30/3/2005
تدشين للعمل المشترك المستمر
انطلاقاً من السعي إلى حوار جاد بين العرب والغرب، وبين العرب أنفسهم وكافة الثقافات الأخرى.
ومن أجل حوار يهدف إلى قبول الآخر والتفاعل المشترك والتبادل الثري للتجارب والخبرات ذات الطابع الإنساني الذي يحترم الخصوصيات المنفتحة وفي ظل ما تعانيه الشعوب والثقافة العربية من محنة تشترك في تصعيدها وازدياد شدتها العديد من العوامل الخارجية والداخلية والتي تتنوع بين ما هو سياسي متمثلاً في قمع الحريات وغياب الحقوق وبين ما هو اقتصادي متمثلاً في فقر وتهميش وعولمة جائزة، وبين ما هو ثقافي متمثلاً في الاحتماء وراء الهوية وتكريس لكراهية الآخر.
مع نهاية هذا الحوار اليوم نأمل في تدشين مرحلة جديدة وابتداع وسائل مبتكرة تمهد طريق التفاهم والتعايش.
إن ما تتبعناه على مدار جلسات المؤتمر التي غطت محاور عدة تنوعت ما بين الاقتصادي والسياسي والثقافي والحقوقي قد أثبت لنا حقيقة أساسية وهي أن جهدنا لابد أن يتواصل ويتطور حتى يصل إلى من يهمه الأمر في الدرجة الأولى؛ أي إلى الإنسان العربي في كل مواقعه وألا يتحول إلى عمل صفوي بين نخب معزولة خاصة إذا كرسنا العمل الجاد والنزيه على دعم النهوض السياسي والحركات الاجتماعية الناشطة البازغة والتي نرى إرهاصاتها في بيروت والقاهرة بوضوح هذا غير التململ الذي يشمل كل المنطقة مما يخفي علينا لبعدها عن أعين الإعلام المنحاز دائماً للحكومات المتسلطة بخطابها ونظم أمنها.
لقد صاغ هذا الحوار على مدى يومين بعض ملامح التقارب البناء في وجهات نظر متنوعة مثلت تيارات وخلفيات ثقافية مختلفة ليست فقط باتساع ثقافتين (أوربية وعربية) بل أيضاً على مستوى العرب أنفسهم تمثل ذلك في تيارات تسعى إلى تجديد الفكر العربي والخطاب الإسلامي وتيارات أخرى ترى في العلم والعلمانية سبيلاً أكثر مناسبة للإنسان والعيش حياة متطورة اكثر حرية قياساً على تجارب متحققة على مستوى العالم، واتجاهات ليبرالية تفهم الواقع جيداً.
لقد جاءت في هذا الحوار مجموعة من المفاهيم تنوعت ما بين مفاهيم تحتاج لقدر من الوضوح والعمق مثل البحث عن الهوية والاحتماء وراءها وكراهية الأخر ومعاداته وبين مفاهيم إيجابية مثل الحرية مفهوماً ومضموناً وحيثيات ممارستها على أرض الواقع.
ومن ثم فإن فاعلية هذا الحوار لابد من أن تظهر في التشديد على عدة نقاط يجب أن تكون محل تركيز دائم وبحث مستمر، وهو ما يمكن سرده على أساس المحاور التالية:
أولاً: محور حقوقي إنساني
1- متابعة ما تم التوصل إليه من اتفاقيات سواء دولية أو إقليمية ومدى نجاح هذه الاتفاقيات في تمثيل كافة الأطراف المعنية وثقافتها، وإعادة البحث حول جدية الحكومات في تنفيذ هذه الاتفاقيات وما هي المعوقات أمام تنفيذ هذه الاتفاقيات الدولية والإقليمية، ومن ثم البحث في خلق لآليات جديدة إذا ما لزم الأمر.
2- العمل على تصحيح مسار العلاقات وإعادة العدل كأساس للتعامل بين الحكومات القادرة صاحبة النفوذ وبين الشعوب العربية التي تتعرض للاحتلال والاستعمار وانتهاكات حقوق السيادة وحق تقرير المصير، وعلى رأس ذلك ضرورة المساندة الجادة للقضية الفلسطينية وإخراج قوات الاحتلال الأمريكي من العراق.
3- مراعاة تغليب الشق الحقوقي على السياسي في تعامل الحكومات الأوروبية التي تحترم حريات وحقوق شعوبها مع الحكومات العربية التي تحترم ولا تراعي حقوق وحريات شعوبها.
4- مراعاة الحكومات الأوروبية وفي إطار ما تم من التوصل إليه في إعلان برشلونة لما تعانيه الشعوب العربية ولإيجاد طرق اكثر جدية في التعامل مع الحكومات بما ينعكس على تدعيم سبل التنمية الحقيقية التي تعمل على تحسين حالة الشعوب وليس حالة الحكومات (وليأخذ التعاون في القضايا الحقوقية والإنسانية نسبة أكبر من تكريس الجهود والموارد أكثر من حفظ الأمن والاستبداد البوليسي المسلط على رقاب المواطنين).
ثانياً: محور سياسي
يتلخص في الكف عن ممارسة المعايير المزدوجة خاصة في سياق التعامل مع قضايا محورية في المنطقة العربية وعلى رأسها الاحتلال وعدم تحرير الأرض الفلسطينية بعد اكثر من نصف قرن مدركين بعد تجربة مريرة من أن التأثير السلبي للمعايير المزدوجة هو ما يثمر عن وضع الفئات المستضعفة من أبناء الشعوب العربية في مأزق الدفاع عن الذات بعنف عشوائي بحثاً عن الخلاص على حساب نفسه بمسميات أحياناً مثيرة للجدل (مثل الاستشهاد) وأحياناً مثيرة للتضامن الوجداني مثل المقاومة المشروعة.
قيام منبر مشترك عربي وأوروبي يضم الأحزاب والنقابات والمنظمات غير الحكومية. تكمن أهمية وجوده في تدعيم المشتركات وتأصيل لقيم الحوار والتسامح.
ثالثاً: محور اقتصادي
إعادة النظر في سياسات التعاملات التجارية بين الدول وخلق آليات حقوقية للتعامل مع إشكاليات الهجرة القسرية واللجوء والاستمرار في المحاولات الجادة في هذا الإطار.
رابعاً: محور ثقافي
يتمثل في ضرورة توصيل صدى هذا الحوار إلى كافة الفئات من شعوب ضفتي المتوسط. في إطار التشديد على ضرورة نبذ التركيز حول الدولة والهوية القومية الذي يأتي على حساب الهوية الإنسانية. أن يساعد الحوار العربي الأوروبي، المسلمين عامة وتيار المسلمين الديمقراطيين بوجه خاص على العمل على تغيير الصورة النمطية للإسلام والمسلمين بالنسبة لغالبية الغرب من خلال اللقاءات والزيارات المتبادلة والترجمة والتفاعل الفني والثقافي.
ومن ثم فإن عل راس التوصيات الأولية التي نقترحها ونترك الباب مفتوحاً للإضافة عليها تنقسم إلى توصيات منهجية وأخرى إجرائية:
أولاً: على المستوى المنهجي
1- استقطاب كافة الجهود البحثية والدراسية في الإطار الأكاديمي وفاعليات المجتمع المدني إلى العمل على تصحيح التعامل مع الثقافات من منطلق تدعيم الحضارة الإنسانية بتنوع وثراء ثقافاتها والتعبير عنها في مناطق جغرافية وسياسية مختلفة.
2- التدعيم الكامل للإطار الحقوقي للعمل مع قضايا المجتمع العربي بداية من حق تقرير المصير للشعوب وتفعيل العمل على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية جنباً إلى جنب مع الحقوق السياسية والمدنية وفق ما جاء في العهدين الدوليين لحقوق الإنسان وضرورة الاتفاق المنهجي على مصداقية المرجعية الحقوقية متمثلة في الآليات الدولية لحقوق الإنسان.
3- تبني قيام مبنر مشترك يضم الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ذات الاهتمام الحقيقي بالديمقراطية ومواجهة قضايا التخلف والفقر والتنمية، بالاتفاق على أجندة مشتركة مفصلة وعملية لمعالجة تلك المسائل الحيوية وعلى رأسها حقوق الإنسان والديمقراطية وحق تقرير مصير الشعوب وتحرير الأرض والتنمية المستقلة والخصوصية الثقافية المنفتحة.
4- التوجه بفاعليات هذا الحوار وخلق قنوات داعمة على مستوى المدارس والمؤسسات التعليمية التي تمثل منطلق أولي وأساسي للشروع في حوار بين الثقافات يقوم على النظرة الإيجابية للآخر من منطلق الاحترام المتبادل والتسامح والتعامل الندّي، وأيضاً على مستوى منظمات المجتمع المدني من خلال منظومة العلاقة الجارية بين المنظمة المحلية- المنظمة الدولية ومن خلال تفعيل آلية الأمم المتحدة التي تتنوع ما بين سياسي على مستوى الدول وحقوقي على مستوى اللجان المعنية لحقوق الإنسان والهيئات الداعمة للتنمية والحريات.
ثانياً: على المستوى الإجرائي:
1- الدعوة إلى استمرار هذا الحوار العربي بمستوياته المباشرة العربي- العربي وبمستوياته الأكثر تطوراً العربي الأوروبي العربي الأمريكي، العربي وكافة الثقافات الأخرى.
2- تشكيل لجنة مختصة ومنظمة لأفق الحوار العربي الأوروبي وإجراءات تحقيقه على أرض الواقع انطلاقاً من المكاسب التي تحققت قبل ذلك من جهود في مؤتمرات وحوارات أخرى، وليظل الباب مفتوحاً من خلال موقع على الإنترنت يضم ما تم من فاعليات المؤتمر ويدعو إلى ضم أشخاص فاعلة للجنة تفعيل الحوار على أن يكون هذا الإجراء جزء من الحملة التي سيؤطر من فاعليتها واستمرارها تحويل هذا اللقاء إلى لقاء سنوي يتسع ما يتسع ليشمل أيضاً ممثلين عن حكومات وهيئات حكومية ليكون الحوار مجدياً ومثمراً.
3- ضرورة التنسيق مع جهود الحوار الأخرى بهدف تراكم التجارب السابقة وتطوير العمل- صاعداً وعدم تكرار الأعمال الماضية.
4- سوف تقوم اللجنة المشكلة بالإشراف والتنظيم لمؤتمر الحوار العربي الأوروبي المزمع عقده في ألمانيا في عام 2006.
Arab Program For Human Rights Activists
25 Ibrahim Ibn El Mahdy St. 7th District, Nasr City Cairo, Egypt
Tel: 002 02 4041185
Tel/Fax: 002 02 4039954
www.aphra.org
rphra@rite.com
aphra@aphra.org