27/11/2005

بعد انتهاء جولة الإعادة للمرحلة الثانية لانتخابات مجلس الشعب نستطيع أن نؤكد أن الانتخابات البرلمانية لعام 2005 انتخابات باطلة …!

العجيب في الأمر أنه بالرغم من أن الدستور يمنح رئيس الجمهورية حق تشكيل الوزارة حتى ولو لم يفز الحزب الحاكم بالأغلبية وهو ما يجب تصحيحه وتعديله إلا أن ذلك لم يردع الحزب الوطني عن ممارسة كل وسائل التزوير والترهيب والترغيب للفوز بأغلب مقاعد مجلس الشعب حتى ولو وصل الأمر إلي إراقة الدماء وترويع الناخبين كما حدث في الجولة الأولي من المرحلة الثانية , وبالرغم من تحذيرنا أن الحياد السلبي للشرطة أتاح للبلطجية أن يفرخوا سطوتهم بالسيوف والسنج وأنه يجب علي الشرطة أن يكون حيادها إيجابيا بحماية الناخبين واللجان من مرتزقة الانتخابات …

إلا أن الشرطة في جولة الإعادة للمرحلة الثانية تعمدت أن تنتهك الخط الدقيق الفاصل بين الحياد الإيجابي والتجاوز , فقامت بمحاصرة الكثير من اللجان ومنعت الناخبين من الوصول إليها بل وصل الأمر إلي إهانة رجال القضاء مما دفع بخمسة عشر قاضيا إلي الانسحاب من لجانهم في دائرة وادي النطرون بمحافظة البحيرة وأثبتوا في محاضرهم أن انسحابهم جاء نتيجة التجاوزات التي شهدتها اللجان من جانب قوات الشرطة التي قامت بمنع الناخبين بالإدلاء بأصواتهم وعدم الاستجابة لمطالب القضاة وتوفير الحماية لهم , كما حدثت تلك التجاوزات في محافظة الإسكندرية والبحيرة وطنطا والقليوبية وبور سعيد والفيوم وقنا , وبالرغم من التعنت الشديد التي أظهرته الشرطة تحت غطاء الحياد الإيجابي أمام اللجان والناخبين إلا أن ذلك لم يمنع من وقوع أعمال البلطجة .

ففي محافظة الغربية شهدت لجان قري الهياتم ومحلة حسن وبلقينا وصغط التراب بالمحلة الكبرى العديد من المعارك بين أنصار مرشح الوطني عبد الرحمن الشهاوي وأنصار مرشح الإخوان يحيي المسيري استخدمت فيها الأسلحة النارية والسنج والسيوف مما أدي إلي إصابة 5 ناخبين وهم طه أبو طحوة وحسام فيشار ووليد المصيلحي وهاني منصور ومحمد رازق بإصابات خطيرة كما أصيب أربعة آخرون بقرية محلة أبو علي بإصابات بالغة إثر إطلاق النار عليهم بالدائرة الرابعة في بشبيش وألقت قوات الأمن القبض علي 4 محامين من أنصار مرشح الإخوان وحيث قامت بإعاقة عمل اللجان في هذه القري , كما شهدت لجان طنطا في قحافة وسيجر والعجيزي أعمال بلطجة ونشبت مشاجرات عديدة بين أنصار مرشح الوطني أحمد شوبير وأنصار مرشح الإخوان , أما في محافظة القليوبية وفي دائرة كفر شكر فقد نشبت معارك عنيفة بين أنصار خالد محيي الدين زعيم التجمع وبين أنصار مرشح الإخوان تيمور عبد الغني استخدم فيها الشوم وإلقاء الحجارة مما تسبب في إصابة 35 شخصا من الناخبين , وقد قام رئيس اللجنة رقم 9 في تلك الدائرة بغلق اللجنة تماما بعد أن تلقي العديد من الشكاوي بقيام الشرطة بمنع الناخبين من دخول اللجنة وبطء عملية التصويت وذلك بالسماح بدخول ناخب واحد فقط إلي اللجنة كل خمسة دقائق بل وقد طالب رئيس اللجنة المراقب محمود الشربيني من أولاد الأرض لحقوق الإنسان بتسجيل وقائع منع الناخبين من الإدلاء بصوتهم في اللجنة رقم 9 بكفر شكر …! أما في مدرسة السلام بكفر شكر فقد تم الاعتداء بالضرب علي إحدى الناخبات … وبالرغم من أن رئيس اللجنة خرج علي صراخها إلا إنها مع ذلك لم تتمكن من الإدلاء بصوتها …!

أما مجمع المدارس بمدينة كفر شكر والتي تحتوي علي 6 لجان فرضت قوات الأمن حصارا آمنيا شديد حول هذا المجمع مما دفع بمندوبه خالد محيي الدين إلي تقديم مذكرة بذلك ولكنة لم يلتفت إليها, أما في محافظة البحيرة فقد شهدت دائرة وادي النطرون أحداث شغب واسعة فقد قام أنصار المرشح محمد كمال خضر بقطع الطريق إلي قرية أبو الخاوي التي ينتمي إليها وبث الرعب في قلوب الناخبين مستخدمين الشوم والعصي , وقاموا باقتحام ثمانية لجان بالقرية وتحطيم الصناديق وقد أسفرت تلك المواجهات عن إصابة 6 أشخاص وتقلهم إلي مستشفي كوم حمادة وقرر القضاة إلغاء الانتخابات في تلك اللجان والتي تحمل الأرقام من 55 إلي 62 …!وقد شهدت أيضا محافظة الإسماعيلية وخاصة في منطقة الشهداء تواجدا كثيفا للبلطجية الذين فرضوا نفوذهم علي جميع اللجان بالقوة ومنعوا مندوبي المرشح الوفدي صلاح الصايغ من التواجد أمام وداخل اللجان بعد أن قاموا بتمزيق توكيلاتهم وقد سمح بعض رؤساء اللجان للبعض منهم بالتواجد بالرغم من اعتراض مندوبي الوطني ..! وفي محافظة الفيوم أغلقت أجهزة الأمن جميع اللجان الانتخابية في مدينة سنورس وقري بيهمو وجرفس والمشرك والشواشنة وقد فرضت قوات الأمن كردونا أمنيا حول اللجان وتم منع جميع المواطنين من الاقتراب وفشلت محاولات المرشحين في الاتصال برؤساء اللجان العامة واستخدمت أجهزة الأمن قنابل مسيلة للدموع لتفريق الناخبين خاصة المساحة في لجنة وفي دائرة إبشواي تم غلق اللجان الانتخابية في مدرسة بطن هريت الابتدائية وقرية الشواشنة وأغلقت أجهزة الأمن 12 لجنة انتخابية في المدرسة الابتدائية والوحدة البيطرية والمستشفي وتحولت مقار اللجان الانتخابية إلي ثكنات عسكرية من جنود الأمن المركزي لإرهاب الناخبين ..

ونخلص من تلك الأحداث علي سبيل المثال لا الحصر أن الشرطة بحيادها الإيجابي لم تمنع أعمال العنف والبلطجة في معظم الدوائر بل ساهمت بمنعها للناخبين بالإدلاء بأصواتهم وبالقبض علي المئات من أنصار المرشحين المعارضين وخاصة الإخوان المسلمين باستكمال قائمة السلبيات لانتخابات مجلس الشعب والتي تمثلت في القيد الجماعي والتلاعب بالكشوف الانتخابية والعنف والبلطجة والرشاوي الانتخابية واستخدام البطاقة الدوارة …

وهو ما يؤكد باليقين أن تلك الانتخابات باطلة …!ونظرة سريعة إلي قضايا البطلان والطعون يعطي دلالة واضحة إلي ما يعتري تلك الانتخابات من عوار , فقد قررت اللجنة العليا للانتخابات إلغاء نتائج الانتخابات بالجولة الأولي للمرحلة الثانية في دوائر المنشية بمحافظة الإسكندرية والقناطر الخيرية بمحافظة القليوبية وإطسا بمحافظة الفيوم بناء علي أحكام صدرت من القضاء الإداري ببطلان الانتخابات في تلك الدوائر , كما قضت محكمة القضاء الإداري أيضا ببطلان الانتخابات في دوائر مدينة نصر والمعادي والزاوية الحمراء والدرب الأحمر وكرداسة ” المرحلة الأولي ” وأيضا بدائرة الخانكة بالقليوبية ” مرحلة ثانية ” أما عن الطعون فقد أحالت الأمانة العامة لمجلس الشعب إلي محكمة النقض 190 طعنا انتخابيا في نتائج انتخابات المرحلة الأولي والجولة الأولي من المرحلة الثانية , وقد أرفق مع الطعون أحكاما قضائية من محاكم القضاء الإداري بشأن وقف إجراء الانتخابات وإعادتها مرة أخري وعدم الاعتداد بالنتائج التي أعلنت من قبل اللجنة العليا للانتخابات وسوف تقوم اللجنة التشريعية بمجلس الشعب بالفصل في تلك الطعون بناء علي تحقيقات محكمة النقض …!

  • من جانبنا …. فإن أولاد الأرض تؤكد أن انتخابات مجلس الشعب باطلة وأن الظواهر السلبية التي اعترتها تؤكد هذا البطلان ويقينا فإن هذه السلبيات ما كانت تظهر لولا إصرار الحزب الوطني علي أن تكون الانتخابات بالنظام الفردي مما أتاح الفرصة لنعرة العصبية والطائفية والبلطجة والرشاوي الانتخابية أن تتفشي بين جماهير تعاني من الفقر المادي والثقافي … مما يعني أن تلك الانتخابات كانت خطوة إلي الخلف خاصة بعد انخفضت نسبة المشاركة من 24% في المرحلة الأولي إلي أقل من 15% في المرحلة الثانية … وبناء علي تلك الأسباب تطالب أولاد الأرض بإلغاء تلك الانتخابات وإجراء انتخابات جديدة علي أساس القائمة النسبية غير المشروطة حيث تتصارع الأفكار والبرامج وتتراجع السيوف والسنج وتختفي النعرات العصبية والطائفية ويفقد المال بريقه …!