25/12/2006

تابع مرصد حالة الديمقراطية بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتميعية، المؤتمر العام الرابع للحزب الناصري، والذي عقد بقاعة المؤتمرات الكبري بالقاهرة يوم السبت 23 / 12 / 2006.

والذي كان من المقرر أن يجري فيه الاقتراع، علي إعادة تشكيل قيادات الحزب، باختيار رئيساً للحزب و نائباً لرئيس الحزب وأمين عام الحزب، وكان المؤتمر العام قد سبقه جدل واسع بين أعضاء الحزب الناصري والعاطفين عليه المنتمين للتيار الناصري، حيث كان فشل الحزب في تحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، لا تتناسب مع مكانة الحزب الذي كان يعد أحد أقطاب المعارضة المصرية، وكذلك تقلص عضوية الحزب وانفضاض عدد كبير من المنتمين للتيار الناصري عنه، قد فتح الباب أمام أصوات تطالب بالتغيير في قيادات الحزب وتحميلها مسؤلية التدهور الذي أصابه، وقد شكل عدد من أقطاب التيار الناصري كتلة أطلقت علي نفسها كتلة التغيير والإصلاح، والتي رفعت شعار التغيير في قيادات الحزب مما استدعي معه اقناع عدد من رموز التيار الناصري للتدخل في محاولة لإصلاح الحزب.

وقد شاهد المؤتمر العام أحداث مؤسفة أدت إلي حدوث صراع بين طرفين أحدهم بقيادة الأستاذ/ سامح عاشور نقيب المحامين المصريين وهو مرشح جبهة التغيير والإصلاح، والأخر بقيادة السيد/ أحمد حسن الأمين العام للحزب، حيث طالب الفريق المؤيد للسيد سامح عاشور باختياره نائبا للرئيس الحزب واحتفاظ السيد ضياء الدين داود بمنصب شرفي كزعيم للحزب علي غرار تجربة السيد/ خالد محي الدين زعيم حزب التجمع وإجراء اقتراع علي منصب الأمين العام للحزب الذي كان تقدم للترشيح له السيد/ فاروق العشري عضو المكتب السياسي مرشحاً عن جبهة الإصلاح والتغيير، بينما نادي الطرف الأخر بقيادة السيد/ أحمد حسن الأمين العام للحزب ببقاء الحال علي ما هو عليه من أجل الاستقرار باحتفاظ السيد ضياء الدين داود بمنصبه كرئيس للحزب والسيد/ أحمد حسن أمين عام.

وقد تنذر تلك الصراعات بدخول الحزب نفقا مظلما، وتجعله عرضة للتدخل في شئونه من قبل لجنة شئون الأحزاب إذا أصر الطرفين علي استمرار النزاع، وخاصة بعد انتهاء اعمال المؤتمر العام دون صدور قرارات يلتزم بها الطرفين. وقد تبادل أنصار الطرفين الهتافات وتبادل السباب، وكان المؤتمر العام قد حضره 413 عضواً من 530 عضواً لهم حق لحضور، بعد إجراء انتخابات علي مستوي الأقسام والمحافظات لاختيار ممثلين عنها للحضور المؤتمر العام.

وقد طعنت كتلة التغيير والإصلاح، في إجراءات تلك الانتخابات ووصفتها بالصورية وعدم النزاهة، وأن السيد/ أحمد حسن الأمين العام قد حاول إبعادأعضاء المؤتمر العام المعارضين له لضمان تمريره لقرارات في صالح جبهته واتهموه باستغلال سلطته كأمين عام للحزب في التدخل والتأثير علي اللجنة المشرفة علي الانتخابات، التي اتهمها فريق الإصلاح والتجديد بعدم حياديتها وتجاهلها للعديد من الشكاوي المقدمة إليها لإنحيازها للفريق المؤيد للسيد الأمين العام للحزب، واتهمت جبهة التغيير والإصلاح اللجنة بأنها لم تعلن عن جدول محدد لمواعيد الانتخابات القاعدية في الأقسام والمحافظات، لاختيار اعضاء المؤتمر العام وأن معظم تلك المحافظات،

قد انتهت انتخاباتها بالتزكية وقد شاهدت محافظة القاهرة العديد من الاعتراضات حيث اتهم أعضاء لجنة الشرابية اللجنة بإبعادهم عن حضور المؤتمر العام وعن حقهم في اختيار ممثليهم البالغ عددهم 240 عضواً وقد أرسل الأعضاء أنذار علي يد محضر للسيد رئيس الحزب ينذروه ببطلان عقد المؤتمر العام لمنعهم من حقهم في حضور مندوبين عنهم في المؤتمر العام، كما تقدم أعضاء قسم كوبري القبة بمحافظة القاهرة، من استلامهم كشوف للعضوية مخالفة للعضوية الحقيقية في القسم بإضافة، 40 عضواً للتأثير علي سير الانتخابات في القسم المعروف بانتمائه لجبهة التغيير والإصلاح وأن تلك العضويات هي عضويات صورية من أشخاص قربين من السيد الأمين العام للحزب،

وكما اعترض السيد فاروق العشري عضو المكتب السياسي علي صحة إجراء الانتخابات في منطقة جنوب القاهرة والتي تشمل أقسام مصر القديمة والمعادي والبساتين حيث حضر 13 عضو فقط ممن لهم حق الحضور علي الرغم من أن عضوية كل قسم من تلك الأقسام لا يقل عن 40 عضو، ومع ذلك تم التوافق علي تمثيل أعضاء من تلك الاقسام في المؤتمر العام، وقد تقدم السيد فاروق العشري بشكوي إلي اللجنة المشرفة علي الانتخابات وأرسل فاكسا إلي السيد رئيس الحزب ولم يتم التحقيق فيها.

وهذا وقد انتهت أعمال المؤتمر العام في ساعة متأخرة من مساء السبت 23 / 12 / 2006 بعد أن سادت الفوضي أعمال المؤتمر العام، ولم تعلن اللجنة المشرفة نتيجة قرارات المؤتمر وتم قطع التيار الكهربي عن مكان انعقاد المؤتمر حتي انصرف طرفي النزاع.

وقد نشرت جريدة العربي في عددها الصادر يوم الأحد 24 / 12 / 2006 أن المؤتمر العام قد انتهي لتجديد الثقة في للسيد رئيس الحزب مع تأجيل مناقشة باقي النقاط في جدول الأعمال إلي وقت لاحق يحدد فيما بعد مع استمرار احتفاظ أعضاء المكتب السياسي وتشكيلات الحزب المختلفة بمناصبها إلي حين إشعار أخر.

وقد أصر الطرف الأخر الممثل لكتلة التغيير والإصلاح علي أن نتائج المؤتمر العام في صالحه وأن غالبية أعضاء المؤتمر قد اختارو السيد سامح عاشور نائبا لرئيس الحزب ولم تظهر للجبهة أي رد فعل علي قرارات المؤتمر المنشورة في جريدة العربي حتي إصدار المرصد لتقريره.

والمرصد بعد أن تابع أعمال المؤتمر العام الرابع للحزب الناصري يبدي الملاحظات التالية:

أولاً: أن الأزمة الناشئة في الحزب الناصري لسيت مجرد صراع بين طرفين أو صراع علي السلطة داخل الحزب، سبقته تجارب سابقة في أحزاب عدة كالوفد والأحرار وغيرها من الأحزاب المصرية بل أن أزمته نتاج وتجليات لأزمة الأحزاب السياسية في مصر، والقوانين المنظمة لعملها التي تقيد حق التنظيم وتضع قيودا قانونية علي تكوين الأحزاب السياسية، فالقانون 40 لسنة 1977 المنظم لعمل الاحزاب السياسية وتعديلاته التي كان أخرها القانون القانون 77 لسنة 2005، هي قوانين في الأساس الغرض منها منع تشكيل الأحزاب وتتنافي نصوصها مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان التي اقرت بحق الأفراد في الاشتراك وتكوين الاحزاب والجمعيات السلمية وذلك في المادة 20 في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

وقد أعطي القانون 40 لسنة 1977 للجنة شئون الأحزاب في المواد 7 ، 8 ، 21 سلطات واسعة وجاء عمل تلك اللجنة وبالا علي العمل الحزبي في مصر فوسعت من سلطات تلك اللجنة التي تدخلت في أعمال الأحزاب وعطلت العديد من مشروعات الأحزاب الجادة، والمرصد يري أن حل أزمة الحزب الناصري وغيره من الأحزاب في إلغاء العمل بالقانون 40 لسنة 1977 المنظم لعمل الأحزاب السياسية، وتشريع قانون جديد يتفق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان فيسمح بتكوين الأحزاب بالأخطار ويعزز من سلطة الجمعيات العمومية للأحزاب دون تدخل من الجهة الإدارية، ويسن في القانون مواد صريحة لا لبس فيها ولا غموض يحدد فيها سلطات رئيس الحزب ومعاونية من التشكيلات المعاونه له وسلطة الجمعية العمومية وشروط انعقادها ويعظم من شأن اللوائح الداخلية للأحزاب لفض المنازعات بها وتعزيز احترام حجية الأحكام القضائية بتنفيذ ما تصدره بشأن النزاعات الداخلية للأحزاب.

ثانيا: تفتح أحداث الحزب الناصري قضية الديمقراطية الداخلية للأحزاب في مصر واللوائح الداخلية المنظمة لعمل تلك الأحزاب فقد اثبتت احداث الحزب الناصري أن رؤساء الأحزاب ومعاونيهم من أعضاء المكتب السياسي يتعاملون مع الأحزاب انها ملك لهم وانهم أصحاب رخصة الملكية الممنوحة لهم من قبل الدولة فيتصرفوا في الحزب كيفما يشاؤون ويختاروا معاونيهم من الهيئات العليا والتشكيلات التنظيمية المختلفة وأمناء المحافظات والأقسام فتتحول سلطة الوحدات إلي سلطة اللجنة المركزية التي ركزت السلطة في يد المكتب السياسي، الذي يسلمها بدوره إلي رئيس الحزب وأمينه العام، كل تلك المشكلات تجلت في أحداث الحزب الناصري، فاللائحة الداخلية مبهمه لم يتم تحديد سلطة الجمعية العمومية فيها، ولا طريقة اختيار رئيس الحزب وهل هناك ضرورة لاختيار نائب رئيس الحزب، وما هي سلطاته وكيفية تشكيل اللجان المراقبة علي اعمال الانتخابات في التشكيلات التنظيمية المختلفة سواء علي مستوي الأقسام والمحافظات أو علي المستوي المركزي، كما أدي غياب الديمقراطية داخل الحزب الناصري وانفراد رئيسه وأمينه العام بالقرار مما أدي إلي استبعاد قيادات هامة من التيار الناصري لخلافهم مع قيادة الحزب وإلي الهوة السحيقة التي انزلق إليها، إن أزمة الحزب الناصري هي أزمة للديمقراطية داخل الأحزاب المصرية بعدم السماح بتداول السلطة داخلها وحرمان الشباب من تولي ممارسة القيادة فيه.

مرصد حالة الديمقراطية
بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية