18/6/2006

بالرغم من أن قانون الضرائب العقارية الجديد ستتم مناقشته خلال أيام في مجلس الشعب لإقراره , وبالرغم من تحذيرات أولاد الأرض المتكررة من أن القانون القديم رقم 51 لسنة 1973 أوقع ظلما فادحا بالفلاح المصري… إلا أن مشروع قانون الضرائب العقارية الجديد أغفل تلك المظالم … وكأن الفلاح في هذا الوطن كائن غير مرئي ولا وجود له … فقد تضمن القانون الجديد كل مسالب القانون القديم بالنسبة للفلاح المصري الذي كتب عليه أن يكون حائطا مائلا للحكومات المتعاقبة تنفث فيه عن عقدها وتبرز عليه سطوتها وجبروتها … فإذا به يخرج من قهر إلي قهر , ومن سياط الإقطاع إلي قبضة القوانين الحكومية.

فقد نص قانون الضرائب العقارية القديم علي أن تفرض هذه الضريبة علي إيرادات الأرض الزراعية بنسبة 14% من القيمة الايجارية السنوية , ثم تدخلت الدولة بمنح إعفاء للأرض الزراعية التي تبلغ ضريبتها 4.6 جنيها وهو ما يعادل في ذلك الوقت الضريبة المستحقة علي مساحة تتراوح من 3 إلي 4 قراريط ثم تدخلت الدولة مرة أخري في عام 1973 وأصدرت القانون رقم 51 لسنة 1973 بإعفاء من يمتلكون أو يحوزون ثلاثة أفدنه فأقل من الضرائب العقارية

ولكن بشروط تعجيزيه هي :

    • 1. أن تكون المساحة مسجلة باسم صاحبها ومكلفة باسمه وفي حيازته .

 

    • 2. أن تكون هذه المساحة منزرعة بمحاصيل تقليدية ولا تعفي المساحة المنزرعة حدائق أو مشاتل.

 

    • 3. أن يكون الحائز أو المالك مشتغلا بالزراعة ولا يكون له دخل آخر.

 

    4. أن تكون المساحة مسجلة بالشهر العقاري باستثناء الأرض المحيزة قبل عام 1973 وأي تغيير يطرأ بالزيادة أو النقصان علي مساحة هذه الحيازة يلغى الاستفادة من قانون 51 لعام 1973.

ونظرة متأمله لتلك الشروط سيتضح أنها شروط أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها تعجيزية بل أنها تفرغ القانون من مضمونه تماما فلو أن فلاحا يمتلك ستة قراريط على سبيل المثال ويحصل على إعانة اجتماعية أو حتى معاش السادات فلا يحق له الانتفاع من قانون51 وعليه دفع الضرائب العقارية أما شرط التسجيل فى الشهر العقاري فهو شرط مستحيل لان معظم الأراضي الزراعية فى مصر غير مسجلة والساري هو العقد الابتدائي نظرا لوجود كثير من التعقيدات فى السجل العيني كما أن التسجيل فى الشهر العقاري يستلزم دفع مصاريف إدارية باهظة ومن المسلم به أن معظم الملاك يمتلكون أرضهم بالميراث عن الأب والجد وبالتالي فهي غير مسجله بالشهر العقاري وإذا أخذنا محافظة الدقهلية وهى من كبرى محافظات الدلتا على سبيل المثال نجد أن نسبة من يملكون اقل من فدان تصل إلى62% بما يساوى 263782 حائزا وتبلغ نسبة من يمتلكون فدانا إلى ثلاثة أفدنه 29% بما يساوى 121735 حائزا أي أن حوالي 91% من الحيازات لمن يملكون ثلاثة أفدنه فأقل وبالتالي كان يجب أن يستفيد هؤلاء من القانون رقم 51 لسنه 1973 والذي يمنحهم حق الإعفاء من ضريبة الأموال “الضرائب العقارية ” ولكن نظرا للشروط التعجيزية التي تضمنها هذا القانون فإنهم لا يتمتعون بهذا الإعفاء أي أن أكثر من 90% من الفلاحين المصريين مازالوا يرزحون تحت هذا الظلم ناهيك عما يدفعونه من رسوم تحسين ( الطرق , والصحة , والتنمية , الزراعية , والري ) وغيرها والغريب أن مشروع قانون الضرائب العقارية الجديد أبقي الحال كما هو عليه دون تغيير .

فى المقابل فان ممول الضريبة العامة أو ممول الضريبة على الدخل يتمتع بإعفاءات ضريبية فقد منحت الدولة إعفاء للشخص المتزوج 3000 جنيها سنويا وفى القانون الجديد يعفى من ضريبة الدخل من يصل دخله إلى خمسة آلاف جنيها وهو الأمر الذي يوضح أن الدولة تكيل بمكيالين مما يهدر مبدأ المساواة الذي نصت عليه المادة 40 من الدستور لأنه كان يجب معامله من يملكون ثلاثة أفدنه فاقل بالمثل نظرا لان دخولهم لن تصل بأي حال من الأحوال إلى الرقم الذي حددته الضربية على الدخل0

الغريب فى الأمر أن المشرع المصري اغفل إدارج إيرادات العقارات ضمن إيرادات الضريبة على الدخل أو الضريبة الموحدة وأستحدث ضريبة جديدة اسماها ضريبة الإيرادات على الثروة العقارية وضمنها فى القانون القديم 87 لعام 1993 وأيضا فى قانون الضرائب العامة الجديد الذي أقره مجلس الشعب الآن بدلا من إيرادات العقارات .( أراضي-مباني)

وأبقى الضريبة العقارية بالمحليات ومصلحه الضرائب على الرغم من أن قانون 14 لعام 1939 قانون الضرائب العامة كان يضمن الضرائب العقارية ضمن ضرائب الدخل والأغرب أن المشرع المصري لم يقم بسد هذه الثغرة فى القانون الجديد وذلك بدمج الضريبة العقارية بضريبة إيرادات الثروة العقارية حيث أنهما ضريبتان على إيراد واحد وعقار واحد وممول واحد فلماذا لا يستفيد الفلاح بحد الإعفاءات للأعباء العائلية كممول ضريبة الدخل إعمالا بمبدأ المساواة وإحقاقا للحق أم انه كتب على صغار المزارعين أن يلاقوا الأمرين من القوانين التي تصدرها الحكومة من حين إلى أخر دون النظر بعين الاهتمام لأولتك القابعين تحت قيظ الشمس وبرد الشتاء يزرعون الخير بعطاء لا ينضب .

  • من جهتنا فان أولاد الأرض لحقوق الإنسان تطالب بإسقاط شرط تسجيل الأرض فى الشهر العقاري وكذلك إسقاط شرط ألا يكون للفلاح دخل أخر حتى لو كان إعانة اجتماعية أو معاش السادات وذلك حتى يستفيد الفلاحون ممن يمتلكون ثلاثة أفدنه فاقل بالإعفاء من الضريبة العقارية كما نناشد السيد رئيس مجلس الشعب بدمج الضريبة العقارية مع ضريبة الثروة العقارية فى القانون الجديد الذي يتم مناقشته الآن فى مجلس الشعب إعمالا بمبدأ المساواة الذي يؤكد انه لا يمكن تحصيل ضريبتين على نشاط واحد .