15/12/2007

في إطار برنامجه لرقابة الأداء البرلماني عقد المعهد الديمقراطي المصري مساء الخميس ندوة حول ” مستقبل الحريات الدينية .. في ضوء مشروع قانون بناء دور العبادة الموحد ” ..

وتحدث خلالها الدكتور عصام عبد الله أستاذ الفلسفة بكلية آداب عين شمس ، الأستاذ محمد البدري المفكر والمحلل السياسي ، الأستاذ ناجي وليم رئيس تحرير جريدة عالم المشاهير ، وأدارها الأستاذ رامي عبد الرازق حافظ الباحث بالمعهد .

واستعرض رامي بداية مراحل الخلاف التاريخي حول أحقية المسيحيين في بناء دور العبادة الخاصة بهم ، وصولا إلي القرار الجمهوري رقم 13 لسنة 1993 بتفويض المحافظين في اتخاذ قرارات ترميم الكنائس ، وقال رامي أن قانون الخط الهمايوني الصادر عهد الخديوي سعيد عام 1856 جاء بعد إلغاءه الجزية علي غير المسلمين ، وكانت مرحلة الاحتلال البريطاني لمصر أروع فترات النضال الوطني المشترك بين قطبي الأمة ، وساعد علي نهوضها حالة النضج السياسي لأحزاب الفترة الليبرالية والتي أوقفت حركة يوليو 1952 إسهام قادتها في العمل الوطني بإلغاء الأحزاب واعتراف عبد الناصر بتجنب الإصلاح التشريعي لمشروعه حل مشكلات الأقباط والبحث في قضية حقهم في حرية ممارسة شعائرهم ، إلي أن جاء السادات ليطبق نظرية ” الصدمة ” في التعامل مع الإخوان والكنسية ويعتقل البابا شنوده أربع سنوات وتكثر في عهده حوادث العنف بين المسلمين والمسيحيين .

وأضاف عبد الحافظ أن القرار 13 لسنة 1993 بتفويض المحافظين في قرارات ترميم الكنائس ، ثم الإنشاء لم يؤت ثماره بسبب المرجعية الأمنية لهم في اتخاذها وثقافة كل منهم وحساسيتهم تجاه المواطنين – المسيحيين تحديدا – ، كما يثور التساؤل حول النص في مقترح القانون الجديد علي ضرورة الحصول علي الموافقة الأمنية – ولو لترميم دورات مياه – بخلاف اللائحة التنفيذية للقانون والتي تحوي تفاصيلا تعبر عن بيروقراطية الإدارة المصرية وتعقيدها لأزمة بناء الكنائس بما يستلزم التراجع عن تلك القرارات وطرح القانون علي حوار مجتمعي بديلا عن الحسابات السياسية .

وقال الدكتور عصام عبد الله إن القانون يؤيد الأمور تعقيدا ويبرهن علي تخلف التشريعات عن ركب الحضارة العالمية المبنية علي منظومة الحريات عموما والدينية منها خصوصا ، ولفت عصام إلي مساواة مصر في تقرير الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية ، مع العراق المحتلة وإيران ، مقابل صعود دولة الإمارات العربية المتحدة بعد ضمان قوانين حكومة أبو ظبي حرية العبادة وبناء الكنائس لمواطنيها المسيحيين ، وأضاف أن اعتراض الحكومة المصرية علي التقرير الأمريكي تجاهل غياب حديثه عن ” الأديان ” وتركيزه علي السياسات ، مؤكدا أن المنظومة المجتمعية لا تعرف ثقافة الحرية والتسامح مع تجاهل النظام مشكلات أصحاب الديانات الأخرى كالبهائيين ، واتهم عصام النظم الشرق أوسطية بالسطو علي دساتيرها المقرة لمبدأ المواطنة والمساواة علي الورق ، معتبرا حالات الاحتقان الداخلي بين أصحاب الديانات المختلفة وبين أصحاب الديانة الواحدة مرجعها الحسابات السياسية والأمنية للأنظمة ، لدرجة أن معارضة الكنيسة أو الأزهر أصبحت متساوية مع معارضة الدولة التي لو صارت مدنية بحق لقضت علي التخلف الحضاري الناتج عن سيطرة الفكر الوهابي علي مواطنيها .

أما المحلل السياسي محمد البدري فأرجع عدم هجوم التقرير الأمريكي علي المملكة العربية السعودية إلي مصالح واشنطن مصالحها مع المملكة الوهابية المضطهدة للشيعة ، كما رفض قول عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية بأن ” مصر خارج النظام العالمي ” مؤكدا أنه دليل علي غياب لغة المصالح المشتركة بين دول الجامعة كما وصف التكتلات الدينية بغير الصالحة في زمن العولمة كما وصف مقولة أن المسيحيين أقلية ب ” الأكذوبة ” ووصفهم بأنهم أبناء وطن وأصحاب حق وواجب .

وحذر ناجي وليم من خطورة النص في قانون الحكومة الجديد علي الموافقة الأمنية علي بناء الكنائس أو خداع الرأي العام بقرارات سيادية بتفويض المحافظين في اتخاذ قرارات ترميمها متهما قراراتهم بالنابعة عن إرادة أمنية ، وعلق علي الرفض غير المبرر لبناء الكنائس بقوله ” لو أن فيفي عبده ذهبت قرية لتبني بها كباريه .. لرحب أهلها الرافضين ” ، واتهم وليم عددا من رجال الأعمال المسيحيين بالتواطؤ مع الحزب الوطني والبحث عن مصالحهم مع بعض قياداته .

وأوصي المشاركون بطرح مشروع قانون بناء دور العبادة الموحد علي حوار مجتمعي – حقوقي – سياسي حر ، وعدم تجاهل الحديث عن حقوق غير المسلمين والمسيحيين مستقبلا في اختيار دياناتهم وإثباتها رسميا ، وحل المشكلات القائمة حاليا بفعل التخبط الحكومي في التعامل مع الملف القبطي ، وأخطرها ما ينشأ عن نزاعات متفرقة تغذي حالة الاحتقان الطائفي بين قطبي الأمة .