6/6/2006

من المؤكد فإن امتصاص دماء الفقراء حتى أخر قطرة أصبح توجها عاما للحكومة بعد أن قامت بتعيين الجباة علي المرافق والخدمات والذين لا يتقنون غير الجباية بشكل سافر ومفضوح , نوع جديد من الجباه .

يأتي علي رأس تلك القائمة السوداء شركة مياه الشرب والصرف الصحي التي خلعت ” برقع الحياء ” منذ العام الماضي وأخذت تشهر الأسلحة البيضاء والسوداء في وجوه الناس وتسطو علي جيوب الناس الخاوية من الأساس .

فخلال الأشهر الستة الماضية انهالت علي مؤسسة أولاد الأرض لحقوق الإنسان الشكاوى من أرجاء أقاليم مصر تطالب بالقصاص من المسئولين في تلك الشركة بعد أن وصل الظلم إلي مداه , ولكي تصبح القضية أكثر وضوحا فلنقرأ معا شقة فواتير منزل واحدة خلال عام 2005 وما انقضي من عام 2006 لندرك مدي ما يعانيه البسطاء من إجحاف …!

في فاتورة استهلاك المياه لشقة السيد / توفيق متري والمكون من ثلاثة شقق في شارع غبريال بمدينة ميت غمر محافظة الدقهلية والصادرة من الهيئة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي قبل أن تحول إلي شركة والمؤرخة في 28/2/2005 ولأن عداد المياه كان سليما فإن قيمة استهلاك المياه كانت 4.60 جنيه عن 9 أمتار بالإضافة 1.61 جنيه للصرف الصحي ووصلت قيمة الفاتورة النهائية إلي 9.75 جنيه لا غير , بعد ذلك التاريخ وبالرغم من أن عداد المياه مازال سليما في هذا المنزل حتى يومنا هذا , إلا أن شركة المياه رأت أن العداد عاطلا لتمارس ما تراه من ألاعيب , وأولها.

أنها تحسب علي كل شقة 30تمترامكعبامن المياه كل شهر , حتى لو كانت تلك الشقة مغلقة ولا يقطنها أحد ‘ فكان إن جاءت المياه لنفس المنزل الصادرة في 30 / 4/ 2005 كالآتي :

الاستهلاك : 180 مترا أي ارتفع فجأة من 9 أمتار إلي 180 مترا فزادت قيمة استهلاك المياه من 4.60 جنيها إلي 41.40 جنيها أما الصرف الصحي فقد ارتفعت قيمته أيضا من 1.61 جنيها إلي 14.49 جنيها وكانت القيمة النهائية للفاتورة 59.43 جنيها بدلا من 9.75 جنيها قيمة الفاتورة السابقة لها , ظلت هذه القيمة ثابتة وارتفعت قليلا في شهر 12/2005 , ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم ما زال عداد المياه عاطلا ” من وجهة نظر الشركة ” التي لم تحاول إصلاحه يوما , وفي فاتورة المياه الصادرة في 28/2/2006 ارتفعت قيمة الفاتورة إلي 76.50 جنيها بعد أن زادت قيمة الصرف الصحي إلي 18.66 جنيها أما متوسط استهلاك المياه فهو ثابت عند 180 مترا ” لأن العداد عاطل ” ثم جاءت الطامة الكبري في الفاتورة الأخيرة والصادرة في شهر يونيو 2006 فقد ارتفعت قيمة الصرف الصحي من 18.66 جنيها إلي 37.31 جنيها أي بنسبة 100% بلا مبرر علي الإطلاق وارتفعت قيمة الفاتورة الكلية إلي 95.15 جنيها إلي أي أن شقة السيد / توفيق متري الكائن في شارع غبريال بميت غمر محافظة الدقهلية ارتفعت فاتورة المياه الخاصة به من شهر فبراير 2005 حين كانت قيمتها 9.75 جنيها إلي 95.15 جنيها في شهر يونيو 2006 أي بنسبة 1000% فماذا يمكن أن نسمي ذلك غير أنها سرقة مع سبق الإصرار … ويبدو أن القائمين علي شركة مياه الشرب والصرف الصحي لا يهمهم سوي جباية الأموال من المواطنين لإثبات أن تلك الشركة رابحة مما يعود علي العاملين بها بالحوافز والأرباح وعلي رؤسائها بضمان البقاء علي المقاعد حتى ولو علي حساب المواطنين البسطاء الذين يعيشون بالكاد علي هامش الحياة ..! ويبدو أن القائمين علي أعمال الجباية في شركة مياه الشرب لم يدركوا النتائج الخطيرة المترتبة عن تلك الأعمال علي مستقبل مياه الشرب في مصر , فإن ذلك من شأنه أن يدفع .

المستهلك إلي فتح الصنابير ” انتقاما ” من الشركة التي تغالي في فواتيرها ولا تراعي الدقة في القيمة الحقيقية للاستهلاك وهذا أسلوب خطير سيزيد الفاقد من مياه الشرب الذي وصل في مصر إلي 50% من المياه المنتجة وبلغت خسائرها 1.5 مليار جنيها في حين أن نسبة الفاقد من مياه الشرب عالميا تتراوح ما بين 10% و 15% وبالرغم من أن الفاقد من مياه الشرب كان نتيجة ضعف الشبكات وتدهور حالة محطات المياه والإنفاق المحدود علي أعمال الصيانة والإحلال والتجديد , فإنه من المتوقع أن تزيد نسبة الفاقد في الشهور والسنوات القادمة بعد أن سنت شركة مياه الشرب قاعدة متوسط الاستهلاك الذي يرغم المستهلك علي إهدار المياه انتقاما من تلك الشركة التي لم تراع الاستهلاك الحقيقي للمستهلك .

تتخذ هذه القضية أبعادا أكثر خطورة إذا علمنا أن مصر دخلت بالفعل تحت خط الفقر المائي , وتراجعت حصة الفرد من المياه بشكل يعطي مدلولا بأن المستقبل سيكون أكثر قتامة , حيث أن إجمالي مواردنا المائية 73 مليار متر مكعب منها 55,5 مليار من النيل و 5مليار م3 من المياه الجوفية بمناطق الوادي الجديد وشرق العوينات وسيناء والخزان الجوفي تحت الدلتا و8 مليار م3 من المياه المعاد استخدامها من مياه الصرف الزاعى والصناعي و 2,5 مليار م3 من نتيجة المرحلة الأولى لقناه جونجلى ولكن هذا مرتبط باستقرار الأوضاع في جنوب السودان وقد تراجعت حصة الفرد من المياه في مصر بشكل ينذر بالخطر ففي عام 1950 كانت حصة الفرد 2600 متر مكعب سنويا وفى سنة 1980 هبطت إلى 1500 متر وفى سنة 1997 هبطت إلى 900 متر أما الآن فان نصيب الفرد أصبح 800 متر فقط أي تحت خط الفقر المائي , الغريب في الأمر أن الاستهلاك المنزلي يصل إلي 5.5 مليار م 3سنويا منه 2 مليار م 3 تستخدم في غسيل السيارات ورش الشوارع والحدائق في الوقت الذي تؤكد فيه الدراسات أن استهلاكنا من المياه سيزيد حتى عام 2017 بما نسبته 20% فإذا أخذنا في الاعتبار أن 85% من المياه يتم استخدامها في الزراعة وأن احتياجات الفدان من المياه تصل إلي 6 آلاف م 3 مكعب سنويا فإن المحصلة النهائية لتلك الإحصائيات هي النقص الحاد في نصيب الفرد من المياه وعدم القدرة علي استزراع الأراضي القابلة للاستصلاح والزراعة في مصر والتي تصل إلي 3.4 مليون فدان لندرة المياه مما يشكل تهديدا خطيرا لمستقبل التنمية الزراعية في مصر.

    • ” من جانبنا … فإن أولاد الأرض لحقوق الإنسان تطالب المسئولين بالمحاسبة الفعلية للمستهلكين من خلال عدادات المياه بعيدا عن الحسابات الافتراضية .

 

    • ” أن لا يتم فرض فاتورة للمياه شهريا للشقق والمنازل المغلقة أسوة بشركة الكهرباء .

 

    • ” وعلي جانب آخر تقدمت أولاد الأرض لحقوق الإنسان ببلاغ إلي النائب العام للتحقيق مع المسئولين في شركة مياه الشرب والصرف الصحي علي ما يقومون به من جباية أموال دون سند من قانون , وهو الأمر الذي يعد إجحافا بحقوق البسطاء … وإهدارا لثروتنا من المياه …!

 

    ” وقد اتهمت أولاد الأرض لحقوق الإنسان المسئولين عن شركة مياه الشرب بتحريض المواطنين علي إهدار المياه .