15/10/2006

في إثنى عشر حادثة عنف بين الفلاحين في أقاليم مصر سقط خلالها تسعة قتلى واثنا عشر مصابا في شهر سبتمبر , وقد يبدو من المهم أن نجيب عن عدة تساؤلات أهمها .. لماذا كل هذا الاهتمام من جانبنا لرصد حوادث العنف بين الفلاحين دون غيرهم من شرائح المجتمع , أو ليسوا كغيرهم من الفئات يتأثرون سلبا وايجابا تبعا لما تنتهجه الحكومة من سياسيات …؟‍ وللحقيقة فنحن نتفق مع المتسائلين بأن سياسة الإفقار التي فرضتها الحكومات المتعاقبة كانت من أهم أسباب العنف الذي تزداد وتيرته في المجتمع المصري عامة مع انخفاض مستويات المعيشة وسقوط المزيد من المواطنين تحت خط الفقر , غير أن الفلاح المصري له خصوصية قد تفتقدها الفئات الأخرى وهى قدرته على الاحتمال والصبر والجلد وما يمتلكه من طبيعة فطرية هي أبعد ما تكون عن العدوانية والعنف ,

ويعنى ذلك أن ازدياد معدل الجريمة والعنف بين الفلاحين لأسباب عادية مثل الخلاف على نوبات الري وحدود الأرض وهى خلافات كان يتم حلها في الماضي بالتسامح والتراضي والحلول الودية حتى وصل الأمر الآن أن يشتعل العنف بين الفلاحين لأسباب أقل ما يقال عنها أنها تافهة مثل الخلاف على حزمة قش أو على روث البهائم .. فإن ذلك ليس له غير معنى واحد .. أن ما يتعرض له الفلاح المصري من ضغوط أقوى من احتماله .. وأن حياته ومستقبل أسرته أًصبح في خطر من هنا تأتى أهمية رصدنا لحوادث العنف بين الفلاحين التي تشير بوضوح إلى ما وصل إليه الحال في الريف المصري , نحاول فقط بهذا الرصد أن نضيء الإشارات الحمراء ونطلق صفارات الإنذار لمن يهمه الأمر ..‍؟!

  • قام الفلاح محمود ‍أحمد مهران من قرية قلندول مركز ملوي بمحافظة المنيا بإطلاق النار على نفسه وتم نقله إلى المستشفى ملوي العام وأدعى الفلاح المصاب أن محروس حلمي هلال والمقيم بنفس القرية هو الذي أطلق عليه النار من فرد خرطوش كان بحوزته أثناء سير المصاب بالزراعات في تلك الناحية ولكن التحريات أكدت كذب إدعاء المصاب حيث اعترف بعد مواجهته بالتحريات أنه هو الذي أطلق النار على نفسه لإلصاق التهمة في المشكو في حقه لسابق اتهام الأخير له بسرقة حماره فأراد الانتقام …؟!
  • لقي شخص مصرعه وأصيب أربعة آخرون في مشاجرة بين عائلتين بسبب النزاع على شراء قطعة أرض , ففي قرية البرج مركز ديرمواس بمحافظة المنيا قامت مشاجرة بين عائلتين ” أبناء عمومة ” الطرف الأول فيها سعد إبراهيم سليمان وأبناؤه صلاح الذي لقي مصرعه في الحادث إثر طلق ناري نافذ بالبطن ونادى وعمرو عبد الفتاح وخالد وجميعهم مصابون , والطرف الثاني أولاد عمومتهم وهم حسنة هلال سليمان ” ربة منزل ” وعمر إبراهيم سليمان وإبراهيم عمر ومحمد عمر ‘إبراهيم ومحمود وعلى وصبري عمر إبراهيم حيث قامت المشاجرة بعد مشادة كلامية بينهما بسبب النزاع على شراء قطعة أرض تطورت إلى معركة تبادلوا فيها التعدي بالضرب وإطلاق الأعيرة النارية فيما بينهم …!
  • لقيت سيدة حامل بقرية المعصرة مركز الفتح بأسيوط مصرعها يطلق ناري من فرد محلى وتوفى جنينها عقب إنقاذه حيا بعد يومين وذلك أثناء مشاجرة استخدمت فيها الأسلحة النارية بين عائلتها وعائلة أخرى بسبب الخلاف على حدود الأرض , وقد دلت التحريات أن المشاجرة نشبت بين عائلتي رفاعي والعوفة بقرية المعصرة أطلق خلالها عيد حسانين أحمد من عائلة العوفة عيارا ناريا على جيهان محمد كمال ” الست الحامل ” فلقيت مصرعها في الحال , فيما أطلق المدعو شكري محمد مسلم من عائلة رفاعي طلقة خرطوش تجاه المتهم الأول أصابته في وجهه تم القبض على المتهمين وضبط الأسلحة المستخدمة وقررت النيابة حبس المتهمين أربعة أيام على ذمة التحقيق ..!
  • وفى قرية أبو النمرس بمحافظة الجيزة قام مزراع وشقيقه وابنه بقتل جارهم شعبان سيد أبو حميدة بعد أن انهالوا عليه ضربا بالسكين والعصا حتى كسرت عظامه وتركوه جثة هامدة , ودلت التحريات أن مشاجرة وقعت بين زوجة المجني عليه وجارتها بسبب لعب الأطفال وتعدى المجني عليه بالضرب على جارته التي أبلغت زوجها عبد القادر سيد أحمد الذي استعان بشقيقه محمد ” مزارع ” وابنه إبراهيم ” عاطل ” وانتظروا المجني عليه في منطقة مظلمة بمفرده , استوقفه الأول وطعنه بالسكين فسقط على الأرض , انهالوا عليه ضربا بالعصا والحجارة وتركوه جثة هامدة وسط الطريق وفروا هاربين ألقت المباحث القبض على المتهمين الثلاثة وأحيلوا للنيابة للتحقيق ..!
  • وقد تبدو أسباب هذه الحادثة بعيدة عن مناوبات الري وحدود الأرض .. ولكنها تلقى الضوء عما وصل إليه حال بعض الفلاحين …! هذه الحال التي دفعت بعضهم أن يقوم بتلك الجريمة بكل بشاعتها ” .
  • وفى قرية الحواصلية بمحافظة المنيا قام الفلاح عمر ناجى محمود بطعن نفسه بسكين المطبخ بسبب الخلاف بينه وبين والده على الميراث , وفى ليلة الحادث اشتدت المشاجرة بينهما فقام المصاب بإحضار سكين المطبخ وطعن بها نفسه بجرح نافذ بالبطن , ثم تحرير محضر بالحادث وتولت النيابة التحقيق ..!
  • وفى المنوفية قتل ثلاثة أشقاء مزارعا, اعتدوا عليه بالضرب حتى الموت بسبب الخلاف على مناوبة الري فقد تلقى مدير أمن المنوفية إخطارا من مستشفى شبين الكوم بوصول المزارع مختار بدر مصابا بجروح وكسور وفارق الحياة , وتبين من التحريات أن الأشقاء ناجى ومحمد وناصر أحمد انهالوا عليه ضربا حتى الموت لخلاف بينهم على حدود الأرض ..!
  • وفى أسيوط لقي الفلاح فتحي محمود جمعه وابنه رجب مصرعهما من قرية بدر الجنادلة مركز الغنايم على يد كل من بدري ظريف ونادى الديك ومناع تمام وذلك بإطلاق النار عليهما لخلاف على شراء قطعة أرض , ألقت المباحث القبض على المتهمين وقررت النيابة حبس المتهمين على ذمة التحقيق ..!
  • لقي فلاح مصرعه وأصيب أخر في مشاجرة بقرية بصرة مركز الفتح بمحافظة أسيوط , وقد دلت التحريات أن المجني عليه عثمان أحمد حسن وأبن شقيقه إمام حمزة أحمد حسين ” مصاب ” نشب خلاف بينهما وبين المتهمين يسرى محمد عبد الرحمن ” فلاح ” وفوزي محمود على وشقيقه إسماعيل محمود على شراء قطعة أرض وتطور الخلاف إلى مشاجرة استخدم فيها الشوم , ألقت المباحث القبض على المتهمين وأحالتهم للنيابة للتحقيق ..!
  • وفى المنيا تلقى مدير الأمن بلاغا من مستشفى ملوي العام بوصول فاطمة محمد فهمي والمقيمة بقرية نواي مركز ملوي مصابة بعد أن أصابها طلق ناري , ودلت التحريات أن شقيقها ” المزارع ” كان يعبث في الحقل بفرد خرطوش كان بحوزته فانطلق منه طلقة أصابت شقيقته , ثم ضبط المتهم والسلاح المستخدم واعترف بارتكابه الواقعة دون قصد وتولت نيابة مركز ملوي التحقيق …!
  • وفى أخميم بمحافظة سوهاج لقي محمد ثابت محمد ” مزارع ” مصرعه بعد خلاف بينه وبين خلف صالح أحمد بسبب النزاع على شراء قطعة أرض مما أدى إلى نشوب مشاجرة قام خلالها نجل الثاني ويدعى رمضان خلف بطعن المزارع طعنة نافذة بسكين أودت بحياته ..!
  • وفى قرية القبيصات مركز طهطا بمحافظة سوهاج أصيب المزارع جابر محمد حسن وابنته هنية بطلقين ناريين من فرد خرطوش ونقلا إلى مستشفى طهطا المركزي في حالة سيئة وتبين أن وراء الحادث شقيق المصاب ويدعى أحمد محمد حسين ” مزارع ” حيث أطلق النار على شقيقه وابنته بسبب الخلاف على نصف قيراط أرض ميراث …!
  • وفى قرية المساعدة مركز طما بمحافظة سوهاج قام محمد عطا عبد القادر بإطلاق الرصاص على أحمد السيد راشد فأصابه بجرح نافذ وتبين للمباحث أن الخلاف حدث بين المتهم والمجني عليه بسبب حدود الأرض , ألقت المباحث القبض علي المتهم وتولت النيابة التحقيق ..!
  • تسعة قتلى واثنا عشر مصابا هي حصاد حوادث العنف بين الفلاحين في شهر سبتمبر , حاولنا من خلال رصدنا لها أن نؤكد أن بعض القيم الراسخة في الريف المصري تتعرض الآن للانهيار والتفكك , وأهم تلك القيم على الإطلاق هي صلة الدم التي كانت لها قدسيتها في الماضي لدى الفلاحين أصبحت الآن أرخص من قطعة أرض , فالشقيق يقتل شقيقه , وأبناء العمومة يتشاجرون ويتصارعون ويتبادلون إطلاق الرصاص … كل شيء أصبح مستباحا بعد أن استنفذت سياسة الإفقار التي تتبعها الحكومة كل ما كان لدى الفلاح المصري من احتمال وصبر …!