4/12/2008

السادة الحضور .. أعضاء المنتدى الاجتماعى الدولى للبدائل
باسم لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى بمصر أوجه الشكر لمنظمى هذا المنتدى على دعوتنا للحضور ، وأوجه تحية خاصة لشعب فينيزويلا وقادته الذين استضافوا هذا المنتدى ؛ الذى يأتى فى وقت اشتد فيه حصار أعدائنا لنا وسدوا أمامنا كل المنافذ ولم يتركوا لنا سوى طريق واحد للإستمرار فى الحياة .. هو طريق المقاومة. • نعرف جميعا أن القضية الفلاحية قضية متشابكة ومعقدة وتتشكل من عديد من الحلقات ونعرف أيضا أن لكل حلقة منها كثير من التفاصيل الدقيقة.

ومناقشة هذه القضية لا تتم بمناقشة تلك الحلقات وهى متجاورة أو متوازية؛ لأنه فى كل قضية – قومية أو عالمية – توجد حلقة رئيسية تمثل عصب المشكلة.. ترتبط بها باقى الحلقات ، وكسر الحلقة الرئيسية ( أو حلها ) يعنى حل الجزء الأهم من القضية .. حيث يسهل التعامل بعدها مع بقية الحلقات الأصغر المرتبطة بها.

• وفى القضية الفلاحية.. فإن الصراع المحتدم حاليا بين الشركات العولمية العاملة فى المجال الزراعى وبين الفلاحين الفقراء والصغار والمتوسطين يمثل الحلقة الرئيسية، أما الموضوعات الأخرى كالوقود الحيوى والإصلاح الزراعى والإخلال بالتوازن البيئى وبالتنوع البيولوجى واجتثاث الغابات وتجارة الحاصلات الزراعية وتجارة مستلزمات الإنتاج الزراعى وغيرها فتمثل الحلقات الأصغر المرتبطة بالحلقة الرئيسية التى هى بشكل دقيق ( طبيعة وأدوات الصراع بين هذه الشركات وبين الفلاحين).

• وطرف الصراع الأول ( الشركات) قوى وغنى ومنظم ومسلح وقادر على تغيير خططه وأدواته وأساليبه وأسلحته؛ بينما الطرف الثانى ( الفلاحون) على العكس من ذلك.

• والفلاحون الذين نعنيهم هم فلاحوالشمال وفلاحو الجنوب.. والمعارك التى يخوضها كل منهما ضد هذه الشركات هى معركة مشتركة أو معركة واحدة وليست معركتان، لذلك لابد أن يديرا هذه المعركة وهذا الصراع يدا واحدة وبشكل مشترك.

ولا يمكن أن يتم ذلك دون أن تكون استراتيجيتهما واحدة وخططهما متناسقة ومتكاملة هذا من ناحية.

• ومن ناحية أخرى فبرغم ما حققه فلاحو الشمال من مكاسب حقيقية سواء فى وجودهم فى تنظيمات نقابية وما انتزعوه من حريات ديموقراطية فضلا عن الدعم الاقتصادى لعدد من محاصيلهم الزراعية.. إلا أن ميزان القوى العالمى فى الربع قرن الأخير يميل لصالح الشركات العولمية ، ولا يمكن تعديله دون التوصل إلى جوانب القوة الكامنة فى جبهة الفلاحين ككل.

• ويمكن القطع بأن الجزء الأعظم من جوانب القوة الكامنة للفلاحين موجود فى صفوف فلاحى الجنوب، بمعنى أنه إذا ما ارتفع وعيهم وتم تنظيمهم وشعروا بمن يدعمهم ويتضامن معهم من خارج الحدود فسينعكس ذلك على مقاومتهم مما يعدل ميزان القوى العالمى الراهن لصالحهم .

• لقد كان العدو ( الشركات العولمية) يستخدم نتائج المعارك التى يخوضها ضد أحدهما فى مواجهة الثانى أى يستخدم مثلا ما يحققه من انتصارات ضد فلاحى الجنوب وما يقتنصه من منتجاتهم الزراعية التى يسوقها فى أوربا لمواجهة وإضعاف مقاومة فلاحى الشمال .. لأن معركة هذه الشركات مع فلاحى الجنوب أسهل منها مع فلاحى الشمال نظرا لأن فلاحى الجنوب غير منظمين ومحدودى الوعى والثقافة والخبرة الكفاحية وبسبب شراسة حكامهم وديكتاتوريتهم وأنانيتهم بالمقارنة بحكام الشمال .. لكل ذلك كان من الضرورى الإنتباه الشديد لسد هذه الثغرة التى تمثل خطرا حقيقيا على الفلاحين فى الشمال والجنوب معا فى معركتهم ضد هذه الشركات .

• لابد من دعم فلاحى الجنوب بمختلف أنواع الدعم السياسى والتنظيمى والإعلامى لمساعدتهم فى استمرار المقاومة ضد أنظمتهم السياسية ومستغليهم فى بلادهم.. وضد الشركات العولمية، ولابد للمنظمات الفلاحية الدولية أن تقوم بدورها فى نسج علاقات إقتصادية بين فلاحى الشمال والجنوب تحقق مصالح الطرفين إضافة إلى دورها التقليدى التضامنى. • إننا نشبّه جبهة فلاحى الجنوب بإحدى ضفتى نهر بينما جبهة فلاحى الشمال تمثل الضفة الأخرى لنهر المقاومة؛ ولابد أن تكون الضفتان فى مستوى واحد أو مستوى متقارب حتى تندفع مياه النهر إلى الأمام لتواجه سفينة العولمة وتمنعها من الاستمرار فى السير والهجوم.

• إن كل انتصار يتحقق فى جبهة يقوى ويرفع معنويات الجبهة الأخرى وهكذا ، وهذا ما سبق أن قلناه فى مؤتمر السيادة على الغذاء فى فبراير 2007 فى دولة مالى بإفريقية. لابد من إدراك ذلك والعمل على وضع الخطط وإعداد الأدوات والأسلحة التى تحوله إلى واقع حى وليس مجرد ترديده فى المؤتمرات والمنتديات السياسية.

• نحن ندرك أن هذه الفكرة التى نطرحها ( عن الحلقة الرئيسية للقضية الفلاحية والحلقات التى ترتبط بها ) مجرد فكرة نظرية.. لكن مناقشتها هنا والاتفاق عليها .. يحتاجان منا إلى عشرات التفاصيل والإختيارات ويمهدان لتحويلها إلى واقع حى يمشى على أرجل حتى نصل إلى أفضل تطبيق لها.

• وعلى سبيل المثال فإن شن حملة ضد حصار الفلاحين فى الشمال والجنوب ( بواسطة رفع تكلفة الزراعة أو انتزاع الأرض منهم لتحويلها إلى مزارع واسعة تعمل بنظام الزراعة الكثيفة)، إن شن هذه الحملة بشكل مبعثر لن تكون آثاره ونتائجه متساوية مع شنها بشكل أعم فى إطار شعار ( معركة واحدة لفلاحى الشمال والجنوب ضد الشركات العولمية العاملة فى مجال إنتاج وتسويق مستلزمات الإنتاج الزراعى).

• إن مهمة المؤتمرات الدولية ليست إعلامية فقط بل يجب أن تستهدف التعرف على واقع الفقراء ومنهم الفلاحين وإمكاناتهم فى المقاومة والعمل الجاد لدعم هذه المقاومة وتوسيع المعركة ضد العولمة وتحويلها إلى معركة واحدة.

• إن المعارك الحاسمة فى تاريخ البشرية تعتمد بالأساس على عاملين:

الروح المعنوية وأدوات المقاومة المناسبة وكلاهما يلعب دورا فعالا فى تعديل ميزان القوى .. لذلك فإن شعور فلاح من كولومبيا أو من كوريا أومن مصر بوجود فلاحين آخرين فى آسيا وأوروبا وإفريقيا وأمريكا يخوضون نفس المعركة.. يرفع معنوياته إلى عنان السماء.. ويدفعه دفعا للإستمرار فى المقاومة ، كما أن ذلك يدفعه لاستحداث أساليب مختلفة وأسلحة جديدة للمقاومة والعكس صحيح.

إن اسم هذا اللقاء الذى يجمعنا هنا فى فنيزويلا ( المنتدى الاجتماعى الدولى للبدائل ) يفرض علينا جميعا أن ندرك أن البدائل لا يتم التوصل إليها دون التعرف على الوضع الراهن لنشاط الفلاحين فى كل بلاد العالم وعلى مستوى الوعى والتنظيم وبالتالى مستوى المقاومة التى يخوضون بها معاركهم ضد مستغليهم المحليين والعالميين.

باختصار يجب ان نبدأ من هذه النقطة ( التعرف على مستوى المقاومة) لنتمكن بعدها من طرح البدائل الحقيقية.

السادة الحضور:
إذا ما سار جمع من الناس فى اتجاه واحد .. فإنهم يصنعون الطريق ، وطريق الألف ميل يبدأ بخطوة.
أشكركم .. ونلتقى مرة أخرى.