9/8/2006

شهد شهر يوليو بعض حوادث العنف بين الفلاحين التي تؤكد أن سياسة الإفقار للفلاح المصري والتي تنتهجها الحكومات المتعاقبة أرغمت بعض الفلاحين بعد أن سدت فى وجوههم كل أبواب الأمل أن يتحولوا مرغمين إلي قطاع للطرق كعتاة المجرمين .. بل أن الأمر وصل إلى أن أحدهم أنهى حياته منتحرا كاحتجاج أخير على تلك السياسات التي دفعت بالفلاح إلى قاع المجتمع المصري , وقد شهد شهر يوليو مصرع طفلين كانا ضحية لواقع فلاحى متخلف يفتقد إلى الحد الأدنى من الوعي , وعلى كل فقد رصدت أولاد الأرض فى شهر يوليو سقوط 16قتيلا و18مصابا هي حصاد حوادث العنف بين الفلاحين فى هذا الشهر , وتراوحت الأسباب بين الخلاف على الميراث والحدود والمساقى وتدنت تلك الأسباب إلى حد سقوط 4قتلى واثنين من المصابين بسبب حزمة من الذرة أخذها أحد أفراد عائلة من حقل عائلة أخرى , حوادث العنف بين الفلاحين فى هذا التقرير تؤكد .. أن الأشهر القادمة ستشهد المزيد من الضحايا طالما ظلت الأسباب قائمة والتي تتمثل في الفقر .. والجهل .. والمرض ..ذلك الثالوث القابع على صدر المجتمع المصري وما من أمل فى إزاحته ..!

ففي سوهاج لقي المزارع أحمد موسى علام مصرعه وأصيب ابنه في مشاجرة مع اثنين من أقاربهما بمركز المنشأة بسبب الخلاف علي قطعة أرض ميراث وتم القبض علي المتهمين محمد علي همام وحمادة محمد حسن وتولت نيابة مركز المنشأة التحقيق .أما في مدينة الشهداء بمحافظة المنوفية فقد عثرت سعاد حسن علي جثة والدها حسن محمد محمود موسي ملقاة بالحقل وبه إصابات مختلفة في أنحاء متفرقة من الجسم وبالرأس واتهمت كل من أبناء عمومتها محمد مصطفي موسي وممدوح مصطفي وأحمد مصطفي بقتل والدها لخلاف علي الميراث وتم القبض علي المتهمين وأمرت النيابة بحبسهم 4 أيام علي ذمة التحقيق .

وفي محافظة السويس نشبت مشاجرة بمنطقة عيون موسي بالقطاع الريفي بحي الجناين بمدينة السويس بين مزارعين أولاد عم وقد تم العثور علي جثة المزارع يوسف سيد إسماعيل مهشمة الرأس وقد تبين من التحريات نشوب مشاجرة بين المجني عليه وشقيقه حافظ من جانب وبين السيد حافظ إسماعيل وشقيقه يوسف من جانب آخر بسبب الخلاف بينهم علي ميراث قطعة أرض قام خلالها الجاني بضرب المجني بشومة علي رأسه فهشمها ولقي مصرعه علي الفور , تم القبض علي المتهمين وأمرت النيابة بحبس القاتل 4 أيام علي ذمة التحقيق .

وفي طوخ بمحافظة القليوبية أصيب المزارع عبد الرحيم محمود عبد الرحيم وابنه محمود بطلقات نارية وتم نقلهما إلي مستشفي طوخ العام وقد تبين من التحريات أن وراء ارتكاب الجريمة شقيق المجني عليه بسبب الخلاف بينهم علي قطعة أرض زراعية ميراث عن والدهم فقام بإطلاق الرصاص علي المجني عليهما , تم القبض علي المتهم سعيد محمود إبراهيم والسلاح المستخدم في الحادث وتولت النيابة التحقيق .

وفي الإسماعيلية نشبت معركة بين عائلتي سلمي وعائلة سليمان بقرية الحسمة القديمة لمحاولة العائلة الأولي الاستيلاء علي 20 فدانا من العائلة الثانية بعد أن اشترتها منذ 5سنوات , اضطرت عائلة سليمان الدفاع عن أرضها بالأسلحة الآلية وتبادل فيها الطرفان إطلاق الرصاص حيث سقط خلالها كل من سعيد سليمان صريعا من العائلة الثانية وجمال سليم من العائلة الأولى وقامت قوات الأمن بفرض حصار أمنيا حول القرية وتمكنت من القبض على خمسة مزارعين المتهمين كما تم ضبط 3 أسلحة آلية وقررت النيابة حبس المتهمين بعد أن وجهت إليهم تهم القتل العمد والشروع فى القتل وحيازة أسلحة نارية بدون ترخيص وتكدير الأمن العام وإثارة الذعر بين المواطنين ومحاولة الاستيلاء على أراضى الغير بالقوة بدون وجه حق .

وفى محافظة الدقهلية وفى قرية الصحاروة مركز المنزلة أصيب 4أشقاء بإصابات متفرقة وتم نقلهم إلى المستشفى بعد نشوب معركة بين عائلتين استخدمت فيها الأسلحة النارية وتبين أن الخلاف كان على الحدود بين الأراضي الزراعية مما وقد تم القبض علي أربعة مزارعين مما هدد بوقوع كارثة فى تلك القرية . وفى العياط بمحافظة الجيزة نشبت مشاجرة بين سبعة أشخاص من أبناء العمومة فى قرية السعودية بسبب الخلاف على مسقاة مياه فى أراضيهم فأخرج أحدهم سلاحا ناريا وأطلق الرصاص وأسفر الحادث عن مصرع ربيع جمعه عبد الغفار وأصيب كل من محمد عبد المعبود وآمين يحيى عبد الغفار ومحمد محمد عبد الغفار وسعيد محمد حسن ووحيد سعيد محمد وهرب الجاني ماهر محمد محمد سيد والذي كان يحمل السلاح الناري وأمرت النيابة بضبط المتهم الهارب والسلاح المستخدم .

“ولان شر البلية ما يضحك ” فقد تسببت حزمة من الذرة فى مقتل 4 فلاحين وإصابة اثنين .. هذا ما حدث فى قرية الزرابى بمحافظة أسيوط , وقد تبين من التحريات نشوب معركة بين عائلة الحنفيات وعائلة محروس استخدمت فيها الأسلحة النارية وذلك لان أحد أفراد العائليتن قام بأخذ حزمة ذرة من حقل العائلة الأخرى حيث بدأ الخلاف بمشادة كلامية بين عبد اللطيف حسانين من عائلة الحنفيات ومحمد عبد العليم عبد الحق وشقيقه عطية عبد العليم من عائلة محروس أبو الهول تطورت المشادة إلى مشاجرة بالعصي والشوم والأسلحة النارية والرشاشات بين أفراد العائلتين وأسفرت المعركة عن مقتل كل من عبد النعيم عبد الحفيظ حسانين من عائلة الحنفيات ومحمد عبد العليم عبد الحق من عائلة محروس وقتل عن طريق الخطأ عادل محمد سيد عارف وعادل حسن مالك من عائلة الحساسة كما أصيب كل من عبد السميع عبد الحفيظ حسانين وقطب محمد شرموخ واستمر إطلاق النار لمدة 4ساعات كاملة تم نقل القتلى إلى مشرحة مستشفى أبو تيج المركزي والمصابين إلى مستشفى أبو تيج الجامعي وقد تم القبض علي خمسة عشر مزارعا من العائلتين وتواصل النيابة التحقيق …!

ولان حالة الفلاح المصري فى تدهور مستمر وتنحدر من سيئ إلى أسوأ لم يكن غربيا أن يقوم المزارع رمضان محمود أبو العطا بالانتحار شنقا , فقد شهدت مدينة رشيد التابعة لمحافظة البحيرة تلك المأساة وقد أكدت أسرته أن المزارع كان يمر بحالة اكتئاب نفسي شديدة وحاول أكثر من مرة التخلص من حياته بالصعق بالكهرباء لكنه فشل حتى نجح أخيرا بشنق نفسه بحبل أسفل بئر سلم منزله ولفظ أنفاسه الأخيرة , وأمرت النيابة بأنتداب الطيب الشرعي للكشف عن الجثة والوقوف على أسباب الوفاة ..!

ويقينا .. فإن سياسة الحكومة التي تهدف إلى إفقار الفلاحين دفعت ببعضهم دفعا إلى عالم الجريمة .. هذا ما حدث بالفعل فى منطقة البد رشين بمحافظة الجيزة حين قام مزارع وشقيقه بمحاولة السطو على مزرعة دواجن بمنطقة البدرشين وقاما باعتراض سيارة صاحبي المزرعة تحت تهديد الأسلحة النارية وحاولا الاستيلاء على أموالهما واصطحبا المتهمان المجني عليهما أمام المزرعة حيث دارت معركة بينهم اشترك فيها العاملون بالمزرعة وأسفرت عن مصرع أحد المتهمين ويدعى محمد رزق عبد الحكيم وأصيب أربعة آخرين بإصابات خطيرة وفر شقيقه ” المتهم الثاني ” هاربا …!

وكان من الطبيعي بما يعانيه مجتمع الفلاحين من جهل وتخلف ومرض وتدنى للحياة المعيشية أن يسقط أطفال الفلاحين ضحايا لهذا الواقع المتردي , ففي قرية اقليت التابعة لمركز كوم أمبو بمحافظة أسوان توجه الطفلان محمد عبد الله عبد القادر “16سنة ” وشقيقه عبد القادر “11سنة ” إلى الأرض الزراعية الخاصة بوالدهما لمساعدته فى يعض الأعمال الزراعية بها وعقب تناولهما وجبة الغذاء التي جاءوا بها من المنزل شعرا بآلام حادة ومغص شديد وتوفيا على الفور , وكشف تقرير مفتش الصحة عن وجود مواد سامة فى بقايا الطعام وأكد أن الطعام قد تعرض لسموم بعض الثعابين بالزراعات مما أدى إلى وفاة الطفلين ..! أما فى مدينة البدارى فقد لقي الفلاح سيد عبد الله مصرعه داخل بيارة الصرف الصحي الخاصة بمنزله أثناء قيامه بتطهيرها إلى هذا الحد ويبدو أن الخبر عادي غير أن سبب الوفاة أكد لنا مدى ما يعانيه الفلاحين من إهمال صحي .. فلقد لقي الفلاح مصرعه بعد أن فاجئته نوبة صرع شديدة أدت إلى سقوطه داخل البيارة حيث توفى فى الحال .. إلى هنا والخبر لا يحتاج إلى تعليق ..!

فى الغالب فإننا حين تشتد الهموم علينا نحاول أن ننفث عن صدورنا بالسخرية من أحوالنا ومن الحكومة هكذا حال المصريين .. غير أن بعض الفلاحين حين يحاولون السخرية يطلقون سخرياتهم على المكان غير الصحيح ..وهذا يعود بالتأكيد إلى تدنى درجة الوعي الاجتماعي والثقافي أيضا .. وهذا ما حدث للفلاح ناصر عبد الحليم قرني فى ببا بمحافظة بنى سويف .. فبدلا من يطلق سهامه الساخرة نحو الحكومة وأعمالها المحبطة وجه سخريته إلى صديقه عصمت جبر كامل ومعايرته ونشبت خناقة بين أصدقاء المزارع وأصدقاء عصمت تدخل إثرها حسن محمد كامل الذي طعن المزارع عدة طعنات نافذة بالجهة البسرى للصدر فلقى مصرعه فى الحال , تم القبض على المتهم حيث اعترف تفصيليا بارتكاب الجريمة ..!