19/11/2008

هذه الورقة البحثية قدمت فى ورشة العمل التي أقامها المجلس القومى لحقوق الإنسان تحت عنوان” الرقابة على الانتخابات ما لها وما عليها ” يوم الأحد الموافق 16/11/2008 . إعداد وحدة التدريب بالمعهد ا/ رامى عبد الرازق حافظ

مقدمة :
تعد الانتخابات هى الآلة التى ارتضت بها شعوب العالم كوسيلة لتداول السلطة لذا نرى فى التشريعات التى تنظم العملية الانتخابية أنها تضع قواعد واضحة ومحددة في النظم الديمقراطية وذلك لتضمن المساواة بين كافة القوى المتنافسة على السلطة ، وبظهور قوى في بعض الدول سيطرت على السلطة ولم تؤمن بتداولها فقد برعت هذه القوي فى إيجاد وسائل من شأنها تفريغ الانتخابات من هدفها الرئيسى وهو وجود ممثل شرعى وحقيقى لإرادة الشعوب وجعلتها آلة لتثبيت دعائم وجودها فى السلطة .

وبأعتراف المجتمع الدولى بأهمية مساعدة شعوب العالم فى اختيار ممثليها بإرادة حرة لذلك كانت فكرة مراقبة الانتخابات هي حاجة للمجتمعات أكثر منها مطلب دولى وذلك للتأكد من أن ممثلى أعضاء المجتمع الدولى هم ممثلين شرعيين وحقيقيين لشعوبهم، وقامت بناءاً على ذلك مؤسسات دولية ومحلية تعمل على هدف المراقبة كوسيلة لمعرفة أن الآلة – الانتخابات – بأختلاف أنماطها تسير حسب القواعد المحددة طبقاً للقوانين المنظمة لهذا الشأن فى كل دولة يتم مراقبة الانتخابات فيها .

وبأعتبار مصر جزء من المجتمع الدولى واستجابة لنضال وطنى طويل ومرير كافحت فيه منظمات المجتمع المدنى ، فبدأت بنضال من اجل الوجود ومرت بنضال من اجل الإقرار بان لها دور حيوى ومحورى فى خدمة الوطن وانتهت بنضال مشرف ووطنى من اجل الاعتراف بأحقية مراقبة الانتخابات من قبل أبناء الوطن ، والآن علينا النضال من اجل الاعتراف بالمراقبة وتقريرها وانوتعامل المنظمات معاملة الشاهد الملك .

وكتجربة صناعتها منظمات المجتمع المدنى المصرى نجد أن تقييم التجربة هو أمر حيوى بينما أقامة علاقات تنسيق هو الأمر الضرورى ، وهنا يجب أن نعترف بأخطائنا نحن المنظمات بتحويل مفهوم مراقبة الانتخابات إلى عملية متابعة ورصد لتسجيلها فى تقرير وفى ذلك لم نقدم نموذج وأسلوب يخصنا فى تسجيل التقييم النهائى لأعمال المراقبة ، بل على العكس نجد عملية المراقبة كاملة هى تنفيذ لتدريبات المنظمات التى حصلت عليها من قبل المؤسسات الدولية وكان المعيار الوحيد الذى كان يحكم على مدى أهمية التقرير هو كمية المعلومات الموجودة بالتقرير .

أن صياغة تقرير مراقبة العملية الانتخابية هى تسجيل لتجربة خاضتها المنظمة أو التحالف أو الائتلاف فى عملية المراقبة ، وتقدم هذه التجربة كعملية تراكم نبنى عليها لكن أختصرت هذه التجربة فى أن المنتج جمع المعلومات وتسجيلها من خلال إعداد فريق عمل أياً كان عدده لهذه المهمة .

أن شعار ” يوم من أجل مصر ” كان عنوان لتجربة أنفرد بها المعهد الديمقراطى المصرى وتحالف معه منظمتين ، فقد قام بحشد المراقبين على أساس مفهوم التطوع – بدون مقابل – ثم تأهيلهم وتحمل كافة المصاريف من تدريبات وأعداد من الدليل التدريبى وتجهيز أماكن لعمل الدورات التدريبية ثم جمع المعلومات من خلال الاستمارات لإصدار التقرير النهائى و والذي تم من خلال تحمل المراقب تخصيص وقته فى اليوم الانتخابى دون مقابل و كذلك مصاريف ذلك اليوم .

وهنا سنلتزم بالمحاور المحددة حتى لا تخرج عن موضوع ورشة العمل حيث أننا نرى أن هناك محور منقوص هو دراسات حالة الأنماط المختلفة فى عملية المراقبة وهى كانت معروفة لكن وضح أن التركيز كان على مفهوم المراقبة وتطبيقاته وهذا أن دل فأنه يدل على أحساس معدى الورشة أننا مازالنا فى المربع واحد اى بمعنى أن مفهوم المراقبة يعنى تجميع المعلومات وتسجيلها .

المحور الأول : خريطة الجهات التى تراقب الإنتخابات ومجالات إهتمامها ويركز على تطور عمليات المراقبة والمعطيات القانونية والعملية لها .

أولاً : جهات المراقبة .
بمتابعة جهات المراقبة نجدها مركزة فى القاهرة الكبرى وتعتمد على مؤيديها أو من تستطيع حشدهم فى المحافظات لمراقبة الإنتخابات ، وبالتالى فأن هناك خلل واضح وأساسى من ناحية المؤسسات التى توجد فى المحافظات فهى لا تقدم مبادرات من شأنها ان ترفع من قدراتها لتنفيذ مشروع ضخم مثل مراقبة الإنتخابات للعمل على الدوائر التى حولها ، أما عن منظمات المراقبة فترى ذلك انه يصب فى مصلحتها لتقدم نفسها على أنها لها قدرة فى التغطية على مستوى الجمهورية ، بل وتذهب إلى أن منظمات الأقاليم من الممكن أن تعمل تحت لواءها فى أطار دعم القدرات وتقديم الخبرات وتوحيد الجهود وتركيزها فى أطار واحد وبالتالى تحقق تأثيراً أكبر .

الرد على ذلك
أن هذا الكلام منطقى نظرياً لكن من الناحية العملية ً لا يواجهه مشكلة تغطية أعمال المراقبة بشكل عملى وفعال ومؤثر ويرجع ذلك لأتساع حجم المحافظات وأختلاف ثقافات المجتمعات المحلية ، ويعالج هذا الأمر بأن تكون هناك منظمات أهلية يكون القائمين عليها من أبناء المحافظات ، وهو ما سيساهم في تحسين عملية مراقبة الأنتخابات بشكل حقيقي وفعال وأيضاً يضمن ذلك حشد عدد كبير من المراقبين ضف إلى ذلك مصداقية المعلومات لأن المنظمات الاقليمة سيصبح لديها مصلحة فى نجاح عملية المراقبة خصوصا وان التقرير ستكون منسوبة اليها وبالتالي المصداقية ستنسب اليها .

ثانياً : مجالات أهتمام جهات المراقبة .
يرى المعهد الديمقراطى المصرى أن آفة الرقابة هو أن نقطة الأهتمام الرئيسية هى التركيز على جمع أكبر من قدر من المعلومات كدليل على جدية وعملية فكرة المراقبة ونظرياً رصد ومتابعة العملية الإنتخابية بكافة مراحلها دون النظر لكفاءة المراقبين ومدي تأهلهم للقيام بهذه المهمة . وبالتالى
فلابد من نقل مجالات الأهتمام إلى مستويات أخرى ومثالاً على ذلك :

  1. رفع كفاءة المشاركين من المراقبين للعملية الانتخابية ويعد ذلك أحدى الوسائل الرئيسية لنشر ثقافة حقوق الإنسان .
  2. التأكيد على متابعة نقاط التأثير فى ضبط قواعد العملية الإنتخابية بحيث تحقق هدف المساواة بين كافة القوى المتنافسة .
  3. الوضع في الاعتبار ان التشريعات المعيبة هي احدي اهداف الرصد والمراقبة ايضا كذلك تطبيق القانون او اهماله .

ثالثاً : التركيز على .
• تطوير عمليات المراقبة .
1) الأهتمام بمنظمات الأقاليم : كما أشرن فى السابق إلى أهميتها فى نجاح عملية المراقبة وذلك برفع كفاءتها ودعم نظامها المؤسسى ، وهنا نرى لا مانع من تعدد جهات الرقابة .

الطرح المطلوب التعامل معه هو فعالية وواقعية عملية المراقبة وبالتالى مفهوم توحيد الجهود يقوم على عمليات تنسيق وتكوين شبكات لتتعاون فى هذا المجال ، وهو ما يهدف إلى الابتعاد عن سيطرة مؤسسة بمفردها على نشاط المراقبة وهنا سيفرض واقع جديد قائم على التكامل والتنسيق بعيداً عن المنافسة وثقافة الرئيس والمرؤوس .

2) الأهتمام بوسائل الاتصال : أصبح لا يمكن تجاهل قدرات الشبكة العنكبوتية من تواصل ودعاية للأنشطة الالكترونية وهو ما يحقق عدة أهداف هى قلة التكلفة سرعة الاتصال النتائج السريعة والمباشرة .

ويعاب على هذه الوسائل لم يتحقق المناخ أن تكون فعالة وبالتالى كطرح عملى هو أن يقوم المجلس القومى لحقوق الإنسان بعملية تنسيق وتعاون بين جهات الرقابة باعتباره انه المؤسسة التى تحظى بأحترام الجميع هذا من اتجاه ، بينما الاتجاه الآخر هو النظام الحاكم وشكل التفاهم وبالتالى سيقوم هنا المجلس القومى بعمل توازن بين ما هو مطلوب من قبل المنظمات وبين ما هو مسموح به من قبل النظام الحاكم دون الصدام بين الطرفين .

• المعطيات القانونية والعملية .
لا شك أن القواعد القانونية المنظمة للعملية الإنتخابية تعد الهدف الأهم وذو التأثير الفعال والضامن لاستمرار النجاح وأهمية هذا النجاح يرجع إلى أنه الضمانة الأساسية والفعالة لحماية نشاط عملية مراقبة الإنتخابات بكافة مراحلها وتعد النجاحات القانونية قمة التأثير وتحقيق هدف عملية المراقبة .

وما نطمح إليه قانونياً هو أطلاق الحرية للعمل الأهلى طالما وذلك على مبدأ عدم مخالفة القانون وبالتالى ما نريده هو تحديد الاستثناءات وما دون ذلك يعد هو نشاط العمل الأهلى وبذلك يكون المبدأ هو السماح بالأنشطة والأستثناء هو المنع .

بينما على المستوى العملى أن تقنين حرية العمل الأهلى يخلق مبادرات من شانها التوسع فى مفاهيم المشاركة والفاعلية للعملية الإنتخابية دون الصدام مع الروتين الإدارى والأمنى بمعنى أدق ،،، ماذا لو كنا أعضاء اللجان الإنتخابية ؟؟

واعتقد أن قضية الإقرار القانونى بنشاط أعضاء اللجان الإنتخابية لنشطاء المجتمع المدنى يعد المعطى القانونى والعملى الذى طالما نحلم به وأذ ما تحقق يضمن لنا عملية إنتخابية نزيهة وشفافة أما النتيجة الأهم هى تقبل نتائج الإنتخابات .

المحور الثانى : منهجية المراقبة ويركز على المنهج والوسائل ومصادر البيانات للمراقبين ومناهج إعداد التقارير وتدريب المراقبين .

أ‌- منهجية المراقبة .
1) المنهج : المفترض لنجاح عملية المراقبة هو وضع إستراتيجية واضحة تحدد فيها الأهداف وكيفية التعامل مع المناخ القانونى والعملى والوصول للفئة المستهدفة ، وتوضيح عملية التقييم وسهولة تحقيقها ومعرفة حجم الفرص والمخاطر ثم الهدف الأساسى هو مدى إيمان فريق العمل بأهمية النشاط وتحديد معايير المشاركين من المراقبين فى عملية المراقبة .

ونعتقد أن تجربة حملة ” يوم من اجل مصر ” والتى راقبت أنتخابات الأخيرة المحليات إبريل 2008 تستحق الذكر فبعد قراءة متأنية للمشهد والمناخ العام وجدنا أن أهمية مراقبة الإنتخابات انقسمت إلى تياران هم الأول نفذها بمفهومها الكلاسيكى من إعدادات ورصد ومتابعة وتسجيل ذلك فى تقرير ، بينما التيار الثانى راقب الإنتخابات عن بعد بمعنى كان يكشف عن اتجاه الناخبين وبالتالى يعرف الرأى العام إلى أين يتجه وهو كان قريب إلى استطلاع للرأى أقرب منه أنه علمية مراقبة انتخابات .

ضف إلى ذلك أن النظام الحاكم يسعى إلى تحجيم عمل الرقابة أو على الأقل لا ينوى أن يتنازل عن ما قدمه فى هذا المجال ، وأما التحدى الأساسى كان هو تحقيق نتائج جديدة وعلى نطاق واسع وبشكل فعال وذلك فى إطار هامش الحركة المتاح للجميع .

وهنا كانت فكرة التطوع كوسيلة جديدة لتحقيق نتائج جديدة وكان استخدام ذلك لتوسيع حجم نطاق الفئات المستهدفة مع الاحتفاظ على وسائل الاتصال التقليدية ، وبالتالى مثلت تجربة التحالف المصرى لمراقبة الانتخابات تيار ثالث واضح الملامح .

2) الوسائل : أن عملية التواصل مع أطراف العملية الإنتخابية تتأثر بطبيعة الحال بشكل الوسيلة ، وأعتقد أن ذكر ما قام به المعهد كتجربة مهمة حيث كانت الأفكار المستخدمة فى الانترنت مثل إنشاء جروب على الياهو وجروب على الفيس بوك والرسائل على البريد الالكترونى ، كل ذلك كانت أحدى الوسائل الفعالة فى التفاعل مع المتطوعين فكان أول لقاء بين المعهد والمتطوعين بداية الدورة التدريبية .

وهذا لا ينفى أن التواصل الأساسى كان مبنى على الوسائل التقليدية فى الاتصال وهو ما يعنى انه ليس من الممكن الآن الاستغناء عن الوسائل التقليدية فى حشد المراقبين والدعوة لهم فى المشاركة .

3) منهج أعداد التقرير : الملاحظ فى أعداد تقارير المراقبة كانت تستهدف تسجيل أنشطة عملية المراقبة كاملة ودائماَ تفتقد لفكرة التراكم والعمل على ما سبق ، والدليل على ما نقول أن هناك مؤسسات قامت بعملية الرقابة على الإنتخابات ومع مرور الوقت لم تقدم شيئ بعد مرحلة الإقرار القانونى وهو ما يعنى أننا فى مرحلة تسجيل نشاط مشروع المراقبة .

لقد حكمت تجربتنا علينا من حيث إعداد تقرير بشكل مختلف حيث لم يتم الاعتماد على حجم المعلومات أو إصدار توصيات لما نشاهده وانتهى عمل الرقابة ، ولكن قدمنا التوصيات فى إطار رؤية تقدم فيها المشكلة وأسبابها وتقديم الحلول المناسبة لها وراعينا هنا أن تكون الحلول ممكنة بمعنى يمكن المطالبة بها .

4) تدريب المراقبين : أن عملية جمع المعلومات هى واحدة من الأعمال الرئيسية فى نشاط عملية الرقابة وهو مهمة المراقب ، وإشكالية الرقابة أن تختزل عمل المراقب فى جمع المعلومات عن انتهاكات اليوم الانتخابى أو غيرها من المراحل .

ويعنى ذلك أن يتضمن التدريب الحاصل عليه المراقب مبادئ أخرى غير دوره فى مراقبة الإنتخابات بمعنى أن يكون المراقب أداة فى نشر ثقافة حقوق الإنسان وهنا يبرز أهمية دور المنظمات الموجودة فى المحافظات بأعتبارها هى الأقرب لأبناء محافظتها .

المحور الثالث : مراقبة الإنتخابات ما لها وما عليها ويركز على الإنتقادات الموجهة للمراقبين ومقترحات تطوير عملهم وأخيراً توصيات للمستقبل .

1. الإنتقادات .
المفترض أن الانتقادات أن توجه لجميع أطراف العملية الانتخابية وليس فقط إلى المراقبين ، فنحن أمام مناخ سيئ لا يتقبل العمل الأهلى فمن قبل المواطنين أختزلت عمل المؤسسات الأهلية فى تقديم الخدمات وهو ما يحتاج مجهودات أخرى لتغيير هذه الثقافة ، ومن ناحية النظام الحاكم فانه يسمح بهامش محدود للعمل الأهلى وخاصة العمل الحقوقى ، أما الطامة الكبرى فهي المنظمات التى اختصرت عمل الرقابة على مدة بداية ونهاية المشروع .

ونحن نتفهم لماذا حدد المحور الانتقاد إلى المراقبين وذلك لأنهم الأداة الرئيسية بل هم العمود الفقرى فى نجاح عملية المراقبة ونرى أن الانتقادات تتركز على الآتى :
-التساهل في القيام بمهمة المراقبة على أتم وجه وطبقاً للتدريب الذي حصل عليه المراقب .
-الثقافة المنتشرة والتى تناهض مفهوم المشاركة فى الأمور العامة ويظهر ذلك فى عدم مطالبة المراقب بحقوقه القانونية الرقابية والتى تم تدريبه عليها .
2. مقترحات التطوير .
-تطوير مفهوم التعاون والتنسيق وذلك من خلال عمل شبكات تتعاون لتحقيق أكبر قدر من المتابعة والرصد وتكون طريقة الرقابة على المراقبين فعالة ومؤثرة .

-دعم عملية اللامركزية فى عملية اتخاذ القرارات وخاصة فريق إدارة مشروع المراقبة .

3. توصيات المستقبل .
-لابد من إيجاد تفاهمات مع النظام الحاكم وصياغة ذلك فى قوانين لضمان عمل حقوقى آمن .
-رفع كفاءة المؤسسات بما يعنى أن إدارة مشروع المراقبة يكون بشكل مستقل عن إدارة المنظمة بشرط الالتزام بإستراتيجية المنظمة وهو سر نجاح حملة مراقبة الانتخابات ” يوم من اجل مصر