19 أغسطس 2004

دراسة حالة لقريتين

هذا التقرير هو العدد رقم ( 26) من سلسلة تقارير الأرض والفلاح التى يصدرها المركز ويهدف التقرير إلى التعرف على الآثار السلبية للسياسات الزراعية الجديدة (تطلق عليها الحكومة سياسات الاصطلاح الزراعي ) على أوضاع وحقوق الفلاحين والزراعة المصرية والتي أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وزيادة العنف الرسمي والاجتماعي داخل المجتمع الريفي ، كما يتضمن التقرير دراسة حالة لقريتي قوتة قارون بالفيوم، وعزبة البيضا بالشرقية.

ويشير التقرير فى الفصل الأول إلى أن القطاع الزراعي يساهم بنحو 17% من إجمالي الناتج القومى وهو المصدر الرئيسي للغذاء والكساء ويساهم في تشغيل ما يزيد عن 40% من حجم العمالة الرسمية وغير الرسمية فى مصر ، إلا أن مؤشرات التنمية فى الريف المصرى فى تراجع مستمر وذلك مع تدهور الانتاج الزراعى ، بالاضافة إلى ارتفاع الاعتماد على واردات الغذاء بما يؤكد فشل السياسات الزراعية بالاضافة إلى الاتاوات الرسمية التى يتحملها الفلاح مثل رفع ضريبة الأطيان الزراعية من 45 جنيهاً للفدان فى العام الماضى إلى 60 جنيه هذا العام مضافاً اليها 10 جنيهات رسوم تحصيل ، وتحصيل غرامات زراعة الأرز والتى تصل إلى 1000 جنيه للفدان وتحصيل 50 جنيه لكل قيراط طرح نهر و10 جنيهات تطهير للترع عن كل فدان.

ويؤكد التقرير أن سياسات الحكومة الزراعية تسببت فى تدهور الموارد الزراعية، وغلاء أسعار المدخلات الزراعية مثل الأسمدة والبذور …ألخ ، وتدهور الأحوال المعيشية للمستأجرين بعد عملهم كأجراء باليومية فى الأراضى الزراعية ، وذلك فى ظل عدم وجود سياسات تكفل لهم حقوقهم فى انشاء تعاونيات أو الائتمان . ويشير هذا الجزء إلى أن السياسات الزراعية الجديدة هى التى أدت إلى طرد المستأجرين من الأرض كما أدت إلى فقدان المستأجرين لأراضيهم ، ومن ثم تدهور الأرض بإعتبارها أهم الموارد الطبيعية .

أما الفصل الثانى فيستعرض مراحل تنفيذ القانون 96 لـ1992 بداية من الاجراءات التى مهدت لتطبيقه مروراً بمرحلة تنفيذه ، وانتهاءاً بمرحلة ما بعد التطبيق ، والوضع الراهن للفلاحين الآن حيث يشير هذا الجزء إلى غياب مشاركة الفلاحين فى مناقشة القانون وآثاره او حتى ممثليهم فقد أكد التقرير ان 37.3% من اجمالى الفلاحين لم يكن لديهم اى معلومات عن القانون ، وان 62.7% لديهم معلومات عنه بدرجات متفاوته 0 ولقد كان التليفزيون هو المصدر الرئيسى للمعلومات يليه افراد المجتمع فى القريه ثم الراديو ، فى حين كانت المطبوعات مصدراً لمعلومات نسبه ضئيله من الفلاحين0وأكد أيضاً أن حوالى 93.5% من المزارعيين لم تعقد لهم أى اجتماعات عامه لمناقشتهم فى بنود القانون والنسبه الضئيلة 2.7% التى اشارت الى عقد اجتماعات كانت تقصد اللقاءات او التجمعات العابره بين اهالى القريه انفسهم 0 واكد كذلك بان العديد من المسئولين على مستوى القرى والمراكز ذكروا عدم تلقيهم لاى تعليمات لعقد مثل هذه الاجتماعات 0 وفى حين يؤكد التقرير غياب المؤسسات الفلاحية وغياب دور الجمعيات الزراعية أو التعاونية او على الاقل ضعفها على المستوى القروى سواء بالمشاركة فى اتخاذ القرارات أو فى المناقشات مع الفلاحين .

كما يؤكد هذا الجزء على أن الحكومة استخدمت الوسائل المختلفة بداية من التعذيب إلى الايذاء الى الاضرار بحقوق الفلاحين لتطبيق القانون وتسليم الأرض الزراعية إلى الملاك واخلاؤها من المستأجرين ، وقد أدى ذلك إلى نشوب الاحتجاجات فى كافة أرجاء الريف ، وشنت الحكومة حملة واسعة واعتقلت أعداد كبيرة من الفلاحين ، كما أدت المصادمات بين الفلاحين وقوات الأمن إلى وفاة أكثر من (100) قتيل من الفلاحين وأكثر من (1000 ) مصاب وأكثر منهم قليلاً تم القبض عليهم نتيجة تطبيق القانون فى الاراضى الزراعية خلال عام 1997 وخلال أعوام 1998/1999 أدى ذلك العنف إلى وفاة (87) حالة من الفلاحين و(545) من المصابين وتم القاء القبض على (798 ) شخص من الفلاحين وفى عام 2000 كان هناك (34 )قتيل و(195 )مصاب و(318 )تم القبض عليهم ،وفى عام 2001 كان هناك (58) قتيل و(302) مصاب و(666 ) تم القبض عليهم،وفى عام 2002 كان هناك (35) قتيل و(100) مصاب و(225 ) تم القبض عليهم، وفى عام 2003 كان هناك (30) قتيل و (215) مصاب و(323) تم القبض عليهم.

أما مرحلة ما بعد تطبيق القانون ازداد العنف الرسمى والاجتماعى متمثلاً فى العديد من الممارسات كانتهاكات حقوق الفلاحين فى الامان واهمال الحكومة لحقوق الفلاحين ، واساءة معاملتهم ، والاعتداء على حقوقهم فى الحيازة الامنة للارض والسكن ،وفساد بعض الموظفين وممارستهم داخل مؤسسات الدولة والتى تنتهك حقوق الفلاحين وأيضاً منازعات الفلاحين وبعضهم البعض حول الملكية والحدود ومياه الرى …الخ.

ويتناول الفصل الثالث دراسة حالة لقريتى قوتة قارون بالفيوم، وعزبة البيضا بالشرقية ، ويؤكد التقرير الآن وبعد أن فقد المستأجرين أراضيهم الزراعية فى القريتين وأصبحوا عمال زراعيين بلا أرض أو بيوت وبلا مواشى وفقدوا ثرواتهم الحيوانية والزراعية ، هذه الثروة التى لم تكن تقدر بثمن والتى كانت بعض المنتجات الزراعية والحيوانية الناتجة عن الأرض تكفى للستر والحياة الكريمة ، فالقمح والذرة كانوا فى حواصل المستأجرين والبيض والجبن فى بيوتهم والمزروعات مثل الطماطم والذرة والخيار والبصل فى أراضيهم الصغيرة وكانت هذه ثروة المستأجرين التى تكفى لتربية أولادهم وحماية أراضيهم وصيانتها وتوفر فرصة عمل لائقة وحياة كريمة ، وكان الأمان بالنسبة لهم يأتى من أمان حيازتهم لقطعة الأرض الصغيرة وكان الارتباط بين المستأجرين والأرض كفيل بحماية ورعاية الأسرة والحيوانات ،وكانت الحياة الكريمة اللائقة متوافرة قبل تحرير الارض وعرضها فى السوق لمن يشتريها أو يؤجرها .

الآن وقد هجر المستأجرين الارض والبيوت فى القريتين ذهب الرجال العاطلين إلى المدن للبحث عن عمل وجلست النساء قعيدات فى المنزل ينتظرن عودة الغائب وأصبح أطفال المستأجرين المحرومين من الأمان والرعاية داخل الاسرة يبحثون فى شوارع القرية عن ملامح الحياة الادمية والانسانية .يحلمون بظل أشجار الأرض التى فقدت أو لعب الكرة أو بناء البيوت الخشبية أو دخول أبائهم عليهم ببعض الحلوى أو الفاكهة وأصبحت الأرض الزراعية التى كانت تنتج المحاصيل المختلفة وتكفل تربية المواشى المتنوعة مهددة بالبوار ولا يهتم بها المزارعين الجدد . وكما أدى فقد الارض إلى مزيد من العنف والايذاء بين الفلاحين وأسرهم أو ضدهم من قبل مؤسسات الدولة وأصبح العنف سمة الحياة اليومية داخل شوارع القرية أو وسط الحقول ، ولكن فى نفس الوقت مازال هناك بصيص من أمل لدى المستأجرين لعودة الارض مرة ثانية ، كما يقول بعض الفلاحين فى إحدى قرى البحث “الآن أصبح لدينا حلم وأمل جديد بالعودة مرة أخرى لاراضينا لحقولنا الخضراء الناضرة ولبيوتنا المملوءة بالخير والرعاية والدفئ والأمان وفرص العمل الكريمة اللائقة .

أما الفصل الرابع فهو يتناول بعض نتائج تطبيق القانون حيث يشير إلى أن تطبيق السياسات الزراعية أدى الى مزيد من الافقار للمستأجرين وصغار الملاك وتدهور أوضاع الزراعة كما ازداد العنف الرسمى وغير الرسمى وتم انتهاك العديد من حقوق المستأجرين الصغار وصغار الملاك مثل حقهم فى الائتمان وفى تسجيل عقود الايجار بالجمعية أو المشاركة فى الجمعية ، وكانت أبرز ملامح هذه التأثيرات . – ازدادت وظهرت منازعات العنف بعد تطبيق القانون وكانت تدور أغلبها حول الطرد من الارض ، النزاعات حول ملكية الارض، أو أرضى الاوقاف والاصلاح الزراعى وطرح النهر وكذلك ظهرت منازعات حول مساكن العزب المقامة على اراضى زراعية سواء مملوكة لأفراد أو للدولة وظهرت منازعات أخرى حول الرى والحدود وظهر عنف أخر مقترن بالفقر مثل القتل وسرقة المواشى والديون .

– زيادة ايجارات الارض الزراعية إلى 13 ضعف عما كانت عليه قبل تطبيق القانون فقبل صدور القانون 96 لـ92 كان الايجار عام 92 يقدر بـ7 أمثال ضريبة الحوض والتى كان فى لا يزيد فى العام 150 جنيه فى العام الواحد وفى الفترة من عام 92-97 زاد الايجار الى 22 مثل ضريبة الحوض وكان ذلك فى المتوسط يقدر بحوالى 600 جنيه جنيه للفدان فى العام .وبعد عام 1997 ترك تحديد القيمة الايجارية للعرض والطلب وزاد الايجار الى 2000 فى المتوسط ، وبالتالى فإن الايجار زاد من 150 جنيه ايجار للفدان عام 1992 الى 2000 عام 1998 ازاد حتى عام 2003 زيادات طفيفة عن هذا المتوسط حث وصل فى بعض الأراضى إلى 2400 للفدان الواحد فى العام .

– انتهاك امان حيازة الارض فبعد أن كان المستأجر يعلم أن هذه الارض التى يزرعها لا يستطيع المالك أن يخرج منها إلا إذا قام بانتهاك حقوق المالك أما الآن فإن المالك يملك فى أى وقت من العام وحتى قبل حصاد المحصول أن يطرد المستأجر لأن عقود الايجار لا يتم تسجيلها بالجمعية ، وهذا أيضاً يؤدى الى تهيئة التربة لمزيد من العنف الاجتماعى فى الريف0

وأخيراً يستعرض الفصل الخامس توصيات التقرير . وكان أهمها :

    • – اصدار تشريع زراعى جديد يعيد تنظيم العلاقة بين الملاك والمستأجرين للأراضى الزراعية بحيث يكفل للمستأجرين حقوقهم فى أمان الحيازة وذلك بتحديد مدة لعقد الايجار لا تقل عن خمس سنوات وتحديد قيمة ايجارية بمتوسط سنوى لا يزيد عن 1200 جنيه للفدان .
    • – وضع خطط تنموية محددة المدة وتهدف إلى دعم حقوق الفلاحين فى الرعاية الصحية والتعليمية وتكفل لهم حقوقهم فى التمتع بكافة الخدمات من مياه شرب وصرف صحى، وانتقالات واتصالات 0000الخ بحيث لا تتجاوز مدد هذه الخطط عشر سنوات 0
    • ـ التوقف عن طرد المستأجرين من الأراضى التابعة لمؤسسات الدولة ، واصدار القرارات اللازمة لبيعها لهم بتسهيلات مماثلة للتسهيلات المتوافرة لراغبى تملك الشقق السكنية ،وأخذ كافة الضمانات من المستثمرين الذين يشترون بعض أراضى الدولة بعدم طرد المستأجرين منها للحفاظ على حقوقهم المستأجرين ، وقيام الدولة بدورها لتوفير المستلزمات الزراعية وتنمية الموارد الزراعية عبر دعمها لحقوق الفلاحين وتعويضهم عن خسارتهم .
    • ـ العناية بمشروعات الري ومشروعات المياه الجوفية ،وإعادة استخدام مياه الصرف ،و متابعة تطهير ،وتوسيع الترع والقنوات الموصلة لمياه الرى، و مراعاة مد أراضى الإستصلاح الزراعى بمياه الرى ،وكذلك أراضى نهايات الترع، والمساقى لضمان العدالة فى توزيع المياه بين الفلاحين.
    • ـ عدم طرد الفلاحين من المنازل التى وضعوا أيديهم عليها ،و العمل على تمليكهم إياها ،و كذلك وقف سيل الحجوزات ومحاضر التبديد التي تَوقع لحبس الفلاحين من قِبل الحكومة والتى تؤدى الى حبسهم . ووقف الإخلاء القسرى للفلاحين من منازلهم لأى سبب إلا بأحكام قضائية وبعد توفير سكن بديل .
    ـ إسقاط ديون البنك لدى المستأجرين الذين انتزعت أراضيهم ،و كذلك صغار الملاك ،والشباب في أراضى الإستصلاح الذين لم يتمكنوا من إنجاح مشروعاتهم الزراعية ،وإصدار قرارات بوقف تنفيذ الأحكام الصادرة بقرارات من النائب العام.

ويسعد مركز الأرض أن يسمع ملاحظاتكم واقتراحاتكم على ما جاء بالتقرير من نتائج وتوصيات ، وذلك لدعم حقوق الفلاحين وتحسين أوضاع الزراعة فى مصر 0 وذلك حرصاً على ثرواتنا الزراعية من الاهدار و كفالة لحقوق الفلاحين فى حياة إنسانية لائقة.

لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بالمركز
تليفون وفاكس / 5750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
Website www. Lchr-eg.org