30/4/2008
تابعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التصريحات المتتالية لرئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان،والتي كان من أبرزها تلك التي أدلى بها أثناء برنامج القناة الأولى”حوار” في ” في حلقة 11مارس 2008،وخلال الحوار الذي أجرته معه يومية العلم في عددها 20011 الصادرة يوم 04 أبريل 2008 و غيرهما، والتي تتضمن تعتيما وتزييفا لجملة من الحقائق في استخفاف تام بعائلات المختطفين مجهولي المصير، وضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والحركة الحقوقية المغربية وأساسا منها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وحركة الضحايا ممثلة في المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف،
وبالرأي العام الوطني والدولي عموما.ويتعلق الأمر بحديثه عن أمرين أساسيين:
الأول: وهو المتعلق بمتابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.
الثاني: وهو الأوضاع الراهنة لحقوق ألإنسان ودور المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في متابعتها.
أولا: متابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان
إن السهولة التي يتناول بها رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، مسألة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وتحديد نهاية سنة 2008 كأجل نهائي لإتمام ذلك، مع تأكيده أن 10 أو 20 في المائة لن يتم تنفيذها، ويعتبر ذلك أمرا عاديا، ويدعي أن 90% أو 80% من التوصيات قد تم تنفيذها، لهو قمة الإستخفاف بالرأي العام.
* ففيما يتعلق بجبر الضرر الفردي: يتحدث رئيس المجلس عن صرف التعويضات لـ 12 ألف من الضحايا وذوي الحقوق، دون أن يتم إطلاع الرأي العام على قيمة هذه التعويضات بالنسبة للكثيرين والتي كانت هزيلة بالمقارنة مع ألأوضاع التي خلفتها الانتهاكات التي مست حياتهم وممتلكاتهم ومصير أسرهم، و ما سببته من تفويت الفرص عليهم ليكونوا في غير الوضع المتردي الذي يوجدون فيه حاليا، وقد احتج عدد من المستفيدين بسبب قيمة تلك التعويضات عبر الجرائد الوطنية، وعلى الحيف الذي لحقهم بهذا الصدد. بل إن مجموعات بعينها لم تستفد من تلك التعويضات حيث تم اعتبار أن حالتها ليست من اختصاص هيئة الإنصاف والمصالحة، نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر: ملف معتقلي تاكونيت، الإعدامات خارج نطاق القضاء القضاء، ملف تلاميذ أهرمومو، ضحايا الحملة التطهيرية لسنتي 95 – 96، الاعتقالات التعسفية التي نتجت عنها أحكام قضائية بالإعدام وتم تنفيذها، بالإضافة إلى عدد من الحالات الفردية ،… الخ
كما أن مجموع الملفات التي توصلت الهيئة بها كان قد بلغ حوالي 50000 ملف منهاحوالي من 40% داخل الأجل والباقي خارج الأجل على اعتبار أن الكثيرين من الضحايا وعائلاتهم لم يكونوا يعلمون بالأمر، خاصة وأن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لم تبث أي إعلان لعموم الضحايا من أجل تقديم الطلبات لهيئة الإنصاف والمصالحة. ولم يتم إطلاع الرأي العام لحد الآن على المعايير المعتمدة في تحديد قيمة التعويضات، كما لم يتم نشر لوائح المستفيدين من هذه التعويضات، وما هو المصير النهائي للملفات التي تم تقديمها خارج الأجل؟
* البطاقة الصحية: لا بد من التأكيد على أن المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف قام الجمعة 7مارس 2008 بوقفة أمام المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وذلك للمطالبة بتنفيذ توصيات الهيئة والتي من أهمها تلك المتعلقة بالتغطية الصحية، وأكثر من ذلك فإن عدد من الحالات المستعجلة لازال المجلس لم يتحمل مسؤوليته في متابعة مصيرها رغم وضعيتها جد الصعبة، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، حالات بتقاري عبد الكريم، ونارداح خالد، وغاموس كمال الدين، وعلمي بوطي حسن والذين سبق، وحضر اختصاصي في جراحة الأعصاب من فرنسا وقام بفحصهم سريريا وإخضاعهم لفحوصات بالأشعة بمستشفى الأمير زايد بالرباط، ووعد المجلس المعنيين بعودة الطبيب بعد شهر ، إلا أن وضعيتهم استمرت على ذلك الحال منذ أكثر من سنتين،بالإضافة إلى حالات اشدايني ميلود وأفكوح علا وإيخيش الحسين وميساوي محمد وأبوصيرأحمد وسويح ابراهيم، ولربما قد يكون علاج هذه الحالات الأولى والحالات الأخيرة يتطلب مصاريف كبيرة، لذلك صرف المجلس النظر عن علاجها.
* الإدماج الاجتماعي: لا بد من التأكيد أن ملف إرجاع الموقوفين قي قطاع التعليم والقطاعات العمومية الأخرى قد تمت تسوية أغلبيته الساحقة في عهد حكومة الوزير الأول عبد والرحمن اليوسفي، قبل إنشاء الهيئة بسنوات وأن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، لم يقم لحد الآن بتسوية عدد من الملفات بهذا الخصوص تسوية شاملة وعادلة، ونذكر منها بالأساس:
ــ ملفات عدد من المنفيين
ــ ملفات فردية
ــ ملفات من كانوا يشتغلون بالقطاع الخاص.
ويبقى كذلك ملف العديدمن الضحايا الذين عانوا الاعتقال أو الاختطاف وفاتتهم فرص الالتحاق بعمل خصوصا وأن سنهم يتجاوز السن القانوني لاجتياز المباريات الخاصة بالتوظيف، وإذا كان ألأستاذ عبد الرحمن اليوسفي بدل مجهودا لمعالجة بعض الحالات، فإن حالات أخرى لازالت عالقة لحد الآن.
* جبر الضرر الجماعي: إن عملية جبر الضرر الجماعي للمجموعات البشرية والمناطق التي كانت ساكنتها أكثر عرضة للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، أوالتي استعملت بها أماكن للاختطاف والتعذيب، مما جعلها تعيش حالة من الرعب والخوف المستمر، لم تستفد لحد الآن من إعادة الاعتبار إليها، ويقع الخلط بشأنها بين مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومبادرات جبر الضرر الجماعي، فما هي المشاريع التي تم الشروع فيها لحد الآن أو مهيأة للتنفيذ في الريف، وفي الأطلس ،وفي الصحراء وغيرها من المناطق، والتي يمكن فعلا اعتبارها جبرا لضرر ساكنة تلك المناطق.
* استكمال الحقيقة بخصوص حالات الاختفاء القسري:
لقد تحدث رئيس المجلس عن 1200 حالة اختفاء قسري- وأضاف تعبيرا آخرا سماه إرادي-، في الوقت الذي نعرف جميعا أن المواثيق الدولية تتحدث عن الاختفاء القسري وأهمها اتفاقية حماية الأشخاص من الاختفاء القسري التي وقع عليها المغرب، ووعد أثناء مجلس حقوق الإنسان في دورته الأخيرة بالتصديق عليها،وذهابه في الحديث عن حالات ماتت في المواجهات التي عرفتها عدد من الإنتفاضات الاجتماعية،أوخلال أحداث مارس 1973،أو في المواجهات بالصحراء بين البوليساريو والقوات المغربية ، وأن الحالات العالقة 66 قد تم الكشف عن 44 منها وأن البحث متقدم بشأن 22 حالة المتبقية، حيث سيتم إجراء التحاليل الجينية بشأنها,وأن عدم الكشف عن الحالات الأخيرة هو بطلب من عائلات الضحايا. وفي هذا الموضوع تنكشف أكثر مغالطات رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وهو ما تؤكده المعطيات التالية:
ــ أنه ولحد الآن، وبعد مرور أكثر من سنتين على انتهاء عمل هيئة الإنصاف والمصالحة لم يتم كشف لوائح 742 حالة التي تم التوصل إليها، ولا الحالات والتي سقطت في المواجهات المسلحة أو ألأحداث والاجتماعية، ولا أسماء 44 حالة الأخيرة.
ــ إن الحديث عن إجراء التحاليل الجينية لـ 22 حالة المتبقية بتعاون مع الدرك والأمن فيه استخفاف بجميع المعنيين بهذا الملف، فلحد الآن وبعد مرور أكثر من سنتين لم يتم الكشف عن النتائج المتعلقة بعدد من الحالات، نذكر من بينها حالات تازمامارت وقلعة مكونة وعبد الحق الرويسي ووزان قاسم …ونخشى أن يكون مصير 22 و 44 حالة كالسابق.
ــ إن لجنة التنسيق لعائلات المختطفين ضحايا الاختفاء القسري، وعدد من العائلات قد اصدروا بيانات كذبوا فيها ما صرح به رئيس المجلس الاستشاري من انهم رفضوا الكشف عن لوائح المختطفين، وتساءلوا عن مصير التحاليل الجينية التي أقبرت نتائجها، وكان آخر هذه البيانات البيان الصادر عن لجنة التنسيق في 08/04/2008.
ــ إن حديث رئيس المجلس الاستشاري عن ضبط 1200 حالة لم تستطع أي هيئة حقوقية ضبطها، فيه نوع من تحصيل الحاصل فمن يا ترى يتوفر على المعلومات الكافية والشافية، نعتقد جازمين أنها الدولة، فهي التي قامت مصالحها ومخابراتها بتلك الجرائم وبالتالي فهي أعلم منا بالعدد الحقيقي لها ،والذي نعتقد في الجمعية أنه يتجاوزبكثير1200 حالة ،إذامادققنا في حجم الانتهاكات التي تمت بالريف والأطلس، وخلال عملية إيكفيون، وأولاد خليفة، والصحراء، و23 مارس 65، و يونيو 81 ،و يناير 84 ،ودجنبر 90.
-ملف أختطاف واغتيال الشهيد المهدي بنبركة والذي يمكن اعتباره حلقة أساسية من حلقات الحقيقة المبحوث عنها ، ولا أدل على ذلك من أن الهيئة في تقريرها الختامي ، لم تقدم نتائج تحرياتها واتصالاتها و أبقت البحث والتحقيق مفتوحا بخصوصه، إلاأن رئيس المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان تنكرلذلك من خلال تصريحاته التي يتبين منها أن المجلس لم يعد معني بمواصلة البحث والتحقيق في هذا الملف.
إن ما يقوم به رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، حاليا هو التغليط والتعتيم عن الحقيقة ومحاولة طمسها، في استهتار سافر بكل القوى والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان.
* التعاون مع مختلف مكونات المجتمع المدني:
إن إدعاء التعاون مع مختلف مكونات المجتمع االمغربي من حكومة ومجتمع مدني وفعاليات مستقلة وكتاب وغيرهم فيه تغليط للرأي العام ، ونحن نتابع التنسيقيات التي تم تأسيسها هنا وهناك ببعض الجهات، والتي تتميز بـ: ــ غياب الإطارات الحقوقية الوطنية ذات المصداقية والتي سبق واشتغلت على الملف لعقود من الزمن. ــ عدد من الإطارات المشاركة محدودة التجربة، ولم يسبق لها أن اشتغلت على ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، وتتعامل مع الملف بالتأييد الكامل للإختيارات الرسمية. – نستغرب لكلام رئيس المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان الذي يقول بمقاطعة الجمعية للتنسيقيات المشكلة من طرفهوهي لم تستدع أصلا لها. * الإعتذار العلني والرسمي للدولة: إن ما يقوم به رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان هو محاولته الإلتفاف على توصيات هيئة ألإنصاف والمصالحة وتحويرها وتحريفها، باعتباره أن الاعتذارالرسمي والعلني قد تم عندما تحدث الملك في خطاب 06 يناير 2006عن الصفح الجميل ، بينما السياق الذي وردت فيه العبارة يبرز أنها استعملت كعبارة إنشائية ترمز إلى الأمل في التسامح بين الجميع،ضحايا الإنتهاكات ومسؤولين عنها. ومن الأكيد أن الرئيس يشتغل ضمن مؤسسة استشارية ليس إلا، ولا يمكنه باي حال من الأحوال أن يحل محل من يقررون، وبالتالي فإن هذا المجهود الذي يقوم به ، هوفقط تنفيذ منه لما عزمت الدولة عليه في التراجع عن التوصيات التي صادق عليها الملك في 06 يناير 2006، وكلف المجلس الاستشاري بالعمل على تفعيلها بتعاون مع جميع الجهات المعنيةبذلك، حكومة، برلمان،…الخ.
وطبعا تلك هي نتائج مسلسل انطلق والدولة لازالت لم تقطع مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مادامت أغلب ممارسات الماضي من اختطاف وتعذيب ومحاكمات غير عادلة مستمرة في الحاضر،و بالتالي فإن الذي يجري حاليا، سيضرب في الصميم جملة من العناصر الإيجابية التي حملها مسلسل إحداث هيئة الإنصاف و المصالحة، و نعتقد أن المسلسل الذي استهدف بالأساس التوجه للرأي العام الخارجي أكثر منه الرأي العام المغربي، أي المجتمع الذي هو المعني الأول و الأخير بالمصالحة و الإنصاف، قد بدأ يفقد البريق الذي أحدثته حملة التسويق الدولية للتقرير الختامي لهيئة الإنصاف و المصالحة، و هو ما يتوضح من خلال التقارير الدولية، و الاحتجاجات التي عرفتها العديد من العواصم العالمية بخصوص الاعتقال السياسي و حرية الرأي و التعبير و حرية الصحافة و الحق في التظاهر السلمي…الخ.
* الإصلاحات المؤسساتية و التدابير التشريعية و الإدارية و التربوية:<br>
لم يخبر رئيس المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان الرأي العام بالتدابير العملية التي تؤشر فقط الى أن تنفيذ 80% من توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة ستتم سنة 2008، فلا الدستور تم تعديله، و لا قانون الصحافة عرف التغييرالذي يطالب به المعنيون و الهيئات الحقوقية، وقوانين الحريات العامة لا زالت على حالها…الخ، وقس على ذلك العديد من القوانين الأخرى، بل اننا نشهد اعتقال و متابعة الصحفيين، و توظيف القضاء بشكل فج من أجل الإجهاز على المكتسبات التي راكمتها الحركة الديموقراطية المغربية بتضحيات جسيمة.
* حفظ الذاكرة:
إن رئيس المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان لم يطلع الرأي العام كذلك عن الإجراءات العملية التي قام بها المجلس من خلال اللجنة التابعة له لحفظ ذاكرة الشعب المغربي حيث لا مستقبل لشعب بدون ذاكرة، ولا نفهم بتاتا كيف يتم هدم و تدمير العديد من المراكز التي استعملت خلال العقود الماضية للتعذيب و الاختطاف، و قهر المعارضين السياسيين ،و التقرير الختامي لهيئة الإنصاف و المصالحة يتضمن توصيات تتحدث عن حفظ الذاكرة و تحويل هذه المراكز الى متاحف و أشياء أخرى، و قد سبق لهيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أن نبهت لذلك لما علمت بما يجري في تازمامارت و النقطة الثابتة الثالثة بالرباط والكوربيس بالدارالبيضاء و غيرهما، ولكن للأسف الشديد لم نشهد توقيف ذلك و لم نشهد لحد الآن فتح أي من المراكز و المعتقلات السابقة أمام الرأي العام لتظل ذاكرته يقظة و حتى لا يتكرر ما جرى و يجري لحد الآن في حق البلد والإنسان .
* حقيقة أدوار الجمعية بخصوص ملف الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، و مسلسل هيئة الإنصاف و المصالحة: إن تهجم رئيس المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان لن يثني الجمعية عن القيام بواجبها الذي يعرفه كل متتبع لهذا الملف بمن فيهم المسؤولون أنفسهم. و عكس ما يصرح به رئيس المجلس فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تعاملت مع إحداث هيئة الإنصاف و المصالحة بشكل موضوعي مقدمة اقتراحاتها وانتقاداتها فيما تراه من أوجه الخلل والنقص في عمل هيئة الإنصاف والمصالحة منذ الانطلاق وإلى حدود الإنتهاء من عملها، و هو ما يمكن الوقوف عليه من خلال: – بيانات الجمعية و مواقفها و تعاونها مع الهيئة و إمدادها لها بكل ما طلبته منها، و حضورها و مساهمتها في أنشطتها.
– بيانات و مواقف و مذكرات هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المشكلة من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و المنظمة المغربية لحقوق الإنسان و المنتدى المغربي للحقيقة و الإنصاف
. – عقد لقاءات بين هيئة المتابعة و هيئة الإنصاف و المصالحة و الحضور في جميع الأنشطة المنظمة من طرف هذه الأخيرة.
و إذا كان رئيس المجلس غير مطلع على الملف فإننا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نحيله على وثائق و أدبيات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و هيئة المتابعة، وإلا فإنه يمارس تعتيما و تزييفا مقصودين.
إن مواقف الجمعية كانت واضحة منذ انطلاق المسلسل و هي سجلت ما هو ايجابي و انتقدت عناصر القصور و الخلل، و قررت المواكبة الاقتراحية و النقدية للمسلسل، كما أنها و مع شركائها الحقوقيين مارست نفس الشيء من خلال العناصر المشتركة في متابعة المسلسل، و لما أصدرت هيئة الإنصاف و المصالحة تقريرها الختامي قامت بنفس الشيء لوحدها أو مع شركائها من خلال هيئة المتابعة ،و اعتبرت التوصيات مهمة و تحتاج الى الترجمة على أرض الواقع، و سجلت في الوقت نفسه أنها لم تستجب بالكامل لمطالب المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
أما و أن يتضايق رئيس مجلس استشاري لحقوق الإنسان من أنشطة الجمعية، و خصوصا جلسات الاستماع لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي نظمتها الجمعية، و أطلقت عليها “شهادات بدون قيود من أجل الحقيقة”، مادامت جلسات الاستماع العمومية التي نظمتها هيئة الإنصاف و المصالحة فرضت على الضحايا قيودا معينة أثناء الإدلاء بشهادتهم، فإن ذلك يوضح أن رئيس المجلس كان رافضا لمساهمة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في إلقاء الضوء على جوانب مهمة من حقيقة ما جرى و يجري من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان،وكان يريد فقط أن يستمع المواطنون و المواطنات إلى نمط واحد و أوحد من الشهادات !! ؟؟
أما جوانب أخرى افتعلها رئيس المجلس الاستشاري و حاول من خلالها أن يوضح أن الجمعية تتناقض مع نفسها ،حيث تقبل تمويل الاتحاد الأوروبي لمشاريعها،وترفض ذلك للمجلس الإستشاري فيما يتعلق بجبر الضرر الجماعي.
والحقيقة أن الجمعية لم تتعرض لمسألة الجهة المكلفة بالتمويل، بل لاحظت فقط أن القيمة المرصودة لجبر الضرر الجماعي إذا اعتمدت فقط على الميزانية المخصصة من طرف الإتحاد الأوروبي ،فإنها ستبقى هزيلة أمام انتظارات ساكنة المناطق التي يجب جبر أضرارها.
ثانيا: الأوضاع الراهنة لحقوق الإنسان و دور المجلس الاستشاري في متابعتها : إن حديث رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان عن الانتهاء من تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة و التوجه نحو
إتمام العمل الذي ينهض به، يظل مطبوعا بدوره بالغموض و التعتيم، و هو ما يمكن أن نسجله من خلال الملاحظات التالية:
- إن ما تعرفه أوضاع حقوق الإنسان من انتهاكات ، منذ أحداث الحادي عشر شتنبر2001، و وبالخصوص منذ أحداث 16 ماي 2003بالدار البيضاء توضح ان المجلس لا يقوم بما تقوم به المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، و بالرجوع الى تقارير المجلس نكتشف أنه لم يتحمل مسؤولياته في التصدي للانتهاكات، بل إنه كان يحاول البحث عن أسباب يقدمها على أنها الدافع لوقوعها.
- إن ما يسجل على رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أثناء استقباله لعدد من الهيآت التي تتحرك لتنبيه المجلس إلى خطورة التجاوزات الحاصلة في الساحة و التي تمس حرية الرأي و التعبير و الصحافة و ما إلى غيرهما، هو دفاعه عن ممارسات أجهزة الدولة، و البحث لإيجاد مبررات لانتهاكاتها، مما يتعارض مع ما هو مفروض في رئيس لمجلس استشاري لحقوق الإنسان من تشبع بالدفاع عن حقوق الإنسان …وترك المسافة بين المجلس و السلطات العمومية، و هذا الأمر لا نجده في المؤسسات الوطنية التي يقارن المجلس الاستشاري نفسه بها.
- إن دفاع رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على أن هناك مبررات موضوعية تحول الآن دون مصادقة المغرب على المحكمة الجنائية الدولية يتعارض كليا مع ما حملته توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة من ضرورة مصادقة المغرب على قانون المحكمة الجنائية الدولية.
إن المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان انطلاقا مما سبق يسجل ما يلي:
- إن ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لازال مفتوحا و لا يمكن لتصريحات رئيس المجلس الاستشاري أن تغلقه ما دامت المعالجة الشاملة و العادلة لم تتم لهذا الملف، و ما دامت الانتهاكات مستمرة في الحاضر.
- إن الدولة المغربية مطالبة باحترام التزاماتها أمام المغاربة و المنتظم الدولي بالعمل الفعلي على ترجمة ما حمله التقرير على أرض الواقع ،بدءا بالحقيقة و جبر الضرر و حفظ الذاكرة والإعتذار الرسمي والعلني للدولة، ومرورا بتدابير عدم تكرار ماجرى،و الإصلاحات المؤسساتية و التشريعية.
و يعبر عن:
- قلقه الشديد من التفاف الدولة عن تنفيذ التوصيات التي حملها التقرير الختامي لهيئة الإنصاف و المصالحة.
- استنكاره لتصريحات رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان التي تحاول تحوير و تحريف العديد من التوصيات خصوصا ما يتعلق بالاعتذار الرسمي و العلني للدولة.
- تأكيده أن نضال الجمعية من أجل الحل العادل و الشامل لملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ماضيا و حاضرا، سيستمر مع جميع شركائه الحقوقيين و الديمقراطيين.
- تثمينه للدعوة إلى تشكيل جبهة للمطالبة بتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة.
- دعوته لجميع المكونات الديمقراطية بالعمل على التحرك العاجل من أجل وقف التراجعات التي تعرفها الحقوق و الحريات ببلادنا.
المكتب المركزي