1/9/2008
أعداد الباحث / رامى عبد الرازق حافظ
مقدمة :
يرجع أهمية تقييم أداء البرلمان والكتل السياسية التى بداخله إلى عدة متغيرات منها تكوينه والظروف التى حدثت فيها الأنتخابات التى أسفرت عن تشكيله بالإضافة إلى أداء أعضائه سواء منفردين أو مجتمعين بمختلف أسبابه ويلاحظ فى هذا الأمر أن التكتلات الحادثة تحكمها قاعدة واحدة هى مقدار المصلحة التى ستعود على تبنى المواقف ، أن تحليل هذه المواقف ومعرفة أراء الكتل البرلمانية لمعرفة ف القضايا المطروحة وخاصة فى ظل تشكيلة تعد الأكبر لوجود عدد كبير لأعضائها فى ظل نظام يوليو ، ولا نغفل عملية المواجهة بين النظام المصرى مع جماعة الأخوان وذلك من خلال تعامله الأمنى أو المحاكمات العسكرية فى الفترة الأخيرة وخاصة بعد نجاحهم 88 عضو فى البرلمان يؤكد أن الظروف تغيرت بالنسبة للنظام لكن لا يعد ذلك خطوة نحو الاستقصاء .
تعد الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين هى أهم كتلة برلمانية فى البرلمان المصرى ليس لأنها أكبر كتلة معارضة فقط لكن بأعتبارها تنتمى إلى ما يعرف لواحدة من التنظيمات الإسلام السياسى الوحيد الموجود التى استجابة لكل المتغيرات الحادثة فى المجتمع بل وتفاعلت معه اياً كان تقييم هذا التفاعل بالسلب أو بالإيجاب ، فمراقبة التطور الحادث داخل جماعة الأخوان المسلمين نجد أن هناك عدة عوامل أثرت على الجماعة وتطورها والملاحظ أن كل العوامل مرتبطة ببعضها البعض بحيث لا تستطيع أن تصف أحدهم أنه هو الأهم فمن موقف النظام والضغوط الدولية التى تمارس عليه ثم المنهج الفكرى للجماعة وصراعاتها وموقف التيارات السياسية الأخرى منها وبطبيعة الحال صراعات الجماعة نفسها من بسط النفوذ لأفرادها إلى ضغوط القواعد الأخوانية .
أن سمة عوامل كثيرة تؤثر على أعضاء كتلة البرلمان منها الأغلبية وما تمثله من وقف لأتخاذ لبعض القرارات التى تتطلب عدد معين لأستخدامها لكن ليس هذا فقط بل أيضاً يرجع إلى نوعية القضايا التى يقفوا أمامها وظهر ذلك فى مشروع قانون الطفل والمحاكمات العسكرية وقضية فلسطين وهذه الأتجاه يرجع للمنهج الفكرى التى تعتمد عليه جماعة الإخوان ، وهو ما يفسر اتجاهات أعضاء الكتلة البرلمانية المختلفة والمتنوعة بالإضافة إلى التزامهم الدائم بالحضور والنقاش والمشاركة وهو ما أحرج كثيراً موقف برلمانين الحزب الوطنى فى المجلس وهو أمر لم يعتاد عليها البرلمان المصرى منذ فترة طويلة .
ولا نغفل هنا دور وسائل الأعلام وخاصة الصحف المستقلة بالإضافة لمنظمات المجتمع المدنى وذلك لمراقبتها لحالة الديمقراطية فى مصر التى أبرزت الأنتهاكات التى تحدث للمعارضة المصرية بشكل عام وجماعة الأخوان المسلمين بشكل خاص بأعتبارهم أنهم الفصيل المعارض الأكبر ، ويذهب كثيراً من المحللين السياسيين إلى أن هذا التعامل ليس لتحركات الأخوان وأرائهم فى القضايا المطروحة بل يرجع ذلك لأنهم الأكثر شعبية بمعنى أن أى تيار سياسى له شعبية مهما كانت كبيرة أو صغيرة سيتم لتعامل معه بمنتهى القسوة فالقضية بالنسبة للنظام المصرى أمنية بحتة بعيداً عن أى أمر أخر .
وتناقش الورقة تقييم أداء الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين على ثلاث محاور الأول : العوامل التى تؤثر على أداء جميع الكتل البرلمانية والمحور الثانى : ملاحظات على أداء الكتلة البرلمانية لجماعة الأخوان .
المحور الأول : العوامل التى أثرت على أداء الكتلة البرلمانية للإخوان .
1) لائحة المجلس ..
المعروف أن آخر تعديلات للائحة المجلس كانت يناير 2005 ويلاحظ أن هناك عدد من المواد أعتقد أنها تعيق أداء الأعضاء بشكل قوى وهو عامل مؤثر بالسلب على نشاط أعضاء المجلس ككل وهذه أبرز المواد التى تعوق عمل النواب :
المادة (15) والتى تنص على أن خطة نشاط المجلس ولجانه يضعها مكتب المجلس بالإضافة إلى نشاط اللجان النوعية واختصاص هيئة مكاتبها فى المادة (54) والمكون من أعضاء بالأنتخاب والذى يعنى تكوينه من أعضاء الحزب الوطنى بالتالى تكون أجندة العمل وفقاً لمصالح الحزب والحكومة ، وهو ما ظهر فى الدورة السابقة واشتكى منه أعضاء البرلمان أنهم كانوا لمدة خمسة أشهر فى ظل عمل غير جدى أو مهم وفى أخر فترة فى الدورة البرلمانية عرضت مجموعة من القضايا المهمة ومشروعات القوانين بشكل كبير وهو ما يعنى أن المشروعات لم تحظى بالقدر الكافى من المناقشة والتحليل وتقديم الاقتراحات .
المواد الخاصة بلجنة القيم ونشاطها واختصاصاتها وطريقة عملها والتى تتحدث عن كيفية عقاب العضو المخالف وتصل درجة العقوبة فيها إلى إسقاط العضوية المادة (34 ) عن العضو هو ما يعد أهم أعاقة للعضو وهو ما يعنى تهديد للنواب فى ممارسة عملهم البرلمانى والملاحظة هنا هى سقوط العضوية على مخالفة داخل المجلس بينما لا تسقط العضوية فى حالة تأكيد أحكام النقض ببطلان الأنتخابات .
وهذا بالإضافة للصلاحيات الممنوحة لرئيس المجلس ومكتب المجلس ومكاتب اللجان النوعية فى أعداد خطة نشاط المجلس واللجان النوعية وعملية التأديب ، والذى يزيد الأمر سوءاً أن تشكيل اللجان والهيئات داخل المجلس تتحكم لعدد وليس لمراعاة الأبعاد الآخرى مما يسمح للمعارضة بدور أكبر وهو ما يعد واحد من الأسباب الرئيسية لضعف دور المعارضة داخل البرلمان فى محاسبة والمسألة والرقابة على أجهزة الدولة .
2) تأثير الجماعة على أداء الكتلة ..
نظراً لإنتماء الأعضاء لجماعة الأخوان كان هناك تأثير على أدائهم وظهر ذلك من خلال القضايا التى يطرحونها وطريقة التعامل معها بالإضافة لوجهة النظر وما تتضمنه وسبب هذا القول أن دائماً يتحدث الأعضاء عن أن هناك تنسيق بين الجماعة والأعضاء وهو ما يعنى أن كلاهما منفصل عن الأخر ، وهذا العامل وضح جلياً فى مناقشات مشروعات قوانين الطفل وغسيل الأموال – الإرهاب – ومشروع قانون المحاماة .
المحور الثانى : ملاحظات على أداء الكتلة البرلمانية لجماعة الأخوان .
1. إيجابيات وسلبيات الأداء البرلمانى للإخوان المسلمين ..
تميز الأداء البرلمانى للإخوان المسلمين أنهم كانوا الأعضاء الأكثر إلتزاماً فى الحضور للجلسات وهو ما كان محط أنظار المراقبين البرلمانين وهو ما تسبب كثيراً فى إحراج الأغلبية البرلمانية للحزب الوطنى فى مسألة غيابهم وتعد هذه الملاحظة هى السبب فى اللجوء إلى الصلاحيات الممنوحة لرئيس المجلس بمرور الفرصة لأتخاذ قرارات يراها رئيس المجلس ضد حكومة الحزب ، أما الملاحظة الثانية أستخدام نواب الإخوان لكل الأدوات الرقابية المتاحة للأعضاء وهو الأمر الذى نفتقده وكانت أبرزها علمية التصويت .
ويعاب على أداء الإخوان البرلمانى انشغالهم بقضايا لم تكن على الأجندة التشريعية وتأخذ هنا فلسطين مثالاً فمعالجة هذه القضية من أختصاص أجهزة أخرى وينحصر دورهم فى مراقبة هذه الأجهزة بينما أدائهم تعامل مع المشكلة بشكل أنفعالى ، أما الملاحظة الثانية أنهم يحاولون التأكيد دائماً على أنفصال الكتلة والجماعة وأن الأداء البرلمانى مرتبط بأنهم مرشحين على أجندة الجماعة وهذا بالطبع تأكيد غير منضبط حيث أن أدائهم كان واضح بأنه تنفيذ لأجندة الجماعة والمثال هنا المحاكمات العسكرية فبرغم أدانتنا الكاملة لتحويل مدنيين للمحاكم العسكرية والتى تأتى تحت بند الحريات العامة والتهديد الصارخ لها بمثل هذه المحاكمات وهذا كان سيكسب القضية تأييداً أكبر بدلاً من أنحصار القضية بأنها مشكلة تخص الإخوان وحدهم وهذا هو ما ظهر فى أنشغال الكتلة البرلمانية جعلها قضية رئيسية تتخطى العمل البرلمانى ، أما الملاحظة الثالثة هى عملية أستخدام الأدوات الرقابية غلبة الشكل الكمى على ما هو الهدف من أستخدام الأداة البرلمانية .
فى النهاية ..
بعد أبداء بعض الملاحظات على الأداء البرلمانى للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين نستكشف بعض الملاحظات الأخرى ، ونحن إذ نؤكد أن التعامل مع أعضاء البرلمان لم يخرج عن كونه أنهم من أفراد الجماعة السرية وهذا ما ظهر فى أعتقال بعض أعضاء البرلمان وسقوط عضوية عن أحدهم بالرغم أن هناك طعون أنتخابية أكثر جوهرية وتمثل تعدياً خطيراً من السلطة التشريعية على السلطة القضائية لعدم الفصل فيها أو السكوت على المخالفات التى تتضمنها الطعون والتى تمثل فى بعض الحالات وصمة عار على جبين السلطة التشريعية فى تخليها فى الحفاظ على الحقوق الدستورية والتشريعية ، وأهم هذه الملاحظات :ـ
غياب رؤية واضحة لبرلمانيين الجماعة …
وهذه الملاحظة جاءت بعد متابعة المناقشات التى أجراه البرلمانين الإخوان فى القضايا التى ناقشوها والأقتراحات التى قدموها وأكثر مثال صارخ على ذلك معالجتهم لمشروع قانون الطفل فكان الأتهام الدائم لكل معارض لهم بأنه يطالب بإقرار ما هو ضد الشريعة الإسلامية فى ظل غياب رؤية لهم على ذات المشروع وهذا المقياس ، ويفسر ذلك الأمر نتيجة للمدرسة الفكرية التى ينتمى إليها الأخوان بأهتمامها بالتعليم والخدمات الجماهيرية مثل الصحة وخدمة قضايا الفقراء وخطورة ذلك أنه يفتقد لمشروع متكامل لنهضة المجتمع مثل المدرسة الليبرالية واليسارية معتمدين على الخلفية الدينية بدون وضع ملامح لهذا الأرتكاز ، وهو ما يعنى أن تارة يتحدثون مثل التيار اليسارى فى شكل مكافحة الفقر والأنتخابات العمالية وتارة يتحدثون مثل التيار الليبرالى فى الحديث عن الحريات العامة وأقتصاد السوق .
الأغلبية والإخوان علاقة بقاء وليست استئصال …
وتعنى هذه الملاحظة أنه لا غنى للأغلبية عن معارضة الأخوان والعكس صحيح فمن المعروف حجم الأستفادة الكبيرة الذى قدمه نجاح الإخوان وهو نجاح غير مقلق بالنسبة لحكومة الحزب الوطنى وكلعبة لتخفيف الضغط الدولى على النظام ، والوجه الآخر أن نجاح الإخوان لا يمثل خطورة حيث أنهم تنظيم غير معترف به قانونياً وبالتالى الطريق غير ممهد للوصول للسلطة بعكس نجاح حزب ما .
أما عن الإخوان فمثل الظرف الداخلى والدولى فرصة كبيرة لهم فى عملية النجاح وهو ما يسعوا إلى الحفاظ على هذا النجاح ، بالإضافة لمعانى أخرى أهم وهى أعتراف ضمنى من قبل النظام والمجتمع الدولى بأن هناك تنظيم سياسى موجود وله تمثيل برلمانى وخاصة لطالما كان هناك تخوف من تنظيم سياسى له خلافية دينية عرفت دائماً بالتشدد والأصولية ، وهو ما تجده فى ردود أفعال قيادات الجماعة بالليبرالية والدعوة إليها من خلال أدائهم السياسى والبرلمانى وذلك لتغيير المفاهيم التى روجها النظام عن حركات الإسلام السياسى .