3/3/2009

أكد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان استمرار تدهور أوضاع حقوق الإنسان والحريات العامة في العالم العربي في ظل غياب إرادة سياسية للمضي قدما نحو الإصلاح من جانب معظم الحكومات العربية. وأضاف المركز في هذا الصدد أن الفقر والمشكلات الاقتصادية لا تصلح مبررا لانتهاكات حقوق الإنسان، مشيرا في ذلك إلى أن بلدانا غنية مثل ليبيا وغيرها تشهد انتهاكات خطيرة لتلك الحقوق. كما أن إعلان المغرب عن التزامه بسحب التحفظات على الاتفاقية الدولية لمناهضة التمييز ضد المرأة وكذلك إقدام المملكة السعودية على تغيير رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورئيس مجلس القضاء الأعلى – المعروفين بمواقفهما المناوئة للإصلاح – يعد مؤشرا، حتى وإن كان محدود الأثر، على أنه عندما تتوافر الإرادة السياسية يمكن معالجة بعض الإشكاليات الثقافية التي تضع الشريعة الإسلامية في تعارض مع حقوق الإنسان. كما أن ذرائع الخوف من الفوضى والاضطراب السياسي لم تمنع السلطات في مصر، من السماح بإصدار صحف مستقلة جديدة!

جاء ذلك عبر المداخلة التي تقدم بها مركز القاهرة في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بجنيف في الدورة العاشرة لاجتماعاته التي بدأت في 2 مارس وتستمر حتى 27 مارس.

وقد انضم إلى هذه المداخلة 13 منظمة حقوقية عربية شملت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ومركز قضايا المرأة المصرية، وجمعية حقوق الإنسان أولا بالمملكة السعودية، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والمجلس الوطني للحريات بتونس، ومركز الخرطوم لحقوق الإنسان والتنمية البيئية، وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان، ومركز البحرين لحقوق الإنسان، ومركز دمشق لحقوق الإنسان، والمنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان بلبنان (حقوق)، والمرصد اليمني لحقوق الإنسان.

ورصدت المداخلة التي تقدم بها المركز تزايد اللجوء للقمع والاستخدام المفرط للقوة في مواجهة تصاعد أشكال الحراك والاحتجاج الاجتماعي، خاصة في مصر وتونس والمغرب والسودان.

وأكدت المداخلة أن دعاة الإصلاح ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين والكتاب ونشطاء الإنترنت في العالم العربي باتوا هدفا لوتائر متزايدة من القمع. ففي مصر تتزايد الضغوط الأمنية على المنظمات غير الحكومية. وفي سوريا تعرض أعضاء بارزون في ائتلاف إعلان دمشق من اجل التغيير الديمقراطي للسجن بعد محاكمات غير عادلة، وواصلت السلطات السورية، رفضها إسباغ المشروعية القانونية للمنظمات الحقوقية، ومنع العديد من نشطائها من السفر، وظل العديد من النشطاء والمعارضين السوريين قابعين في السجون بعد محاكمات جائرة. وفي تونس تحكم السلطات حصارها على الرابطة التونسية لحقوق الإنسان. ويشكل التحرش بالنشطاء ومداهمة منازلهم ممارسة روتينية.

وفي الجزائر تتهدد المحاكمات والعقوبات السالبة للحرية النشطاء الذين يرصدون الانتهاكات الخطيرة التي وقعت في الجزائر خلال حقبة التسعينيات. وفي البحرين أدى الاستخدام المفرط للقوة في قمع الاحتجاجات السلمية إلى مصرع أحد نشطاء حقوق الإنسان، وتعرض العديد من النشطاء للاحتجاز التعسفي والتعذيب والمحاكمات غير المنصفة. وفي المغرب تستمر القيود الصارمة على المنظمات الحقوقية التي تعمل في الإقليم الصحراوي. وفي السودان تعرض الصحفيون والنشطاء الحقوقيين للاعتقال والتعذيب، بسبب الانتقادات التي يوجهونها بخصوص الجرائم المرتكبة في دارفور، ولمجرد الاشتباه في التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. كما يجري التنكيل بدعاة الإصلاح في المملكة السعودية عبر الاعتقال طويل الأمد دون تهمة أو محاكمة. وأوضحت المداخلة أن حريات التعبير في العالم العربي باتت بدورها هدفا لضغوط متزايدة تحت وطأة استدعاء التشريعات المعادية لحرية التعبير وتشريعات مكافحة الإرهاب، وتوظيف القضاء في النيل من حرية التعبير ومعاقبة الصحفيين والكتاب والمدونين، والتوسع في الرقابة على الصحف.

وأضافت المداخلة أن حجب المواقع الإلكترونية يمارس على نطاق واسع، وخاصة في تونس وسوريا والبحرين والمملكة السعودية، كما أن المدونين باتوا هدفا للاعتقال التعسفي بموجب قانون الطوارئ في مصر، وفي الوقت ذاته تتزايد ضغوط المؤسسة الدينية، لكبح حرية التعبير والإبداع، فضلا عن التوسع في مصادرة المطبوعات.