9/7/2006

مدخل :

أفادت مصادرنا بمحافظة الدقهلية بأن مديرية الأمن تعد دراسة أمنية جديدة لطرد عشرة فلاحين من دكرنس من أراضيهم استمرارا لمسلسل اغتصاب أراضى فلاحى الإصلاح الزراعى فى وضح النهار وسط صمت كامل من كل أجهزة المحافظة والمسئولين فى وزارتى الزراعة والعدل، والجديد فى الأمر هو أن الأحكام قد صدرت من محكمة القيم بأسماء فلاحين بينما التنفيذ سيكون ضد آخرين.

سبق لمديرية الأمن أن نفذت تجريدة سابقة فى 21 مايو الماضى على مرأى ومسمع من مندوبى الصحافة العالمية والمحلية وقبضت على 22 فلاحا وستة صحفيين (سويسرى وبلجيكى وفرنسيين ومصريين) ووجهت لأغلبهم تهم تكدير الأمن العام ومقاومة السلطات. حدث ذلك أثناء طردها لسبعة فلاحين من أراضيهم بعزبة مرشاق بدكرنس ،وقد أحلّ ورثة ملاك الأرض السابقين محل الفلاحين مجموعة من البلطجية فى حراسة عدد من رجال الشرطة السرية.

يذكر أن تحقيقات النيابة قد أسفرت عن حفظ التحقيق بالنسبة لجميع المتهمين وأفرجت عنهم دون كفالة، وأحالت أحد الضباط لمحكمة الجنايات بسبب اعتدائه على أحد الصحفيين.

لايجد أى مراقب منصف مبررا لما تقوم به مديرية أمن الدقهلية فى سعيها المحموم لتنفيذ عشرة أحكام مدنية جديدة أصدرتها محكمة القيم عام 2003 لصالح ورثة زينب الإتربى ضد فلاحى عزبة مرشاق بدكرنس بالمخالفة للقانون. لم يكفها ما حدث يوم الأحد الدامى 21/5/2006 من عدوان على الفلاحين وإلقاء للفلاحات فى الترع ..ولم يطرف لها جفن من تحرش البلطجية بنساء عزبة مرشاق فيما بعد ولا برد فعل الفلاحين ضدهم .. الذى ينذر بصدام دموى وشيك دفاعا عن شرفهم بعد اغتصاب أرضهم.

ولا يفهم أى مواطن بسيط سر الأبواب التى تنفتح على مصاريعها حتى الآن بترحاب شديد فى مديرية أمن الدقهلية لفتحى البدراوىنجل زينب الإتربى بعد كل ما حدث فى 21 مايو الماضى أمام الصحافة الأجنبية والمحلية والذى انتهى بالقبض على 28 فردا من الفلاحين والصحفيين بتهمتى مقاومة السلطات وتكدير الأمن العام. ولم تتعظ مديرية الأمن ولم تخجل بعد إفراج النيابة عن جميع المتهمين دون كفالة وحفظ التحقيق بل وإحالة أحد ضباطها لمحكمة الجنايات بتهمة التعدى على أحد الصحفيين.

ولا نتصور كيف تقوم دولة – يعانى شعبها من بطالة مزمنة وفقر مقيم وتتحدث يوميا عن سعيها للقضاء على الفقر والبطالة- لا نتصور كيف تقوم بسد آذانها وإغماض عينها عن استغاثات الفلاحين “بأنهم دفعوا ثمن الأرض التى يطردونهم منها “، وعن صراخهم “بأن هيئة الإصلاح الزراعى ومختلف المحاكم قد أعادت لورثة الإقطاعيين السابقين ما يتجاوز الحد الأقصى للملكية التى حددتها قوانين الإصلاح الزراعى المتعاقبة بكثير”، وما أسفر عنه ذلك من إلقاء مزيد من الفلاحين إلى عرض الشارع دون عمل ودون مأوى..ليتحولوا إلى متسولين أو خارجين على القانون أو مشردين واحتياطى لجماعات العنف التى اكتوى النظام الحاكم بنارها سنوات طويلة.

ولا يعرف أى طالب قانون مبتدىء لمصلحة من يتم خرق القانون عيانا بيانا وفى وضح النهار، فكما يؤكد ضياء المهدى المحامى عضو هيئة الدفاع عن الفلاحين: إن أيسط البديهيات القانونية تنص على أن الشرطة لا تنفذ إلاّ الأحكام الجنائية، أما الأحكام المدنية فيتم تنفيذها بواسطة قلم المحضرين -الذى هو جزء من الجهاز القضائى- تحت إشراف قاضى التنفيذ (مادة 274 / ق المرافعات) وبتوكيل مباشر ممن صدر الحكم لصالحه، ولا دخل للشرطة بتنفيذ الأحكام المدنية إلا إذا طلب منها قلم المحضرين ذلك (مادة 279 / ق المرافعات)..وهو ما لم يحدث فى دكرنس قبل ذلك.

لكن مديرية أمن الدقهلية تتجاهل تلك البديهيات عمدا، وتلجأ لحيلة إجرائية قديمة ومكشوفة ومخالفة للقانون..تتلخص فى التواطؤ على من صدر الحكم لصالحه (فتحى البدراوى) وتوحى إليه بتقديم شكوى مباشرة لمأمور مركز الشرطة الذى يقوم بدوره بتحويلها إلى ضابط مباحث المركز لكى تبدأ مديرية الأمن فى تنفيذ الحكم المدنى وكأنه حكم جنائى مخالفة بذلك القانون. ومثل هذا التصرف يباغت الفلاحين (مالكى الأرض) بتنفيذ الحكم دون إخطارهم، ويوفر على من صدر الحكم لصالحه (فتحى البدراوى)المصاريف الباهظة التى تتكلفها عملية التنفيذ، أى ان تنفيذ الحكم الذى يتكلف عشرات الآلاف من الجنيهات يقدم له كخدمة مجانية فى زمن اختفت فيه المجاملات، فضلا عن عرقلة المسار الطبيعى الذى يتخذه تنفيذ الحكم طبقا للقانون هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى فإن صور التوطؤ وأشكال الإنحياز لورثة الإقطاعيين السابقين متعددة منها:

  • التعامى عن تزوير الصيغ التنفيذية للأحكام كما فى الحكم (2357 /46 ق. إدارية عليا) وذلك لكى تتدخل الشرطة ويتم تنفيذ الحكم بالقوة الجبرية.
  • ومنها تنفيذ الحكم مرتين (الحكم السابق).
  • ومنها الاستمرار فى التنفيذ رغم إخطار الأمن بصدور حكم نهائى آخرعلى نفس الأرض لصالح الفلاحين من محكمة أخرى (7209/2004 مدنى كلى المنصورة) يناقض الحكم الصادر لصالح ورثة الإقطاعيين السابقين وهو الأمر الذى يوجب وقف التنفيذ فورا، كما يوجب إحالة الحكمين معا إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فيهما كما يقضى القانون (مادة 25 دستورية).
  • ومنها تنفيذ الحكم الصادر بمساحة 50 فدان رغم أن عملية القياس المساحى التى قام بها محضر التنفيذ أثبتت أن مساحة الأرض 48.5 فدانا فقط وهو ما يُعد سابقة هزلية فى التنفيذ.
  • فضلا عن تنفيذ الحكم على أرض مقام عليها مبان حكومية (مسجد تابع للأوقاف) ،بينما الحكم ينص على أن المساحة أرض زراعية خالصة.
  • أما آخر الألاعيب والحيل فهى السعى لتنفيذ قرار إفراج عن أرض رفعت عنها الحراسة (وسبق تنفيذه من سنوات)على أرض أخرى صادرها قانون الإصلاح الزراعى ووزعت تمليكا على الفلاحين. فهل يفسر لنا ما سبق ذكره لماذا تصر مديرية أمن الدقهلية على التعامى والتغافل عن كل هذه الجرائم القانونية التى ترتكب باسم القانون وتحدث تحت رعاية من يفترض فيهم حماية القانون وتحظى فى نفس الوقت بصمت قاتل مريب من كل الأجهزة التنفيذية وأغلب الأجهزة الشعبية فى المحافظة؟؟
  • وقبل ذلك هل يمكن أن نفهم لماذا لم تقم الهيئة العامة للإصلاح الزراعى باستئناف الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (محكمة أول درجة) لصالح ورثة زينب الإتربى رقم (2357/46 ق.إع) وتعامت عنه تماما ليصبح حكما نهائيا؟؟
  • ولماذا لم تقم بإدخال الفلاحين طرفا فى القضايا المرفوعة ضدها من ورثة الإقطاعيين السابقين (الإتربى) كما يقضى القانون المدنى 131 لسنة 1947 فى المادة 439.؟؟؟
  • ولماذا لم تذكر الهيئة فى مذكراتها للمحكمة أن الأرض قد وزعت على الفلاحين تمليكا وأن الهيئة قد حصَّلت منهم كامل ثمنها فى مواعيده وحصّلت منهم رسوم التسجيل وأعطتهم بطاقات حيازة زراعية كملاك من جمعياتها فى دكرنس؟
  • ولماذا لم تدخل الهيئة طرفا فى القضايا المرفوعة ضد الفلاحين من ورثة الإقطاعيين كما تقضى المادة 440 من نفس القانون على الأقل لتبعد نفسها عن مواطن الشبهات؟؟.
  • بل ولماذا تلكأت ولم تعط الفلاحين عقود ملكية الأرض بعد دفعهم كامل ثمنها حتى صدرت الأحكام لصالح ورثة زينب الإتربى؟؟
  • لا نعتقد أن وزارة العدل والزراعة لديها أية إجابة أو تفسير لأسئلتنا؟؟

لكن الأنكى والأدعى للعجب هو استغراق مديرية أمن الدقهلية هذه الأيام فى اعداد دراسة أمنية جديدة لطرد عدد أخر من فلاحى دكرنس من أراضيهم تنفيذا لعشرة أحكام مدنية صدرت بعد تلاعبات قانونية وادارية وتسببت فى منع الفلاحين من الحصول على عديد من المستندات الهامة التى تعيد لهم حقهم وتفضح فى نفس الوقت تلك الحيل والألاعيب وتشير إلى الفاعل الأصلى ومن وراءه.

يقول حمدى السحت فلاح دكرنس الفصيح :
لقد أصدرت محكمة القيم عام 2003 عشرة أحكام ضد الفلاحين وتشرع الشرطة حاليا فى الاعداد لتنفيذها خلال الأيام القادمة منها :

  • الحكم الصادر ضد رشدى محمود السحت ( منتفع أصلى ) الذى توفى عام 2001 بينما صدر الحكم فى عام 2003 .. والتنفيذ يستهدف أحد الورثة فقط هو محمد رشدى السحت .
  • الحكم الصادر ضد حلمى أحمد عيسوى ابن المنتفع الأصلى بينما الأرض فى حيازة إخوته محمد وسعاد .
  • الحكم الصادر ضد ابراهيم محمد على حسانين بينما التنفيذ يستهدف الدسوقى محمد حسانين .
  • الحكم الصادر ضد حلمى محمد عبد الوهاب بينما الأرض تحت يد كل من طلعت ، محمد ، عبدالوهاب ، جمال ، سميحة ، زينب ، سعاد ، كاميليا إخوة حلمى .. وفى نفس الوقت ورثة المنتفع الأصلى محمد محمد عبدالوهاب .
  • الحكم الصادر ضد محمد محمد المرسى بينما المنتفع الأصلى المدونة باسمه الأرض فى الجمعية الزراعية هو عبدالرحمن أحمد شحاتة .
  • الحكم الصادر ضد كامل يوسف أحمد ( متوفى ) بينما الأرض تحت يد حمدى محمود عبدالفتاح .
  • الحكم الصادر ضد على محمد سليمان بينما الأرض موزعة رسميا من الاصلاح الزراعى باسمه واسم زوجته وأبنائه كمنتفعين أصليين .
  • الحكم الصادر ضد أحمد عوض خريبة بينما الأرض تحت يد محمد محمد النشرتى وأبناء عبدالغنى طه .
  • الحكم الصادر ضد محمود المغاورى الناعم بينما الأرض باسم المنتفع الأصلى المغاورى محمد ابو الوفا الذى توفى وأصبحت الأرض تحت يد أبنائه محمود وأم هاشم وزوجته فوقيه عمر وأخيه المتولى .

فكيف يمكن أن تصدر الأحكام لصالح ورثة الاقطاعيين السابقين ضد أسماء معينة من فلاحى دكرنس بينما التنفيذ يستهدف أسماء أخرى لا تتضمنها الأحكام المذكورة ؟

وبرغم ماسبق ذكره عن تحصيل الهيئة العامة للاصلاح الزراعى لكامل ثمنها منهم ولرسوم تسجيلها وإعطائها الفلاحين بطاقات حيازة كملاك لها ؟؟؟

وقبل ذلك وبعده قيام هيئة الاصلاح الزراعى بدفع كامل التعويض المستحق لورثة الاقطاعيين السابقين عقب مصادرة الأرض واستلام الورثة للتعويض بشيك على البنك الأهلى فرع المنصورة حسبما يقضى القانون ؟
إن اختزان أرض دكرنس لكميات من الغاز الطبيعى اكتشفت مؤخرا قد فاقم من مآسى فلاحيها وضاعف من أعداد المتكالبين علي تلك الأرض، فاستمات ورثة الإقطاعيين فى استعادتها بأى ثمن وبشتى الطرق ، والتف حولهم الكثيرون من كل اتجاه يعرضون تقديم خدماتهم عليهم وتوصيلها للمنازل فى زمن ندر فيه فعل الخير.فهل يستحق الفلاحون الذى زرعوا الآرض 43 سنة أن يودعوها تحت وابل من قنابل الغاز وهراوات الشرطة وتهم تكدير الأمن العام ومقاومة السلطات ؟
إن القائمين على أمن هذا الوطن يلعبون بالنار ، واذا اشتعلت .. فلن تبقى ولن تذر وستحرق الجميع .. فهل يراجعون أنفسهم قبل فوات الأوان ؟؟؟

بشير صقر
عضو لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى