فبراير 2010

تعريف ومدخل عام:
1- الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، هي منظمة غير حكومية مصرية لا تهدف إلى الربح ومشهرة وفقاً للقانون 84 لسنة 2002 كجمعية أهلية. وهي تؤمن بالمشاركة المجتمعية كآداة للتغيير يمكن من خلالها الإسهام في بناء مجتمع ديمقراطي، حر وعادل، تدار فيه الشئون العامة من خلال الناس ومن أجلهم، على أساس احترام الكرامة الإنسانية والديمقراطية والعدل الإجتماعي والمساواة بين جميع المواطنين. وتعمل الجمعية من خلال ثلاث برامج، وهي: التربية على ثقافة حقوق الإنسان، مساواة النوع الإجتماعي، وتنمية الديمقراطية.

تمهيد:
2- وفي إطار برنامج تنمية الديمقراطية يأتي مرصد حالة الديمقراطية الذي بدأ عمله منذ مايو 2005. والذي يهدف إلى قياس درجة التطور الديمقراطي في مصر من خلال رصد ومراقبة العمليات الإنتخابية المختلفة، سواء الإنتخابات العامة (الإنتخابات الرئاسية ومجلسي الشعب والشورى) أو إنتخابات المجالس الشعبية المحلية أو إنتخابات النقابات العمالية، إنتخابات النقابات المهنية، إنتخابات الإتحادات والنوادي الرياضية، الإنتخابات الطلابية وأخيراً إنتخابات الروابط والإتحادات المختلفة.

3- ويتناول هذا التقرير أهم الإنتخابات التي راقبها المرصد والتي جرت خلال الأربع سنوات الماضية خلال الفترة من سبتمبر 2005 وحتى سبتمبر 2009، وتشمل: إنتخابات الرئاسة في سبتمبر 2005، إنتخابات البرلمان بمراحلها الثلاثة والتي بدأت في أكتوبر 2005 وانتهت في ديسمبر 2005، إنتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى والتي عقدت في 2007و أخيراً إنتخابات المجالس الشعبية الشعبية المحلية والتي عقدت في عام 2008.

أولاً: إنتخابات الرئاسة المصرية (سبتمبر 2005): انعدام تكافؤ الفرص وعدم المساواة
4- تباينت الآراء واختلفت الرؤى والاتجاهات حول تعامل الدولة المصرية مع إجراء أول إنتخابات تعددية رئاسية في مصر، حول طبيعة الحدث ودلالاته ومدى جديته أو شكليته. فهل تعاملت الدولة في مصر مع هذه الخطوة باعتبارها خطوة على طريق أو جزء من عملية الإصلاح السياسي والديمقراطي الشامل في البلاد أم مجرد خطوة شكلية للخروج من مأزق المطالبة الخارجية بضرورة إحداث تغيير ما في شكل نظام الحكم في مصر؟ وعلى وجه الخصوص طريقة إختيار رئيس الجمهورية، والتي كانت تتم عن طريق ترشيح ثلثي أعضاء مجلس الشعب ثم استفتاء شعبي بنعم أو لا. هذا وقد شهد العام السابق على الانتخابات حالة حراك سياسي غير مسبوقة في مصر، حيث سمح لبعض حركات التغيير بحق التجمع السلمي والتظاهر وتحركت بعض القوى السياسية ترفع شعارات تطالب بتغيير النظام السياسي وترفض التجديد للرئيس مبارك. وفي أثناء هذا الخضم تم الإعلان عن تعديل المادة 76 من الدستور كخطوة مفاجئة نحو تحويل طريقة انتخاب رئيس الجمهورية من الإستفتاء إلى الإقتراع السري المباشر. وكانت أبرز الملاحظات على الإنتخابات الرئاسية لعام 2005 كالتالي:

أ‌- جاء تعديل المادة 76 من الدستور والذي سمح بتعديل نظام إنتخابات الرئاسة من نظام الإستفتاء إلى الإقتراع السري المباشر ليشدد من شروط الترشح على إنتخابات الرئاسة حيث حرم المستقلين الغير منضمين إلى الأحزاب السياسية من الترشح على المنصب، حيث اشترط تزكية وتوقيع 250 عضواً على الأقل من المنتخبين بمجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية، على ألا يقل عدد الموقعين عن 65 موقع من مجلس الشعب و25 من مجلس الشورى، وهما المجلسان اللذان يسيطر عليهما الحزب الحاكم. وكذلك جاء الاستفتاء الذي أجري من أجل موافقة المواطنين على تعديل المادة 76 مثالاً قوياً للتدخلات الادارية والأمنية حيث تم تزوير البطاقات في صناديق الاقتراع وتم الاعتداء على النشطاء السياسيين الذين دعوا المواطنين لمقاطعة الاستفتاء، وجاءت نسبة المشاركة المغالى فيها التي أعلنتها اللجنة العليا المشرفة على الإنتخابات لتصل إلى 23% من مجموع من لهم حق التصويت .

ب‌- نظم القانون 174 لسنة 2005 إنتخابات الرئاسة المصرية وهو القانون المفسر للمادة 76 من الدستور وقد شكلت المادة 5 ، 6 ، 7 ، 8 من القانون بشأن تشكيل لجنة إنتخابات الرئاسة وكيفية إجتماعها واختصاصاتها. وقد نص القانون على أن قرارت اللجنة نهائية ولايجوز الطعن عليها بأى طريقة و أمام أى جهه وعدم جواز التعرض لقرارتها بالتأويل أو وقف التنفيذ. أى أننا أمام لجنة تمتلك صلاحيات مطلقة تتسع لكل شىء يخص العملية الانتخابية وهو ما يجعل اللجنة فوق النقد ويفتح لها الباب أمام التدخل في أعمال الإنتخابات.

ت‌- فى مرحلة فتح باب الترشيح هناك آلية تحديد رموز للمرشحيين فى الإنتخابات التي تجرى بين أكثر من مرشح لتفشي الأمية بين فئات المجتمع وكانت لجنة انتخابات الرئاسة قد أعلنت أن إختيار الرموز والأرقام بأسبقية الحضور وقد انحازت اللجنة لمرشح الحزب الوطني وأعطت له رمز الهلال وهو أهم وأشهر رمز.

ث‌- أصدرت اللجنة المشرفة على الإنتخابات قراراً بوضع قواعد منظمة للدعاية من أبرزها حظر إستخدام المباني والمنشآت الحكومية ووسائل النقل المملوكة للدولة أو لشركات قطاع الأعمال والمرافق العامة والمدارس والجامعات فى الدعاية وألزمت وسائل الإعلان المملوكة للحكومة بعدم الانحياز لأى من المرشحين وهو ماتم خرقه من قبل مرشح الحزب الحاكم الذي انتشرت الدعاية الخاصة به على جدران كافة المؤسسات العامة واستخدم الحزب الأموال المموكة للدولة فى الدعاية له كما سمح له باستخدام وسائل الإعلام المملوكة للدولة للدعاية له، من صحف وإعلام مرئى ومسموع.

ج‌- اليوم الإنتخابى لم يلتزم مرشح الحزب الوطنى بقواعد منع أعمال الدعاية قبل الإنتخابات بـ 48 ساعة واستمرت أعمال الدعاية حتى أمام صندوق الاقتراع، كما تم حشد موظفي الحكومة وقطاع الأعمال والفلاحيين فى القرى كما سُمح بالتصويت بدون البطاقة الإنتخابية والحبر الفوسفرى في لجان أطلق عليها لجان الوافدين.

ثانياً: الإنتخابات التشريعية (أكتوبر 2005): إستغلال نفوذ، عنف وتزوير فج:
5- وقد عقدت العملية الانتخابية بمراحلها الثلاث وفقاً لإشراف قضائي كامل هذا وقد جاءت الإنتخابات أقرب إلى الإنتخابات الحرة والنزيهة فى المرحلة الأولى والجولة الأولى من المرحلة الثانية، ثم شهدت إعادة المرحلة الثانية والمرحلة الثالثة أسوء مثلاً لعملية التدخلات الإدارية والأمنية في الإنتخابات ومن أهم الملاحظات على الإنتخابات التشريعية الآتى :
أ‌- جرت الإنتخابات التشريعية بعد تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية وفقاً لاحكام القانون 173 لسنة 2005 ، المعدل للقانون 73 لسنة 1956، وقد نص القانون في مادته الثالثة مكرر ” 2″ ب، ج ، د ، على انشاء اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات العامة التي تجرى فى مصر، وقد جاء تشكيل اللجنة برئاسة السيد وزير العدل وهو وزير فى السلطة التنفيذية وعضو فى حزبها الحاكم وهو ما يعنى الطعن على قراراتها، بعدم الحيادية فكيف يرأس وزير في السلطة التنفيذية وعضو في الحزب الحاكم لجنة الإشراف على الإنتخابات التي ينافس فيها حزبه. كما اشتمل تشكيل اللجنة على ستة اشخاص يختار مجلس الشعب اربعة منهم والشورى اثنين ، وهما مجلسين اغلبيتهم من الحزب الحاكم وهذا بالاضافة الى ممثل لوزير الداخلية وهو ما يعنى ان اغلبية اللجنة قد تنحاز فى قراراتها للحزب الحاكم وهو ما حدث بالفعل فى وضع قواعد الترشيح والدعاية. كما احتفظ السيد وزير الداخلية بأحقيته في الاشراف على الجداول الانتخابية ومرحلة فتح باب الترشيح وذلك وفقاً للقانون 38 لسنة 1972 المنظم لعمل مجلس الشعب وهو ما أدى إلى خروقات وانتهاكات ادارية انحاز فيها السيد وزير الداخلية لمرشحي الحزب الحاكم وشهدت الجداول الانتخابية أخطاء سمحت لمؤيدي الحزب الوطني الحاكم بالتصويت أكثر من مرة وحرمت مرشحي المعارضة من التصويت.

ب‌- شهدت مرحلة الدعاية تجاوزات من قبل مرشحي الحزب الوطني حيث خرق مرشحي الحزب قرارات اللجنة المشرفة، حيث استخدموا المنشآت المملوكة للدولة والقطاع العام وقطاع الأعمال والمؤسسات الدينية والمدارس الحكومية في الدعاية كما تم استخدام أموال تلك المؤسسات الحكومية في الدعاية لمرشحي الحزب. كما سمح لهؤلاء المرشحين بتوزيع مواد دعائية ومنشورات انتخابية واستخدام مراكز الشباب المملوكة للدولة في الدعاية لهم. بينما رفضت الجهات الأمنية اقامة سرادقات لمرشحي المعارضة وتم القبض على عدد من أنصار مرشحي المعارضة. كما انحاز المحافظين ورؤساء الأحياء والقرى والمدن لمرشحي الحزب الحاكم.

ت‌- شهدت أعمال الإنتخابات عنف غير مسبوق أدى إلى قتل 13 مواطناً مصرياً نتيجة للطوق الأمني المشدد الذي فرضته قوات الأمن المركزي على مقرات الاقتراع لمنع المرشحين من الوصول إليها، إلى جانب أنها سمحت للمرشحين من الحزب الحاكم والمستقلين وخاصة من رجال الأعمال باستخدام البلطجة، دون أي ادخل في منعها.

ث‌- جاءت نسبة المشاركة 20% من إجمالي المقيدين ، حيث جرت الانتخابات وفقاً لاشراف قضائي وهو ما أدى الى توقف عملية التسويد أو التزوير المباشر.

ج‌- شهدت أعمال الفرز وإعلان النتائج تدخلات ادارية وأمنية قوية، حيث أعلنت نتائج مخالفة للواقع في دوائر بندر دمنهور، مدينة نصر والدقي. كما شهدت المرحلة الثالثة واعادة المرحلة الثانية تجاوزات وتدخلات فجة. وتم الإعتداء على القضاة المشرفين على العملية الإنتخابية في دائرة بولاق بالقاهرة ودائرة الرمل بالإسكندرية.

ح‌- تعمدت الجهات الادارية واللجنة المشرفة على الانتخابات تجاهل تنفيذ الأحكام القضائية في عدة دوائر وسمحت للمرشحين بالاستشكال والطعن أمام محاكم غير مختصة حتى يتم اجراء الانتخابات وفقاً للقواعد القانونية الباطلة. كما عطلت الانتخابات في ستة دوائر انتخابية حرمت من التمثيل في البرلمان حتى أواخر عام 2008 حيث خشيت الجهات الادارية فوز المعارضة اذا عقدت الإنتخابات فيها.

ثالثاً: إنتخابات مجلس الشورى 2007: تزوير بالجملة في غيبة الإشراف القضائي:
6- جرت إنتخابات مجلس الشورى في مناخ سياسي متردي حيث تراجعت معظم دعاوي الإصلاح السياسي والديمقراطي والوعود المتكررة التي قطعتها الدولة على نفسها من أجل تحقيقها. فمنذ الإنتخابات التشريعية في 2005 وحصول مرشحي الأخوان على 88 مقعداً والمناخ السياسي يغلب عليه صراعاً بين السلطة التنفيذية للدولة بحزبها وبأجهزتها الادارية والأمنية وجماعة الأخوان المسلمين. وقد نجحت الدولة في استخدام نتائج تلك الانتخابات التي نجح فيها الأخوان كفزاعة للقوى الخارجية التي تراجعت كثيراً عن انتقاداتها الموجهة لسجل الاصلاح في مصر. وقد انفرد الحزب الحاكم بتيسير شئون السلطة التشريعية فسيطر على مناقشة التعديلات الدستورية وما تبعها من تعديلات في قانون مباشرة الحقوق السياسية وتشكيل جديد للجنة العليا المشرفة على الإنتخابات. وتمادت الأجهزة الإدارية والأمنية في انتهاكاتها في مواجهة المعارضين وهو ما أثر على انتخابات مجلس الشورى، حيث:
أ‌- جرت إنتخابات مجلس الشورى بعد تعديلات دستورية أعطت للمجلس صلاحيات تشريعية هامة، ورغم ذلك لم يعدل القانون التشريعي المنظم لمجلس الشورى، وهو القانون 120 لسنة 1980. فكيف لمجلس تشريعي أن ينظم بقانون يسمح للسيد رئيس الجمهورية بتعيين ثلث الأعضاء، كما تجرى انتخاباته بطريقة القرعة وفقاً للقواعد المنظمة لانتخابات مجلس الشورى؟ كما أن ثمة خلل تشريعي في إسناد تنظيم الإنتخابات العامة وهي إنتخابات مجلس الشورى للقانون 18 لسنة 2007 والذي عدل القانون 73 لسنة 1954 و شكل اللجنة العليا المشرفة على الإنتخابات وهو ثاني تعديل في أقل من عامين في تشكيل اللجنة المشرفة على إنتخابات مجلس الشعب. وقد سمح القانون للسلطة التنفيذية أن تتدخل في تشكيل اللجنة، حيث يتم تشكيلها من أربع شخصيات عامة وهو تعريف فضفاض وغير مفهوم. كما شكلت العناصر القضائية اللجنة ليتم اختيارها من مجلس القضاء الأعلى وهي جهات تتدخل السلطة التنفيذية في عملها. كما حرم القانون اللجنة من الاشراف على عملية القيد في الجداول الإنتخابية وترك الاشراف عليها لوزارة الداخلية التي ملأت الجداول الانتخابية بأخطاء فادحة، حيث احتفظ فيها بأسماء المتوفين والمسجلين خطر من الجنائيين وتكررت الأسماء في الجداول.

ب‌- شهدت مرحلة فتح باب الترشيح انتهاكات حيث فرضت قوات الأمن طوقاً أمنياً على مقرات فتح باب الترشيح واعتدت على مراقبي منظمات المجتمع المدني. وانفردت الأجهزة الإدارية والأمنية للسلطة التنفيذية بإدارة تلك المرحلة وشددت في قبول أوراق ترشيح المستقلين وقوى المعارضة وتساهلت في أوراق الحزب الحاكم، كما منعت العديد من مرشحي المعارضة من تقديم أوراقهم.

ت‌- شهدت إنتخابات مجلس الشورى ظاهرة لم تألفها الإنتخابات التشريعية في مصر منذ 1979، حيث تم القاء القبض على عدد من مرشحي جماعة الأخوان المسلمين أثناء تقديم أوراق ترشحهم، كما تم اعتقال عدد من المحامين ووكلاء المرشحين.

ث‌- تميزت مرحلة الدعاية بمخالفة مرشحي الحزب الوطني للقواعد الدعائية، حيث تجاوز المرشحين الحد الأقصى للانفاق في الدعاية، كما تجاوزت الأجهزة الادارية من المحليات والمصانع والمنشآت الحكومية ووسائل الاعلام المملوكة للدولة وتورطت في الدعاية لمرشحين الحزب الحاكم وتم القاء القبض على أكثر من خمس مرشحين من جماعة الأخوان المسلمين.

ج‌- تجاهلت اللجنة العليا أحكام محكمة القضاء الاداري وهي أحكام ترفض الإستبعاد الذي لحق بثمانية مرشحين من جماعة الأخوان المسلمين.

ح‌- جاء إعلان النتائج بفوز الحزب الحاكم بـ84 مقعد، وحزب التجمع اليساري بمقعد واحد، وثلاثة مستقلين محسوبين على الحزب الوطني بثلاثة مقاعد، وهو ما يدل على تسويد السلطة التنفيذية وأجهزتها الادارية والأمنية لبطاقات إبداء الرأي. ونتيجة لإلغاء الإشراف القضائي على الإنتخابات. فليس من المعقول أن تفشل المعارضة في الحصول على أكثر من مقعد واحد بعد عامين فقط من انتخابات مجلس الشعب التي حصدت فيها أكثر من 20% من إجمالي مقاعد مجلس الشعب.

رابعاً: إنتخابات المجالس الشعبية المحلية: التعيين في شكل انتخابات:
7- تأجلت إنتخابات المجالس الشعبية المحلية عامين فكان من المفترض مع إنتهاء عام 2006 إقرار قانون جديد للمحليات إلى أن جاء القرار الجمهورى 55 لسنة 2008 بتاريخ 17/2/2008 يدعو الناخبين لأنتخاب أعضاء المجالس الشعبية المحلية وفقا للقانون 43 لسنة 1979 قانون الإدارة المحلية وهو قانون يفرغ عمل المجالس المحلية من مضمونها و يخالف روح التعديلات الدستورية التى كان من المفترض أن تدعم اللامركزية فالقانون لا يعطي صلاحيات وسلطات لأعضاء تلك المجالس ويجعل منهم موظفين لدى المحافظين ووزير الإدارة المحلية علي الرغم من أن المفترض فيهم مراقبة المحافظين في عملهم كما يحق لرئيس الوزراء والمحافظين حل المجالس الشعبية المحلية.

8- منعت الأجهزة الأمنية والإدارية للسلطة التنفيذية مرشحي المعارضة والمستقلين من التقدم بأوراق الترشحي واستخدمت البلطجة في ذلك وفرضت طوق امني مشدد علي مقرات تقديم أوراق الترشيح بل وأرغمت أعضاء الحزب الحاكم الراغبين في الترشيح علي عمل توكيلات خاصة للمحامين في الحزب لتقديم أوراق ترشيحهم وذلك لمنعهم من الترشح كمستقلين في حال عدم ادراج الحزب الوطني أسمائهم على كشوف الترشح على قوائم الحزب الوطني، ولم تعلن قيادات الحزب قوائم الترشيح إلا بعد إغلاق باب الترشيح وقد استخدمت العنف في مواجهة مرشحي جماعة الأخوان المسلمين ومرشحي المعارضة وألقت القبض علي عدد كبير منهم أثناء تقديم أوراق ترشيحهم.

9- حسمت السلطة التنفيذية إنتخابات المجالس الشعبية المحلية التي من المفترض إجراء الإنتخابات بها على 52.000 مقعد، حيث جاء عدد الفائزين من الحزب الوطني بالتزكية ما يقرب من 43600 عضواً، وهو ما حصر المنافسة علي 8400 مقعد فقط تقدم لها 1100 من أحزاب المعارضة بعد إنسحاب جماعة الأخوان، بينما ترشح 6900 من الحزب الوطني و400 من المستقلين. وهو ما يعني أنه حتي لو تركت السلطة التنفيذية الإنتخابات تجرى بدون تدخلات لن يمثل ذلك خطورة علي أغلبيتها في تلك المجالس التي لا تمثل في الأصل خطراً علي سلطاتها ومع ذلك احتكرت الفوز بنسبة 99.13 حيث فاز 51546 من الحزب الوطني لمقاعد المجالس المحلية.

توصيات واستناجات:
التوصية الأولى:
10- البيئة التشريعية والقانونية في مصر في حاجة إلى مراجعة شاملة، فالتشريعات تهدر الحريات العامة من حرية الرأى والتعبير وتداول المعلومات والتجمع السلمي وحق المشاركة فى إدارة الشئون العامة، وهى حقوق لاغنى عنها وغيابها يؤثرعلى نزاهة أى انتخابات ويباعد بينها وبين معايير الإنتخابات الحرة والنزيهة، فالتشريعات الإستثنائية في مصر تسمح للسلطة التنفيذية بإستخدام سلطة الطوارىء التى يعمل بها منذ أكثر من 25 عاماً متصلة، والتشريعات العادية هي تشريعات في جوهرها مقيدة للحريات وتخلق مناخ يسمح للسلطة التنفيذية وجهات الإدارة التابعة لها بالتدخل في أعمال الإنتخابات المختلفة وهو ما ساهم في عزوف المواطنين عن المشاركة، وتنفرد البنية التشريعية في مصر بظاهرة فريدة وهي الإزدواج والتناقض بين التشريعات فمثلاً الإنتخابات العامة في مصر ينظمها أكثرمن قانون بينهما تناقض، فقانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 وتعديلاته 173 لسنة 2005 و18 لسنة 2007 أسند تنظيم الإنتخابات الى اللجنة العليا بينما القوانين المنظمة لعمل مجلس الشعب 38 لسنة 1972 وتعديلاته 175 لسنة 2005 ومجلس الشورى 120 لسنة 1980 وتعديلاته 176 لسنة 2005 أعطت لوزيرالداخلية حق تنظيم مرحلة فتح باب الترشيح والتدخل في أعمال الدعاية وحق التنظيم الكامل للإنتخابات التكميلية وكان ذلك أهم أسباب فشل اللجنة العليا في أول إختبار لها في إدارة إنتخابات مجلس الشورى.

التوصية الثانية:
11- تحفل الإنتخابات فى مصر بالتدخلات الإدارية من قبل جهات الإدارة التابعة للسلطة التنفيذية والتي لا تكتفي بالسلطات التي منحتها لها التشريعات المنظمة لتلك الإنتخابات، فالسلطة التنفيذية في مصر وأجهزتها الإدارية تتغول على باقى سلطات الدولة فلا تحترم القوانين الصادرة من المجلس التشريعي وتتجاوزها وتعلو القرارات الصادرة عنها على القوانين، فالقرار الإدارى أكثر إحتراماً من القانون حتى لو خالفه، كما لا تحترم جهات الإدارة التابعة للسلطة التنفيذية حجية الأحكام القضائية ولا تلتزم بتنفيذها وهو سلوك متكرر ظهر في إنتخابات مجلس الشعب والشورى والنقابات المهنية والنوادي الرياضية والإتحادات الطلابية والنقابات العمالية. لذا لابد من وضع حدود فاصلة بين الدولة وسلطاتها التنفيذية والأجهزة التابعة لها وحزبها الحاكم حتى لا تسخر إمكانيات الدولة لخدمة الحزب الحاكم في الإنتخابات المختلفة.

التوصية الثالثة:
12- يجب منع تدخل الأمن في الإنتخابات في مصر، فقد لوحظ أن السلطة التنفيذية فى مصر توكل مسئولية إدارة ملفات سياسية وإقتصادية وإجتماعية هامة للأجهزة الأمنية حتى وصل الأمر إلى إنفراد تلك الأجهزة الكامل بإدارة تلك الملفات وأصبحت تلعب دور رئيسي فى إدارة الحياة العامة فى مصر وإدارة الانتخابات المختلفة، متجاوزة بذلك أي قانون. ففي الإنتخابات العامة كانت وزارة الداخلية هي المسئولة عن القيد في الجداول الإنتخابية ويتم القيد في الأقسام والمراكز التابعة لها وتستطيع دون رقابة أي جهة إضافة وحذف وتكرار أسماء فى تلك الجداول كيفما تشاء، وهي المسئولة عن مرحلة فتح باب الترشيح، وفي مرحلة الدعاية هي صاحبة الحق في العطاء والمنع وهي في رفضها أو سماحها لا تبدي الأسباب فتعتقل المرشحين وأنصارهم وتفرض طوق أمني على اللجان وتمنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم وتطرد مندوبي المرشحين ومراقبي منظمات المجتمع المدنى.

الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية