7/4/2008
تخلد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يوم 07 أبريل الجاري، اليوم العالمي للصحة، باعتباره يشكل مناسبة للوقوف على مدى التزام الدولة المغربية، بإعمال الحق في الصحة حماية و نهوضا، و ذلك وفق ما كرسته ورسخته المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، و في مقدمتها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية، التي تعتبر أن التمتع بالحق في الصحة، يقتضي توفير نظام للحماية الصحية، يستفيد منه جميع المواطنين على نحو متكافئ، كما يستوجب ضمان القدر الكافي من المرافق، والرعاية الصحية، و الأدوية، و الخدمات و البرامج، بطريقة متاحة للجميع دون تمييز.
و انطلاقا من رصد الجمعية لواقع الصحة ببلادنا، فإنها تسجل ما يلي:
- هزالة الميزانية المخصصة لقطاع الصحة، إذ لا تتعدى 01،36% من الناتج الداخلي الخام، الأمر الذي يفضي إلى حرمان المواطنين و المواطنات من أبسط الخدمات الطبية الضرورية، كما يفسر استمرار العديد من الأمراض واتساع دائرة انتشارها، خصوصا بين النساء و الأطفال، حيث ما زالت نسبة وفيات الأطفال مرتفعة، فمن أصل 1000 طفل يتوفى سنويا ما يقارب 40،4 منهم، كما تموت امرأة واحدة خلال كل ست ساعات، بسبب مضاعفات الحمل والولادة.
- الخصاص الكبير في المستشفيات، لاسيما المستشفيات المتعددة الاختصاصات، و الفقر في المستوصفات و المراكز الصحية بالمدن و القرى على حد سواء، والنقص الحاد في الأطباء ومهنيي الصحة (طبيب لكل 3137 نسمة وممرض لكل 1164 مواطن و مواطنة، مقابل 300 بتونس)، وتراجع في عدد الجراحين ( 1785 جراحا في سنة 2002 مقابل 1595 في عام 2005). وينضاف إلى هذا غياب التجهيزات الضرورية، وتقادم وعطب المتواجد منها.
- النسبة الضعيفة للتغطية الصحية التي لا تتعدى 30% من مجموع السكان، والتراجع عن المجانية، و حرمان الفئات المعدمة و الفقيرة من تلقى العلاج والخدمات الطبية، و التفاوتات الصارخة بين المناطق؛ كلها عوامل تعوق ولوج الغالبية العظمى من المغاربة إلى هذا الحق. لذا، فإنه ليس من الغريب في شيء، ما عرفته هذه السنة، على غرار سابقاتها، من وفاة لعدد من المواطنين و المواطنات أمام أبواب المستشفيات وداخل ردهاتها، لأن معظم المرضى يواجهون بالرفض عند العجز عن الدفع المسبق.
- استمرار الاختلالات الوظيفية لنظام الصحة بالمغرب، كما شخصتها وثيقة وزارة الصحة ” إستراتيجية و خطة عمل 2008-2012 “، و التي تبين بأن هناك صعوبات في تلقي العلاجات الصحية، نظرا ل ” غياب الانسجام بين العرض و الطلب على هذه العلاجات، خصوصا بالنسبة لبعض الأمراض كالسكري، السرطان، القصور الكلوي، أمراض القلب و الشرايين و الصحة العقلية”. هذا علاوة على التدبير غير المرضي للمستشفيات العمومية، و غياب سياسة محكمة لتدبير و تنمية الموارد البشرية و كذا بالنسبة للأدوية.
- عدم التقيد بالأخلاق الطبية، من جراء انتشار الرشوة، و إحالة العديد من طالبي الاستشفاء على العيادات الخصوصية.
- تدهور ألأوضاع المادية و المعنوية للعاملين و العاملات بقطاع الصحة، وضعف التعويضات التحفيزات المخصصة لهم، هذا عدا عن سوء توزيعهم، حيث يتمركز 44 % من نساء ورجال الصحة ما بين محور الدار البيضاء-القنيطرة.
- و من جهة أخرى، فإن الصحة النفسية والعقلية، لا تلقي العناية المطلوبة. فالأعداد المتزايدة للمصابين بهذه الأمراض، و غياب البنيات العلاجية وتعدد الجهات المتدخلة، و عجز العائلات عن رعاية ذويهم يعرض هؤلاء المرضي لشتى ضروب الإقصاء والتهميش، التي تبلغ حد امتهان كرامتهم و إهدار آدميتهم.
لذلك، فإن الجمعية إذ تعتبر أن واقع الصحة ببلادنا يعاني من مشاكل هيكلية خطيرة، تترتب عنها نتائج وخيمة على صحة المواطنين و المواطنات، مما ينعكس سلبا على حياة العديد منهم، ويجهز على تمتعهم بهذا الحق، كما يضر إضرارا بينا بحقوقهم الأخرى؛ لتطالب الدولة بتحمل كافة مسؤولياتها في هذا المجال، وذلك من خلال إتباع سياسة صحية متكاملة تكفل الخدمات الضرورية والمجانية للجميع، وتحفظ لهم الحق في الحياة السليمة الخالية من الأمراض.
المكتب المركزي