30/5/2006
يذهب حسن خضر ويجئ على مصيلحى ويذهب أحمد الليثي ويأتي أمين أباظة …. تتغير الوزارات … وتتغير الوجوه … وتبقى السياسة واحدة , ولسنا ندرى حقيقة لماذا هذا الإصرار الغريب على القضاء على أهم محصول إستراتيجي وذلك بوضع العقبات والعراقيل أمام مزارعي القمح من عام إلى عام لإرغامهم في النهاية على عدم زراعته ..,!
في العام الماضي فوجئنا بوزير التموين السابق يصدر قرارا عجيبا بوقف استلام القمح المحلى من المزارعين قبل الموعد المحدد بأكثر من 60 يوما , فقد كان من المقرر أن تواصل المطاحن استلام القمح حتى منتصف شهر سبتمبر الماضي إلا أنها امتنعت عن الاستلام منذ منتصف يوليو بناء على قرار وزير التموين فكانت النتيجة أن أنخفض سعر القمح المحلى من 165 جنيها إلى 110 جنبها للإردب وهو الأمر الذي دفع المزارعين إلى استخدام القمح كعلف للماشية مما كبد الفلاحين خسائر فادحة ,
والغريب أن قرار وزير التموين السابق تزامن مع قيام مؤسسة القمح الأمريكية بفتح اعتماد بقيمة 200 مليون دولار لتوريد القمح إلي مصر وهو الأمر الذي ساعد رجال الأعمال والوسطاء المصريين باستيراد كميات كبيرة من القمح الأمريكي وتم إغراق السوق المصري بالقمح المستورد بسعر يقل كثيرا عن القمح المحلي , فقد وصل سعر استيراد طن القمح إلي 125 دولارا بما يعادل 800 جنيها مصريا في حين كان سعر توريد أردب القمح المحلي 165 جنيها بما يعادل 1100 جنيها للطن بزيادة 300 جنيها عن القمح المستورد ,
ويزداد الارتياب لدينا إذا علمنا أن مجلس القمح الأمريكي كان قد رفض ” قبل أن يعلن وزير الزراعة السابق عن خطته في الاكتفاء الذاتي للقمح ” تقديم أي تسهيلات خاصة بفتح الاعتمادات لتوريد القمح إلي مصر واستغل الأسعار العالية في ذلك الوقت والتي وصلت إلي 200 دولار للطن الواحد وفرضت شروطا أهمها أن يحتسب سعر الاستيراد طبقا لأوقات تسليم القمح إلي مصر وليس أوقات التعاقد علي الاستيراد في بداية الموسم مما تسبب في اختناقات عديدة للسوق المصري خاصة في عام 2004 والذي شهد انخفاضا لمخزون الدقيق المستورد بما لا يكفي عشرة أيام …!
وفي هذا العام وبالرغم من تغيير الوزارات والوزراء فإننا نؤكد العشوائية ما زالت قائمة ولم تتغير , وبالرغم من أن مصر تستورد القمح من عدة دول وليس من أمريكا وحدها ,,, فإن انخفاض سعر القمح الأمريكي سيغري الكثير من المستوردين علي استيراد القمح الأمريكي خاصة بعد فتح الاعتماد والتيسيرات الجديدة التي قدمت لهم بما يعني أن مصر ستصبح عن قريب المستورد الأول للقمح الأمريكي …1
ومنذ أن تسلم الوزراء الجدد أعمالهم مع بداية هذا العام , لم يخرج علينا أمين أباظة بتصريح واحد يؤكد حرصه علي تنفيذ خطة الحملة القومية للاكتفاء الذاتي من القمح واستكمال ما بدأه وزير الزراعة السابق , وبدا الأمر برمته كأنه لا يعنيه من قريب أو بعيد متأثرا بسياسة السوق التي نشأ عليها لتصبح سياسة وزارة الزراعة بأسرها في مهب الريح ونستطيع أن نؤكد أنها أصبحت وزارة بلا سياسة …!
وكان من الطبيعي أن يخرج علينا علي مصيلحى وزير التضامن الاجتماعي والذي ألحقت عليه بعض مهام وزارة التموين بعد إلغائها بقرارات تصب في مصلحة المخطط الأمريكي , فقام بإصدار القرار رقم 40 لسنة 2006 والذي حدد فيه بدء موعد التوريد مع بداية شهر مايو وانتهائه مع منتصف شهر يوليو القادم ليختصر أكثر من شهرين من فترة التوريد مما يعني أن الفترة المتاحة لن تسمح للفلاحين بتوريد محصول القمح كله , كما أن تحديد بدء الموعد مع أول مايو حرم الكثير من المزارعين والذين يحصدون القمح في بعض المناطق في شهر إبريل من فرصة التوريد بعد الحصاد مما أدي إلي تلف المحصول لسوء التخزين …!
وقد حدد القرار أن يتم استلام القمح الذي تبلغ درجة نقاوته 23.5 بسعر 168 جنيها للإردب وجودة 23 بسعر 165 جنيها , وجودة 22.5 بسعر 162.5 جنيها أما ما تقل جودته عن ذلك فلا يتم استلامه واشترط القرار أن يتم التوريد من المزارع نفسه وليس من التاجر واقتصار التوريد علي بنك التنمية وشركة المطاحن ومنعه عن الجمعيات الزراعية , والغريب في الأمر أن بنك التنمية يشترط وجود حيازة زراعية للمزارع عند التوريد بما يعني أن جميع المستأجرين لن يقوموا بالتوريد لأنهم ببساطة ليس لديهم حيازة زراعية التي أصبحت وقفا علي ملاك الأراضي بعد تطبيق القانون رقم 96 لعام 92 الخاص بالعلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر … فأين يذهب هؤلاء بمحصول القمح وإلي من يبيعونه …! خاصة بعد أن امتنع التجار عن شرائه بعد قرار الوزير,
كما حدد القرار مواصفات العبوة أن تكون أجولة من الجوت بدلا من الأجولة البلاستيك رخيصة الثمن ليضيف أعباء أخري علي المزارعين , ولم تتوقف المهزلة عند هذا الحد , بل يبدو أن هناك أمرا تحيتا بعدم استلام القمح من الفلاحين لمصلحة القمح الأمريكي المستورد والذي يصل سعره إلي 120 جنيها فقط للإردب بما يقل عن 40 جنيها عن القمح المصري , ففي الدقهلية رفض المسئولون في بنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنصورة استلام القمح من الفلاحين بحجة الاكتفاء بالقمح الأمريكي الرخيص سعرا والأجود إنتاجا…!
ولم يختلف الحال في محافظة الشرقية والقليوبية وبور سعيد والمنوفية والغربية وأصبح المألوف أن تري السيارات المحملة بأجولة القمح متراصة أمام شون بنك التنمية في انتظار من يفتح لها أبواب التسليم دون جدوي , ويبدو أن وزير التضامن الاجتماعي لم يجرؤ علي إعلان القرار الذي ينفذ الآن بعدم التوريد واكتفي بسياسة ” التطفيش ” التي لا تسمح للمزارعين بالتوريد …!
الغريب في الأمر أن وزير الزراعة لم يعلن حتى اليوم رأيه فيما يحدث بالرغم من أن السياسة التي يتبعها وزير التضامن الاجتماعي ستؤدي إلي عزوف المزارعين عن زراعة القمح في الأعوام القادمة …!
” من جانبنا …فإن أولاد الأرض لحقوق الإنسان تطالب رئيس الحكومة أن يصدر قرار فوريا بتوريد كل كميات القمح لدي المزارعين مع ضمان ثبات السعر طوال فترة التوريد , كما تطالب بأن يعيد الأمور إلي نصابها الصحيح وذلك بتقليص دور وزير التضامن الاجتماعي في تحديد سعر ومواعيد توريد المحاصيل وأن يقتصر هذا الدور علي وزارة الزراعة فقط فهي الجهة الوحيدة المسئولة عن المجالات الزراعية في