22/3/2006
كان الإصلاح الزراعي في الزمن الجميل وسيلة لتنفيذ العدل الاجتماعي وإنصاف المستضعفين , كان أداة لتصحيح الميزان المختل بين ما يملكون كل شئ ومن لا يمتلكون أي شئ .. كان طاقة من النور للبائسين ومساحة خضراء في صحراء حياتهم القاحلة …!
بعد أكثر من خمسين عاما تغير الزمن وجرت في النهر مياه كثيرة .. اختلط الحابل بالنابل وضاع الخط الفاصل بين الصواب والخطأ والعدل والظلم واليأس والأمل ….!بعد خمسين عاما تحول الإصلاح الزراعي إلي هيئة لجلد الفلاحين وأداة في يد الإقطاعيين الجدد لاغتصاب تلك المساحات الخضراء التي اقتطعت منهم في غفلة من الزمن …!ولم تتوقف المأساة عند سفك دماء الفلاحين في الأرض التي ارتوت بعرقهم واخضرت بسواعدهم كما حدث في قرية سراندو وصرد وميت شهالة وكمشيش بل إن القائمين علي الإصلاح الزراعي رأوا أنه يجب تجريد هؤلاء ” الأوباش ” من أبسط الحقوق في أن يكون لهم سكن يستر عوراتهم ويقي أولادهم من قيظ الحر وبرد الشتاء …!!فقد اكتشف الإصلاح الزراعي في محافظة البحيرة فجأة وبعد خمسين عاما أن الأرض التي أقيمت عليها المساكن لما يزيد عن 300 أسرة من أهالي مدينة أبو حمص هي أرض ملك للإصلاح الزراعي وعليه فإن علي تلك الأسر إما أن تدفع الإيجارات المتراكمة عليهم منذ خمسين عاما أو يكون السجن والتشريد في انتظارهم …!
يقول مبروك سرور لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان ” كنت موجها بالتربية والتعليم ولكني اليوم علي المعاش , أعول أسرة من خمسة أفراد , وأقيم مع أسرتي بالمنزل المقام علي الأرض التي تدعي هيئة الإصلاح الزراعي ملكيتها والتي تبلغ 220 مترا , ولدي عقد باسم والدتي بملكية هذه المساحة ومسجل برقم 1/1/1944 بمحضر تصديق 52 لسنة 1944 , وفوجئت في يوم 31 ديسمبر من عام 2004 بمندوب هيئة الإصلاح الزراعي بأبو حمص يطالبني بسداد مبالغ متراكمة منذ عام 1956 تصل إلي 15 ألف جنيها وحجز رقم 353 مما اضطرت للتوجه إلي هيئة الإصلاح بأبو حمص للاستفسار عن المبلغ وإخطارهم بملكيتي للمنزل , وبناء علي ذلك طلبوا استخراج صورة عقد حديث من الشهر العقاري بمدينة دمنهور وهو ما قمت بعمله , وبالرغم من ذلك مازال الإصلاح الزراعي يهددني بالحبس وتشريد أسرتي إذا لم أقم بدفع المبلغ …!! أما محمد جابر خطاب وهو أحد المتضررين فيقول ” ورثت المنزل الذي أقيم فيه مع أربعة من أشقائي عن أبي وجدي , وتبلغ مساحته 246 مترا ومكون من خمسة طوابق , وفوجئت بهيئة الإصلاح الزراعي تطالبني بسداد 16 ألف جنيها بدعوى أنها مبالغ متراكمة للإيجار منذ عام 1956 أو التشريد والسجن … وللآن لست أدري ماذا أفعل … وما هو الحل ..؟! ويقول عيد محمد بشر لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان ” أعول أسرة من 9 أفراد وأقيم مع أسرتي وأشقائي بالمنزل الذي تبلغ مساحته 45 مترا منذ عشرات السنين علي أساسا أنه إرث لنا , ولكنني فوجئت في نهاية عام 2004 بمندوب الإصلاح الزراعي يطالبني بسداد مبلغ 11 ألف جنيها قيمة إيجار متراكم منذ عام 1956 , والحقيقة فإنني أود أن أسأل … أين كانت هيئة الإصلاح الزراعي طوال الخمسين عاما الماضية …؟! ولماذا تذكرتنا فجأة وعلي غير انتظار …. وماذا يجب أن أفعل إنسان فقير مثلي في مواجهة تلك الكارثة …؟!
أما أحمد أبو ضية وهو أحد المتضررين فيقول ” أقيم بالمنزل منذ عام 1930 والمقام علي مساحته 137 مترا داخل أبو حمص بشارع المدارس , وفوجئت منذ عام بمندوب الإصلاح الزراعي يقوم بالحجز والتبديد بالدعوى رقم 684 لسنة 2003 والمؤجلة لجلسة بتاريخ 10/3/2004 دون علمي أو إنذاري , وقد تم تقدير المتر بمبلغ 140 جنيها وأن الدين المتراكم منذ عام 1956 وصل إلي 40 ألف جنيها إضافة إلي العوائد , حدث هذا بالرغم من أن العقار ملك لنا عن طريق الميراث الشرعي …!!
أما فرج رزق فيؤكد لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان أنه يعول أسرة من 7 أفراد والمساحة المقام عليها المنزل 104 مترا وقد قام الإصلاح الزراعي بالبحيرة بعمل حجز وتبديد للمواطنين دون أي سند من القانون , حيث أن قانون الإصلاح الزراعي صدر للقضاء علي الإقطاع ولم يصدر من اجل نزع ملكية منازل المواطنين البسطاء ويسأل فرج مندهشا ” هل أصبحنا في نظر الإصلاح الزراعي من الإقطاعيين الذين يجب معاقبتهم والحد من ملكيتهم …؟!! وقد تمثلت قمة المأساة فيما حدث للمواطن نعمة الله محمد الذي يعول أسرة من 8 أفراد يقيمون في منزل مساحته 9 أمتار , وبالرغم من أن هذا المنزل الصغير إرث عن أجدادهم , إلا أن ذلك لم يشفع لهم لدي هيئة الإصلاح الزراعي التي طالبهم بسداد 15 ألف جنيها أو السجن والتشريد …! وكأنه عز علي الإصلاح الزراعي أن تستر تلك الحجرة الصغيرة تلك الأسر الفقيرة فحاول جاهدا انتزاعها منهم …!
” من جانبنا … فإن أولاد الأرض لحقوق الإنسان تطالب وزير الزراعة بالوقف الفوري لمحاولات هيئة الإصلاح الزراعي لتشريد 300 أسرة في مدينة أبو حمص إحقاقا للمساواة والعدل الاجتماعي .