الفوري لقرارات الإزالة وتوفيق أوضاع القاطنين بالمنطقة وإجراء تخطيط متكامل للمنطقة خاصة أنها تعاني الحرمان من الخدمات الضرورية منذ عام 1962 فشبكة الصرف الصحي لم يتم تجديدها منذ ذلك التاريخ مما أدي إلي تهالكها بالإضافة إلي تهالك شبكة المياه فكانت النتيجة إختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي

هذا بخلاف تهالك محولات وشبكة الكهرباء , والغريب أن أعمدة الكهرباء تآكل بعضها وسقوطها لأنها من الخشب .

ويقول فخري أحمد حماد لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان ” إنني أتألم كل لحظة منذ أن تم الحكم علي بسنة غيابي في دعوي أقامتها ضدي هيئة السد العالي لأنني قمت ببناء مسكن لي ولأولادي

فأنا أعول عشرة أفراد وكانت الهيئة قد أعطتني غرفتين ومع مرور السنين ضاقت الغرفتان بنا فقمت ببناء ثلاث غرف أخري حتى نستطيع أن نعيش خاصة وأن المنطقة صحراوية وليس لها أهمية تذكر

أنا أتألم لأنني بعد هذه السن المتأخرة أتعرض للسجن بعد أن أفنيت عمري وشبابي في بناء السد العالي ” لقد شاركت في بناء السد منذ البداية

وعاصرت المرحلة الأولي والمرحلة الثانية وكنا نري الموت بأعيننا أثناء عمليات التفجير , فكان رد الجميل لنا بعد أكثر من أربعين عاما .. هو الطرد والتشريد ..؟!

” من جانبنا .. فإن أولاد الأرض لحقوق الإنسان تطالب وزير الري والموارد المائية بالوقف الفوري لقرار إزالة المساكن بمنطقة السد العالي شرق وتوفيق أوضاع الأهالي بتلك المنطقة

كما تطالب محافظ أسوان بتجديد شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي وتوفير وسائل نقل مناسبة تقل الأهالي إلي مدينة أسوان فهذا أقل ما يمكن أن يقدم لبناة السد العالي وأبنائهم لما قدموه من تضحيات لرقى وتقدم هذا الوطن .