29/3/2009

إن المؤتمر الوطني السابع للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، المنعقد بالرباط أيام 27- 28 و 29 مارس 2009 بشعار مركزي “مناهضة الإفلات من العقاب رهان مأسسة دولة الحق”، والذي تم التمهيد لأشغاله بندوة فكرية موضوعاتية متماهية مع الشعار إياه تدارست القوانين والآليات الدولية الوطنية ذات الصلة ، بمشاركة خبراء وطنيين ودوليين وممثلي جمعيات غير حكومية، أثارت مجموعة من الإشكاليات المطروحة في نطاق تطبيق مبدأ مناهضة الإفلات من العقاب من جانب أول والآليات الوطنية من جانب آخر.

وعلى مدى يومين من النقاش البناء والمثمر الذي تلا تقديم التقريرين الأدبي و المالي من طرف المكتب الوطني السابق، و المصادقة عليهما.
وبعد مناقشة مقترحات تعديل القانون الأساسي والوثيقة التقييمية لتجربة المنظمة خلال عقدين، والتوجهات الاستراتيجية لمناهضة الإفلات من العقاب.

اعتبارا:

  • لاستناد المنظمة إلى مرجعية كونية ترتكز على قيم الكرامة الإنسانية المتأصلة والحرية والمساواة والعدل؛
  • لتعلقها بالسلم والشرعية الدولية؛
  • لتقيد عملها بنص الدستور الذي تطالب المنظمة بإصلاحه تعزيزا للأسس الديمقراطية للدولة وللمؤسسات وإرساء الضمانات الأساسية لحقوق الإنسان؛
  • للتكامل والترابط بين إقرار حقوق الإنسان واحترام سيادة القانون أساسا للاستقرار والأمن والعدالة الاجتماعية؛
  • لكون الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق التنمية كلية لا تقبل التجزيئ؛
  • لتحصيل منجزات هامة في مجال حقوق الإنسان بفضل نضالات الحركة الحقوقية وتبصرها؛
  • لأهمية وضرورة الحرص على ترسيخ هذه المكتسبات وتحصينها من أي تراجع أو انتكاس؛
  • لهوية المنظمة كمكون متميز من مكونات الحركة الحقوقية المغربية؛
  • لاستقلالية المنظمة عن الدولة والفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين؛
  • للدروس والعبر المستخلصة على مدى عقدين من النضال الهادف لترسيخ قيم حقوق الإنسان. فإن المؤتمر الوطني السابع للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان:

* على المستوى الدولـــي:

  • يدعو المجتمع الدولي إلى تعديل مقتضيات ميثاق الأمم المتحدة وإصلاح جهاز مجلس الأمن بما يضمن احترام المبادئ والأهداف المنصوص عليها في الميثاق؛
  • يؤكد على الالتزام بمبادئ القانون الدولي باعتبارها سبيلا لضمان الحفاظ على السلم والأمن الدوليين ؛
  • يدين السياسة الانتقائية التي تحكم سلوك المجتمع الدولي اتجاه انتهاكات مبادئ القانون الدولي الإنساني في بؤر التوتر في العالم؛
  • يعبر عن أمله في أن يحمل التغيير الذي عرفته الإدارة الأمريكية بوادر سياسة دولية جديدة أساسها القطع مع الاستخدام غير المشروع للقوة و تبني أسلوب الحوار القائم على احترام السيادة الوطنية صونا للتعايش بين الشعوب والحق في السلم؛
  • يندد بالسياسة الاستيطانية والتدميرية التي تمارسها إسرائيل ضد حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وبناء دولته المشروعة؛
  • يطالب بفتح تحقيق من قبل المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المرتكبة من طرف إسرائيل، معتبرا تقاعس المجتمع الدولي عن تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية مسا خطيرا بالمعايير الدولية للعدالة الجنائية ومبادئ الإنصاف؛
  • يجدد تضامنه اللامشروط مع كفاح الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه السياسية المشروعة؛
  • يستنكر سياسة الحصار التي تستهدف معاقبة الشعب الفلسطيني على ممارسة اختياره الديمقراطي؛
  • يدعو الولايات المتحدة الأمريكية إلى سحب قواتها من العراق وإنهاء للاحتلال وتمكينا للشعب العراقي من تقرير مصيره وتأكيدا لسيادته على أرضه وثرواته؛
  • ينظر بقلق إلى تداعيات العولمة بحمولاتها ومؤشراتها على احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لدول الجنوب ومسؤوليتها في تعميق معضلة الفقر والتهميش الاجتماعي، ويضم صوته للدعوة إلى نظام اقتصادي جديد أكثر إنسانية؛
  • يدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ كل التدابير الكفيلة بالحفاظ على البيئة السليمة والمتوازنة.

* علـى المستـوى الإقليمـي:

  • يأسف لاستمرار تدهور أوضاع حقوق الإنسان و الحريات العامة في العالم العربي؛
  • يندد بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بمنطقة دارفور بما فيها تشريد لعشرات الآلاف من المدنيين، ويسجل قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية؛ بمساءلة المسؤولين حول هذه الانتهاكات باعتبارها خطوة لإقرار العدالة الدولية؛
  • يطالب الحكومات العربية بالمصادقة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛
  • يواكب بقلق بالغ أوضاع الاقتتال السائدة داخل العراق ويدعو مختلف الأطياف السياسية والمكونات الاجتماعية إلى الاحتكام للاختيار الديمقراطي في تدبير الاختلاف من أجل وطن ديمقراطي ومستقر .

* علـى المستـوى الجهــوي:

  • يعبر المؤتمر عن إيمانه بضرورة التغلب على كل الصعوبات التي تعوق قيام وحدة مغاربية في صالح شعوبها، ويؤكد أن هذه الوحدة لن تكتسب مصداقيتها وتضمن استقرارها إلا على أساس دعم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان؛
  • يسجل حصول المغرب على صفة الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوربي، وما فتحه من إمكانيات للاحتكام إلى الالتزامات القائمة في الاتحاد الأوربي بخصوص تدعيم ضمانات حقوق الإنسان والديمقراطية، ويؤكد عزم المنظمة متابعة ومراقبة إعمال هذه الإمكانيات.

* علـى المستـوى الوطـني:

يستحضر المؤتمر الوطني السابع مقاربة المنظمة لطبيعة مرحلة الانتقال الديمقراطي، كما حددها المؤتمران السابقان، باعتبارها مرحلة فتحت إمكانات هامة في مجال حقوق الإنسان ثقافة وممارسة، لكنها مرشحة للانتكاس والتراجع في أي لحظة، مما يتطلب ضرورة تحقيق الإصلاحات وتسريع وتيرتها لبناء دولة الحق.

واعتبارا لكون المنظمة قد اختارت دعم الانتقال الديمقراطي وجعلت من حمايته منطلقا لانخراطها بفعالية في مختلف القضايا الإشكالية ذات الصلة بهذا الانتقال، فإن المؤتمر الوطني السابع للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان يعتبر أن تعميق وتسريع الإصلاحات يقتضي مراجعة الدستور بما يضمن الحريات والحقوق ويعزز اضطلاع المؤسسات بدورها في البناء الديمقراطي بما يتطلبه من فصل للسلط وتعزيز لاستقلال القضاء. وإذ يذكر المؤتمر بموقف المنظمة إزاء قرار إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة ومتابعة مسارها، معتبرا توصياتها نتيجة لعمل دؤوب حول ملف ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب؛ فإنه يدعو إلى :

  • بلورة وأجرأة مخطط استعجالي لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة إعمالا للالتزام الوطني؛
  • تعميم وتوسيع مبدإ جبر الضرر الجماعي في المناطق والجهات التي كانت مجالا للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خاصة بالريف والأقاليم الجنوبية؛
  • اتخاذ كل التدابير الكفيلة بحفظ الذاكرة والاستفادة من آليات الشراكة العلمية مع الجامعات والمؤسسات البحث العلمي؛
  • تطوير مهام ومسؤوليات المكاتب الجهوية المستحدثة من قبل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان حتى تساهم عمليا في النهوض بثقافة حقوق الإنسان والتربية على المواطنة؛

وإعمالا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب في القضايا المدنية والجنائية والاجتماعية والاقتصادية يوصي المؤتمر ب:

  • التنصيص في الدستور على مبدإ مناهضة الإفلات من العقاب حتى يكون له قيمة قانونية وفعلية؛
  • التنصيص على مقتضى دستوري يهم تنفيذ الأحكام القضائية في سياق مناهضة الإفلات من العقاب ووضع المكلفين تحت مراقبة البرلمان؛
  • التصديق على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وعلى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب والاتفاقية الدولية لمناهضة الاختفاء القسري؛
  • إدماج الحكامة الأمنية في الفصل 46 في سياق الضمانات القانونية للحقوق الفردية التي يتمتع بها المواطن وإعمال مراقبة دستورية الضمانات القانونية من طرف المجلس الدستوري والبرلمان والمجتمع المدني؛
  • ملاءمة الجرائم والعقوبات المنصوص عليها بالقانون الإنساني في التشريع الوطني؛
  • ملاءمة التشريع المغربي مع اتفاقية الأمم المتحدة ضد الرشوة؛
  • إصلاح القانون الجنائي وتفعيل وسائل المراقبة القضائية وتحديث اختصاصات المسؤولين على إنفاذ القانون ومراقبة ظروف الاعتقال الاحتياطي بخضوع المسؤولين والسلطات المختصة بالمراقبة والمتابعة لتفادي وفيات المواطنين نتيجة استعمال العنف؛
  • تفعيل الآليات الوطنية في مجال زيارات مخافر الشرطة والدرك الملكي ونشر التقارير حولها؛
  • توسيع اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات حتى يتمكن من إحالة ملفات الجرائم الاقتصادية على النيابة العامة؛
  • إعمال آليات تخليق الحياة العامة لمناهضة الجرائم الاقتصادية وتفعيل السلط المعنية بالمراقبة كالبرلمان والقضاء والمجلس الأعلى للحسابات؛
  • إنشاء غرف متخصصة في الجرائم الاقتصادية لدى محاكم الاستئناف؛
  • إعمال آلية التحري والمتابعة من طرف النيابة العامة بشأن قضايا إنتهاكات حقوق الإنسان ذات الصلة بالتدبير العمومي في المجال السياسي والاقتصادي؛
  • وضع الحكومة للتقرير السنوي عن تدبير المؤسسات العمومية من طرف المفتشية العامة للمالية لدى الوزير الأول والتداول حوله بالمجلس الحكومي وإخبار الرأي العام بمضامينه.

وإذ يسجل المؤتمر أهمية الحوار الاجتماعي بخصوص الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية لفئات عريضة من المواطنين يؤكد أن انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتجلياتها في الفقر والتهميش والإقصاء يعيق المكتسبات ويعطل مسار الانتقال الديمقراطي؛ لأن إقرار الحقوق المدنية والسياسية لن يتحقق في ظل استمرار حرمان المواطنين من التمتع بحقوقهم في التعليم والصحة والشغل والسكن اللائق بالكرامة.

واعتبارا لتواتر الحركات الاحتجاجية وتنوع أشكالها واتساع مداها فإن المؤتمر يطالب بـ:

  • فتح حوار وطني مع كل الفاعلين لبلورة الإجراءات الضرورية بما يضمن مأسسة الحق في التظاهر والتعبير بطريقة سلمية ؛
  • دراسة مطالب الجنود الأسرى المغاربة سابقا في تندوف فيما يتعلق بالصحة والسكن والترقية وتسليط الأضواء على مصير المختفين منهم وإعادة رفات المتوفين وتسليم شهادات الوفاة لأقاربهم.

وإيمانا من المؤتمر بأولوية حقوق المستهلك، ونظرا لما يتسم به المشروع الحكومي بشأن تدابير حماية المستهلك من طابع جزئي وإخلال بقانون الجمعيات وبالحقوق الأساسية للمستهلك، فإنه يدعو إلى:

  • إقرار مدونة شاملة ومتكاملة لحماية المستهلك طبقا للمعايير التوجيهية للأمم المتحدة في الموضوع؛
  • استحضار أهمية هذا الموضوع من طرف كافة ممثلي الشعب إقرارا لحق أساسي من الحقوق الاقتصادية. واعتبارا للأضرار الخطيرة التي تتعرض لها الموارد الطبيعية والفضاءات البيئية من طرف المؤسسات العمومية أو الخواص، فإن المؤتمر يدعو إلى:
  • وضع استراتيجية للنهوض بحق المواطن في بيئة سليمة؛
  • مراجعة التشريعات الوطنية ذات الصلة ورصد الجرائم ضد سلامة البيئة ومتابعة مرتكبيها.

وإذ يذكر المؤتمر بمواقف المنظمة بخصوص الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، يسجل مجددا المكتسبات المحصلة فإنه يدعو إلى وضع حد لكل المعيقات وأنماط القصور والخصاص في التصدي لانتهاكات حقوق المتقاضين لعدم استعمال القضاء الوطني لمختلف اللغات الأمازيغية ومحدودية تدريسها وتأخر إحداث قناة تلفزية خاصة النهوض بالحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية.

وإذ يذكر المؤتمر بمواقف المنظمة بخصوص حرية الصحافة والتعبير والتي شملت رصد لانتهاكات وإعداد الدراسات التحليلية والمذكرات والدلائل وتقديم توصيات ذات أهمية إستراتيجية..

ويستحضر أهمية النقاش الجاري حول إصلاح قانون الصحافة يؤكد حاجة المجتمع إلى :

  • تشريع يلغي العقوبات السالبة للحرية ومحقق للتوازن بين ضرورة الحرية واحترام الكرامة والحياة الخاصة للأفراد؛
  • إعمال الشفافية والاطلاع على ما يجري في الحياة العامة باستصدار قانون يضمن الحق في الوصول إلى المعلومة والوثائق العمومية والحق في الإعلام؛
  • النهوض بالإعلام العمومي لنشر ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان مع احترام مبادئ الاستقلالية والتنافسية والجودة والتعددية. وإذ يذكر المؤتمر بمواقف المنظمة إزاء قضية الهجرة واللجوء فإنه :
  • يشدد على ضرورة احترام وضمان حقوق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء طبقا للمقتضيات الدولية ذات الصلة التي التزم بها المغرب؛
  • يطالب الحكومة بإقرار آلية قانونية ومؤسساتية وطنية من أجل حماية اللاجئين وطالبي اللجوء في المغرب.

وإذ يستحضر المؤتمر انخراط المنظمة في مسار النضال وتجديد وتنويع آليات الدفاع عن حقوق المرأة إلى جانب القوى الديمقراطية والمنظمات النسائية غير الحكومية:

  • يسجل تحقيق مكتسبات تشريعية وقانونية تساهم في رفع مستويات وأشكال مشاركة المرأة المغربية في التنمية يدعو إلى:
  • يطالب بإعمال مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص في مختلف السياسات والبرامج التنموية للقطاعات الحكومية؛
  • يدعو إلى تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء؛

إن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان التي انبثقت فكرة من صلب الدينامية الاجتماعية الوطنية قد ظلت على مدى عقدين من مسار فعلها النوعي مشدودة إلى النضال من أجل قضايا حقوق الإنسان باعتبارها عاملا حاسما في التنمية الإنسانية، رابطة ذلك بالنضال من أجل الديمقراطية والتنمية في منأى عن التوظيفات السياسية وبمهنية استقلالية وحرص دائم ومتجدد على ابتكار ما يلاءم مقتضيات النوازل والأحوال؛ من تصورات ومقاربات ووسائل العمل ستظل وفية لمبادئها ورسالتها الحقوقية الهادفة إلى الدفاع عن حقوق المواطنات والمواطنين في الكرامة والعيش الكريم.

المؤتمر الوطني السابع