26/3/2005
الفلاحه المصريه رمز العطاء المتجدد- مانحه الخير والابناء – مازالت تتعرض لاقسى انواع القهر – وبرغم الالم لا تشكو ولا تتذمر وكأن ما يحدث لها امام اعيننا امر طبيعى اعتدنا ان نراه تتوارثه الاجيال فلا تلتفت اليه ولا تبالى ومن المهم قبل الحديث عن اى اوضاع اجتماعيه او اقتصاديه ان نحدد هويه الفلاحه المصريه والا ننجرف وراء التعبير المراوغ والذى يتم استعماله مؤخرا وهو المرأه الريفيه الذى لو تماشينا معه لا عتبرنا كل نساء مصر تقريبا ماعدا القاطنات بالقاهره والاسكندريه ومدن الفتاه هن المرأه الريفيه غير ان الواقع يؤكد ان الفلاحه المصريه الحقيقية هى العامله بالزراعه سواء بمفردها او بمشاركه زوجها اوأ بيها وهى تمثل 48% من حجم العماله الزراعيه بما يعنى ان! ها تقدم ماهو اكثر من 40 % من انتاج الحاصلات الزراعيه ،
بل ان الفلاحه المصريه هى المسئوله – فعليا عن حوالى 70% من حجم العمل فى القطاع الزراعى اذا اضفنا الى دورها فى الزراعه ما تقوم به من تنميه بالنسبه للثروة الحيوانيه او التسويق المحلى للمنتجات الزراعيه او الحيوانيه او الداجنه ناهيك على ان اعباء الاسرة والاطفال والبيت لا يقع الا على كاهلها وحدها بكل اشكاله وصوره ومعاناته هذا الجهد الكبير الذى تبذله الفلاحه المصريه والعناء الشديد الذى تتحمله والتمزق الدائم بين الحقل والبيت ترتبت عليه اثار خطيرة دفعت بها الى السفح اجتماعيا وصحيا ونفسيا هذا الانحدار كان له اسبابه
اولها بالقطع ان نسبه الاميه بين الاناث فى الريف وفقا لاخر الاحصائيات وصلت الى اكثر من 71% وهو الامر الذى مهد الطريق لانتهاك حقوق الفلاحه المصريه كأن هذا قدرها الذى لافكاك منه ولا يمكن تغييره فاصبح من المسلم لديها ان تقوم بتلك الاعباء كواجب حتمى دون انتظار للمقابل وذلك وفقا للاوضاع الاسريه والمفاهيم الاجتماعيه السائده فرغم دور الفلاحات الكبير فى العمليه الانتاجيه فانهن لا يحصلن سوى على 10% من الدخل وتقوم 71% منهن با! لعمل الزراعى دون اجر، وقد امتد هذا الانتهاك الخطير ليشمل قوانين العمل ،
فالفلاحه المصريه العامله بالزراعة ورغم اهميه هذا العمل من ناحيه ومشقته من ناحيه اخرى محرومه من اى ضمانات تكفلها قوانين العمل فاذا كانت الماده 109 من القانون 137 لسنه 1981 كانت تستثنى من احكامه العاملات فى الزراعه البحته،
فللاسف فان هذا الظلم أمتد لقانون العمل الجديد 12 لسنه 2003 وذلك وفقا للماده 79 من هذا القانون ليؤكد حرمان العاملات الزراعيات من حقوقهن القانونيه وايضا من حق التامين الاجتماعى كمظله تحميهن من مخاطر العجز والاصابه والمرض والشيخوخه والتعطل والوفاه لتستكمل الحكومه بذلك احكام الحلقه المعقودة على عنق الفلاحه المصريه التى تعانى الامرين من القوانين التى تسنها الحكومه من حين الى حين لتحيل حياتها جحيما ،فبعد القضاء على التعاونيات الزراعيه ارتفعت اسعار مستلزمات الانتاج الزراعى الذى لا يتوافر اغلبها الا لدى تجار القطاع الخاص مما شكل عبئا مضافا على الفلاحه بجانب الارتفاع العام فى تكاليف المعيشه اليوميه والذى غالبا ما يكون على الفلاحه ان تقوم بعبء التوازن بين الزراعه ومعيشه الاسرة فى ان! واحد ،
ثم قامت الحكومه بتحرير سعر الفائده الخاصه بالقروض من بنك التنميه والائتمان الزراعى الضروريه للزراعه مما ادى الى تراكم المديونات وترتب على ذلك دخول كثير من الفلاحات السجون – لاول مرة فى مصر – فى قضايا زراعيه- لان الكثير من القروض كانت باسمائهن، وقد ادى تطبيق قانون المالك والمستاجر فى الارض الزراعيه مع نهايه عام 1997 الى الغاء عقود الايجارات الزراعيه وارتفاع ايجار الفدان من 600 جنيها الى اكثر من ثلاثه الاف جنيها الى زياده الاعباء على مجمل الفلاحات المستاجرات او زوجات المستاجرين سواء باخلاء الاراضى او بابرام عقود جديده بتلك القيمه الايجاريه العاليه
تقول حسنيه محمد عبد العال من قريه ميت الفرماوى بمحافظة الدقهليه اعمل بمفردى فى الحقل بعد ان مات زوجى ،لدى اربعه ابناء ولا امتلك غير 6 قراريط ازرعها بالخضراوات ابيع الخضراوات التى ازرعها فى مدينه ميت غمر القريبه اصحو كل يوم قبل الفجر لا لحق بالسوق ومع شروق الشمس اعود الى حقلى لاقوم باعمال الزرع زوجى كان فلاحا وليس له معاشا حتى معاش السادات اغلقوا بابه امامنا فلم يعد يقبل مواطنين جدد تحت مظلته اشد ما يحزننى ان! نى مريضه بالسكر و الضغط وما باقدرش اشترى الدواء بشكل مستمر لان ثمنه غالى عليه جدا (ليس لها تأمين صحى)
وتضيف عطيات عبد الجواد على من قريه دنديط بمحافظة الدقهليه اشارك زوجى فى زراعه فدان بالايجار وبرغم زياده الايجار فقد قبلنا ان نستاجره مرغمين فالزراعه عملنا الوحيد ، اسعار السماد زادت وايضا التقاوى والمبيدات وما يتبقى من بيع المحصول لا يكفى اسرتنا فلقد انجبت خمسه ابناء، منذ عام ماتت ابنتى الكبرى بعد الولاده على يد الدايه لاصابتها بحمى النفاس ،الوحده الصحيه فى قريتنا لا توجد بها ادويه وما يخيفنى ان يمرض احد ابنائى فلا تستطيع ان نشترى له الدواء زوجى تجاوز الستين من عمرة وبالكاد يعمل معى فى الحقل ، ليس له معاش او اى نوع من التامينات، اقضى نهارى كله فى الحقل ومع المساء اعود الى بيتى واولادى اشعر بالتعب الشديد ولكنى ماذا افعل …؟
وفى شهادتها لاولاد الارض لحقوق الإنسان تقول فوزيه على انا عندى 64 سنه وزوجى متوفى وما عنديش عيال وعايشه (دالوقت ) على مساعده اهل الخير لانى ماليش معاش وماعنتش قادره على الشغل
،وقد ادت سياسه السوق الخاضعه للعرض وا! لطلب الى الحرمان من الاثار الايجابيه التى كانت تصاحب موسم جنى القطن هذا الموسم الذى كان يمثل فى وجدان الفلاحه واسرتها دورا اجتماعيا هاما ، فعلى ضوء موسم جنى القطن كان يتم تحديد اهم شئون الاسرة المؤجله طوال العام مثل اقامه الافراح وحفلات الزفاف وتسديد القيمه الايجاريه وشراء مستلزمات الاسرة وغيرها من الاحتياجات الملحه والتى كانت تلبيها ارباح بيع القطن ،
فقد تسببت سياسه السوق الى انخفاض سعر قنطار القطن من 1200 جنيها عام 2003 الى اقل من 600 جنيها عام 2004 وتكبدت الفلاحات والفلاحون خسائر فادحه مما شكل عبئا اضافيا ادى الى تاجيل كل المشاريع الملحه للاسرة ولم تتوقف المعاناه التى تعانيها الفلاحات المصريات عند هذا الحد ،بل ان الرعايه الصحيه لهن تكاد تكون معدومه فبالاضافه للامراض التى يتعرض لها الفلاحون بشكل عام تتعرض الفلاحات لامراض خاصه بهن نتيجه الولادات التى تتم فى الغالب على يد القابله ( الدايه) التى لا تلم بامور الطب ، ودائما ما تتم الولاده فى المنازل غير المعقمه مما يعرض الام والطفل لمخاطر شديده ناتجه عن التلوث كما ان الفلاحات المصريات الفتيات مازلن يتعرض لعمليات الختان مما يؤث! ر على صحتهن الجنسية والعامه ايضا نظرا لان عمليات الختان تتم ايضا فى محيط غير معقم
كما تتعرض الفلاحات الى بعض الامراض الناتجه عن التعرض للكيروسين غير كامل الاحتراق المستخدم فى الافران المنزليه ناهيك عما تتعرض له من ارهاق مستمر على مر الايام فى الحقل والبيت وتدهور صحتهن بشكل عام كنتيجه طبيعيه لسوء التغذيه وقد ادت هذه الضغوط المتلاحقه على الفلاحات الى اصابتهن بالامراض النفسيه بعد ان وصلن الى اعلى درجات الاحتمال وفى المقابل فان الفلاحات لا يتوفر لديهن سوى الوحدات الصحيه الفقيرة من الدواء والاطباء المتخصصين
تقول محجوبه فتح الله عبد الرحمن من قريه ميت القرشى بمحافظة الدقهليه (منذ شهر وانا مهدده بالسجن ، فقد اخذت سلفيه من بنك القريه ولم استطيع ان اسددها بعد ان خاب محصول القطن ،رفع البنك قضيه ضدى واصبحت امام امرين 000 اما الدفع … او الحبس ،مات زوجى منذ عامين وقد ترك لى 10 قراريط وسته من الابناء ، يومى اقضيه فى الحقل والبيت وبيع الخضروات فى الاسواق أدخلت ثلاثه اولاد المدارس ولم استطع ان ادبر مصاريف الباقين لا لحقهم بالمدرسه ، ليس لزوجى معاش ولا تامينات ، لا اطلب من ! الله غير الستر وان يعيننى على سداد الدين )
ومازالت الفلاحه المصريه تتعرض لاشد انواع الانتهاكات واقساها وهو الامر الذى يتعارض مع ابسط حقوق الانسان ومن جهتنا 000 ونظرا لما تتعرض له الفلاحه المصريه من انتهاكات اجتماعيه وصحيه ونفسيه تطالب اولاد الارض ان تقوم الحكومه
باقرار حق الفلاحات المصريات فى التامين الاجتماعى الشامل لحمايتهن من مخاطر العجز والمرض والشيخوخه والوفاه وذلك بادخال تعديلات على قانون العمل رقم 12 لعام 2003 تنص على هذا الحق والتطبيق الفورى لهذه التعديلات كما تطالب بادخال الفلاحات المصريات تحت مظله التامين الصحى مع توفير ما تحتاجه الوحدات الصحيه من ادويه واطباء متخصصين .
كما يجب اقرار حق الفلاحات فى الاجر مقابل عملهن فى الزراعه مع احتفاظهن بحق رد او قبول هذا المقابل