القاهرة فى 28 / 6 /2004

قضت محكمة مجلس الدولة بتاريخ 22/6/2004 بإحالة نصوص المواد (70/71) من قانون العمل الموحد إلى المحكمة الدستورية العليا لمخالفة هذه المواد للدستور المصرى .

وكان المركز قد أقام دعوته أمام محكمة جنوب القاهرة تحت رقم 210 لسنة 2002 امام اللجنة العمالية الرابعة لصالح أحد العمال الذى كان يعمل ساعياً وتم فصله عن العمل بتاريخ 25/8/2001 ، وقام العامل بتحرير شكوى أمام مكتب العمل ، وحرر المحضر رقم 8153 لسنة 2000 إدارى قصر النيل ، بغرض وقف قرار فصل العامل، ورجوعه للعمل . وتم إحالة شكوى العامل إلى اللجنة الخماسية للفصل فى طلباته لكن المركز طعن على قرار رئيس محكمة جنوب القاهرة بإلغاء الدوائر العمالية وتشكيل اللجان الخماسية لمخالفته لمواد الدستور المصرى.

وقد نظرت دعوى المركز تحت رقم 6195 لـ58ق أمام محكمة القضاء الادارى ،وبجلسة 22/6/2004 قضت المحكمة بإحالة طعن المركز إلى المحكمة الدستورية لعدم دستورية القرار المطعون فيه وذلك لجلسة يوم 18/9/2004.

وقد أستند المركز فى الطعن على عدم دستورية تشكيل اللجان الخماسية والغاء دوائر العمال بالمحاكم إلى الأسباب الآتية :

أولاً: حول قبول الطعن شكلاً
نصت المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47لـ1972 على انه ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الالغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الادارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح العامة أو من تاريخ اعلان صاحب الشأن به .

ولما كان من المقرر فى قضاء المحكمة الادارية العليا بأن (مناط سريان ميعاد رفع الدعوى هو واقعة نشر القرار المطعون فيه أواعلان صاحب الشأن به وأن الاعلان هو الأصل وأن النشر هو الاستثناء . ) ولما كان الأمر كذلك وكان الطاعن قد علم بالقرار المطعون عليه عند احالة دعواه المنظورة امام محكمة جنوب القاهرة إلى اللجان الخماسية المنصوص عليها بالمادة (71) من قانون العمل الموحد وقد اقام هذا الطعن فى ميعاد الستون يوماً من تاريخ علمه . فمن ثم فهو مقبول شكلاً .

ثانياً : مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله
إن عيب مخالفة القانون هو العيب الذى يلحق بعنصر المحل فى القرار الادارى لمخالفته القواعد القانونية الموضوعية فالسلطة الادارية عندما تريد أن ترتب أثراً قانونياً معيناً من خلال ما تصدره من قرارات ادارية عليها أن تلتزم جانب القواعد القانونية التى تصدر قراراتها بالاستفادة اليها فلا تخالفها أو تخرج على حدودها وأن القانون الذى يتعين على القرار الادارى عدم مخالفته ليس هو التشريع فقط بل أية قاعدة قانونية تكون الادارة ملتزمة بها أياً كان مصدرها .

وفى ذلك المعنى حكمت المحكمة الادارية العليا بأن (المراد بالقانون هنا بمفهومه العام أى كل قاعدة أياً كان مصدرها سواء كان هذا المصدر نصاً دستورياً أو تشريعياً تقره السلطة التشريعية المختصة بذلك القرار ادارياً أو تنظيمياً)
(حكم المحكمة الادارية العليا فى 12/7/1958 -الطعن رقم 292 لـ3ق ادارية عليا مجموعه السنة الثالثة ص 169) وحيث أن المادة (65) من الدستور قد نصت على أنه (تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانتة ضماناتان اساسيتان لحماية الحقوق والحريات )
كما نصت المادة (68) من الدستور على أن ( التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء الى قاضيه الطبيعى وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار ادارى من رقابة القضاء ).

كما نصت المادة (166 ) من الدستور على أن (القضاه مستقلون ولا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل فى القضايا أو فى أو شئون العدالة)
وقد أستقر القضاء الدستورى على أنه (لما كان الدستور قد نص فى المادة (68) منه على أن لكل مواطن حق الالتجاء على قاضيه الطبيعى قد دل طبقاً لما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن هذا الحق فى أصل شرعتة هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعاً عن مصالحهم الذاتية . وقد حرص الدستور على ضمان أعمال هذا الحق فى محتواه المقرر دستورياً بمجال لا يجوز معه قصر مباشرتة على فئة دون أخرى أو اجازته فى حالة بذاتها دون غيرها أو ارهاقه بعوائق منافية لطبيعته كذلك لا يجوز أن يكون النفاذ إلى القضاء محملاً بأعباء مالية أو اجرائية تقيد أو تعطل أصل الحق فيه ولا أن يكون منظماً بنصوص قانونية ترهق الطريق اليه وتجعل التداعى مخاطرة ولا تؤمن عواقبها مقترنة بتكلفة تفتقر الى سببها .
(الدعوى رقم 106 لـ19ق دستورية عليا- جلسة أول يناير 2000)
ولما كان القرار محل الطعن قد تضمن حل الدوائر العمالية بالمحاكم استناداً إلى نص المادة (71) من قانون العمل الموحد رقم 12 لـ2003 والتى نصت على : (تشكل بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الجهات المعنية لجان ذات اختصاص قضائى من : اثنين من القضاة تكون الرئاسة لاقدمها وفقاً للقواعد المقررة بقانون السلطة القضائية .
مدير مديرية القوى العاملة والهجرة المختص أو من بينه .
عضو عن اتحاد نقابات عمال مصر
عضو من منظمة اصحاب الاعمال المعنية
وتختص كل لجنة دون غيرها بالفصل فى المنازعات الفردية الناشئة من تطبيق احكام هذا القانون ،وتفصل اللجنة فى النزاع المعروض عليها خلال ستين يوماً من تاريخ عرضه عليها …الخ.

وباستقراء نص المادة سالفة الذكر والتى صدر القرار الطعين استناداً اليها تبين اعتداء السلطة التشريعية على نصوص الدستور من ادخال العنصر الادارى فى تشكيل المحاكم والغاء دور القضاء وإحلال جهة الادارة فى الفصل فى المنازعات مما يشكل اعتداء على السلطة القضائية وخروج على احكام الدستور من كون استقلال القضاء وعدم جواز تدخل أى سلطة فى القضايا أو فى شئون العدالة .

فالسلطة التشريعية وان كان لها مطلق الحرية فى تقدير التشريع الا انه يفيد من عموم حريتها هذه ويحد من اطلاقها ما قد يفرضه الدستور من ضوابط وحدود ومثل هذه الضوابط وتلك الحدود يتعين على السلطة التشريعية التزامها والا كان التشريع الصادر عنها مخالفاً للدستور والمحكمة تتعرض لبيان هذه المخالفة وتقضى بعدم دستورية التشريع المخالف للدستور كما قضى بأن ( وان كان الاصل فى سلطة التشريع عند تنظيم الحقوق أن له سلطة تقديرية وان الرقابة القضائية على دستور التشريعات تمتد الى ملائمة اصدارها الا أن هذا لا يعنى اطلاق هذه السلطة فى سن القوانين دون التقييد بالحدود والضوابط التى نص عليها الدستور ) (الطعن رقم 17لـ17 ق دستورية عليا – جلسة 16/2/1995)

ولما كان الدستور وهو القانون الاساسى الاعلى الذى يرسى القواعد والاصول التى يقوم عليها نظام الحكم ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها والحدود والقيود الضابطة لنشاطها ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الاساسية لها ومن ثم فقد تميز الدستور بطبيعة خاصة تضفى صفة السيادة والسمو بحسب أنه كفيل الحريات وموئلها وعماد الحياة الدستورية واساس نظامها وحق لقواعده أن تستوى على القمة من البناء القانونى للدولة وتتبوأ مكان الصدارة بين قواعد النظام العام باعتبارها أسمى القواعد الأمر التى يتعين على الدولة التزامها فى تشريعها وفى قضائها وفيما تمارسه من سلطات تنفيذية دون أى تفرقة أو تميز فى مجال الالتزام بين سلطات الدولة .

ولما كان القرار محل الطعن قد جاء مستنداً الى نص المادة (71) من قانون العمل رقم 12 لـ2003 بتشكيل لجان ذات اختصاص قضائى وكانت تلك المادة مخالفة لنصوص الدستور بما تضمنته من انتقاص من حق التقاضى وتدخل العنصر الادارى فى مجال القضاء والاخلال باستقلال السلطة القضائية وضمان حيادها ونزاهتها فمن ثم بات القرار محل الطعن مخالفاً لنصوص الدستور متعيناً الغائه .

ثالثاً: اساءة استعمال السلطة والانحراف بها
ان القرار المطعون فيه يشوبه عيب اساءة استعمال السلطة حيث أنه خرج على روح الدستور باعتباره اسمى القوانين ويشكل اعتداء سافر على ضمان استقلال القضاء وحيديته وادخال العنصر الادارى فى تشكيل المحاكم والانتقاص من حق كل فرد فى اللجوء الى قاضيه الطبيعى .

وفى ذلك قضت محكمة القضاء الادارى بأن( توجه ادارة مصدر القرار الى الخروج على روح قانون واهداف وتسخير السلطة التى وضعها القانون بين يديه فى تحقيق اغراض ومآرب بعيدة عن الصالح العام) (حكم محكمة القضاء الادارى فى 8/6/1950 مجموعة السنة 4ص 780).

وقضت أيضاً بأن ( اساءة استعمال السلطة هى استعمال القانون بقصد الخروج على القانون وبهذه المثابة تكون اساءة استعمال السلطة ضرباً من تعمد مخالفة القانون مع التظاهر باحترامه فهى لا تخرج عن كونها مخالفة متعمدة لاهداف القانون بل وللقانون ذاته) (حكم محكمة القضاء الادارى فى 7/6/1949 مجموعة السنة 3ص 93)
ويترتب على ذلك أن مصدر القرار قد اهتدى بخطى السلطة التشريعية فى انحرافها عن اهداف القانون والدستور وجاء القرار محل الطعن منفذاً لسياسات بعيدة عن تحقيق الصالح العام سعياً وراء تحقيق مصالح اصحاب الاعمال وخدمة استثماراتهم بما انطوى عليه قانون العمل الموحد من انحراف بالسلطة التشريعية وبعدها عن الصالح العام وخروجه على أحكام الدستور ومنها القرار محل الطعن .

وقد طالب المركز بجلسة يوم 22/6/2004 بوقف الدعوى تعليقياً واحالة الطعن للمحكمة الدستورية العليا للفصل فى عدم دستورية قرار رئيس محكمة جنوب القاهرة بالغاء الدوائر العمالية وتشكيل اللجان الخماسية والذي استند إلى نص المادة 70 و71 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ،وذلك لمخالفته أحكام المحاكم الادارية العليا ومواد الدستور المصرى .

لمزيد من التفاصيل يمكنكم الاتصال بالمركز
اتصلوا بنا على تليفون وفاكس / 5750470
البريد الإلكتروني Lchr@thewayout.net lchr@lchr-eg.org
Website www. Lchr-eg.org